قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور .
فيه ثماني مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13من محاريب المحراب في اللغة : كل موضع مرتفع . وقيل للذي يصلى فيه : محراب ; لأنه يجب أن يرفع ويعظم . وقال
الضحاك : من محاريب أي من مساجد . وكذا قال
قتادة . وقال
مجاهد : المحاريب دون القصور . وقال
أبو عبيدة : المحراب أشرف بيوت الدار . قال [
امرؤ القيس ] :
وماذا عليه أن ذكرت أوانسا كغزلان رمل في محاريب أقيال
وقال
عدي بن زيد :
كدمى العاج في المحاريب أو كال بيض في الروض زهره مستنير
وقيل : هو ما يرقى إليه بالدرج كالغرفة الحسنة ; كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=21إذ تسوروا المحراب وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=11فخرج على قومه من المحراب أي أشرف عليهم . وفي الخبر ( أنه أمر أن يعمل حول كرسيه ألف محراب فيها ألف رجل عليهم المسوح يصرخون إلى الله دائبا ، وهو على الكرسي في موكبه والمحاريب حوله ، ويقول لجنوده إذا ركب : سبحوا الله إلى ذلك العلم ، فإذا بلغوه قال : هللوه إلى ذلك العلم فإذا بلغوه قال : كبروه إلى ذلك العلم الآخر ، فتلج الجنود بالتسبيح والتهليل لجة واحدة ) .
الثانية : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13وتماثيل جمع تمثال . وهو كل ما صور على مثل صورة من حيوان أو غير حيوان . وقيل : كانت من زجاج ونحاس ورخام تماثيل أشياء ليست بحيوان . وذكر
[ ص: 246 ] أنها صور الأنبياء والعلماء ، وكانت تصور في المساجد ليراها الناس فيزدادوا عبادة واجتهادا ، قال صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832410إن أولئك كان إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور . أي ليتذكروا عبادتهم فيجتهدوا في العبادة . وهذا يدل على أن التصوير كان مباحا في ذلك الزمان ، ونسخ ذلك بشرع
محمد صلى الله عليه وسلم . وسيأتي لهذا مزيد بيان في سورة (
نوح ) عليه السلام . وقيل : التماثيل طلسمات كان يعملها ، ويحرم على كل مصور أن يتجاوزها فلا يتجاوزها ، فيعمل تمثالا للذباب أو للبعوض أو للتماسيح في مكان ، ويأمرهم ألا يتجاوزوه فلا يتجاوزه واحد أبدا ما دام ذلك التمثال قائما . وواحد التماثيل تمثال بكسر التاء . قال [
امرؤ القيس ] :
ويا رب يوم قد لهوت وليلة بآنسة كأنها خط تمثال
وقيل : إن هذه التماثيل رجال اتخذهم من نحاس وسأل ربه أن ينفخ فيها الروح ليقاتلوا في سبيل الله ولا يحيك فيهم السلاح . ويقال : إن
إسفنديار كان منهم ; والله أعلم . وروي أنهم عملوا له أسدين في أسفل كرسيه ونسرين فوقه ، فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان له ذراعيهما ، وإذا قعد أطلق النسران أجنحتهما .
الثالثة : حكى
مكي في الهداية له : أن فرقة تجوز التصوير ، وتحتج بهذه الآية . قال
ابن عطية : وذلك خطأ ، وما أحفظ عن أحد من أئمة العلم من يجوزه .
قلت : ما حكاه
مكي ذكره
النحاس قبله ، قال
النحاس : قال قوم
nindex.php?page=treesubj&link=23993عمل الصور جائز لهذه الآية ، ولما أخبر الله عز وجل عن
المسيح . وقال قوم : قد صح النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم عنها والتوعد لمن عملها أو اتخذها ، فنسخ الله عز وجل بهذا ما كان مباحا قبله ، وكانت الحكمة في ذلك لأنه بعث عليه السلام والصور تعبد ، فكان الأصلح إزالتها .
الرابعة : التمثال على قسمين : حيوان وموات . والموات على قسمين : جماد ونام ; وقد كانت الجن تصنع
لسليمان جميعه ; لعموم قوله : ( وتماثيل ) . وفي الإسرائيليات : أن التماثيل من الطير كانت على كرسي
سليمان . فإن قيل : لا عموم لقوله : ( وتماثيل ) فإنه إثبات في نكرة ، والإثبات في النكرة لا عموم له ، إنما العموم في النفي في النكرة . قلنا : كذلك هو ، بيد أنه قد اقترن بهذا الإثبات في النكرة ما يقتضي حمله على العموم ، وهو قوله : ( ما يشاء ) فاقتران المشيئة به يقتضي العموم له . فإن قيل : كيف استجاز الصور المنهي عنها ؟ قلنا : كان
[ ص: 247 ] ذلك جائزا في شرعه ونسخ ذلك بشرعنا كما بينا ، والله أعلم . وعن
أبي العالية : لم يكن
nindex.php?page=treesubj&link=23993اتخاذ الصور إذ ذاك محرما .
الخامسة : مقتضى الأحاديث يدل أن الصور ممنوعة ، ثم جاء ( إلا ما كان رقما في ثوب ) فخص من جملة الصور ، ثم ثبتت الكراهية فيه بقوله عليه السلام
nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة في الثوب :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864699أخريه عني فإني كلما رأيته ذكرت الدنيا . ثم بهتكه الثوب المصور على
عائشة منع منه ، ثم بقطعها له وسادتين تغيرت الصورة وخرجت عن هيئتها ، فإن جواز ذلك إذا لم تكن الصورة فيه متصلة الهيئة ، ولو كانت متصلة الهيئة لم يجز ، لقولها في النمرقة المصورة : اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها ، فمنع منه وتوعد عليه . وتبين بحديث
nindex.php?page=treesubj&link=23993الصلاة إلى الصور أن ذلك جائز في الرقم في الثوب ثم نسخه المنع منه . فهكذا استقر الأمر فيه والله أعلم ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي .
السادسة : روى
مسلم عن
عائشة قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832411كان لنا ستر فيه تمثال طائر وكان الداخل إذا دخل استقبله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حولي هذا فإني كلما دخلت فرأيته ذكرت الدنيا . قالت : وكانت لنا قطيفة كنا نقول علمها حرير ، فكنا نلبسها . وعنها قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832412دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مستترة بقرام فيه صورة ، فتلون وجهه ، ثم تناول الستر فهتكه ، ثم قال : إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله عز وجل . وعنها : أنه كان لها ثوب فيه تصاوير ممدود إلى سهوة ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إليه فقال : أخريه عني قالت : فأخرته فجعلته وسادتين . قال بعض العلماء : ويمكن أن يكون تهتيكه عليه السلام الثوب وأمره بتأخيره ورعا ; لأن محل النبوة والرسالة الكمال . فتأمله .
[ ص: 248 ] السابعة قال
المزني عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إن دعي رجل إلى عرس فرأى صورة ذات روح أو صورا ذات أرواح ، لم يدخل إن كانت منصوبة . وإن كانت توطأ فلا بأس ، وإن كانت صور الشجر . ولم يختلفوا أن
nindex.php?page=treesubj&link=33357التصاوير في الستور المعلقة مكروهة غير محرمة . وكذلك عندهم ما كان خرطا أو نقشا في البناء . واستثنى بعضهم
nindex.php?page=hadith&LINKID=832413ما كان رقما في ثوب ، لحديث
سهل بن حنيف .
قلت : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المصورين ولم يستثن . وقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832414إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم ولم يستثن . وفي
الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832155يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول : إني وكلت بثلاث : بكل جبار عنيد ، وبكل من دعا مع الله إلها آخر وبالمصورين قال
أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب صحيح . وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود . قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832415أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون . يدل على المنع من تصوير شيء ، أي شيء كان . وقد قال جل وعز :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=60ما كان لكم أن تنبتوا شجرها على ما تقدم بيانه فاعلمه .
الثامنة : وقد استثني من هذا الباب
nindex.php?page=treesubj&link=23993لعب البنات ، لما ثبت ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=832416عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت سبع سنين ، وزفت إليه وهي بنت تسع ولعبها معها ، ومات عنها وهي بنت ثماني عشرة سنة . وعنها أيضا قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832417كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي صواحب يلعبن معي ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل ينقمعن منه فيسربهن إلي فيلعبن معي خرجهما
مسلم . قال العلماء : وذلك للضرورة إلى ذلك وحاجة البنات حتى يتدربن على تربية أولادهن . ثم إنه لا بقاء لذلك ، وكذلك ما يصنع من الحلاوة أو من العجين لا بقاء له ، فرخص في ذلك ، والله أعلم .
[ ص: 249 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13وجفان كالجواب قال
ابن عرفة : الجوابي جمع الجابية ، وهي حفيرة كالحوض . وقال : كحياض الإبل . وقال
ابن القاسم عن
مالك : كالجوبة من الأرض ، والمعنى متقارب . وكان يقعد على الجفنة الواحدة ألف رجل .
النحاس :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13وجفان كالجواب الأولى أن تكون بالياء ، ومن حذف الياء قال سبيل الألف واللام أن تدخل على النكرة فلا يغيرها عن حالها ، فلما كان يقال ( جواب ) ودخلت الألف واللام أقر على حاله فحذف الياء . وواحد الجوابي جابية ، وهي القدر العظيمة ، والحوض العظيم الكبير الذي يجبى فيه الشيء أي يجمع ; ومنه جبيت الخراج ، وجبيت الجراد ; أي جعلت الكساء فجمعته فيه . إلا أن ليثا روى عن
مجاهد قال : الجوابي جمع جوبة ، والجوبة الحفرة الكبيرة تكون في الجبل فيها ماء المطر . وقال
الكسائي : جبوت الماء في الحوض وجبيته أي جمعته ، والجابية : الحوض الذي يجبى فيه الماء للإبل ، قال :
تروح على آل المحلق جفنة كجابية الشيخ العراقي تفهق
ويروى أيضا :
نفى الذم عن آل المحلق جفنة كجابية السيح . .
ذكره
النحاس .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13وقدور راسيات قال
سعيد بن جبير : هي قدور النحاس تكون
بفارس . وقال
الضحاك : هي قدور تعمل من الجبال . غيره : قد نحتت من الجبال الصم مما عملت له الشياطين ، أثافيها منها منحوتة هكذا من الجبال . ومعنى ( راسيات ) ثوابت ، لا تحمل ولا تحرك لعظمها . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : وكذلك كانت قدور
عبد الله بن جدعان ، يصعد إليها في الجاهلية بسلم . وعنها عبر
طرفة بن العبد بقوله :
كالجوابي لا تني مترعة لقرى الأضياف أو للمحتضر
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : ورأيت برباط
أبي سعيد قدور الصوفية على نحو ذلك ، فإنهم يطبخون جميعا ويأكلون جميعا من غير استئثار واحد منهم على أحد .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور قد مضى معنى الشكر في ( البقرة ) وغيرها . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فتلا هذه الآية ثم قال : ( ثلاث من أوتيهن
[ ص: 250 ] فقد أوتي مثل ما أوتي آل
داود ) قال فقلنا : ما هن ؟ . فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864706العدل في الرضا والغضب . والقصد في الفقر والغنى . وخشية الله في السر والعلانية . خرجه
الترمذي الحكيم أبو عبد الله عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة . وروي
أن داود عليه السلام قال : ( يا رب كيف أطيق شكرك على نعمك . وإلهامي وقدرتي على شكرك نعمة لك ) فقال : ( يا داود الآن عرفتني ) . وقد مضى هذا المعنى في سورة ( إبراهيم ) . وأن
nindex.php?page=treesubj&link=19606الشكر حقيقته الاعتراف بالنعمة للمنعم واستعمالها في طاعته ، والكفران استعمالها في المعصية . وقليل من يفعل ذلك ; لأن الخير أقل من الشر ، والطاعة أقل من المعصية ، بحسب سابق التقدير . وقال
مجاهد : لما قال الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13اعملوا آل داود شكرا قال
داود لسليمان : إن الله عز وجل قد ذكر الشكر فاكفني صلاة النهار أكفك صلاة الليل ، قال : لا أقدر ، قال : فاكفني - قال
الفاريابي ، أراه قال إلى صلاة الظهر - قال نعم ، فكفاه . وقال
الزهري :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13اعملوا آل داود شكرا أي قولوا الحمد لله . و ( شكرا ) نصب على جهة المفعول ; أي اعملوا عملا هو الشكر . وكأن الصلاة والصيام والعبادات كلها هي في نفسها الشكر إذ سدت مسده ، ويبين هذا قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=24إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وهو المراد بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13وقليل من عبادي الشكور . وقد قال
سفيان بن عيينة في تأويل قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14أن اشكر لي أن المراد بالشكر الصلوات الخمس . وفي صحيح
مسلم عن
عائشة رضي الله تعالى عنها
nindex.php?page=hadith&LINKID=832418أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تفطر قدماه ; فقالت له عائشة رضي الله عنها : أتصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال : أفلا أكون عبدا شكورا . انفرد بإخراجه
مسلم . فظاهر القرآن والسنة أن الشكر بعمل الأبدان دون الاقتصار على عمل اللسان ;
nindex.php?page=treesubj&link=19606فالشكر بالأفعال عمل الأركان ، والشكر بالأقوال عمل اللسان . والله أعلم .
nindex.php?page=treesubj&link=29005قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13وقليل من عبادي الشكور يحتمل أن يكون مخاطبة
لآل داود ، ويحتمل أن يكون مخاطبة
لمحمد صلى الله عليه وسلم . قال
ابن عطية : وعلى كل وجه ففيه تنبيه وتحريض . وسمع
عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه رجلا يقول : اللهم اجعلني من القليل ; فقال
عمر : ما هذا الدعاء ؟ فقال الرجل : أردت قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13وقليل من عبادي الشكور . فقال
عمر رضي الله عنه : كل الناس أعلم منك يا
عمر ! وروي أن
سليمان عليه السلام كان يأكل الشعير ويطعم
[ ص: 251 ] أهله الخشكار ويطعم المساكين الدرمك . وقد قيل : إنه كان يأكل الرماد ويتوسده ، والأول أصح ، إذ الرماد ليس بقوت . وروي أنه ما شبع قط ، فقيل له في ذلك فقال : أخاف إن شبعت أن أنسى الجياع . وهذا من الشكر ومن القليل ، فتأمله ، والله أعلم .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ .
فِيهِ ثَمَانِي مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13مِنْ مَحَارِيبَ الْمِحْرَابُ فِي اللُّغَةِ : كُلُّ مَوْضِعٍ مُرْتَفِعٍ . وَقِيلَ لِلَّذِي يُصَلَّى فِيهِ : مِحْرَابٌ ; لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُرْفَعَ وَيُعَظَّمَ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : مِنْ مَحَارِيبَ أَيْ مِنْ مَسَاجِدَ . وَكَذَا قَالَ
قَتَادَةُ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : الْمَحَارِيبُ دُونَ الْقُصُورِ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : الْمِحْرَابُ أَشْرَفُ بُيُوتِ الدَّارِ . قَالَ [
امْرُؤُ الْقَيْسِ ] :
وَمَاذَا عَلَيْهِ أَنْ ذَكَرْتُ أَوَانِسًا كَغِزْلَانِ رَمْلٍ فِي مَحَارِيبَ أَقْيَالِ
وَقَالَ
عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ :
كَدُمَى الْعَاجِ فِي الْمَحَارِيبِ أَوْ كَالْ بَيْضِ فِي الرَّوْضِ زَهْرُهُ مُسْتَنِيرُ
وَقِيلَ : هُوَ مَا يُرْقَى إِلَيْهِ بِالدَّرَجِ كَالْغُرْفَةِ الْحَسَنَةِ ; كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=21إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=11فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ أَيْ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ . وَفِي الْخَبَرِ ( أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُعْمَلَ حَوْلَ كُرْسِيِّهِ أَلْفُ مِحْرَابٍ فِيهَا أَلْفُ رَجُلٍ عَلَيْهِمُ الْمُسُوحُ يَصْرُخُونَ إِلَى اللَّهِ دَائِبًا ، وَهُوَ عَلَى الْكُرْسِيِّ فِي مَوْكِبِهِ وَالْمَحَارِيبِ حَوْلَهُ ، وَيَقُولُ لِجُنُودِهِ إِذَا رَكِبَ : سَبِّحُوا اللَّهَ إِلَى ذَلِكَ الْعَلَمِ ، فَإِذَا بَلَغُوهُ قَالَ : هَلِّلُوهُ إِلَى ذَلِكَ الْعَلَمِ فَإِذَا بَلَغُوهُ قَالَ : كَبِّرُوهُ إِلَى ذَلِكَ الْعَلَمِ الْآخَرِ ، فَتَلِجُّ الْجُنُودُ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ لَجَّةً وَاحِدَةً ) .
الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13وَتَمَاثِيلَ جَمْعُ تِمْثَالٍ . وَهُوَ كُلُّ مَا صُوِّرَ عَلَى مِثْلِ صُورَةٍ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِ حَيَوَانٍ . وَقِيلَ : كَانَتْ مِنْ زُجَاجٍ وَنُحَاسٍ وَرُخَامٍ تَمَاثِيلَ أَشْيَاءَ لَيْسَتْ بِحَيَوَانٍ . وَذُكِرَ
[ ص: 246 ] أَنَّهَا صُوَرُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ ، وَكَانَتْ تُصَوَّرَ فِي الْمَسَاجِدِ لِيَرَاهَا النَّاسُ فَيَزْدَادُوا عِبَادَةً وَاجْتِهَادًا ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832410إِنَّ أُولَئِكَ كَانَ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ . أَيْ لِيَتَذَكَّرُوا عِبَادَتَهُمْ فَيَجْتَهِدُوا فِي الْعِبَادَةِ . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّصْوِيرَ كَانَ مُبَاحًا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ ، وَنُسِخَ ذَلِكَ بِشَرْعِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدُ بَيَانٍ فِي سُورَةِ (
نُوحٍ ) عَلَيْهِ السَّلَامُ . وَقِيلَ : التَّمَاثِيلُ طِلَّسْمَاتٌ كَانَ يَعْمَلُهَا ، وَيُحَرِّمُ عَلَى كُلِّ مُصَوِّرٍ أَنْ يَتَجَاوَزَهَا فَلَا يَتَجَاوَزُهَا ، فَيَعْمَلُ تِمْثَالًا لِلذُّبَابِ أَوْ لِلْبَعُوضِ أَوْ لِلتَّمَاسِيحِ فِي مَكَانٍ ، وَيَأْمُرُهُمْ أَلَّا يَتَجَاوَزُوهُ فَلَا يَتَجَاوَزُهُ وَاحِدٌ أَبَدًا مَا دَامَ ذَلِكَ التِّمْثَالُ قَائِمًا . وَوَاحِدُ التَّمَاثِيلِ تِمْثَالٌ بِكَسْرِ التَّاءِ . قَالَ [
امْرُؤُ الْقَيْسِ ] :
وَيَا رُبَّ يَوْمٍ قَدْ لَهَوْتُ وَلَيْلَةٍ بِآنِسَةٍ كَأَنَّهَا خَطُّ تِمْثَالِ
وَقِيلَ : إِنَّ هَذِهِ التَّمَاثِيلَ رِجَالٌ اتَّخَذَهُمْ مِنْ نُحَاسٍ وَسَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ لِيُقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَحِيكَ فِيهِمُ السِّلَاحُ . وَيُقَالُ : إِنَّ
إسْفِنْدِيَارَ كَانَ مِنْهُمْ ; وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَرُوِيَ أَنَّهُمْ عَمِلُوا لَهُ أَسَدَيْنِ فِي أَسْفَلِ كُرْسِيِّهِ وَنَسْرَيْنِ فَوْقَهُ ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَصْعَدَ بَسَطَ الْأَسَدَانِ لَهُ ذِرَاعَيْهِمَا ، وَإِذَا قَعَدَ أَطْلَقَ النَّسْرَانِ أَجْنِحَتَهُمَا .
