[ ص: 18 ] nindex.php?page=treesubj&link=28986قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=24ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=24ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين فيه ثمان تأويلات :
الأول - المستقدمين في الخلق إلى اليوم ، والمستأخرين الذين لم يخلقوا بعد ; قاله
قتادة وعكرمة وغيرهما .
الثاني - المستقدمين الأموات ، والمستأخرين الأحياء ; قاله
ابن عباس والضحاك .
الثالث : المستقدمين من تقدم أمة
محمد ، والمستأخرين أمة
محمد - صلى الله عليه وسلم - ; قاله
مجاهد .
الرابع - المستقدمين في الطاعة والخير ، والمستأخرين في المعصية والشر ; قاله
الحسن وقتادة أيضا .
الخامس - المستقدمين في صفوف الحرب ، والمستأخرين فيها ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب .
السادس : المستقدمين من قتل في الجهاد ، والمستأخرين من لم يقتل ، قاله
القرظي .
السابع : المستقدمين أول الخلق ، والمستأخرين آخر الخلق ، قاله
الشعبي .
الثامن : المستقدمين في صفوف الصلاة ، والمستأخرين فيها بسبب النساء . وكل هذا معلوم لله - تعالى - ; فإنه عالم بكل موجود ومعدوم ، وعالم بمن خلق وما هو خالقه إلى يوم القيامة . إلا أن القول الثامن هو سبب نزول الآية ; لما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي عن
أبي الجوزاء عن
ابن عباس قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=835357كانت امرأة تصلي خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حسناء من أحسن الناس ، فكان بعض القوم يتقدم حتى يكون في الصف الأول لئلا يراها ، ويتأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر ، فإذا ركع نظر من تحت إبطه ، فأنزل الله - عز وجل - nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=24ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين . وروي عن
أبي الجوزاء ولم يذكر
ابن عباس . وهو أصح .
الثانية : هذا يدل على
nindex.php?page=treesubj&link=28132فضل أول الوقت في الصلاة وعلى
nindex.php?page=treesubj&link=1740فضل الصف الأول ; قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835358لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه [ ص: 19 ] لاستهموا . فإذا جاء الرجل عند الزوال فنزل في الصف الأول مجاور الإمام ، حاز ثلاث مراتب في الفضل : أول الوقت ، والصف الأول ، ومجاورة الإمام . فإن جاء عند الزوال فنزل في الصف الآخر أو فيما نزل عن الصف الأول ، فقد حاز فضل أول الوقت وفاته فضل الصف الأول والمجاورة . فإن جاء وقت الزوال ونزل في الصف الأول دون ما يلي الإمام فقد حاز فضل أول الوقت وفضل الصف الأول ، وفاته مجاورة الإمام . فإن جاء بعد الزوال ونزل في الصف الأول فقد فاته فضيلة أول الوقت ، وحاز فضيلة الصف الأول ومجاورة الإمام . وهكذا . ومجاورة الإمام لا تكون لكل أحد ، وإنما هي كما قال - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835359ليلني منكم أولو الأحلام والنهى الحديث . فما يلي الإمام ينبغي أن يكون لمن كانت هذه صفته ، فإن نزلها غيره أخر وتقدم هو إلى الموضع ; لأنه حقه بأمر صاحب الشرع ، كالمحراب هو موضع الإمام تقدم أو تأخر ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي .
قلت : وعليه يحمل قول
عمر - رضي الله عنه - : تأخر يا فلان ، تقدم يا فلان ; ثم يتقدم فيكبر . وقد روي عن
كعب أن الرجل من هذه الأمة ليخر ساجدا فيغفر لمن خلفه . وكان
كعب يتوخى الصف المؤخر من المسجد رجاء ذلك ، ويذكر أنه وجده كذلك في التوراة . ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14155الترمذي الحكيم في نوادر الأصول . وسيأتي في سورة " الصافات " زيادة بيان لهذا الباب إن شاء الله - تعالى - .
الثالثة : وكما تدل هذه الآية على فضل الصف الأول في الصلاة ، فكذلك تدل على
nindex.php?page=treesubj&link=7862فضل الصف الأول في القتال ; فإن القيام في نحر العدو ، وبيع العبد نفسه من الله - تعالى - لا يوازيه عمل ; فالتقدم إليه أفضل ، ولا خلاف فيه ولا خفاء به . ولم يكن أحد يتقدم في الحرب بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، لأنه كان أشجع الناس . قال
البراء :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835360كنا والله إذا احمر البأس نتقي به ، وإن الشجاع منا للذي يحاذي به ، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - .
[ ص: 18 ] nindex.php?page=treesubj&link=28986قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=24وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=24وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ فِيهِ ثَمَانِ تَأْوِيلَاتٍ :
الْأَوَّلُ - الْمُسْتَقْدِمِينَ فِي الْخَلْقِ إِلَى الْيَوْمِ ، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ الَّذِينَ لَمْ يُخْلَقُوا بَعْدُ ; قَالَهُ
قَتَادَةُ وَعِكْرِمَةُ وَغَيْرُهُمَا .
الثَّانِي - الْمُسْتَقْدِمِينَ الْأَمْوَاتُ ، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ الْأَحْيَاءُ ; قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ .
الثَّالِثُ : الْمُسْتَقْدِمِينَ مَنْ تَقَدَّمَ أُمَّةَ
مُحَمَّدٍ ، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ أُمَّةُ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ; قَالَهُ
مُجَاهِدٌ .
الرَّابِعُ - الْمُسْتَقْدِمِينَ فِي الطَّاعَةِ وَالْخَيْرِ ، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ فِي الْمَعْصِيَةِ وَالشَّرِّ ; قَالَهُ
الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ أَيْضًا .
الْخَامِسُ - الْمُسْتَقْدِمِينَ فِي صُفُوفِ الْحَرْبِ ، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ فِيهَا ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ .
السَّادِسُ : الْمُسْتَقْدِمِينَ مَنْ قُتِلَ فِي الْجِهَادِ ، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ مَنْ لَمْ يُقْتَلْ ، قَالَهُ
الْقُرَظِيُّ .
السَّابِعُ : الْمُسْتَقْدِمِينَ أَوَّلُ الْخَلْقِ ، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ آخِرُ الْخَلْقِ ، قَالَهُ
الشَّعْبِيُّ .
الثَّامِنُ : الْمُسْتَقْدِمِينَ فِي صُفُوفِ الصَّلَاةِ ، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ فِيهَا بِسَبَبِ النِّسَاءِ . وَكُلُّ هَذَا مَعْلُومٌ لِلَّهِ - تَعَالَى - ; فَإِنَّهُ عَالِمٌ بِكُلِّ مَوْجُودٍ وَمَعْدُومٍ ، وَعَالِمٌ بِمَنْ خَلَقَ وَمَا هُوَ خَالِقُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . إِلَّا أَنَّ الْقَوْلَ الثَّامِنَ هُوَ سَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ ; لِمَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ
أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=835357كَانَتِ امْرَأَةٌ تُصَلِّي خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَسْنَاءُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ ، فَكَانَ بَعْضُ الْقَوْمِ يَتَقَدَّمُ حَتَّى يَكُونَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِئَلَّا يَرَاهَا ، وَيَتَأَخَّرُ بَعْضُهُمْ حَتَّى يَكُونَ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ ، فَإِذَا رَكَعَ نَظَرَ مِنْ تَحْتِ إِبْطِهِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=24وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ . وَرُوِيَ عَنْ
أَبِي الْجَوْزَاءِ وَلَمْ يُذْكَرْ
ابْنُ عَبَّاسٍ . وَهُوَ أَصَحُّ .
الثَّانِيَةُ : هَذَا يَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28132فَضْلِ أَوَّلِ الْوَقْتِ فِي الصَّلَاةِ وَعَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=1740فَضْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ ; قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835358لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ [ ص: 19 ] لَاسْتَهَمُوا . فَإِذَا جَاءَ الرَّجُلُ عِنْدَ الزَّوَالِ فَنَزَلَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ مُجَاوِرَ الْإِمَامِ ، حَازَ ثَلَاثَ مَرَاتِبَ فِي الْفَضْلِ : أَوَّلَ الْوَقْتِ ، وَالصَّفَّ الْأَوَّلَ ، وَمُجَاوَرَةَ الْإِمَامِ . فَإِنْ جَاءَ عِنْدَ الزَّوَالِ فَنَزَلَ فِي الصَّفِّ الْآخِرِ أَوْ فِيمَا نَزَلَ عَنِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ ، فَقَدْ حَازَ فَضْلَ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَفَاتَهُ فَضْلُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَالْمُجَاوَرَةِ . فَإِنْ جَاءَ وَقْتَ الزَّوَالِ وَنَزَلَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ دُونَ مَا يَلِي الْإِمَامَ فَقَدْ حَازَ فَضْلَ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَفَضْلَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ ، وَفَاتَهُ مُجَاوَرَةُ الْإِمَامِ . فَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَنَزَلَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَقَدْ فَاتَهُ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ ، وَحَازَ فَضِيلَةَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَمُجَاوَرَةَ الْإِمَامِ . وَهَكَذَا . وَمُجَاوَرَةُ الْإِمَامِ لَا تَكُونُ لِكُلِّ أَحَدٍ ، وَإِنَّمَا هِيَ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835359لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى الْحَدِيثَ . فَمَا يَلِي الْإِمَامَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِمَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتُهُ ، فَإِنْ نَزَلَهَا غَيْرُهُ أُخِّرَ وَتَقَدَّمَ هُوَ إِلَى الْمَوْضِعِ ; لِأَنَّهُ حَقُّهُ بِأَمْرِ صَاحِبِ الشَّرْعِ ، كَالْمِحْرَابِ هُوَ مَوْضِعُ الْإِمَامِ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ .
قُلْتُ : وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : تَأَخَّرْ يَا فُلَانُ ، تَقَدَّمْ يَا فُلَانُ ; ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيُكَبِّرُ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
كَعْبٍ أَنَّ الرَّجُلَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَيَخِرُّ سَاجِدًا فَيُغْفَرُ لِمَنْ خَلْفَهُ . وَكَانَ
كَعْبٌ يَتَوَخَّى الصَّفَّ الْمُؤَخَّرَ مِنَ الْمَسْجِدِ رَجَاءَ ذَلِكَ ، وَيَذْكُرُ أَنَّهُ وَجَدَهُ كَذَلِكَ فِي التَّوْرَاةِ . ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14155التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ . وَسَيَأْتِي فِي سُورَةِ " الصَّافَّاتِ " زِيَادَةُ بَيَانٍ لِهَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - .
الثَّالِثَةُ : وَكَمَا تَدُلُّ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى فَضْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فِي الصَّلَاةِ ، فَكَذَلِكَ تَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=7862فَضْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فِي الْقِتَالِ ; فَإِنَّ الْقِيَامَ فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ ، وَبَيْعَ الْعَبْدِ نَفْسَهُ مِنَ اللَّهِ - تَعَالَى - لَا يُوَازِيهِ عَمَلٌ ; فَالتَّقَدُّمُ إِلَيْهِ أَفْضَلُ ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ وَلَا خَفَاءَ بِهِ . وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَتَقَدَّمُ فِي الْحَرْبِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، لِأَنَّهُ كَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ . قَالَ
الْبَرَاءُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835360كُنَّا وَاللَّهِ إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ نَتَّقِي بِهِ ، وَإِنَّ الشُّجَاعَ مِنَّا لَلَّذِي يُحَاذِي بِهِ ، يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .