[ ص: 528 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله nindex.php?page=treesubj&link=10786الإنكاح هنا معناه : التزويج ،
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وأنكحوا الأيامى أي : زوجوهم ، والأيامى : جمع أيم بفتح الهمزة وتشديد الياء المكسورة ، والأيم : هو من لا زوج له من الرجال والنساء ، سواء كان قد تزوج قبل ذلك ، أو لم يتزوج قط ، يقال : رجل أيم ، وامرأة أيم ، وقد فسر
الشماخ بن ضرار في شعره : الأيم الأنثى بأنها التي لم تتزوج في حالتها الراهنة ، وذلك في قوله :
يقر بعيني أن أنبأ أنها وإن لم أنلها أيم لم تزوج
فقوله : " لم تزوج " تفسير لقوله : أنها أيم ، ومن إطلاق الأيم على الذكر الذي لا زوج له قول
أمية بن أبي الصلت الثقفي :
لله در بني علي أيم منهم وناكح
ومن إطلاقه على الأنثى قول الشاعر :
أحب الأيامى إذ بثينة أيم وأحببت لما أن غنيت الغوانيا
والعرب تقول : آم الرجل يئيم ، وآمت المرأة تئيم ، إذا صار الواحد منهما أيما ، وكذلك تقول : تأيم إذا كان أيما .
ومثاله في الأول قول الشاعر :
لقد إمت حتى لامني كل صاحب رجاء بسلمى أن تئيم كما إمت
ومن الثاني قوله :
فإن تنكحي أنكح وإن تتأيمي وإن كنت أفتى منكم أتأيم
ومن الأول أيضا ، قول
nindex.php?page=showalam&ids=17355يزيد بن الحكم الثقفي :
كل امرئ ستئيم منه العرس أو منها يئيم
وقول الآخر :
[ ص: 529 ] نجوت بقوف نفسك غير أني إخال بأن سييتم أو تئيم
يعني : ييتم ابنك وتئيم امرأتك .
فإذا علمت هذا ، فاعلم أن قوله تعالى في هذه الآية :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وأنكحوا الأيامى شامل للذكور والإناث ، وقوله في هذه الآية : منكم أي : من المسلمين ، ويفهم من دليل الخطاب أي مفهوم المخالفة في قوله : منكم أن الأيامى من غيركم ، أي : من غير المسلمين ، وهم الكفار ليسوا كذلك .
وهذا المفهوم الذي فهم من هذه الآية جاء مصرحا به في آيات أخر ; كقوله تعالى في أيامى الكفار الذكور :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا [ 2 \ 221 ] ، وقوله في أياماهم الإناث :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن [ 2 \ 221 ] ، وقوله فيهما جميعا :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن [ 60 \ 10 ] .
وبهذه النصوص القرآنية الصريحة الموضحة لمفهوم هذه الآية ، تعلم أنه لا يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=11284تزويج المسلمة للكافر مطلقا وأنه لا يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=11005تزويج المسلم للكافرة إلا أن عموم هذه الآيات خصصته آية " المائدة " ، فأبانت أن المسلم يجوز له تزوج المحصنة الكتابية خاصة ; وذلك في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم [ 5 \ 5 ] ، فقوله تعالى عاطفا على ما يحل للمسلمين :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب صريح في إباحة
nindex.php?page=treesubj&link=11006تزويج المسلم للمحصنة الكتابية ، والظاهر أنها الحرة العفيفة .
فالحاصل أن التزويج بين الكفار والمسلمين ممنوع في جميع الصور ، إلا صورة واحدة ، وهي تزوج الرجل المسلم بالمرأة المحصنة الكتابية ، والنصوص الدالة على ذلك قرآنية ، كما رأيت .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32والصالحين من عبادكم وإمائكم يدل على لزوم تزويج الأيامى من المملوكين الصالحين ، والإماء المملوكات ، وظاهر هذا الأمر الوجوب ; لما تقرر في الأصول .
[ ص: 530 ] وقد بينا مرارا من أن صيغة الأمر المجردة عن القرائن تقتضي الوجوب ، وبذلك تعلم أن الخالية من زوج إذا خطبها كفء ورضيته ، وجب على وليها تزويجها إياه ، وأن ما يقوله بعض أهل العلم من المالكية ومن وافقهم ، من أن السيد له
nindex.php?page=treesubj&link=11113منع عبده وأمته من التزويج مطلقا غير صواب لمخالفته لنص القرآن في هذه الآية الكريمة .
