الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      1864 حدثنا النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحق عن عمرو بن ميمون قال سمعت أبا حاضر الحميري يحدث أبي ميمون بن مهران قال خرجت معتمرا عام حاصر أهل الشام ابن الزبير بمكة وبعث معي رجال من قومي بهدي فلما انتهينا إلى أهل الشام منعونا أن ندخل الحرم فنحرت الهدي مكاني ثم أحللت ثم رجعت فلما كان من العام المقبل خرجت لأقضي عمرتي فأتيت ابن عباس فسألته فقال أبدل الهدي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يبدلوا الهدي الذي نحروا عام الحديبية في عمرة القضاء [ ص: 247 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 247 ] ( أبي ميمون بن مهران ) : بدل من لفظ أبي ( أهل الشام ) : يعني الحجاج ( وبعث ) : أي أرسل ( مكاني ) : الذي كنت فيه . قال الخطابي : أما من لا يرى عليه القضاء في غير الفرض ، فإنه لا يلزمه بدل الهدي ، ومن أوجبه فإنما يلزمه البدل لقوله تعالى : هديا بالغ الكعبة ومن نحر الهدي في الموضع الذي أحصر فيه وكان خارجا من الحرم فإن هديه لم يبلغ الكعبة فلزمه إبداله وإبلاغه الكعبة . وفي الحديث حجة لهذا القول ، انتهى . وقال البيهقي : وفعله - إن صح الحديث - استحب الإبدال ، وإن لم يكن واجبا ، كما استحب الإتيان بالعمرة ، ولم يكن قضاء ما أحصر عنه واجبا بالتحلل ، انتهى . ( عام الحديبية ) : قال ابن القيم : عمرة الحديبية كانت سنة ست فصده المشركون عن البيت ، فنحر البدن حيث صد بالحديبية وحلق هو وأصحابه رءوسهم وحلوا من إحرامهم ، ورجع من عامه إلى المدينة ، وعمرة القضاء ويقال لها عمرة القضية في العام المقبل دخلها ، فأقام بها ثلاثا ثم خرج بعد إكمال عمرته .

                                                                      [ ص: 248 ] واختلف هل كانت قضاء العمرة إذا أحصر عنها التي صد عنها في العام الماضي عمرة مستأنفة على قولين للعلماء ، وهما روايتان عن الإمام أحمد أحدهما أنها قضاء وهو مذهب أبي حنيفة - رحمه الله - . والثاني ليست بقضاء وهو قول مالك - رحمه الله - والذين قالوا : كانت قضاء احتجوا بأنها سميت عمرة القضاء وهذا الاسم تابع للحكم .

                                                                      وقال آخرون : القضاء هنا من المقاضاة ؛ لأنه قاضى أهل مكة عليها لا أنه من قضى يقضي قضاء ، قالوا : ولهذا سميت عمرة القضية . قالوا : والذين صدوا عن البيت كانوا ألفا وأربعمائة ، وهؤلاء كلهم لم يكونوا معه في عمرة القضية ، ولو كان قضاء لم يتخلف منهم أحد . وهذا القول أصح لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر من كان معه بالقضاء ، انتهى .

                                                                      قال المنذري : والحديث في إسناده محمد بن إسحاق .




                                                                      الخدمات العلمية