الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      1629 حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا مسكين حدثنا محمد بن المهاجر عن ربيعة بن يزيد عن أبي كبشة السلولي حدثنا سهل ابن الحنظلية قال قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن والأقرع بن حابس فسألاه فأمر لهما بما سألا وأمر معاوية فكتب لهما بما سألا فأما الأقرع فأخذ كتابه فلفه في عمامته وانطلق وأما عيينة فأخذ كتابه وأتى النبي صلى الله عليه وسلم مكانه فقال يا محمد أتراني حاملا إلى قومي كتابا لا أدري ما فيه كصحيفة المتلمس فأخبر معاوية بقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من النار وقال النفيلي في موضع آخر من جمر جهنم فقالوا يا رسول الله وما يغنيه وقال النفيلي في موضع آخر وما الغنى الذي لا تنبغي معه المسألة قال قدر ما يغديه ويعشيه وقال النفيلي في موضع آخر أن يكون له شبع يوم وليلة أو ليلة ويوم وكان حدثنا به مختصرا على هذه الألفاظ التي ذكرت

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( سهل ابن الحنظلية ) : هو سهل بن الربيع والحنظلية أمه وقيل أم جده ، وكان ممن بايع تحت الشجرة ، وسكن دمشق ومات بها ( كصحيفة المتلمس ) : لها قصة مشهورة عند العرب وهو المتلمس الشاعر وكان هجا عمرو بن هند الملك ، فكتب له كتابا إلى عامله يوهمه أنه أمر له فيه عطية ، وقد كان كتب إليه أن يقتله فارتاب المتلمس ففكه وقرأه فلما علم ما فيه رمى به ونجا ، فضربت العرب مثلا بصحيفته ( من سأل وعنده ما يغنيه ) : أي من السؤال وهو قوته في الحال ( فإنما يستكثر من النار ) : يعني جمع أموال الناس بالسؤال من غير ضرورة فكأنه جمع لنفسه نار جهنم ( قال النفيلي ) : بضم النون وفتح الفاء وهو عبد الله بن محمد منسوب إلى نفيل أحد آبائه . والحاصل أن عبد الله النفيلي حدث أبا داود بهذا الحديث مرتين ، فمرة قال : من سأل وعنده ما يغنيه ، فإنما يستكثر من النار ، فقالوا : يا رسول الله [ ص: 28 ] وما يغنيه ؟ قال : قدر ما يغديه ويعشيه ، ومرة قال النفيلي : من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم ، فقالوا : يا رسول الله وما الغنى الذي لا ينبغي معه المسألة ؟ قال قدر أن يكون له شبع يوم وليلة أو ليلة ويوم ( معه المسألة قال ) : أي النبي - صلى الله عليه وسلم - ( قدر ما يغديه ويعشيه ) : أي قدر كفايتهما بمال أو كسب لم يمنعه عن علم أو حال . والتغدية إطعام طعام الغدوة ، والتعشية إطعام طعام العشاء . قال الطيبي : يعني من كان له قوت هذين الوقتين لا يجوز أن يسأل في ذلك اليوم صدقة التطوع ، وأما في الزكاة المفروضة فيجوز للمستحق أن يسألها بقدر ما يتم به نفقة سنة له ولعياله وكسوتهما ؛ لأن تفريقها في السنة مرة واحدة ( أن يكون له شبع يوم ) : بكسر الشين وسكون الموحدة وفتحها وهو الأكثر أي ما يشبعه من الطعام أول يومه وآخره . قال ابن الملك : بسكون الباء ما يشبع ، وبفتح الباء المصدر . قال الخطابي : فقد اختلف الناس في تأويله ، فقال بعضهم : من وجد غداء يومه وعشاءه لم تحل له المسألة على ظاهر الحديث . وقال بعضهم : إنما هو فيمن وجد غداء وعشاء على دائم الأوقات ، فإذا كان ما يكفيه لقوته المدة الطويلة فقد حرمت عليه المسألة . وقال آخرون : هذا منسوخ بالأحاديث الأخر التي تقدم ذكرها . ( كان حدثنا ) : النفيلي ( به ) : أي بهذا الحديث ( مختصرا على هذه الألفاظ التي ذكرت ) : بصيغة المتكلم المعروف أو الغائب المجهول . وأما الإمام أحمد فروى في مسنده من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن ربيعة بن يزيد عن أبي كبشة السلولي عن سهل بهذا الحديث ، وفيه فأخبر معاوية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقولهما : وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجة ، فمر ببعير مناخ على باب المسجد من أول النهار ، ثم مر به آخر النهار ، وهو على حاله ، فقال : أين صاحب هذا البعير ؟ فابتغي فلم يوجد فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اتقوا الله في هذه البهائم ثم اركبوها صحاحا ، واركبوها سمانا ، إنه من سأل وعنده ما يغنيه ، فإنما يستكثر من نار جهنم ، قالوا : يا رسول الله وما يغنيه ؟ قال ما يغديه أو يعشيه . أخرجه أحمد في مسند الشاميين .




                                                                      الخدمات العلمية