واعلم أن قوله في هذه الآية الكريمة : وإمائكم بينت آية " النساء " أن الأمة لا تزوج للحر إلا بالشروط التي أشارت إليها الآية ، فآية " النساء " المذكورة مخصصة بعموم آية " النور " هذه بالنسبة إلى الإماء ، وآية " النساء " المذكورة هي قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات إلى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم [ 4 \ 25 ] ، فدلت آية " النساء " هذه على أن الحر لا يجوز له أن يتزوج المملوكة المؤمنة ، إلا إذا كان غير مستطيع تزويج حرة لعدم الطول عنده ، وقد خاف الزنى فله حينئذ تزوج الأمة بإذن أهلها المالكين لها ، ويلزمه دفع مهرها ، وهي مؤمنة عفيفة ليست من الزانيات ولا متخذات الأخدان ، ومع هذا كله فصبره عن تزويجها خير له ، وإذا كان الصبر عن تزويجها مع ما ذكرنا من الاضطرار خيرا له فمع عدمه أولى بالمنع ، وبما ذكرنا تعلم أن الصواب قول الجمهور من منع
nindex.php?page=treesubj&link=11287_25800تزويج الحر الأمة ، إلا بالشروط المذكورة في القرآن ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25ومن لم يستطع منكم طولا [ 4 \ 25 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25ذلك لمن خشي العنت منكم [ 4 \ 25 ] ، أي : الزنى إلى آخر ما ذكر في الآية خلافا
لأبي حنيفة القائل بجواز نكاحها مطلقا ، إلا إذا تزوجها على حرة .
والحاصل أن قوله تعالى في آية " النور " هذه : وإمائكم خصصت عمومه آية " النساء " كما أوضحناه آنفا ، والعلماء يقولون : إن علة منع تزويج الحر الأمة ، أنها إن ولدت منه كان ولدها مملوكا ; لأن كل ذات رحم فولدها بمنزلتها ، فيلزمه ألا يتسبب في رق أولاده ما استطاع ، ووجهه ظاهر كما ترى .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله فيه
nindex.php?page=treesubj&link=33678_29703_10800وعد من الله للمتزوج الفقير من الأحرار ، والعبيد بأن الله يغنيه ، والله لا يخلف الميعاد ، وقد وعد الله أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفقراء باليسر بعد ذلك العسر ، وأنجز لهم ذلك ، وذلكم في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=7ومن قدر عليه رزقه [ 65 \ 7 ] ، أي : ضيق عليه رزقه إلى قوله
[ ص: 531 ] تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=7سيجعل الله بعد عسر يسرا [ 65 \ 7 ] ، وهذا الوعد منه - جل وعلا - وعد به من اتقاه في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2ومن يتق الله يجعل له مخرجا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=3ويرزقه من حيث لا يحتسب الآية [ 65 \ 2 - 3 ] ،
nindex.php?page=treesubj&link=24589ووعد بالرزق أيضا من يأمر أهله بالصلاة ويصطبر عليها ، وذلك في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=132وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى [ 20 \ 132 ] ، وقد
nindex.php?page=treesubj&link=20017وعد المستغفرين بالرزق الكثير على لسان نبيه
نوح في قوله تعالى عنه : فقلت
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10استغفروا ربكم إنه كان غفارا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=11يرسل السماء عليكم مدرارا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=12ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا [ 71 \ 10 - 12 ] ، وعلى لسان نبيه
هود في قوله تعالى عنه :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=52ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم الآية [ 11 \ 52 ] ، وعلى لسان نبينا - صلى الله عليه وعليهما جميعا وسلم - :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى [ 11 \ 3 ] .
ومن الآيات الدالة على أن
nindex.php?page=treesubj&link=19867_29674_30491_19879طاعة الله تعالى سبب للرزق ، قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=96ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض الآية [ 7 \ 96 ] ، ومن بركات السماء المطر ، ومن بركات الأرض النبات مما يأكل الناس والأنعام ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=66ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم الآية [ 5 \ 66 ] ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=97من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة [ 16 \ 97 ] ، أي : في الدنيا ; كما قدمنا إيضاحه في سورة " النحل " ، وكما يدل عليه قوله بعده في جزائه في الآخرة :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=97ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون [ 16 \ 97 ] ، وقد قدمنا أنه - جل وعلا - وعد بالغنى عند التزويج وعند الطلاق .
أما التزويج ، ففي قوله هنا :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله .
وأما الطلاق ففي قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته الآية [ 4 \ 130 ] ، والظاهر أن المتزوج الذي وعده الله بالغنى ، هو الذي يريد بتزويجه الإعانة على طاعة الله بغض البصر ، وحفظ الفرج ; كما بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح " :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009269يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج " الحديث ، وإذا كان
nindex.php?page=treesubj&link=10800قصده بالتزويج طاعة الله بغض البصر وحفظ الفرج ، فالوعد بالغنى إنما هو على طاعة الله بذلك .
[ ص: 532 ] وقد رأيت ما ذكرنا من الآيات الدالة على وعد الله بالرزق من أطاعه سبحانه - جل وعلا - ما أكرمه ، فإنه يجزي بالعمل الصالح في الدنيا والآخرة ، وما قاله
أهل الظاهر من أن هذه الآية الكريمة تدل على أن العبد يملك ماله ; لأن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله بعد قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32والصالحين من عبادكم وإمائكم يدل على وصف العبيد بالفقر والغنى ، ولا يطلق الغنى إلا على من يملك المال الذي به صار غنيا ، ووجهه قوي ولا ينافي أن لسيده أن ينتزع منهم ذلك المال الذي ملك له ، والعلم عند الله تعالى .
[ ص: 528 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ nindex.php?page=treesubj&link=10786الْإِنْكَاحُ هُنَا مَعْنَاهُ : التَّزْوِيجُ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى أَيْ : زَوِّجُوهُمْ ، وَالْأَيَامَى : جَمْعُ أَيِّمٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمَكْسُورَةِ ، وَالْأَيِّمُ : هُوَ مَنْ لَا زَوْجَ لَهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، سَوَاءٌ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَ قَبْلَ ذَلِكَ ، أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ قَطُّ ، يُقَالُ : رَجُلٌ أَيِّمٌ ، وَامْرَأَةٌ أَيِّمٌ ، وَقَدْ فَسَّرَ
الشَّمَّاخُ بْنُ ضِرَارٍ فِي شِعْرِهِ : الْأَيِّمَ الْأُنْثَى بِأَنَّهَا الَّتِي لَمْ تَتَزَوَّجْ فِي حَالَتِهَا الرَّاهِنَةِ ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ :
يُقِرُّ بِعَيْنِي أَنْ أُنَبَّأَ أَنَّهَا وَإِنْ لَمْ أَنَلْهَا أَيِّمٌ لَمْ تَزَوَّجِ
فَقَوْلُهُ : " لَمْ تَزَوَّجِ " تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ : أَنَّهَا أَيِّمٌ ، وَمِنْ إِطْلَاقِ الْأَيِّمِ عَلَى الذَّكَرِ الَّذِي لَا زَوْجَ لَهُ قَوْلُ
أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيِّ :
لِلَّهِ دَرُّ بَنِي عَلِيٍّ أَيِّمٌ مِنْهُمْ وَنَاكِحْ
وَمِنْ إِطْلَاقِهِ عَلَى الْأُنْثَى قَوْلُ الشَّاعِرِ :
أُحِبُّ الْأَيَامَى إِذْ بُثَيْنَةُ أَيِّمُ وَأَحْبَبْتُ لَمَّا أَنْ غَنِيتُ الْغَوَانِيَا
وَالْعَرَبُ تَقُولُ : آمَ الرَّجُلُ يَئِيمُ ، وَآمَتِ الْمَرْأَةُ تَئِيمُ ، إِذَا صَارَ الْوَاحِدُ مِنْهُمَا أَيِّمًا ، وَكَذَلِكَ تَقُولُ : تَأَيَّمَ إِذَا كَانَ أَيِّمًا .
وَمِثَالُهُ فِي الْأَوَّلِ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
لَقَدْ إِمْتُ حَتَّى لَامَنِي كُلُّ صَاحِبِ رَجَاءَ بِسَلْمَى أَنْ تَئِيمَ كَمَا إِمْتُ
وَمِنَ الثَّانِي قَوْلُهُ :
فَإِنْ تَنْكِحِي أَنْكِحْ وَإِنْ تَتَأَيَّمِي وَإِنْ كُنْتُ أَفْتَى مِنْكُمُ أَتَأَيَّمُ
وَمِنَ الْأَوَّلِ أَيْضًا ، قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=17355يَزِيدَ بْنِ الْحَكَمِ الثَّقَفِيِّ :
كُلُّ امْرِئٍ سَتَئِيمُ مِنْهُ الْعُرْسُ أَوْ مِنْهَا يَئِيمُ
وَقَوْلُ الْآخَرِ :
[ ص: 529 ] نَجَوْتَ بِقَوْفِ نَفْسِكَ غَيْرَ أَنِّي إِخَالُ بِأَنْ سَيَيْتِمُ أَوْ تَئِيمُ
يَعْنِي : يَيْتِمُ ابْنُكَ وَتَئِيمُ امْرَأَتُكَ .
فَإِذَا عَلِمْتَ هَذَا ، فَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى شَامِلٌ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ ، وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : مِنْكُمْ أَيْ : مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَيُفْهَمُ مِنْ دَلِيلِ الْخِطَابِ أَيْ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ فِي قَوْلِهِ : مِنْكُمْ أَنَّ الْأَيَامَى مِنْ غَيْرِكُمْ ، أَيْ : مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ ، وَهُمُ الْكُفَّارُ لَيْسُوا كَذَلِكَ .
وَهَذَا الْمَفْهُومُ الَّذِي فُهِمَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي آيَاتٍ أُخَرَ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي أَيَامَى الْكُفَّارِ الذُّكُورِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا [ 2 \ 221 ] ، وَقَوْلُهُ فِي أَيَامَاهُمُ الْإِنَاثِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [ 2 \ 221 ] ، وَقَوْلُهُ فِيهِمَا جَمِيعًا :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [ 60 \ 10 ] .
وَبِهَذِهِ النُّصُوصِ الْقُرْآنِيَّةِ الصَّرِيحَةِ الْمُوَضِّحَةِ لِمَفْهُومِ هَذِهِ الْآيَةِ ، تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=11284تَزْوِيجُ الْمُسْلِمَةِ لِلْكَافِرِ مُطْلَقًا وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=11005تَزْوِيجُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرَةِ إِلَّا أَنَّ عُمُومَ هَذِهِ الْآيَاتِ خَصَّصَتْهُ آيَةُ " الْمَائِدَةِ " ، فَأَبَانَتْ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَجُوزُ لَهُ تَزَوُّجُ الْمُحْصَنَةِ الْكِتَابِيَّةِ خَاصَّةً ; وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ [ 5 \ 5 ] ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى عَاطِفًا عَلَى مَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=11006تَزْوِيجِ الْمُسْلِمِ لِلْمُحْصَنَةِ الْكِتَابِيَّةِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا الْحُرَّةُ الْعَفِيفَةُ .
فَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّزْوِيجَ بَيْنَ الْكُفَّارِ وَالْمُسْلِمِينَ مَمْنُوعٌ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ ، إِلَّا صُورَةً وَاحِدَةً ، وَهِيَ تُزَوُّجُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ بِالْمَرْأَةِ الْمُحْصَنَةِ الْكِتَابِيَّةِ ، وَالنُّصُوصُ الدَّالَّةُ عَلَى ذَلِكَ قُرْآنِيَّةٌ ، كَمَا رَأَيْتَ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ يَدُلُّ عَلَى لُزُومِ تَزْوِيجِ الْأَيَامَى مِنَ الْمَمْلُوكِينَ الصَّالِحِينَ ، وَالْإِمَاءِ الْمَمْلُوكَاتِ ، وَظَاهِرُ هَذَا الْأَمْرِ الْوُجُوبُ ; لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ .
[ ص: 530 ] وَقَدْ بَيَّنَّا مِرَارًا مِنْ أَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ الْمُجَرَّدَةَ عَنِ الْقَرَائِنِ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ ، وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ الْخَالِيَةَ مِنْ زَوْجٍ إِذَا خَطَبَهَا كُفْءٌ وَرَضِيَتْهُ ، وَجَبَ عَلَى وَلِيِّهَا تَزْوِيجُهَا إِيَّاهُ ، وَأَنَّ مَا يَقُولُهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ ، مِنْ أَنَّ السَّيِّدَ لَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=11113مَنْعُ عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ مِنَ التَّزْوِيجِ مُطْلَقًا غَيْرُ صَوَابٍ لِمُخَالَفَتِهِ لِنَصِّ الْقُرْآنِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ : وَإِمَائِكُمْ بَيَّنَتْ آيَةُ " النِّسَاءِ " أَنَّ الْأَمَةَ لَا تُزَوَّجُ لِلْحُرِّ إِلَّا بِالشُّرُوطِ الَّتِي أَشَارَتْ إِلَيْهَا الْآيَةُ ، فَآيَةُ " النِّسَاءِ " الْمَذْكُورَةُ مُخَصَّصَةٌ بِعُمُومِ آيَةِ " النُّورِ " هَذِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِمَاءِ ، وَآيَةُ " النِّسَاءِ " الْمَذْكُورَةُ هِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ [ 4 \ 25 ] ، فَدَلَّتْ آيَةُ " النِّسَاءِ " هَذِهِ عَلَى أَنَّ الْحُرَّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَمْلُوكَةَ الْمُؤْمِنَةَ ، إِلَّا إِذَا كَانَ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ تَزْوِيجَ حُرَّةٍ لِعَدَمِ الطَّوْلِ عِنْدَهُ ، وَقَدْ خَافَ الزِّنَى فَلَهُ حِينَئِذٍ تَزَوُّجُ الْأَمَةِ بِإِذْنِ أَهْلِهَا الْمَالِكِينَ لَهَا ، وَيَلْزَمُهُ دَفْعُ مَهْرِهَا ، وَهِيَ مُؤْمِنَةٌ عَفِيفَةٌ لَيْسَتْ مِنَ الزَّانِيَاتِ وَلَا مُتَّخِذَاتِ الْأَخْدَانِ ، وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ فَصَبْرُهُ عَنْ تَزْوِيجِهَا خَيْرٌ لَهُ ، وَإِذَا كَانَ الصَّبْرُ عَنْ تَزْوِيجِهَا مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الِاضْطِرَارِ خَيْرًا لَهُ فَمَعَ عَدَمِهِ أَوْلَى بِالْمَنْعِ ، وَبِمَا ذَكَرْنَا تَعْلَمُ أَنَّ الصَّوَابَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنْ مَنْعِ
nindex.php?page=treesubj&link=11287_25800تَزْوِيجِ الْحُرِّ الْأَمَةَ ، إِلَّا بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُرْآنِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا [ 4 \ 25 ] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ [ 4 \ 25 ] ، أَيِ : الزِّنَى إِلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ فِي الْآيَةِ خِلَافًا
لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِجَوَازِ نِكَاحِهَا مُطْلَقًا ، إِلَّا إِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى حُرَّةٍ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي آيَةِ " النُّورِ " هَذِهِ : وَإِمَائِكُمْ خَصَّصَتْ عُمُومَهُ آيَةُ " النِّسَاءِ " كَمَا أَوْضَحْنَاهُ آنِفًا ، وَالْعُلَمَاءُ يَقُولُونَ : إِنَّ عِلَّةَ مَنْعِ تَزْوِيجِ الْحُرِّ الْأُمَّةَ ، أَنَّهَا إِنْ وَلَدَتْ مِنْهُ كَانَ وَلَدُهَا مَمْلُوكًا ; لِأَنَّ كُلَّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا ، فَيَلْزَمُهُ أَلَّا يَتَسَبَّبَ فِي رِقِّ أَوْلَادِهِ مَا اسْتَطَاعَ ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ كَمَا تَرَى .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فِيهِ
nindex.php?page=treesubj&link=33678_29703_10800وَعْدٌ مِنَ اللَّهِ لِلْمُتَزَوِّجِ الْفَقِيرِ مِنَ الْأَحْرَارِ ، وَالْعَبِيدِ بِأَنَّ اللَّهَ يُغْنِيهِ ، وَاللَّهُ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ، وَقَدْ وَعَدَ اللَّهُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْفُقَرَاءَ بِالْيُسْرِ بَعْدَ ذَلِكَ الْعُسْرِ ، وَأَنْجَزَ لَهُمْ ذَلِكَ ، وَذَلِكُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=7وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ [ 65 \ 7 ] ، أَيْ : ضُيِّقَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ إِلَى قَوْلِهِ
[ ص: 531 ] تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=7سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [ 65 \ 7 ] ، وَهَذَا الْوَعْدُ مِنْهُ - جَلَّ وَعَلَا - وَعَدَ بِهِ مَنِ اتَّقَاهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=3وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ الْآيَةَ [ 65 \ 2 - 3 ] ،
nindex.php?page=treesubj&link=24589وَوَعَدَ بِالرِّزْقِ أَيْضًا مَنْ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَيَصْطَبِرُ عَلَيْهَا ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=132وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [ 20 \ 132 ] ، وَقَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=20017وَعَدَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالرِّزْقِ الْكَثِيرِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ
نُوحٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْهُ : فَقُلْتُ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=11يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=12وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا [ 71 \ 10 - 12 ] ، وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ
هُودٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=52وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ الْآيَةَ [ 11 \ 52 ] ، وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَسُلَّمَ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [ 11 \ 3 ] .
وَمِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19867_29674_30491_19879طَاعَةَ اللَّهِ تَعَالَى سَبَبٌ لِلرِّزْقِ ، قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=96وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ الْآيَةَ [ 7 \ 96 ] ، وَمِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ الْمَطَرُ ، وَمِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ النَّبَاتُ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=66وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ الْآيَةَ [ 5 \ 66 ] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=97مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً [ 16 \ 97 ] ، أَيْ : فِي الدُّنْيَا ; كَمَا قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ فِي سُورَةِ " النَّحْلِ " ، وَكَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَهُ فِي جَزَائِهِ فِي الْآخِرَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=97وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [ 16 \ 97 ] ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - وَعَدَ بِالْغِنَى عِنْدَ التَّزْوِيجِ وَعِنْدَ الطَّلَاقِ .
أَمَّا التَّزْوِيجُ ، فَفِي قَوْلِهِ هُنَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ .
وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ الْآيَةَ [ 4 \ 130 ] ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُتَزَوِّجَ الَّذِي وَعَدَهُ اللَّهُ بِالْغِنَى ، هُوَ الَّذِي يُرِيدُ بِتَزْوِيجِهِ الْإِعَانَةَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ بِغَضِّ الْبَصَرِ ، وَحِفْظِ الْفَرْجِ ; كَمَا بَيَّنَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ " :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009269يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ " الْحَدِيثَ ، وَإِذَا كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=10800قَصْدُهُ بِالتَّزْوِيجِ طَاعَةَ اللَّهِ بِغَضِّ الْبَصَرِ وَحِفْظِ الْفَرْجِ ، فَالْوَعْدُ بِالْغِنَى إِنَّمَا هُوَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ بِذَلِكَ .
[ ص: 532 ] وَقَدْ رَأَيْتَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى وَعْدِ اللَّهِ بِالرِّزْقِ مَنْ أَطَاعَهُ سُبْحَانَهُ - جَلَّ وَعَلَا - مَا أَكْرَمَهُ ، فَإِنَّهُ يَجْزِي بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَمَا قَالَهُ
أَهْلُ الظَّاهِرِ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ مَالَهُ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ يَدُلُّ عَلَى وَصْفِ الْعَبِيدِ بِالْفَقْرِ وَالْغِنَى ، وَلَا يُطْلَقُ الْغِنَى إِلَّا عَلَى مَنْ يَمْلِكُ الْمَالَ الَّذِي بِهِ صَارَ غَنِيًّا ، وَوَجْهُهُ قَوِيٌّ وَلَا يُنَافِي أَنَّ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَنْتَزِعَ مِنْهُمْ ذَلِكَ الْمَالَ الَّذِي مَلَكَ لَهُ ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .