الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 83 ] ( وعن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : { لو قد جاءني مال البحرين لقد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا ، فلم يجئ حتى قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما جاء مال البحرين أمر أبو بكر مناديا فنادى : من كان له عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دين أو عدة فليأتنا ، فأتيته فقلت : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لي كذا وكذا ، فحثى لي حثية وقال : عدها ، فإذا هي خمسمائة ، فقال : خذ مثليها } متفق عليه ) .

                                                                                                                                            3508 - ( وعن عمر بن عبد العزيز : أنه كتب أن من سأل عن مواضع الفيء فهو ما حكم فيه عمر بن الخطاب ، فرآه المؤمنون عدلا ، موافقا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - { جعل الله الحق على لسان عمر وقلبه } ، فرض الأعطية وعقد لأهل الأديان ذمة بما فرض الله عليهم من الجزية ، ولم يضرب فيها بخمس ولا مغنم . رواه أبو داود ) .

                                                                                                                                            حديث عمر بن عبد العزيز فيه راو مجهول وأيضا فيه انقطاع ; لأن عمر بن عبد العزيز لم يدرك عمر بن الخطاب ، والمرفوع منه مرسل وقد أخرج أبو داود من طريق أبي ذر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : { إن الله تعالى وضع الحق على لسان عمر يقول به } أخرجه أيضا ابن ماجه ، وفي إسناده محمد بن إسحاق وفيه مقال مشهور قد تقدم

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            قوله : ( مال البحرين ) هو من الجزية . وقد قال ابن بطال : يحتمل أن يكون من الخمس أو من الفيء . وفي البخاري في باب الجزية { أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها : أي بجزية أهلها ، وكان الغالب أنهم إذ ذاك مجوس } وقد ترجم النسائي على هذا الحديث " باب أخذ الجزية من المجوس " وذكر ابن سعد { أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد قسمة الغنائم بالجعرانة أرسل العلاء إلى المنذر بن ساوى عامل الفرس على البحرين يدعوه إلى الإسلام فأسلم ، وصالح مجوس تلك البلاد على الجزية } قوله : ( أمر أبو بكر مناديا ينادي ) قال الحافظ : لم أقف على اسمه ويحتمل أن يكون بلالا قوله : ( فحثى لي ) بالمهملة والمثلثة قوله : ( حثية . . . إلخ ) في رواية للبخاري " فحثى لي ثلاثا " وفي رواية له " وجعل سفيان يحثو بكفيه " وهذا يقتضي أن الحثية ما يؤخذ باليدين جميعا ، والذي قاله أهل اللغة أن الحثية ما تملأ الكف ، والحفنة ما تملأ الكفين ، ثم ذكر أبو عبيد الهروي أن الحثية والحفنة بمعنى ، والحثية من حثى يحثي ويجوز حثوة من حثا يحثو وهما لغتان قول : ( جعل الله الحق على لسان عمر ) فيه منقبة ظاهرة لعمر قوله : ( ولم يضرب فيها بخمس ) فيه دليل على عدم وجوب الخمس في الجزية ، [ ص: 84 ] وفي ذلك خلاف معروف في الفقه




                                                                                                                                            الخدمات العلمية