الثَّالِثَةُ : حَكَى
مَكِّيٌّ فِي الْهِدَايَةِ لَهُ : أَنَّ فِرْقَةً تُجَوِّزُ التَّصْوِيرَ ، وَتَحْتَجُّ بِهَذِهِ الْآيَةِ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَذَلِكَ خَطَأٌ ، وَمَا أَحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ مَنْ يُجَوِّزُهُ .
قُلْتُ : مَا حَكَاهُ
مَكِّيٌّ ذَكَرَهُ
النَّحَّاسُ قَبْلَهُ ، قَالَ
النَّحَّاسُ : قَالَ قَوْمٌ
nindex.php?page=treesubj&link=23993عَمَلُ الصُّوَرِ جَائِزٌ لِهَذِهِ الْآيَةِ ، وَلِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ
الْمَسِيحِ . وَقَالَ قَوْمٌ : قَدْ صَحَّ النَّهْيُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا وَالتَّوَعُّدُ لِمَنْ عَمِلَهَا أَوِ اتَّخَذَهَا ، فَنَسَخَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَذَا مَا كَانَ مُبَاحًا قَبْلَهُ ، وَكَانَتِ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ بُعِثَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالصُّوَرُ تُعْبَدُ ، فَكَانَ الْأَصْلَحُ إِزَالَتُهَا .
الرَّابْعَةُ : التِّمْثَالُ عَلَى قِسْمَيْنِ : حَيَوَانٌ وَمَوَاتٌ . وَالْمَوَاتُ عَلَى قِسْمَيْنِ : جَمَادٌ وَنَامٍ ; وَقَدْ كَانَتِ الْجِنُّ تَصْنَعُ
لِسُلَيْمَانَ جَمِيعَهُ ; لِعُمُومِ قَوْلِهِ : ( وَتَمَاثِيلَ ) . وَفِي الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ : أَنَّ التَّمَاثِيلَ مِنَ الطَّيْرِ كَانَتْ عَلَى كُرْسِيِّ
سُلَيْمَانَ . فَإِنْ قِيلَ : لَا عُمُومَ لِقَوْلِهِ : ( وَتَمَاثِيلَ ) فَإِنَّهُ إِثْبَاتٌ فِي نَكِرَةٍ ، وَالْإِثْبَاتُ فِي النَّكِرَةِ لَا عُمُومَ لَهُ ، إِنَّمَا الْعُمُومُ فِي النَّفْيِ فِي النَّكِرَةِ . قُلْنَا : كَذَلِكَ هُوَ ، بَيْدَ أَنَّهُ قَدِ اقْتَرَنَ بِهَذَا الْإِثْبَاتِ فِي النَّكِرَةِ مَا يَقْتَضِي حَمْلَهُ عَلَى الْعُمُومِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : ( مَا يَشَاءُ ) فَاقْتِرَانُ الْمِشْيَئةِ بِهِ يَقْتَضِي الْعُمُومَ لَهُ . فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ اسْتَجَازَ الصُّوَرَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا ؟ قُلْنَا : كَانَ
[ ص: 247 ] ذَلِكَ جَائِزًا فِي شَرْعِهِ وَنُسِخَ ذَلِكَ بِشَرْعِنَا كَمَا بَيَّنَّا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَعَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ : لَمْ يَكُنِ
nindex.php?page=treesubj&link=23993اتِّخَاذُ الصُّوَرِ إِذْ ذَاكَ مُحَرَّمًا .
الْخَامِسَةُ : مُقْتَضَى الْأَحَادِيثِ يَدُلُّ أَنَّ الصُّوَرَ مَمْنُوعَةٌ ، ثُمَّ جَاءَ ( إِلَّا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ ) فَخُصَّ مِنْ جُمْلَةِ الصُّوَرِ ، ثُمَّ ثَبَتَتِ الْكَرَاهِيَةُ فِيهِ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=25لِعَائِشَةَ فِي الثَّوْبِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864699أَخِّرِيهِ عَنِّي فَإِنِّي كُلَّمَا رَأَيْتُهُ ذَكَرْتُ الدُّنْيَا . ثُمَّ بِهَتْكِهِ الثَّوْبَ الْمُصَوَّرَ عَلَى
عَائِشَةَ مَنَعَ مِنْهُ ، ثُمَّ بِقَطْعِهَا لَهُ وِسَادَتَيْنِ تَغَيَّرَتِ الصُّورَةُ وَخَرَجَتْ عَنْ هَيْئَتِهَا ، فَإِنَّ جَوَازَ ذَلِكَ إِذَا لَمْ تَكُنِ الصُّورَةُ فِيهِ مُتَّصِلَةَ الْهَيْئَةِ ، وَلَوْ كَانَتْ مُتَّصِلَةَ الْهَيْئَةِ لَمْ يَجُزْ ، لِقَوْلِهَا فِي النُّمْرُقَةِ الْمُصَوَّرَةِ : اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا ، فَمَنَعَ مِنْهُ وَتَوَعَّدَ عَلَيْهِ . وَتَبَيَّنَ بِحَدِيثِ
nindex.php?page=treesubj&link=23993الصَّلَاةِ إِلَى الصُّوَرِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الرَّقْمِ فِي الثَّوْبِ ثُمَّ نَسَخَهُ الْمَنْعُ مِنْهُ . فَهَكَذَا اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ .
السَّادِسَةُ : رَوَى
مُسْلِمٌ عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832411كَانَ لَنَا سِتْرٌ فِيهِ تِمْثَالٌ طَائِرٌ وَكَانَ الدَّاخِلُ إِذَا دَخَلَ اسْتَقْبَلَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَوِّلِي هَذَا فَإِنِّي كُلَّمَا دَخَلْتُ فَرَأَيْتُهُ ذَكَرْتُ الدُّنْيَا . قَالَتْ : وَكَانَتْ لَنَا قَطِيفَةٌ كُنَّا نَقُولُ عَلَمُهَا حَرِيرٌ ، فَكُنَّا نَلْبَسُهَا . وَعَنْهَا قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832412دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُسْتَتِرَةٌ بِقِرَامٍ فِيهِ صُورَةٌ ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ ، ثُمَّ تَنَاوَلَ السِّتْرُ فَهَتَكَهُ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ مِنْ أَشَدِ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . وَعَنْهَا : أَنَّهُ كَانَ لَهَا ثَوْبٌ فِيهِ تَصَاوِيرُ مَمْدُودٌ إِلَى سَهْوَةٍ ، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِلَيْهِ فَقَالَ : أَخِّرِيهِ عَنِّي قَالَتْ : فَأَخَّرْتُهُ فَجَعَلْتُهُ وِسَادَتَيْنِ . قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَهْتِيكُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الثَّوْبَ وَأَمْرُهُ بِتَأْخِيرِهِ وَرَعًا ; لِأَنَّ مَحَلَّ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ الْكَمَالُ . فَتَأَمَّلْهُ .
[ ص: 248 ] السَّابِعَةُ قَالَ
الْمُزَنِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ : إِنْ دُعِيَ رَجُلٌ إِلَى عُرْسٍ فَرَأَى صُورَةً ذَاتَ رُوحٍ أَوْ صُوَرًا ذَاتَ أَرْوَاحٍ ، لَمْ يَدْخُلْ إِنْ كَانَتْ مَنْصُوبَةً . وَإِنْ كَانَتْ تُوطَأُ فَلَا بَأْسَ ، وَإِنْ كَانَتْ صُوَرَ الشَّجَرِ . وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33357التَّصَاوِيرَ فِي السُّتُورِ الْمُعَلَّقَةِ مَكْرُوهَةٌ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ . وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمْ مَا كَانَ خَرْطًا أَوْ نَقْشًا فِي الْبِنَاءِ . وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=832413مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ ، لِحَدِيثِ
سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ .
قُلْتُ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُصَوِّرِينَ وَلَمْ يَسْتَثْنِ . وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832414إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ وَلَمْ يَسْتَثْنِ . وَفِي
التِّرْمِذِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832155يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُ عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ وَلِسَانٌ يَنْطِقُ يَقُولُ : إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلَاثٍ : بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ، وَبِكُلِ مَنْ دَعَا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَبِالْمُصَوِّرِينَ قَالَ
أَبُو عِيسَى : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ . وَفِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ . قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832415أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ . يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ تَصْوِيرِ شَيْءٍ ، أَيِّ شَيْءٍ كَانَ . وَقَدْ قَالَ جَلَّ وَعَزَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=60مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فَاعْلَمْهُ .
الثَّامِنَةُ : وَقَدِ اسْتُثْنِيَ مِنْ هَذَا الْبَابِ
nindex.php?page=treesubj&link=23993لُعَبُ الْبَنَاتِ ، لِمَا ثَبَتَ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=832416عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سَبْعِ سِنِينَ ، وَزُفَّتْ إِلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ وَلُعَبُهَا مَعَهَا ، وَمَاتَ عَنْهَا وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً . وَعَنْهَا أَيْضًا قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832417كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ يَنْقَمِعْنَ مِنْهُ فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي خَرَّجَهُمَا
مُسْلِمٌ . قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ إِلَى ذَلِكَ وَحَاجَةِ الْبَنَاتِ حَتَّى يَتَدَرَّبْنَ عَلَى تَرْبِيَةِ أَوْلَادِهِنَّ . ثُمَّ إِنَّهُ لَا بَقَاءَ لِذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ مَا يُصْنَعُ مِنَ الْحَلَاوَةِ أَوْ مِنَ الْعَجِينِ لَا بَقَاءَ لَهُ ، فَرُخِّصَ فِي ذَلِكَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
[ ص: 249 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ قَالَ
ابْنُ عَرَفَةَ : الْجَوَابِيُّ جَمْعُ الْجَابِيَةِ ، وَهِيَ حَفِيرَةٌ كَالْحَوْضِ . وَقَالَ : كَحِيَاضِ الْإِبِلِ . وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ
مَالِكٍ : كَالْجَوْبَةِ مِنَ الْأَرْضِ ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ . وَكَانَ يَقْعُدُ عَلَى الْجَفْنَةِ الْوَاحِدَةِ أَلْفُ رَجُلٍ .
النَّحَّاسُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ بِالْيَاءِ ، وَمَنْ حَذَفَ الْيَاءَ قَالَ سَبِيلُ الْأَلِفِ وَاللَّامِ أَنْ تَدْخُلَ عَلَى النَّكِرَةِ فَلَا يُغَيِّرُهَا عَنْ حَالِهَا ، فَلَمَّا كَانَ يُقَالُ ( جَوَابٍ ) وَدَخَلَتِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ أُقِرَّ عَلَى حَالِهِ فَحُذِفَ الْيَاءُ . وَوَاحِدُ الْجَوَابِي جَابِيَةٌ ، وَهِيَ الْقِدْرُ الْعَظِيمَةُ ، وَالْحَوْضُ الْعَظِيمُ الْكَبِيرُ الَّذِي يُجْبَى فِيهِ الشَّيْءُ أَيْ يُجْمَعُ ; وَمِنْهُ جَبَيْتُ الْخَرَاجَ ، وَجَبَيْتُ الْجَرَادَ ; أَيْ جَعَلْتُ الْكِسَاءَ فَجَمَعْتُهُ فِيهِ . إِلَّا أَنَّ لَيْثًا رَوَى عَنْ
مُجَاهِدٍ قَالَ : الْجَوَابِيُّ جَمْعُ جَوْبَةٍ ، وَالْجَوْبَةُ الْحُفْرَةُ الْكَبِيرَةُ تَكُونُ فِي الْجَبَلِ فِيهَا مَاءُ الْمَطَرِ . وَقَالَ
الْكِسَائِيُّ : جَبَوْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ وَجَبَيْتُهُ أَيْ جَمَعْتُهُ ، وَالْجَابِيَةُ : الْحَوْضُ الَّذِي يُجْبَى فِيهِ الْمَاءُ لِلْإِبِلِ ، قَالَ :
تَرُوحُ عَلَى آلِ الْمُحَلَّقِ جَفْنَةٌ كَجَابِيَةِ الشَّيْخِ الْعِرَاقِيِّ تَفْهَقُ
وَيُرْوَى أَيْضًا :
نَفَى الذَّمَّ عَنْ آلِ الْمُحَلَّقِ جَفْنَةٌ كَجَابِيَةِ السَّيْحِ . .
ذَكَرَهُ
النَّحَّاسُ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ قَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : هِيَ قُدُورُ النُّحَاسِ تَكُونُ
بِفَارِسَ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : هِيَ قُدُورٌ تُعْمَلُ مِنَ الْجِبَالِ . غَيْرُهُ : قَدْ نُحِتَتْ مِنَ الْجِبَالِ الصُّمِّ مِمَّا عَمِلَتْ لَهُ الشَّيَاطِينُ ، أَثَافِيُّهَا مِنْهَا مَنْحُوتَةٌ هَكَذَا مِنَ الْجِبَالِ . وَمَعْنَى ( رَاسِيَاتٍ ) ثَوَابِتُ ، لَا تُحْمَلُ وَلَا تُحَرَّكُ لِعِظَمِهَا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : وَكَذَلِكَ كَانَتْ قُدُورُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ ، يُصْعَدُ إِلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِسُلَّمٍ . وَعَنْهَا عَبَّرَ
طَرَفَةُ بْنُ الْعَبْدِ بِقَوْلِهِ :
كَالْجَوَابِي لَا تَنِي مُتْرَعَةً لِقِرَى الْأَضْيَافِ أَوْ لِلْمُحْتَضِرِ
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : وَرَأَيْتُ بِرِبَاطِ
أَبِي سَعِيدٍ قُدُورَ الصُّوفِيَّةِ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ ، فَإِنَّهُمْ يَطْبُخُونَ جَمِيعًا وَيَأْكُلُونَ جَمِيعًا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْثَارِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى أَحَدٍ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ قَدْ مَضَى مَعْنَى الشُّكْرِ فِي ( الْبَقَرَةِ ) وَغَيْرِهَا . وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ثُمَّ قَالَ : ( ثَلَاثٌ مَنْ أُوتِيَهُنَّ
[ ص: 250 ] فَقَدْ أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ آلُ
دَاوُدَ ) قَالَ فَقُلْنَا : مَا هُنَّ ؟ . فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864706الْعَدْلُ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ . وَالْقَصْدُ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى . وَخَشْيَةُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ . خَرَّجَهُ
التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16572عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ . وَرُوِيَ
أَنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ : ( يَا رَبِّ كَيْفَ أُطِيقُ شُكْرَكَ عَلَى نِعَمِكَ . وَإِلْهَامِي وَقُدْرَتِي عَلَى شُكْرِكَ نِعْمَةٌ لَكَ ) فَقَالَ : ( يَا دَاوُدُ الْآنَ عَرَفْتَنِي ) . وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي سُورَةِ ( إِبْرَاهِيمَ ) . وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19606الشُّكْرَ حَقِيقَتُهُ الِاعْتِرَافُ بِالنِّعْمَةِ لِلْمُنْعِمِ وَاسْتِعْمَالُهَا فِي طَاعَتِهِ ، وَالْكُفْرَانُ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْمَعْصِيَةِ . وَقَلِيلٌ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْخَيْرَ أَقَلُّ مِنَ الشَّرِّ ، وَالطَّاعَةُ أَقَلُّ مِنَ الْمَعْصِيَةِ ، بِحَسَبِ سَابِقِ التَّقْدِيرِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : لَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا قَالَ
دَاوُدُ لِسُلَيْمَانَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ ذَكَرَ الشُّكْرَ فَاكْفِنِي صَلَاةَ النَّهَارِ أَكْفِكَ صَلَاةَ اللَّيْلِ ، قَالَ : لَا أَقْدِرُ ، قَالَ : فَاكْفِنِي - قَالَ
الْفَارَيَابِيُّ ، أُرَاهُ قَالَ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ - قَالَ نَعَمْ ، فَكَفَاهُ . وَقَالَ
الزُّهْرِيُّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا أَيْ قُولُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ . وَ ( شُكْرًا ) نُصِبَ عَلَى جِهَةِ الْمَفْعُولِ ; أَيِ اعْمَلُوا عَمَلًا هُوَ الشُّكْرُ . وَكَأَنَّ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْعِبَادَاتِ كُلَّهَا هِيَ فِي نَفْسِهَا الشُّكْرُ إِذْ سَدَّتْ مَسَدَّهُ ، وَيُبَيِّنُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=24إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ . وَقَدْ قَالَ
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14أَنِ اشْكُرْ لِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالشُّكْرِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ . وَفِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا
nindex.php?page=hadith&LINKID=832418أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَفَطَّرَ قَدَمَاهُ ; فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ؟ فَقَالَ : أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا . انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ
مُسْلِمٌ . فَظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ الشُّكْرَ بِعَمَلِ الْأَبْدَانِ دُونَ الِاقْتِصَارِ عَلَى عَمَلِ اللِّسَانِ ;
nindex.php?page=treesubj&link=19606فَالشُّكْرُ بِالْأَفْعَالِ عَمَلٌ الْأَرْكَانِ ، وَالشُّكْرُ بِالْأَقْوَالِ عَمَلُ اللِّسَانِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
nindex.php?page=treesubj&link=29005قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُخَاطَبَةً
لِآلِ دَاوُدَ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُخَاطَبَةً
لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَعَلَى كُلِّ وَجْهٍ فَفِيهِ تَنْبِيهٌ وَتَحْرِيضٌ . وَسَمِعَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَجُلًا يَقُولُ : اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الْقَلِيلِ ; فَقَالَ
عُمَرُ : مَا هَذَا الدُّعَاءُ ؟ فَقَالَ الرَّجُل : أَرَدْتُ قَوْلَهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ . فَقَالَ
عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : كُلُّ النَّاسِ أَعْلَمُ مِنْكَ يَا
عُمَرُ ! وَرُوِيَ أَنَّ
سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَأْكُلُ الشَّعِيرَ وَيُطْعِمُ
[ ص: 251 ] أَهْلَهُ الْخُشْكَارَ وَيُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ الدَّرْمَكَ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ الرَّمَادَ وَيَتَوَسَّدُهُ ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ، إِذِ الرَّمَادُ لَيْسَ بِقُوتٍ . وَرُوِيَ أَنَّهُ مَا شَبِعَ قَطُّ ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ : أَخَافُ إِنْ شَبِعْتُ أَنْ أَنْسَى الْجِيَاعَ . وَهَذَا مِنَ الشُّكْرِ وَمِنَ الْقَلِيلِ ، فَتَأَمَّلْهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .