قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون فيه ثماني مسائل : الأولى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206إن الذين عند ربك يعني الملائكة بإجماع . وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206عند ربك والله تعالى بكل مكان لأنهم قريبون من رحمته ، وكل قريب من رحمة الله عز وجل فهو عنده ; عن
الزجاج . وقال غيره لأنهم في موضع لا ينفذ فيه إلا حكم الله . وقيل : لأنهم رسل الله ; كما يقال : عند الخليفة جيش كثير . وقيل : هذا على جهة التشريف لهم ، وأنهم بالمكان
[ ص: 319 ] المكرم ; فهو عبارة عن قربهم في الكرامة لا في المسافة .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206ويسبحونه أي ويعظمونه وينزهونه عن كل سوء . وله يسجدون قيل : يصلون . وقيل : يذلون ، خلاف أهل المعاصي .
الثانية : والجمهور من العلماء في أن هذا موضع سجود للقارئ . وقد اختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=1900عدد سجود القرآن ; فأقصى ما قيل : خمس عشرة . أولها خاتمة الأعراف ، وآخرها خاتمة العلق . وهو قول
ابن حبيب nindex.php?page=showalam&ids=16472وابن وهب - في رواية -
وإسحاق . ومن العلماء من زاد سجدة الحجر ، قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=98وكن من الساجدين على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى . فعلى هذا تكون ست عشرة . وقيل : أربع عشرة ; قاله
ابن وهب في الرواية الأخرى عنه . فأسقط ثانية الحج . وهو قول أصحاب الرأي والصحيح سقوطها ; لأن الحديث لم يصح بثبوتها . ورواه
ابن ماجه وأبو داود في سننهما عن
عبد الله بن منين من
بني عبد كلال عن
عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن ; منها ثلاث في المفصل ، وفي الحج سجدتان .
وعبد الله بن منين لا يحتج به ; قاله
أبو محمد عبد الحق . وذكر
أبو داود أيضا من حديث
عقبة بن عامر قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=836164قلت يا رسول الله ، أفي سورة الحج سجدتان ؟ . قال : نعم ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما . في إسناده
nindex.php?page=showalam&ids=16457عبد الله بن لهيعة ، وهو ضعيف جدا . وأثبتهما
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأسقط سجدة " ص " . وقيل : إحدى عشرة سجدة ، وأسقط آخرة الحج وثلاث المفصل . وهو مشهور مذهب
مالك . وروي عن
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر وغيرهم . وفي سنن
ابن ماجه عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836165سجدت مع النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجدة ليس فيها من المفصل شيء ، الأعراف والرعد والنحل وبني إسرائيل ومريم والحج سجدة والفرقان وسليمان سورة النمل والسجدة وص وسجدة الحواميم . وقيل : عشر ، وأسقط آخرة الحج وص وثلاث المفصل ; ذكر عن
[ ص: 320 ] ابن عباس . وقيل : إنها أربع ، سجدة الم تنزيل و حم تنزيل والنجم والعلق . وسبب الخلاف اختلاف النقل في الأحاديث والعمل ، واختلافهم في
nindex.php?page=treesubj&link=1887الأمر المجرد بالسجود في القرآن ، هل المراد به سجود التلاوة أو سجود الفرض في الصلاة ؟
الثالثة : واختلفوا في وجوب سجود التلاوة ; فقال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : ليس بواجب . وقال
أبو حنيفة : هو واجب . وتعلق بأن مطلق الأمر بالسجود على الوجوب ، وبقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836166إذا قرأ ابن آدم سجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول يا ويله . وفي رواية أبي كريب يا ويلي وبقوله عليه السلام إخبارا عن إبليس لعنه الله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836167أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار . أخرجه
مسلم . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ عليه . وعول علماؤنا على حديث
عمر الثابت - خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - أنه قرأ آية سجدة على المنبر فنزل فسجد وسجد الناس معه ، ثم قرأها في الجمعة الأخرى فتهيأ الناس للسجود ، فقال : أيها الناس على رسلكم ! إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء . وذلك بمحضر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين من
الأنصار والمهاجرين . فلم ينكر عليه أحد فثبت الإجماع به في ذلك . وأما قوله : أمر ابن آدم بالسجود فإخبار عن السجود الواجب . ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم تدل على الاستحباب ! والله أعلم .
الرابعة : ولا خلاف في أن
nindex.php?page=treesubj&link=1903سجود القرآن يحتاج إلى ما تحتاج إليه الصلاة من طهارة حدث ونجس ونية واستقبال قبلة ووقت . إلا ما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
ابن عمر أنه كان يسجد على غير طهارة . وذكره
ابن المنذر عن
الشعبي . وعلى قول الجمهور هل يحتاج إلى تحريم ورفع يدين عنده وتكبير وتسليم ؟ اختلفوا في ذلك ; فذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأحمد وإسحاق إلى أنه يكبر ويرفع للتكبير لها . وقد روي في الأثر عن
ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد كبر ، [ ص: 321 ] وكذلك إذا رفع كبر . ومشهور مذهب
مالك أنه يكبر لها في الخفض والرفع في الصلاة . واختلف عنه في التكبير لها في غير الصلاة ; وبالتكبير لذلك قال عامة الفقهاء ، ولا سلام لها عند الجمهور . وذهب جماعة من السلف
وإسحاق إلى أنه يسلم منها . وعلى هذا المذهب يتحقق أن التكبير في أولها للإحرام . وعلى قول من لا يسلم يكون للسجود فحسب . والأول أولى ; لقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836169مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم وهذه عبادة لها تكبير ، فكان لها تحليل كصلاة الجنازة بل أولى ، لأنها فعل وصلاة الجنازة قول . وهذا اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي .
الخامسة : وأما
nindex.php?page=treesubj&link=1887_1906وقته فقيل : يسجد في سائر الأوقات مطلقا ; لأنها صلاة لسبب . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وجماعة . وقيل : ما لم يسفر الصبح ، أو ما لم تصفر الشمس بعد العصر . وقيل : لا يسجد بعد الصبح ولا بعد العصر . وقيل : يسجد بعد الصبح ولا يسجد بعد العصر . وهذه الثلاثة الأقوال في مذهبنا . وسبب الخلاف معارضة ما يقتضيه سبب قراءة السجدة من السجود المرتب عليها لعموم النهي عن
nindex.php?page=treesubj&link=1906الصلاة بعد العصر وبعد الصبح . واختلافهم في المعنى الذي لأجله نهي عن الصلاة في هذين الوقتين ، والله أعلم .
السادسة : فإذا سجد يقول في سجوده :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836170اللهم احطط عني بها وزرا ، واكتب لي بها أجرا ، واجعلها لي عندك ذخرا . رواه
ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ; ذكره
ابن ماجه .
السابعة : فإن قرأها في صلاة ، فإن كان في نافلة سجد إن كان منفردا أو في جماعة وأمن التخليط فيها . وإن كان في جماعة لا يأمن ذلك فيها فالمنصوص جوازه . وقيل : لا يسجد . وأما في الفريضة فالمشهور عن
مالك النهي عنه فيها ، سواء كانت صلاة سر أو جهر ، جماعة أو فرادى . وهو معلل بكونها زيادة في أعداد سجود الفريضة . وقيل : معلل بخوف التخليط على الجماعة ; وهذا أشبه . وعلى هذا لا يمنع منه الفرادى ولا الجماعة التي يأمن فيها التخليط .
الثامنة : روى ،
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
أبي رافع قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836171صليت مع nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة العتمة ، فقرأ nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=1إذا السماء انشقت فسجد ; فقلت : ما هذه ؟ قال : سجدت بها خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم ، فلا أزال [ ص: 322 ] أسجد فيها حتى ألقاه . انفرد بإخراجه . وفيه : وقيل
nindex.php?page=showalam&ids=40لعمران بن حصين : الرجل يسمع السجدة ولم يجلس لها ؟ قال : أرأيت لو قعد لها ! كأنه لا يوجبه عليه . وقال
سلمان : ما لهذا غدونا . وقال
عثمان : إنما السجدة على من استمعها . وقال
الزهري : لا يسجد إلا أن يكون طاهرا ، فإذا سجدت وأنت في حضر فاستقبل القبلة ، فإن كنت راكبا فلا عليك ، حيث كان وجهك . وكان السائب لا يسجد لسجود القاص والله أعلم .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ فِيهِ ثَمَانِي مَسَائِلَ : الْأُولَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ بِإِجْمَاعٍ . وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206عِنْدَ رَبِّكَ وَاللَّهُ تَعَالَى بِكُلِّ مَكَانٍ لِأَنَّهُمْ قَرِيبُونَ مِنْ رَحْمَتِهِ ، وَكُلُّ قَرِيبٍ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ عِنْدَهُ ; عَنِ
الزَّجَّاجِ . وَقَالَ غَيْرُهُ لِأَنَّهُمْ فِي مَوْضِعٍ لَا يَنْفُذُ فِيهِ إِلَّا حُكْمُ اللَّهِ . وَقِيلَ : لِأَنَّهُمْ رُسُلُ اللَّهِ ; كَمَا يُقَالُ : عِنْدَ الْخَلِيفَةِ جَيْشٌ كَثِيرٌ . وَقِيلَ : هَذَا عَلَى جِهَةِ التَّشْرِيفِ لَهُمْ ، وَأَنَّهُمْ بِالْمَكَانِ
[ ص: 319 ] الْمُكَرَّمِ ; فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ قُرْبِهِمْ فِي الْكَرَامَةِ لَا فِي الْمَسَافَةِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206وَيُسَبِّحُونَهُ أَيْ وَيُعَظِّمُونَهُ وَيُنَزِّهُونَهُ عَنْ كُلِّ سُوءٍ . وَلَهُ يَسْجُدُونَ قِيلَ : يُصَلُّونَ . وَقِيلَ : يَذِلُّونَ ، خِلَافَ أَهْلِ الْمَعَاصِي .
الثَّانِيَةُ : وَالْجُمْهُورُ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ هَذَا مَوْضِعُ سُجُودٍ لِلْقَارِئِ . وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=1900عَدَدِ سُجُودِ الْقُرْآنِ ; فَأَقْصَى مَا قِيلَ : خَمْسَ عَشْرَةَ . أَوَّلُهَا خَاتِمَةُ الْأَعْرَافِ ، وَآخِرُهَا خَاتِمَةُ الْعَلَقِ . وَهُوَ قَوْلُ
ابْنِ حَبِيبٍ nindex.php?page=showalam&ids=16472وَابْنِ وَهْبٍ - فِي رِوَايَةٍ -
وَإِسْحَاقَ . وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ زَادَ سَجْدَةَ الْحِجْرِ ، قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=98وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . فَعَلَى هَذَا تَكُونُ سِتَّ عَشْرَةَ . وَقِيلَ : أَرْبَعَ عَشْرَةَ ; قَالَهُ
ابْنُ وَهْبٍ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْهُ . فَأَسْقَطَ ثَانِيَةَ الْحَجِّ . وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وَالصَّحِيحُ سُقُوطُهَا ; لِأَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَصِحَّ بِثُبُوتِهَا . وَرَوَاهُ
ابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِمَا عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُنَيْنٍ مِنْ
بَنِي عَبْدِ كُلَالٍ عَنْ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَأَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْقُرْآنِ ; مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ ، وَفِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ .
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنَيْنٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ ; قَالَهُ
أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَقِّ . وَذَكَرَ
أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ
عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=836164قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَفِي سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَانِ ؟ . قَالَ : نَعَمْ وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا فَلَا يَقْرَأْهُمَا . فِي إِسْنَادِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16457عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا . وَأَثْبَتَهُمَا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ وَأَسْقَطَ سَجْدَةَ " ص " . وَقِيلَ : إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً ، وَأَسْقَطَ آخِرَةَ الْحَجِّ وَثَلَاثَ الْمُفَصَّلِ . وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ
مَالِكٍ . وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمْ . وَفِي سُنَنِ
ابْنِ مَاجَهْ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836165سَجَدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً لَيْسَ فِيهَا مِنَ الْمُفَصَّلِ شَيْءٌ ، الْأَعْرَافُ وَالرَّعْدُ وَالنَّحْلُ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ وَمَرْيَمُ وَالْحَجُّ سَجْدَةٌ وَالْفُرْقَانُ وَسُلَيْمَانُ سُورَةَ النَّمْلِ وَالسَّجْدَةُ وَص وَسَجْدَةُ الْحَوَامِيمِ . وَقِيلَ : عَشْرٌ ، وَأُسْقِطَ آخِرَةَ الْحَجِّ وَص وَثَلَاثَ الْمُفَصَّلِ ; ذُكِرَ عَنِ
[ ص: 320 ] ابْنِ عَبَّاسٍ . وَقِيلَ : إِنَّهَا أَرْبَعٌ ، سَجْدَةُ الم تَنْزِيلٌ وَ حم تَنْزِيلٌ وَالنَّجْمُ وَالْعَلَقُ . وَسَبَبُ الْخِلَافِ اخْتِلَافُ النَّقْلِ فِي الْأَحَادِيثِ وَالْعَمَلِ ، وَاخْتِلَافُهُمْ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=1887الْأَمْرِ الْمُجَرَّدِ بِالسُّجُودِ فِي الْقُرْآنِ ، هَلِ الْمُرَادُ بِهِ سُجُودُ التِّلَاوَةِ أَوْ سُجُودُ الْفَرْضِ فِي الصَّلَاةِ ؟
الثَّالِثَةُ : وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ ; فَقَالَ
مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ : لَيْسَ بِوَاجِبٍ . وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : هُوَ وَاجِبٌ . وَتَعَلَّقَ بِأَنَّ مُطْلَقَ الْأَمْرِ بِالسُّجُودِ عَلَى الْوُجُوبِ ، وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836166إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ سَجْدَةً فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ يَا وَيْلَهُ . وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ يَا وَيْلِي وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِخْبَارًا عَنْ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836167أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ . أَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ . وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحَافِظُ عَلَيْهِ . وَعَوَّلَ عُلَمَاؤُنَا عَلَى حَدِيثِ
عُمَرَ الثَّابِتِ - خَرَّجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ - أَنَّهُ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ ، ثُمَّ قَرَأَهَا فِي الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فَتَهَيَّأَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ ، فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ عَلَى رِسْلِكُمْ ! إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَشَاءَ . وَذَلِكَ بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ مِنْ
الْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرِينَ . فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَثَبَتَ الْإِجْمَاعُ بِهِ فِي ذَلِكَ . وَأَمَّا قَوْلُهُ : أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَإِخْبَارٌ عَنِ السُّجُودِ الْوَاجِبِ . وَمُوَاظَبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَدُلُّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ ! وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الرَّابِعَةُ : وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=1903سُجُودَ الْقُرْآنِ يَحْتَاجُ إِلَى مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ الصَّلَاةُ مِنْ طَهَارَةِ حَدَثٍ وَنَجَسٍ وَنِيَّةٍ وَاسْتِقْبَالِ قِبْلَةٍ وَوَقْتٍ . إِلَّا مَا ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ . وَذَكَرَهُ
ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ
الشَّعْبِيِّ . وَعَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ هَلْ يَحْتَاجُ إِلَى تَحْرِيمٍ وَرَفْعِ يَدَيْنِ عِنْدَهُ وَتَكْبِيرٍ وَتَسْلِيمٍ ؟ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ ; فَذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِلَى أَنَّهُ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ لِلتَّكْبِيرِ لَهَا . وَقَدْ رُوِيَ فِي الْأَثَرِ عَنِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَجَدَ كَبَّرَ ، [ ص: 321 ] وَكَذَلِكَ إِذَا رَفَعَ كَبَّرَ . وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ
مَالِكٍ أَنَّهُ يُكَبِّرُ لَهَا فِي الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ فِي الصَّلَاةِ . وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي التَّكْبِيرِ لَهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ ; وَبِالتَّكْبِيرِ لِذَلِكَ قَالَ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ ، وَلَا سَلَامَ لَهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ . وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ
وَإِسْحَاقُ إِلَى أَنَّهُ يُسَلِّمُ مِنْهَا . وَعَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ يَتَحَقَّقُ أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي أَوَّلِهَا لِلْإِحْرَامِ . وَعَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يُسَلِّمُ يَكُونُ لِلسُّجُودِ فَحَسْبُ . وَالْأَوَّلُ أَوْلَى ; لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836169مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ وَهَذِهِ عِبَادَةٌ لَهَا تَكْبِيرٌ ، فَكَانَ لَهَا تَحْلِيلٌ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ بَلْ أَوْلَى ، لِأَنَّهَا فِعْلٌ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ قَوْلٌ . وَهَذَا اخْتِيَارُ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ .
الْخَامِسَةُ : وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=1887_1906وَقْتُهُ فَقِيلَ : يَسْجُدُ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ مُطْلَقًا ; لِأَنَّهَا صَلَاةٌ لِسَبَبٍ . وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ . وَقِيلَ : مَا لَمْ يُسْفِرِ الصُّبْحُ ، أَوْ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ بَعْدَ الْعَصْرِ . وَقِيلَ : لَا يَسْجُدُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ . وَقِيلَ : يَسْجُدُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَلَا يَسْجُدُ بَعْدَ الْعَصْرِ . وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَقْوَالُ فِي مَذْهَبِنَا . وَسَبَبُ الْخِلَافِ مُعَارَضَةُ مَا يَقْتَضِيهِ سَبَبُ قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ مِنَ السُّجُودِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهَا لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=1906الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ . وَاخْتِلَافُهُمْ فِي الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
السَّادِسَةُ : فَإِذَا سَجَدَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836170اللَّهُمَّ احْطُطْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا ، وَاكْتُبْ لِي بِهَا أَجْرًا ، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا . رَوَاهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; ذَكَرَهُ
ابْنُ مَاجَهْ .
السَّابِعَةُ : فَإِنْ قَرَأَهَا فِي صَلَاةٍ ، فَإِنْ كَانَ فِي نَافِلَةٍ سَجَدَ إِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ وَأَمِنَ التَّخْلِيطَ فِيهَا . وَإِنْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ لَا يَأْمَنُ ذَلِكَ فِيهَا فَالْمَنْصُوصُ جَوَازُهُ . وَقِيلَ : لَا يَسْجُدُ . وَأَمَّا فِي الْفَرِيضَةِ فَالْمَشْهُورُ عَنْ
مَالِكٍ النَّهْيُ عَنْهُ فِيهَا ، سَوَاءٌ كَانَتْ صَلَاةَ سِرٍّ أَوْ جَهْرٍ ، جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى . وَهُوَ مُعَلَّلٌ بِكَوْنِهَا زِيَادَةً فِي أَعْدَادِ سُجُودِ الْفَرِيضَةِ . وَقِيلَ : مُعَلَّلٌ بِخَوْفِ التَّخْلِيطِ عَلَى الْجَمَاعَةِ ; وَهَذَا أَشْبَهُ . وَعَلَى هَذَا لَا يُمْنَعُ مِنْهُ الْفُرَادَى وَلَا الْجَمَاعَةُ الَّتِي يَأْمَنُ فِيهَا التَّخْلِيطَ .
الثَّامِنَةُ : رَوَى ،
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنْ
أَبِي رَافِعٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836171صَلَّيْتُ مَعَ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ ، فَقَرَأَ nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=1إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ فَسَجَدَ ; فَقُلْتُ : مَا هَذِهِ ؟ قَالَ : سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَا أَزَالُ [ ص: 322 ] أَسْجُدُ فِيهَا حَتَّى أَلْقَاهُ . انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ . وَفِيهِ : وَقِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=40لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ : الرَّجُلُ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَلَمْ يَجْلِسْ لَهَا ؟ قَالَ : أَرَأَيْتَ لَوْ قَعَدَ لَهَا ! كَأَنَّهُ لَا يُوجِبُهُ عَلَيْهِ . وَقَالَ
سَلْمَانُ : مَا لِهَذَا غَدَوْنَا . وَقَالَ
عُثْمَانُ : إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنِ اسْتَمَعَهَا . وَقَالَ
الزُّهْرِيُّ : لَا يَسْجُدُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا ، فَإِذَا سَجَدْتَ وَأَنْتَ فِي حَضَرٍ فَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ ، فَإِنْ كُنْتَ رَاكِبًا فَلَا عَلَيْكَ ، حَيْثُ كَانَ وَجْهُكَ . وَكَانَ السَّائِبُ لَا يَسْجُدُ لِسُجُودِ الْقَاصِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .