الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            ( م س ح ) : مسحت الشيء بالماء مسحا أمررت اليد عليه قال أبو زيد المسح في كلام العرب يكون مسحا وهو إصابة الماء ويكون غسلا يقال مسحت يدي بالماء إذا غسلتها وتمسحت بالماء إذا اغتسلت .

                                                            وقال ابن قتيبة : أيضا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بمد وكان يمسح بالماء يديه ورجليه وهو لها غاسل قال ومنه قوله تعالى { وامسحوا برءوسكم وأرجلكم } المراد بمسح الأرجل غسلها ويستدل بمسحه صلى الله عليه وسلم برأسه وغسله رجليه بأن فعله مبين بأن المسح يستعمل في المعنيين المذكورين إذ لو لم نقل بذلك لزم القول بأن فعله عليه السلام ناسخ للكتاب وهو ممتنع وعلى هذا فالمسح مشترك بين معنيين فإن جاز إطلاق اللفظة الواحدة وإرادة كلا معنييها إن كانت مشتركة أو حقيقة في أحدهما مجازا في الآخر كما هو قول الشافعي فلا كلام وإن قيل بالمنع فالعامل محذوف والتقدير وامسحوا بأرجلكم مع إرادة الغسل وسوغ حذفه تقدم لفظه وإرادة التخفيف ولك أن تسأل عن شيئين أحدهما أنكم قلتم الباء في برءوسكم للتبعيض فهل هي كذلك في الأرجل حتى ساغ عطفها بالجر لأن المعطوف شريك المعطوف عليه في عامله والجواب نعم لأن الرجل تنطلق إلى الفخذ ولكن حددت بقوله إلى الكعبين فهو عطف بعض مبين على بعض مجمل ولا لبس فيه كما يقال خذ من هذا ما أردت ومن هذا نصفه وقد قرأ نصف السبعة بالجر ونصفهم بالنصب فوجه الجر مراعاة لفظ العامل لأنه للتبعيض كما تقدم وهذا يقوي مذهب الشافعي قال الأزهري ويدل على أن المسح على هذه [ ص: 572 ] القراءة غسل أن المسح على الرجل لو كان مسحا كمسح الرأس لما حدد إلى الكعبين كما جاء التحديد في اليدين إلى المرافق وقال وامسحوا برءوسكم بغير تحديد ووجه النصب استئناف العامل وهذا يقوي مذهب من يمنع حمل المشترك على معنييه أو عطفه على محل الباء لأن التقدير وامسحوا بعض رءوسكم فعطف على المقدر على توهم وجوده والعطف على المعنى ويسمى العطف على التوهم كثير في كلام العرب والثاني عن قوله تعالى { وامسحوا برءوسكم } لا يخلو إما أن يقال المراد البشرة والشعر بدل عنها أو بالعكس فإن قيل بالأول وهو أن البشرة أصل فلا يجوز لمن حلق بعض رأسه أن يمسح على الشعر لتمكنه من الأصل ولا أعلم أحدا من أئمة المذهب قال به وإن قيل بالثاني وهو أن الشعر أصل فينبغي أن يجوز المسح على أي موضع كان من الشعر سواء خرج الممسوح عن محل الفرض أو لا ولم يقولوا به .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية