( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم . nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم ( 1 ) )
قد اختلف المفسرون في الحروف المقطعة التي في أوائل السور ، فمنهم من قال : هي مما استأثر الله بعلمه ، فردوا علمها إلى الله ، ولم يفسروها [ حكاه
القرطبي في تفسيره عن
أبي بكر وعمر وعثمان وعلي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود - رضي الله عنهم - به ، وقاله
عامر الشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=14355والربيع بن خثيم ، واختاره
[ ص: 157 ] nindex.php?page=showalam&ids=13053أبو حاتم بن حبان ] .
ومنهم من فسرها ، واختلف هؤلاء في معناها ، فقال
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : إنما هي أسماء السور [ قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423العلامة أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري في تفسيره : وعليه إطباق الأكثر ، ونقله عن
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أنه نص عليه ] ، ويعتضد هذا بما ورد في الصحيحين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823366أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة : " الم السجدة " ، وهل أتى على الإنسان .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : أنه قال : " الم " ، و " حم " ، و " المص " ، و " ص " ، فواتح افتتح الله بها القرآن .
وكذا قال غيره : عن
مجاهد . وقال
مجاهد في رواية
أبي حذيفة موسى بن مسعود ، عن
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عنه ، أنه قال : " الم " ، اسم من أسماء القرآن .
وهكذا قال
قتادة ، وزيد بن أسلم ، ولعل هذا يرجع إلى معنى قول
عبد الرحمن بن زيد : أنه اسم من أسماء السور ، فإن كل سورة يطلق عليها اسم القرآن ، فإنه يبعد أن يكون " المص " اسما للقرآن كله ؛ لأن المتبادر إلى فهم سامع من يقول : قرأت " المص " ، إنما ذلك عبارة عن سورة الأعراف ، لا لمجموع القرآن . والله أعلم .
وقيل : هي اسم من أسماء الله تعالى . فقال
الشعبي : فواتح السور من أسماء الله تعالى ، وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير ، وقال
شعبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : بلغني أن
ابن عباس قال : " الم " اسم من أسماء الله الأعظم . هكذا رواه
ابن أبي حاتم من حديث
شعبة .
ورواه
ابن جرير عن
بندار ، عن ابن
مهدي ، عن
شعبة ، قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي عن " حم " و " طس " و " الم " ، فقال : قال
ابن عباس : هي اسم الله الأعظم .
وقال
ابن جرير : وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، حدثنا
أبو النعمان ، حدثنا
شعبة ، عن
إسماعيل السدي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17058مرة الهمداني قال : قال
عبد الله ، فذكر نحوه [ وحكي مثله عن
علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ] .
وقال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : هو قسم أقسم الله به ، وهو من أسماء الله تعالى .
وروى
ابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
خالد الحذاء ، عن
عكرمة أنه قال : " الم " ، قسم .
ورويا - أيضا - من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16101شريك بن عبد الله ، عن
عطاء بن السائب ، عن
أبي الضحى ، عن
ابن عباس : " الم " ، قال : أنا الله أعلم .
وكذا قال
سعيد بن جبير ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي عن
أبي مالك ، وعن
أبي صالح ، عن
ابن عباس - وعن
[ ص: 158 ] nindex.php?page=showalam&ids=17058مرة الهمداني عن
ابن مسعود . وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : " الم " . قال : أما " الم " فهي حروف استفتحت من حروف هجاء أسماء الله تعالى .
وقال
أبو جعفر الرازي ، عن
الربيع بن أنس ، عن
أبي العالية في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم ) قال : هذه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفا دارت فيها الألسن كلها ، ليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه ، وليس منها حرف إلا وهو من آلائه وبلائه ، وليس منها حرف إلا وهو في مدة أقوام وآجالهم . قال
عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، وعجب ، فقال : وأعجب أنهم ينطقون بأسمائه ويعيشون في رزقه ، فكيف يكفرون به ؛ فالألف مفتاح اسم الله ، واللام مفتاح اسمه " لطيف " والميم مفتاح اسمه " مجيد " فالألف آلاء الله ، واللام لطف الله ، والميم مجد الله ، والألف سنة ، واللام ثلاثون سنة ، والميم أربعون [ سنة ] . هذا لفظ
ابن أبي حاتم . ونحوه رواه
ابن جرير ، ثم شرع يوجه كل واحد من هذه الأقوال ويوفق بينها ، وأنه لا منافاة بين كل واحد منها وبين الآخر ، وأن الجمع ممكن ، فهي أسماء السور ، ومن أسماء الله تعالى يفتتح بها السور ، فكل حرف منها دل على اسم من أسمائه وصفة من صفاته ، كما افتتح سورا كثيرة بتحميده وتسبيحه وتعظيمه . قال : ولا مانع من دلالة الحرف منها على اسم من أسماء الله ، وعلى صفة من صفاته ، وعلى مدة وغير ذلك ، كما ذكره
الربيع بن أنس عن
أبي العالية ؛ لأن الكلمة الواحدة تطلق على معان كثيرة ، كلفظة الأمة فإنها تطلق ويراد به الدين ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22إنا وجدنا آباءنا على أمة ) [ الزخرف : 22 ، 23 ] . وتطلق ويراد بها الرجل المطيع لله ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=120إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ) [ النحل : 120 ] وتطلق ويراد بها الجماعة ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=23وجد عليه أمة من الناس يسقون ) [ القصص : 23 ] ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ) [ النحل : 36 ] وتطلق ويراد بها الحين من الدهر كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=45وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة ) [ يوسف : 45 ] أي : بعد حين على أصح القولين ، قال : فكذلك هذا .
