الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      3692 حدثنا سليمان بن حرب ومحمد بن عبيد قالا حدثنا حماد ح و حدثنا مسدد حدثنا عباد بن عباد عن أبي جمرة قال سمعت ابن عباس يقول وقال مسدد عن ابن عباس وهذا حديث سليمان قال قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله إنا هذا الحي من ربيعة قد حال بيننا وبينك كفار مضر وليس نخلص إليك إلا في شهر حرام فمرنا بشيء نأخذ به وندعو إليه من وراءنا قال آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع الإيمان بالله وشهادة أن لا إله إلا الله وعقد بيده واحدة وقال مسدد الإيمان بالله ثم فسرها لهم شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأن تؤدوا الخمس مما غنمتم وأنهاكم عن الدباء والحنتم والمزفت والمقير وقال ابن عبيد النقير مكان المقير وقال مسدد والنقير والمقير لم يذكر المزفت قال أبو داود أبو جمرة نصر بن عمران الضبعي

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( حماد ) هو ابن زيد كما في رواية البخاري في باب وجوب الزكاة ( عن أبي جمرة ) بالجيم والراء اسمه نصر بن عمران بن عصام ، وقيل : ابن عاصم الضبعي ، فحماد وعباد بن عباد كلاهما يرويان عن أبي جمرة ( قال مسدد ) أي : في روايته ( عن ابن عباس ) أي : ذكر لفظة " عن " بين أبي جمرة وأبي عباس حيث قال : أخبرنا عباد بن عباد عن أبي جمرة عن ابن عباس ، وأما سليمان بن حرب ومحمد بن عبيد فقالا في روايتهما : أخبرنا حماد عن أبي جمرة قال : سمعت ابن عباس ، فذكرا بين أبي جمرة وابن عباس لفظ السماع ( قدم وفد عبد القيس ) الوفد الجماعة المختارة للتقدم في لقي العظماء ، واحدهم وافد ، وعبد القيس اسم أبي قبيلة من أسد ( إنا هذا الحي من ربيعة ) قال ابن الصلاح " الحي " منصوب على الاختصاص ، والمعنى إنا هذا الحي حي من ربيعة ، قال : والحي هو اسم [ ص: 127 ] لمنزل القبيلة ثم سميت القبيلة به لأن بعضهم يحيا ببعض ( قد حال بيننا وبينك كفار مضر ) لأن كفار مضر كانوا بينهم وبين المدينة ولا يمكنهم الوصول إلى المدينة إلا عليهم ( وليس نخلص إليك ) أي : لا نصل إليك ( إلا في شهر حرام ) جنس يشمل الأربعة الحرم ، وسميت بذلك لحرمة القتال فيها أي : فإنهم لا يتعرضون لنا كما كانت عادة العرب من تعظيم الأشهر الحرم وامتناعهم من القتال فيها ( نأخذ به ) أي : بذلك الشيء وقوله نأخذ بالرفع على أنه صفة لشيء ، وقوله ندعو عطف عليه ( من وراءنا ) في حالة النصب على المفعولية أي : من قومنا أو من البلاد النائية أو الأزمنة المستقبلة ( قال ) - صلى الله عليه وسلم - ( آمركم ) بمد الهمزة ( الإيمان بالله ) بالجر ويجوز الضم ( وشهادة أن لا إله إلا الله ) عطف تفسيري لقوله الإيمان . وقال ابن بطال : هي مقحمة كهي في فلان حسن وجميل ، أي : حسن جميل ، انتهى .

                                                                      قلت : وواو العطف إنما وجدت في بعض نسخ اللؤلئي وأكثرها خالية عنها . وأخرج البخاري في الزكاة وفي المغازي من طريق سليمان بن حرب عن حماد بن زيد الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله .

                                                                      قال القسطلاني : أي : بدون الواو وهو أصوب ، والإيمان بالجر بدل من قوله في السابق بأربع : وقوله شهادة بالجر على البدلية أيضا ، وبالرفع فيهما مبتدأ وخبر ( وعقد ) أي : الراوي ( بيده واحدة ) أي : كلمة واحدة أي : وجعل الإيمان بالله وشهادة أن لا إله إلا الله كلمة واحدة وهذا لفظ سليمان ومحمد بن عبيد ، وأما حديث مسدد فهو أصرح وأبين في المراد ، وإليه أشار المؤلف بقوله : وقال مسدد الإيمان بالله ثم فسرها لهم شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، انتهى . فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي كلمة واحدة .

                                                                      وثانيهما : إقامة الصلاة . وثالثهما : إيتاء الزكاة وخامسهما أداء الخمس من الغنيمة . ولم يذكر في هذه الرواية صيام رمضان إما لغفلة الراوي أو اختصاره ، وليس ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يذكر الحج أيضا لشهرته عندهم أو لكونه على التراخي ، والتفصيل في الفتح .

                                                                      [ ص: 128 ] ( وأنهاكم عن الدباء ) بضم المهملة وتشديد الموحدة والمد هو القرع ، والمراد اليابس منه ( والحنتم ) بفتح المهملة وسكون النون وفتح المثناة من فوق هي الجرة كذا فسرها ابن عمر في صحيح مسلم . وله عن أبي هريرة الحنتم الجرار الخضر ( والمزفت ) بالزاي والفاء ما طلي بالزفت ( والمقير ) بفتح القاف والياء ما طلي بالقار ويقال له القير ، وهو نبت يحرق إذا يبس تطلى به السفن وغيرها كما تطلى بالزفت ، كذا في الفتح ( وقال ابن عبيد ) أي : في روايته ( النقير ) بفتح النون وكسر القاف أصل النخلة ينقر فيتخذ منه وعاء ( وقال مسدد ) أي : في روايته ( والنقير والمقير ) أي قال مسدد : أنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير ( ولم يذكر ) أي : مسدد ( المزفت ) ، بل ذكر مكانه النقير ( أبو جمرة نصر بن عمران الضبعي ) مبتدأ وخبر أي : أبو جمرة اسمه نصر بن عمران ، والضبعي بضم الضاد المعجمة وفتح الباء إلى ضبيعة بن قيس بطن من بكر بن وائل ، وضبيعة بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ، قاله السيوطي .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي .




                                                                      الخدمات العلمية