الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      1925 حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن موسى بن عقبة عن كريب مولى عبد الله بن عباس عن أسامة بن زيد أنه سمعه يقول دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل فبال فتوضأ ولم يسبغ الوضوء قلت له الصلاة فقال الصلاة أمامك فركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت العشاء فصلاها ولم يصل بينهما شيئا [ ص: 314 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 314 ] ( حتى إذا كان بالشعب ) : بكسر الشين الطريق بين الجبلين ( ولم يسبغ الوضوء ) : قال القرطبي : اختلف الشراح في قوله : ولم يسبغ هل المراد به أنه اقتصر على بعض الأعضاء ، فيكون وضوءا لغويا أو اقتصر على بعض العدد ، فيكون وضوءا شرعيا . قال : كلاهما محتمل لكن يعضد من قال بالثاني ما في الرواية الأخرى وضوءا خفيفا ؛ لأنه لا يقال في الناقص خفيف . فإن قلت : هذا يدل على أنه توضأ وضوء الصلاة ، ولكنه خفف ثم لما نزل توضأ وضوءا آخر وأسبغه والوضوء لا يشرع مرتين لصلاة واحدة ، قاله ابن عبد البر ، قال العيني : قلت لا نسلم عدم مشروعية تكرار الوضوء لصلاة واحدة ، ولئن سلمنا فيحتمل أنه توضأ ثانيا لحدث طارئ . ( ثم أناخ كل إنسان بعيره ) : قال العيني : كأنهم فعلوا ذلك خشية ما يحصل فيها من التشويش بقيامها .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي .

                                                                      ( أفضت ) : أي رجعت من عرفات إلى المزدلفة ( فما مست قدماه ) : وهذا يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينزل لحاجة بين عرفات والمزدلفة . وحديث أسامة المتقدم يعارض ذلك ، لكن يرجح حديث أسامة على حديث الشريد ; لأنه المثبت ، وكان رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو أعلم بحاله ، ولم ير الشريد نزوله - صلى الله عليه وسلم - فلذا نفاه على علمه . وقال الحافظ المزي في الأطراف : هذا الحديث في رواية أبي الحسن بن العبد وأبي بكر بن داسة عن أبي داود ولم يذكره أبو القاسم ، انتهى .



                                                                      الخدمات العلمية