هذا حاصل كلامه موجها ، ولكن هذا ليس كما ذكره
أبو العالية ، فإن
أبا العالية زعم أن الحرف دل على هذا ، وعلى هذا ، وعلى هذا معا ، ولفظة الأمة وما أشبهها من الألفاظ المشتركة في الاصطلاح ، إنما دل في القرآن في كل موطن على معنى واحد دل عليه سياق الكلام ، فأما حمله على مجموع محامله إذا أمكن فمسألة مختلف فيها بين علماء الأصول ، ليس هذا موضع البحث فيها ، والله أعلم ؛ ثم إن لفظ الأمة تدل على كل معانيه في سياق الكلام بدلالة الوضع ، فأما دلالة الحرف الواحد على اسم يمكن أن يدل على اسم آخر من غير أن يكون أحدهما أولى من الآخر في التقدير أو الإضمار بوضع ولا بغيره ، فهذا مما لا يفهم إلا بتوقيف ، والمسألة مختلف فيها ، وليس فيها إجماع حتى يحكم به .
[ ص: 159 ]
وما أنشدوه من الشواهد على صحة إطلاق الحرف الواحد على بقية الكلمة ، فإن في السياق ما يدل على ما حذف بخلاف هذا ، كما قال الشاعر :
قلنا قفي لنا فقالت قاف لا تحسبينا قد نسينا الإيجاف
تعني : وقفت . وقال الآخر :
ما للظليم عال كيف لا يا ينقد عنه جلده إذا يا
قال
ابن جرير : كأنه أراد أن يقول : إذا يفعل كذا وكذا ، فاكتفى بالياء من يفعل ، وقال الآخر :
بالخير خيرات وإن شرا فا ولا أريد الشر إلا أن تا
يقول : وإن شرا فشر ، ولا أريد الشر إلا أن تشاء ، فاكتفى بالفاء والتاء من الكلمتين عن بقيتهما ، ولكن هذا ظاهر من سياق الكلام ، والله أعلم .
[ قال
القرطبي : وفي الحديث : من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة الحديث . قال
شقيق : هو أن يقول في اقتل : إق ] .
وقال
خصيف ، عن
مجاهد ، أنه قال : فواتح السور كلها " ق " و " ص " و " حم " و " طسم " و " الر " وغير ذلك هجاء موضوع . وقال بعض أهل العربية : هي حروف من حروف المعجم ، استغني بذكر ما ذكر منها في أوائل السور عن ذكر بواقيها ، التي هي تتمة الثمانية والعشرين حرفا ، كما يقول القائل : ابني يكتب في : ا ب ت ث ، أي : في حروف المعجم الثمانية والعشرين فيستغنى بذكر بعضها عن مجموعها . حكاه
ابن جرير .
قلت : مجموع الحروف المذكورة في أوائل السور بحذف المكرر منها أربعة عشر حرفا ، وهي : ا ل م ص ر ك ي ع ط س ح ق ن ، يجمعها قولك : نص حكيم قاطع له سر . وهي نصف الحروف عددا ، والمذكور منها أشرف من المتروك ، وبيان ذلك من صناعة التصريف .
[ قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وهذه الحروف الأربعة عشر مشتملة على أنصاف أجناس الحروف يعني من المهموسة والمجهورة ، ومن الرخوة والشديدة ، ومن المطبقة والمفتوحة ، ومن المستعلية والمنخفضة ومن حروف القلقلة . وقد سردها مفصلة ثم قال : فسبحان الذي دقت في كل شيء حكمته ، وهذه الأجناس المعدودة ثلاثون بالمذكورة منها ، وقد علمت أن معظم الشيء وجله ينزل منزلة كله ] .
[ ص: 160 ]
ومن هاهنا لحظ بعضهم في هذا المقام كلاما ، فقال : لا شك أن هذه الحروف لم ينزلها سبحانه وتعالى عبثا ولا سدى ؛ ومن قال من الجهلة : إنه في القرآن ما هو تعبد لا معنى له بالكلية ، فقد أخطأ خطأ كبيرا ، فتعين أن لها معنى في نفس الأمر ، فإن صح لنا فيها عن المعصوم شيء قلنا به ، وإلا وقفنا حيث وقفنا ، وقلنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7آمنا به كل من عند ربنا ) [ آل عمران : 7 ] .
ولم يجمع العلماء فيها على شيء معين ، وإنما اختلفوا ، فمن ظهر له بعض الأقوال بدليل فعليه اتباعه ، وإلا فالوقف حتى يتبين . هذا مقام .
المقام الآخر في
nindex.php?page=treesubj&link=28899الحكمة التي اقتضت إيراد هذه الحروف في أوائل السور ، ما هي ؟ مع قطع النظر عن معانيها في أنفسها . فقال بعضهم : إنما ذكرت لنعرف بها أوائل السور . حكاه
ابن جرير ، وهذا ضعيف ؛ لأن الفصل حاصل بدونها فيما لم تذكر فيه ، وفيما ذكرت فيه بالبسملة تلاوة وكتابة .
وقال آخرون : بل ابتدئ بها لتفتح لاستماعها أسماع المشركين - إذ تواصوا بالإعراض عن القرآن - حتى إذا استمعوا له تلي عليهم المؤلف منه . حكاه
ابن جرير - أيضا - ، وهو ضعيف أيضا ؛ لأنه لو كان كذلك لكان ذلك في جميع السور لا يكون في بعضها ، بل غالبها ليس كذلك ، ولو كان كذلك - أيضا - لانبغى الابتداء بها في أوائل الكلام معهم ، سواء كان افتتاح سورة أو غير ذلك . ثم إن هذه السورة والتي تليها أعني البقرة وآل عمران مدنيتان ليستا خطابا للمشركين ، فانتقض ما ذكروه بهذه الوجوه .
وقال آخرون : بل إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بيانا لإعجاز القرآن ، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله ، هذا مع أنه [ تركب ] من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها .
ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وعظمته ، وهذا معلوم بالاستقراء ، وهو الواقع في تسع وعشرين سورة ، ولهذا يقول تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذلك الكتاب لا ريب فيه ) [ البقرة : 1 ، 2 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=2الله لا إله إلا هو الحي القيوم nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=3نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه ) [ آل عمران : 1 - 3 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=1المص nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=2كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه ) [ الأعراف : 1 ، 2 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم ) [ إبراهيم : 1 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=2تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ) [ السجدة : 1 ، 2 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=2تنزيل من الرحمن الرحيم ) [ فصلت : 1 ، 2 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=2عسق nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=3كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم ) [ الشورى : 1 - 3 ] ، وغير ذلك من الآيات الدالة على صحة ما ذهب إليه هؤلاء لمن أمعن النظر ، والله أعلم .
[ ص: 161 ]
وأما من زعم أنها دالة على معرفة المدد ، وأنه يستخرج من ذلك أوقات الحوادث والفتن والملاحم ، فقد ادعى ما ليس له ، وطار في غير مطاره ، وقد ورد في ذلك حديث ضعيف ، وهو مع ذلك أدل على بطلان هذا المسلك من التمسك به على صحته . وهو ما رواه
محمد بن إسحاق بن يسار ، صاحب المغازي ، حدثني
الكلبي ، عن
أبي صالح ، عن
ابن عباس ، عن
جابر بن عبد الله بن رئاب ، قال : مر
أبو ياسر بن أخطب ، في رجال من
يهود ، برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يتلو فاتحة سورة البقرة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذلك الكتاب لا ريب فيه ) [
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هدى للمتقين ) [ البقرة : 1 ، 2 ] فأتى أخاه
حيي بن أخطب في رجال من
اليهود ، فقال : تعلمون - والله - لقد سمعت محمدا يتلو فيما أنزل الله عليه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذلك الكتاب لا ريب فيه ) فقال : أنت سمعته ؟ قال : نعم . قال : فمشى
حيي بن أخطب في أولئك النفر من
اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقالوا : يا
محمد ، ألم يذكر أنك تتلو فيما أنزل الله عليك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذلك الكتاب لا [ ريب ] ) ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بلى . فقالوا : جاءك بهذا
جبريل من عند الله ؟ فقال : نعم . قالوا : لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلمه بين لنبي منهم ما مدة ملكه وما أجل أمته غيرك . فقام
حيي بن أخطب ، وأقبل على من كان معه ، فقال لهم : الألف واحدة ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، فهذه إحدى وسبعون سنة ، أفتدخلون في دين نبي ، إنما مدة ملكه وأجل أمته إحدى وسبعون سنة ؟ ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا
محمد ، هل مع هذا غيره ؟ فقال : نعم ، قال : ما ذاك ؟ قال : " المص " ، قال : هذا أثقل وأطول ، الألف واحدة ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، والصاد سبعون ، فهذه إحدى وثلاثون ومائة سنة . هل مع هذا يا
محمد غيره ؟ قال : نعم قال : ما ذاك ؟ قال : " الر " . قال : هذا أثقل وأطول ، الألف واحدة ، واللام ثلاثون ، والراء مائتان . فهذه إحدى وثلاثون ومائتا سنة . فهل مع هذا يا
محمد غيره ؟ قال : نعم ، قال : ماذا ؟ قال : " المر " . قال : فهذه أثقل وأطول ، الألف واحدة ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، والراء مائتان ، فهذه إحدى وسبعون ومائتان ، ثم قال : لقد لبس علينا أمرك يا
محمد ، حتى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرا . ثم قال : قوموا عنه . ثم قال
أبو ياسر لأخيه
حيي بن أخطب ، ولمن معه من الأحبار : ما يدريكم ؟ لعله قد جمع هذا
لمحمد كله إحدى وسبعون وإحدى وثلاثون ومائة وإحدى وثلاثون ومائتان وإحدى وسبعون ومائتان ، فذلك سبعمائة وأربع سنين . فقالوا : لقد تشابه علينا أمره ، فيزعمون أن هؤلاء الآيات نزلت فيهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ) [ آل عمران : 7 ] .
[ ص: 162 ]
فهذا مداره على
محمد بن السائب الكلبي ، وهو ممن لا يحتج بما انفرد به ، ثم كان مقتضى هذا المسلك إن كان صحيحا أن يحسب ما لكل حرف من الحروف الأربعة عشر التي ذكرناها ، وذلك يبلغ منه جملة كثيرة ، وإن حسبت مع التكرر فأتم وأعظم والله أعلم .
( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم ( 1 ) )
قَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ الَّتِي فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : هِيَ مِمَّا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ ، فَرَدُّوا عِلْمَهَا إِلَى اللَّهِ ، وَلَمْ يُفَسِّرُوهَا [ حَكَاهُ
الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِهِ ، وَقَالَهُ
عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16004وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14355وَالرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ ، وَاخْتَارَهُ
[ ص: 157 ] nindex.php?page=showalam&ids=13053أَبُو حَاتِمِ بْنِ حِبَّانَ ] .
وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهَا ، وَاخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فِي مَعْنَاهَا ، فَقَالَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ : إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ السُّوَرِ [ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الْعَلَّامَةُ أَبُو الْقَاسِمِ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ : وَعَلَيْهِ إِطْبَاقُ الْأَكْثَرِ ، وَنَقَلَهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ ] ، وَيَعْتَضِدُ هَذَا بِمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823366أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ : " الم السَّجْدَةِ " ، وَهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ : أَنَّهُ قَالَ : " الم " ، وَ " حم " ، وَ " المص " ، وَ " ص " ، فَوَاتِحُ افْتَتَحَ اللَّهُ بِهَا الْقُرْآنَ .
وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ : عَنْ
مُجَاهِدٍ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ فِي رِوَايَةِ
أَبِي حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ
شِبْلٍ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْهُ ، أَنَّهُ قَالَ : " الم " ، اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْقُرْآنِ .
وَهَكَذَا قَالَ
قَتَادَةُ ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ ، وَلَعَلَّ هَذَا يَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى قَوْلِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ : أَنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ السُّوَرِ ، فَإِنَّ كُلَّ سُورَةٍ يُطْلَقُ عَلَيْهَا اسْمُ الْقُرْآنِ ، فَإِنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ " المص " اسْمًا لِلْقُرْآنِ كُلِّهِ ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ إِلَى فَهْمِ سَامِعِ مَنْ يَقُولُ : قَرَأْتُ " المص " ، إِنَّمَا ذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنْ سُورَةِ الْأَعْرَافِ ، لَا لِمَجْمُوعِ الْقُرْآنِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقِيلَ : هِيَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى . فَقَالَ
الشَّعْبِيُّ : فَوَاتِحُ السُّوَرِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَكَذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15959سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّيُّ الْكَبِيرُ ، وَقَالَ
شُعْبَةُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : بَلَغَنِي أَنَّ
ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ : " الم " اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ . هَكَذَا رَوَاهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ
شُعْبَةَ .
وَرَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ
بُنْدَارٍ ، عَنِ ابْنِ
مَهْدِيٍّ ، عَنْ
شُعْبَةَ ، قَالَ : سَأَلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيَّ عَنْ " حم " وَ " طس " وَ " الم " ، فَقَالَ : قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : هِيَ اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ .
وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12166مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا
أَبُو النُّعْمَانِ ، حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ ، عَنْ
إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17058مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ قَالَ : قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ [ وَحُكِيَ مِثْلُهُ عَنْ
عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ ] .
وَقَالَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : هُوَ قَسَمٌ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ ، وَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى .
وَرَوَى
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابْنِ عُلَيَّةَ ، عَنْ
خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ : " الم " ، قَسَمٌ .
وَرَوَيَا - أَيْضًا - مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16101شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ
عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ
أَبِي الضُّحَى ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : " الم " ، قَالَ : أَنَا اللَّهُ أَعْلَمُ .
وَكَذَا قَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ عَنْ
أَبِي مَالِكٍ ، وَعَنْ
أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ - وَعَنْ
[ ص: 158 ] nindex.php?page=showalam&ids=17058مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ . وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الم " . قَالَ : أَمَّا " الم " فَهِيَ حُرُوفٌ اسْتُفْتِحَتْ مِنْ حُرُوفِ هِجَاءِ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى .
وَقَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ ، عَنِ
الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم ) قَالَ : هَذِهِ الْأَحْرُفُ الثَّلَاثَةُ مِنَ التِّسْعَةِ وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا دَارَتْ فِيهَا الْأَلْسُنُ كُلُّهَا ، لَيْسَ مِنْهَا حَرْفٌ إِلَّا وَهُوَ مِفْتَاحُ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ ، وَلَيْسَ مِنْهَا حَرْفٌ إِلَّا وَهُوَ مِنْ آلَائِهِ وَبَلَائِهِ ، وَلَيْسَ مِنْهَا حَرْفٌ إِلَّا وَهُوَ فِي مُدَّةِ أَقْوَامٍ وَآجَالِهِمْ . قَالَ
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَعَجِبَ ، فَقَالَ : وَأَعْجَبُ أَنَّهُمْ يَنْطِقُونَ بِأَسْمَائِهِ وَيَعِيشُونَ فِي رِزْقِهِ ، فَكَيْفَ يَكْفُرُونَ بِهِ ؛ فَالْأَلِفُ مِفْتَاحُ اسْمِ اللَّهِ ، وَاللَّامُ مِفْتَاحُ اسْمِهِ " لَطِيفٍ " وَالْمِيمُ مِفْتَاحُ اسْمِهِ " مَجِيدٍ " فَالْأَلِفُ آلَاءُ اللَّهِ ، وَاللَّامُ لُطْفُ اللَّهِ ، وَالْمِيمُ مَجْدُ اللَّهِ ، وَالْأَلِفُ سَنَةٌ ، وَاللَّامُ ثَلَاثُونَ سَنَةً ، وَالْمِيمُ أَرْبَعُونَ [ سَنَةً ] . هَذَا لَفْظُ
ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ . وَنَحْوُهُ رَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ ، ثُمَّ شَرَعَ يُوَجِّهُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَيُوَفِّقُ بَيْنَهَا ، وَأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَبَيْنَ الْآخَرِ ، وَأَنَّ الْجَمْعَ مُمْكِنٌ ، فَهِيَ أَسْمَاءُ السُّوَرِ ، وَمِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى يُفْتَتَحُ بِهَا السُّوَرُ ، فَكُلُّ حَرْفٍ مِنْهَا دَلَّ عَلَى اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ ، كَمَا افْتَتَحَ سُوَرًا كَثِيرَةً بِتَحْمِيدِهِ وَتَسْبِيحِهِ وَتَعْظِيمِهِ . قَالَ : وَلَا مَانِعَ مِنْ دَلَالَةِ الْحَرْفِ مِنْهَا عَلَى اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ ، وَعَلَى صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ ، وَعَلَى مُدَّةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، كَمَا ذَكَرَهُ
الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ ؛ لِأَنَّ الْكَلِمَةَ الْوَاحِدَةَ تُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ ، كَلَفْظَةِ الْأُمَّةِ فَإِنَّهَا تُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الدِّينُ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ ) [ الزُّخْرُفِ : 22 ، 23 ] . وَتُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا الرَّجُلُ الْمُطِيعُ لِلَّهِ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=120إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) [ النَّحْلِ : 120 ] وَتُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا الْجَمَاعَةُ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=23وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ ) [ الْقَصَصِ : 23 ] ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا ) [ النَّحْلِ : 36 ] وَتُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا الْحِينُ مِنَ الدَّهْرِ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=45وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ) [ يُوسُفَ : 45 ] أَيْ : بَعْدَ حِينٍ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ ، قَالَ : فَكَذَلِكَ هَذَا .
هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ مُوَجَّهًا ، وَلَكِنَّ هَذَا لَيْسَ كَمَا ذَكَرَهُ
أَبُو الْعَالِيَةِ ، فَإِنَّ
أَبَا الْعَالِيَةِ زَعَمَ أَنَّ الْحَرْفَ دَلَّ عَلَى هَذَا ، وَعَلَى هَذَا ، وَعَلَى هَذَا مَعًا ، وَلَفْظَةُ الْأُمَّةِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي الِاصْطِلَاحِ ، إِنَّمَا دَلَّ فِي الْقُرْآنِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ ، فَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى مَجْمُوعِ مَحَامِلِهِ إِذَا أَمْكَنَ فَمَسْأَلَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَ عُلَمَاءِ الْأُصُولِ ، لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ الْبَحْثِ فِيهَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ؛ ثُمَّ إِنْ لَفْظَ الْأُمَّةِ تَدُلُّ عَلَى كُلِّ مَعَانِيهِ فِي سِيَاقِ الْكَلَامِ بِدَلَالَةِ الْوَضْعِ ، فَأَمَّا دَلَالَةُ الْحَرْفِ الْوَاحِدِ عَلَى اسْمٍ يُمْكِنُ أَنْ يَدُلَّ عَلَى اسْمٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فِي التَّقْدِيرِ أَوِ الْإِضْمَارِ بِوَضْعٍ وَلَا بِغَيْرِهِ ، فَهَذَا مِمَّا لَا يُفْهَمُ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ ، وَالْمَسْأَلَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا ، وَلَيْسَ فِيهَا إِجْمَاعٌ حَتَّى يُحْكُمَ بِهِ .
[ ص: 159 ]
وَمَا أَنْشَدُوهُ مِنَ الشَّوَاهِدِ عَلَى صِحَّةِ إِطْلَاقِ الْحَرْفِ الْوَاحِدِ عَلَى بَقِيَّةِ الْكَلِمَةِ ، فَإِنَّ فِي السِّيَاقِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا حُذِفَ بِخِلَافِ هَذَا ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
قُلْنَا قِفِي لَنَا فَقَالَتْ قَافَ لَا تَحْسَبِينَا قَدْ نَسِينَا الْإِيجَافَ
تَعْنِي : وَقَفْتُ . وَقَالَ الْآخَرُ :
مَا لِلظَّلِيمِ عَالَ كَيْفَ لَا يَا يَنْقَدُّ عَنْهُ جِلْدُهُ إِذَا يَا
قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ : إِذَا يَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا ، فَاكْتَفَى بِالْيَاءِ مِنْ يَفْعَلُ ، وَقَالَ الْآخَرُ :
بِالْخَيْرِ خَيْرَاتٌ وَإِنْ شَرًّا فَا وَلَا أُرِيدُ الشَّرَّ إِلَّا أَنْ تَا
يَقُولُ : وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ ، وَلَا أُرِيدُ الشَّرَّ إِلَّا أَنْ تَشَاءَ ، فَاكْتَفَى بِالْفَاءِ وَالتَّاءِ مِنَ الْكَلِمَتَيْنِ عَنْ بَقِيَّتِهِمَا ، وَلَكِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
[ قَالَ
الْقُرْطُبِيُّ : وَفِي الْحَدِيثِ : مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ الْحَدِيثَ . قَالَ
شَقِيقٌ : هُوَ أَنْ يَقُولَ فِي اقْتُلْ : إِقْ ] .
وَقَالَ
خَصِيفٌ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، أَنَّهُ قَالَ : فَوَاتِحُ السُّوَرِ كُلُّهَا " ق " وَ " ص " وَ " حم " وَ " طسم " وَ " الر " وَغَيْرُ ذَلِكَ هِجَاءٌ مَوْضُوعٌ . وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ : هِيَ حُرُوفٌ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ ، اسْتُغْنِيَ بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهَا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ عَنْ ذِكْرِ بِوَاقِيهَا ، الَّتِي هِيَ تَتِمَّةُ الثَّمَانِيَةُ وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا ، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ : ابْنِي يَكْتُبُ فِي : ا ب ت ث ، أَيْ : فِي حُرُوفِ الْمُعْجَمِ الثَّمَانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ فَيُسْتَغْنَى بِذِكْرِ بَعْضِهَا عَنْ مَجْمُوعِهَا . حَكَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ .
قُلْتُ : مَجْمُوعُ الْحُرُوفِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ بِحَذْفِ الْمُكَرَّرِ مِنْهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَرْفًا ، وَهِيَ : ا ل م ص ر ك ي ع ط س ح ق ن ، يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ : نَصٌّ حَكِيمٌ قَاطِعٌ لَهُ سِرٌّ . وَهِيَ نِصْفُ الْحُرُوفِ عَدَدًا ، وَالْمَذْكُورُ مِنْهَا أَشْرَفُ مِنَ الْمَتْرُوكِ ، وَبَيَانُ ذَلِكَ مِنْ صِنَاعَةِ التَّصْرِيفِ .
[ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَهَذِهِ الْحُرُوفُ الْأَرْبَعَةُ عَشَرَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أَنْصَافِ أَجْنَاسِ الْحُرُوفِ يَعْنِي مِنَ الْمَهْمُوسَةِ وَالْمَجْهُورَةِ ، وَمِنَ الرِّخْوَةِ وَالشَّدِيدَةِ ، وَمِنَ الْمُطْبَقَةِ وَالْمَفْتُوحَةِ ، وَمِنَ الْمُسْتَعْلِيَةِ وَالْمُنْخَفِضَةِ وَمِنْ حُرُوفِ الْقَلْقَلَةِ . وَقَدْ سَرَدَهَا مُفَصَّلَةً ثُمَّ قَالَ : فَسُبْحَانَ الَّذِي دَقَّتْ فِي كُلِّ شَيْءٍ حِكْمَتُهُ ، وَهَذِهِ الْأَجْنَاسُ الْمَعْدُودَةُ ثَلَاثُونَ بِالْمَذْكُورَةِ مِنْهَا ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ مُعْظَمَ الشَّيْءِ وَجُلَّهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ كُلِّهِ ] .
[ ص: 160 ]
وَمِنْ هَاهُنَا لَحَظَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ كَلَامًا ، فَقَالَ : لَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الْحُرُوفَ لَمْ يُنْزِلْهَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَبَثًا وَلَا سُدًى ؛ وَمَنْ قَالَ مِنَ الْجَهَلَةِ : إِنَّهُ فِي الْقُرْآنِ مَا هُوَ تَعَبُّدٌ لَا مَعْنًى لَهُ بِالْكُلِّيَّةِ ، فَقَدْ أَخْطَأَ خَطَأً كَبِيرًا ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ لَهَا مَعْنًى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، فَإِنْ صَحَّ لَنَا فِيهَا عَنِ الْمَعْصُومِ شَيْءٌ قُلْنَا بِهِ ، وَإِلَّا وَقَفْنَا حَيْثُ وَقَفْنَا ، وَقُلْنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ) [ آلِ عِمْرَانَ : 7 ] .
وَلَمْ يُجْمِعِ الْعُلَمَاءُ فِيهَا عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا ، فَمَنْ ظَهَرَ لَهُ بَعْضُ الْأَقْوَالِ بِدَلِيلٍ فَعَلَيْهِ اتِّبَاعُهُ ، وَإِلَّا فَالْوَقْفُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ . هَذَا مَقَامٌ .
الْمَقَامُ الْآخَرُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28899الْحِكْمَةِ الَّتِي اقْتَضَتْ إِيرَادَ هَذِهِ الْحُرُوفِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ ، مَا هِيَ ؟ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مَعَانِيهَا فِي أَنْفُسِهَا . فَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّمَا ذُكِرَتْ لِنَعْرِفَ بِهَا أَوَائِلَ السُّوَرِ . حَكَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّ الْفَصْلَ حَاصِلٌ بِدُونِهَا فِيمَا لَمْ تُذْكَرْ فِيهِ ، وَفِيمَا ذُكِرَتْ فِيهِ بِالْبَسْمَلَةِ تِلَاوَةً وَكِتَابَةً .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلِ ابْتُدِئَ بِهَا لِتُفْتَحَ لِاسْتِمَاعِهَا أَسْمَاعُ الْمُشْرِكِينَ - إِذْ تَوَاصَوْا بِالْإِعْرَاضِ عَنِ الْقُرْآنِ - حَتَّى إِذَا اسْتَمَعُوا لَهُ تُلِيَ عَلَيْهِمُ الْمُؤَلَّفُ مِنْهُ . حَكَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ - أَيْضًا - ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ السُّوَرِ لَا يَكُونُ فِي بَعْضِهَا ، بَلْ غَالِبُهَا لَيْسَ كَذَلِكَ ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ - أَيْضًا - لَانْبَغَى الِابْتِدَاءُ بِهَا فِي أَوَائِلِ الْكَلَامِ مَعَهُمْ ، سَوَاءٌ كَانَ افْتِتَاحَ سُورَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ . ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ وَالَّتِي تَلِيهَا أَعْنِي الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ مُدْنِيَّتَانِ لَيْسَتَا خِطَابًا لِلْمُشْرِكِينَ ، فَانْتَقَضَ مَا ذَكَرُوهُ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ إِنَّمَا ذُكِرَتْ هَذِهِ الْحُرُوفُ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِيهَا بَيَانًا لِإِعْجَازِ الْقُرْآنِ ، وَأَنَّ الْخَلْقَ عَاجِزُونَ عَنْ مُعَارَضَتِهِ بِمِثْلِهِ ، هَذَا مَعَ أَنَّهُ [ تَرَكَّبَ ] مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ الَّتِي يَتَخَاطَبُونَ بِهَا .
وَلِهَذَا كُلُّ سُورَةٍ افْتُتِحَتْ بِالْحُرُوفِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا الِانْتِصَارُ لِلْقُرْآنِ وَبَيَانُ إِعْجَازِهِ وَعَظَمَتِهِ ، وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالِاسْتِقْرَاءِ ، وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي تِسْعٍ وَعِشْرِينَ سُورَةً ، وَلِهَذَا يَقُولُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ ) [ الْبَقَرَةِ : 1 ، 2 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=2اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=3نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 1 - 3 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=1المص nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=2كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ ) [ الْأَعْرَافِ : 1 ، 2 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ) [ إِبْرَاهِيمَ : 1 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=2تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) [ السَّجْدَةِ : 1 ، 2 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=2تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) [ فُصِّلَتْ : 1 ، 2 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=2عسق nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=3كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) [ الشُّورَى : 1 - 3 ] ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ هَؤُلَاءِ لِمَنْ أَمْعَنَ النَّظَرَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
[ ص: 161 ]
وَأَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمَدَدِ ، وَأَنَّهُ يُسْتَخْرَجُ مِنْ ذَلِكَ أَوْقَاتُ الْحَوَادِثِ وَالْفِتَنِ وَالْمَلَاحِمِ ، فَقَدِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ ، وَطَارَ فِي غَيْرِ مَطَارِهِ ، وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ أَدَلُّ عَلَى بُطْلَانِ هَذَا الْمَسْلَكِ مِنَ التَّمَسُّكِ بِهِ عَلَى صِحَّتِهِ . وَهُوَ مَا رَوَاهُ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ ، صَاحِبُ الْمُغَازِي ، حَدَّثَنِي
الْكَلْبِيُّ ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِئَابٍ ، قَالَ : مَرَّ
أَبُو يَاسِرِ بْنُ أَخْطَبَ ، فِي رِجَالٍ مِنْ
يَهُودَ ، بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ يَتْلُو فَاتِحَةَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ ) [
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ) [ الْبَقَرَةِ : 1 ، 2 ] فَأَتَى أَخَاهُ
حُيَيَّ بْنَ أَخْطَبَ فِي رِجَالٍ مِنَ
الْيَهُودِ ، فَقَالَ : تَعْلَمُونَ - وَاللَّهِ - لَقَدْ سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَتْلُو فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ ) فَقَالَ : أَنْتَ سَمِعْتَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَمَشَى
حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ فِي أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنَ
الْيَهُودِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَقَالُوا : يَا
مُحَمَّدُ ، أَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّكَ تَتْلُو فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا [ رَيْبَ ] ) ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَلَى . فَقَالُوا : جَاءَكَ بِهَذَا
جِبْرِيلُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ . قَالُوا : لَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ قَبْلَكَ أَنْبِيَاءَ مَا نَعْلَمُهُ بَيَّنَ لِنَبِيٍّ مِنْهُمْ مَا مُدَّةَ مُلْكِهِ وَمَا أَجَلُ أُمَّتِهِ غَيْرَكَ . فَقَامَ
حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ ، وَأَقْبَلَ عَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ ، فَقَالَ لَهُمْ : الْأَلِفُ وَاحِدَةٌ ، وَاللَّامُ ثَلَاثُونَ ، وَالْمِيمُ أَرْبَعُونَ ، فَهَذِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ سَنَةً ، أَفَتَدْخُلُونَ فِي دِينِ نَبِيٍّ ، إِنَّمَا مُدَّةُ مُلْكِهِ وَأَجَلُ أُمَّتِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ سَنَةً ؟ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا
مُحَمَّدُ ، هَلْ مَعَ هَذَا غَيْرُهُ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : مَا ذَاكَ ؟ قَالَ : " المص " ، قَالَ : هَذَا أَثْقَلُ وَأَطْوَلُ ، الْأَلِفُ وَاحِدَةٌ ، وَاللَّامُ ثَلَاثُونَ ، وَالْمِيمُ أَرْبَعُونَ ، وَالصَّادُ سَبْعُونَ ، فَهَذِهِ إِحْدَى وَثَلَاثُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ . هَلْ مَعَ هَذَا يَا
مُحَمَّدُ غَيْرُهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : مَا ذَاكَ ؟ قَالَ : " الر " . قَالَ : هَذَا أَثْقَلُ وَأَطْوَلُ ، الْأَلِفُ وَاحِدَةٌ ، وَاللَّامُ ثَلَاثُونَ ، وَالرَّاءُ مِائَتَانِ . فَهَذِهِ إِحْدَى وَثَلَاثُونَ وَمِائَتَا سَنَةٍ . فَهَلْ مَعَ هَذَا يَا
مُحَمَّدُ غَيْرُهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : مَاذَا ؟ قَالَ : " المر " . قَالَ : فَهَذِهِ أَثْقَلُ وَأَطْوَلُ ، الْأَلِفُ وَاحِدَةٌ ، وَاللَّامُ ثَلَاثُونَ ، وَالْمِيمُ أَرْبَعُونَ ، وَالرَّاءُ مِائَتَانِ ، فَهَذِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ وَمِائَتَانِ ، ثُمَّ قَالَ : لَقَدْ لُبِّسَ عَلَيْنَا أَمْرُكَ يَا
مُحَمَّدُ ، حَتَّى مَا نَدْرِي أَقَلِيلَا أُعْطِيتَ أَمْ كَثِيرًا . ثُمَّ قَالَ : قُومُوا عَنْهُ . ثُمَّ قَالَ
أَبُو يَاسِرٍ لِأَخِيهِ
حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ ، وَلِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْأَحْبَارِ : مَا يُدْرِيكُمْ ؟ لَعَلَّهُ قَدْ جُمِعَ هَذَا
لِمُحَمَّدٍ كُلُّهُ إِحْدَى وَسَبْعُونَ وَإِحْدَى وَثَلَاثُونَ وَمِائَةٌ وَإِحْدَى وَثَلَاثُونَ وَمِائَتَانِ وَإِحْدَى وَسَبْعُونَ وَمِائَتَانِ ، فَذَلِكَ سَبْعُمِائَةٍ وَأَرْبَعُ سِنِينَ . فَقَالُوا : لَقَدْ تَشَابَهَ عَلَيْنَا أَمْرُهُ ، فَيَزْعُمُونَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ نَزَلَتْ فِيهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 7 ] .
[ ص: 162 ]
فَهَذَا مَدَارُهُ عَلَى
مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيِّ ، وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُحْتَجُّ بِمَا انْفَرَدَ بِهِ ، ثُمَّ كَانَ مُقْتَضَى هَذَا الْمَسْلَكِ إِنْ كَانَ صَحِيحًا أَنْ يُحْسَبَ مَا لِكُلِّ حَرْفٍ مِنَ الْحُرُوفِ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا ، وَذَلِكَ يَبْلُغُ مِنْهُ جُمْلَةً كَثِيرَةً ، وَإِنْ حُسِبَتْ مَعَ التَّكَرُّرِ فَأَتَمُّ وَأَعْظَمُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .