الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              [ ص: 391 ] المسألة الثانية : في المراد بالخطاب بقوله : { وأنكحوا } فقيل : هم الأزواج . وقيل : هم الأولياء من قريب أو سيد . والصحيح أنهم الأولياء ; لأنه قال : أنكحوا . بالهمزة ، ولو أراد الأزواج لقال ذلك بغير همزة ، وكانت الألف للوصل ، وإن كان بالهمزة في الأزواج له وجه فالظاهر أولى ، فلا يعدل إلى غيره إلا بدليل . المسألة الثالثة : قوله : { وأنكحوا } : لفظه بصيغة الأمر ، واختلف في وجوبه أو ندبه أو إباحته على ثلاثة أقوال : وقال علماؤنا : يختلف الحكم في ذلك باختلاف حال المرء من خوفه العنت ، وعدم صبره ، ومن قوته على الصبر ، وزوال خشية العنت عنه . وإذا خاف الهلاك في الدين أو الدنيا أو فيهما فالنكاح حتم .

                                                                                                                                                                                                              وإن لم يخش شيئا وكانت الحال مطلقة ، فقال الشافعي : النكاح مباح

                                                                                                                                                                                                              وقال أبو حنيفة ومالك : هو مستحب .

                                                                                                                                                                                                              وتعلق الشافعي بأنه قضاء لذة ، فكان مباحا كالأكل والشرب .

                                                                                                                                                                                                              وتعلق علماؤنا في ذلك بأحاديث كثيرة ، ولا فائدة في التعلق بغير الصحيح . وفي ذلك حديثان صحيحان : الأول : قال أنس بن مالك : { جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروها كأنهم تقالوها ، فقالوا : وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . قال أحدهم : أما أنا فأصلي الليل أبدا . وقال الآخر : أنا أصوم الدهر ، ولا أفطر . وقال الآخر : أنا أعتزل النساء ولا أتزوج أبدا . فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ، فقال : أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله إني لأخشاكم [ ص: 392 ] لله ، وأتقاكم له ، ولكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء ; من يرغب عن سنتي فليس مني } . الثاني : قال عروة : سألت عائشة عن قوله : { وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء } إلى قوله : { ألا تعدلوا } . قالت : يا بن أختي ، هي اليتيمة تكون في حجر وليها ، فيرغب في مالها وجمالها ، ويريد أن يتزوجها بأدنى من سنة صداقها ، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن فيكملوا الصداق ، وأمروا بنكاح من سواهن من النساء .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية