الحادية عشر : قوله تعالى : العالمين اختلف أهل التأويل في العالمين اختلافا كثيرا ; فقال
قتادة : العالمون جمع عالم ، وهو كل موجود سوى الله تعالى ، ولا واحد له من لفظه مثل رهط وقوم . وقيل : أهل كل زمان عالم ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14127الحسين بن الفضل ، لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=165أتأتون الذكران من العالمين أي من الناس . وقال
العجاج :
فخندف هامة هذا العألم وقال
جرير بن الخطفى :
تنصفه البرية وهو سام ويضحي العالمون له عيالا
وقال
ابن عباس : العالمون الجن والإنس ; دليله قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=1ليكون للعالمين نذيرا ولم يكن نذيرا للبهائم . وقال
الفراء وأبو عبيدة : العالم عبارة عمن يعقل ; وهم أربعة أمم : الإنس والجن والملائكة والشياطين . ولا يقال للبهائم : عالم ، لأن هذا الجمع إنما هو جمع من يعقل خاصة .
[ ص: 136 ] قال
الأعشى :
ما إن سمعت بمثلهم في العالمينا
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم : هم المرتزقون ; ونحوه قول
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو بن العلاء : هم الروحانيون . وهو معنى قول
ابن عباس أيضا : كل ذي روح دب على وجه الأرض . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه : إن لله عز وجل ثمانية عشر ألف عالم ; الدنيا عالم منها . وقال
أبو سعيد الخدري : إن لله أربعين ألف عالم ; الدنيا من شرقها إلى غربها عالم واحد . وقال
مقاتل : العالمون ثمانون ألف عالم ، أربعون ألف عالم في البر ، وأربعون ألف عالم في البحر . وروى
الربيع بن أنس عن
أبي العالية قال : الجن عالم ، والإنس عالم ; وسوى ذلك للأرض أربع زوايا في كل زاوية ألف وخمسمائة عالم ، خلقهم لعبادته .
قلت : والقول الأول أصح هذه الأقوال ; لأنه شامل لكل مخلوق وموجود ; دليله قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=23قال فرعون وما رب العالمين . قال رب السماوات والأرض وما بينهما ثم هو مأخوذ من العلم والعلامة ; لأنه يدل على موجده . كذا قال
الزجاج قال :
nindex.php?page=treesubj&link=28972العالم كل ما خلقه الله في الدنيا والآخرة . وقال
الخليل : العلم والعلامة والمعلم : ما دل على الشيء ; فالعالم دال على أن له خالقا ومدبرا ، وهذا واضح . وقد ذكر أن رجلا قال بين يدي
الجنيد : الحمد لله ; فقال له : أتمها كما قال الله ، قل : رب العالمين ; فقال الرجل : ومن العالمين حتى تذكر مع الحق ؟ قال : قل يا أخي ؟ فإن المحدث إذا قرن مع القديم لا يبقى له أثر .
الْحَادِيَةَ عَشْرَ : قَوْلُهُ تَعَالَى : الْعَالَمِينَ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْعَالَمِينَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ; فَقَالَ
قَتَادَةُ : الْعَالَمُونَ جَمْعُ عَالَمٍ ، وَهُوَ كُلُّ مَوْجُودٍ سِوَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَلَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ مِثْلَ رَهْطٍ وَقَوْمٍ . وَقِيلَ : أَهْلُ كُلِّ زَمَانٍ عَالَمٌ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14127الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=165أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ أَيْ مِنَ النَّاسِ . وَقَالَ
الْعَجَّاجُ :
فَخِنْدِفٌ هَامَةُ هَذَا الْعَألَمِ وَقَالَ
جَرِيرُ بْنُ الْخَطَفَى :
تَنَصَّفُهُ الْبَرِيَّةُ وَهُوَ سَامٍ وَيُضَحِي الْعَالَمُونَ لَهُ عِيَالًا
وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : الْعَالَمُونَ الْجِنُّ وَالْإِنْسُ ; دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=1لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا وَلَمْ يَكُنْ نَذِيرًا لِلْبَهَائِمِ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ : الْعَالَمُ عِبَارَةٌ عَمَّنْ يَعْقِلُ ; وَهُمْ أَرْبَعَةُ أُمَمٍ : الْإِنْسُ وَالْجِنُّ وَالْمَلَائِكَةُ وَالشَّيَاطِينُ . وَلَا يُقَالُ لِلْبَهَائِمِ : عَالَمٌ ، لِأَنَّ هَذَا الْجَمْعَ إِنَّمَا هُوَ جَمْعُ مَنْ يَعْقِلُ خَاصَّةً .
[ ص: 136 ] قَالَ
الْأَعْشَى :
مَا إِنْ سَمِعْتُ بِمِثْلِهِمْ فِي الْعَالَمِينَا
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ : هُمُ الْمُرْتَزِقُونَ ; وَنَحْوَهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ : هُمُ الرُّوحَانِيُّونَ . وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا : كُلُّ ذِي رُوحٍ دَبَّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ : إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ عَالَمٍ ; الدُّنْيَا عَالَمٌ مِنْهَا . وَقَالَ
أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ : إِنَّ لِلَّهِ أَرْبَعِينَ أَلْفَ عَالَمٍ ; الدُّنْيَا مِنْ شَرْقِهَا إِلَى غَرْبِهَا عَالَمٌ وَاحِدٌ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : الْعَالَمُونَ ثَمَانُونَ أَلْفَ عَالَمٍ ، أَرْبَعُونَ أَلْفَ عَالَمٍ فِي الْبَرِّ ، وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ عَالَمٍ فِي الْبَحْرِ . وَرَوَى
الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ : الْجِنُّ عَالَمٌ ، وَالْإِنْسُ عَالَمٌ ; وَسِوَى ذَلِكَ لِلْأَرْضِ أَرْبَعُ زَوَايَا فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ عَالَمٍ ، خَلَقَهُمْ لِعِبَادَتِهِ .
قُلْتُ : وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ ; لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ وَمَوْجُودٍ ; دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=23قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ . قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ثُمَّ هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَلَامَةِ ; لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى مُوجِدِهِ . كَذَا قَالَ
الزَّجَّاجُ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28972الْعَالَمُ كُلُّ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . وَقَالَ
الْخَلِيلُ : الْعِلْمُ وَالْعَلَامَةُ وَالْمَعْلَمُ : مَا دَلَّ عَلَى الشَّيْءِ ; فَالْعَالَمُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ لَهُ خَالِقًا وَمُدَبِّرًا ، وَهَذَا وَاضِحٌ . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ بَيْنَ يَدَيِ
الْجُنَيْدِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ; فَقَالَ لَهُ : أَتِمَّهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ ، قُلْ : رَبِّ الْعَالَمِينَ ; فَقَالَ الرَّجُلُ : وَمَنِ الْعَالَمِينَ حَتَّى تُذْكَرَ مَعَ الْحَقِّ ؟ قَالَ : قُلْ يَا أَخِي ؟ فَإِنَّ الْمُحْدَثَ إِذَا قُرِنَ مَعَ الْقَدِيمِ لَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ .