الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          المسألة الثانية في حال أولي الأمر بعد الراشدين :

                          بنو أمية هم الذين زعزعوا بناء السلطة الإسلامية على أساس الشورى ; إذ كونوا لأنفسهم عصبية هدموا بها سلطة أولي الأمر من سائر المسلمين بالحيلة والقوة وحصروها في أنفسهم ، فكان الأمير مقيدا بسلطة قومه لا بسلطة أولي الأمر من جميع المسلمين ، فخرجوا عن هداية الآية شيئا فشيئا ، ثم جاء العباسيون بعصبية الأعاجم من الفرس فالترك ، ثم كان من أمر التغلب بين ملوك الطوائف بعصبياتهم ما كان ، فلم تكن الحكومة الإسلامية مبنية على أساسها من طاعة الله ورسوله وأولي الأمر ، بل جعلت أولي الأمر كالعدم في أمر السلطة العامة ، وكان تحري طاعة الله ورسوله بالعدل ورد الأمانات إلى أهلها يختلف باختلاف درجات الأمراء والحكام في العلم والدين ، فكانت أحكام عمر بن عبد العزيز كأحكام الخلفاء الراشدين في العدل ، ولكنه لم يستطع أن يرد أمانة الإمامة الكبرى إلى أهلها ؛ لأن عصبية قومه كانت محتكرة لها حبا في السلطة والرياسة ، ثم كانت سلطة الملوك العثمانيين بعصبيتهم القومية ، وقوة جيوشهم المعروفة بالإنكشارية ، ولم يكن هؤلاء من أولي الأمر ، أصحاب الفقه والرأي ، الذين هم في المسلمين أهل الحل والعقد ، بل كانوا أخلاطا من المسلمين والكافرين يأخذهم السلاطين ويربونهم تربية حربية ، ثم كونوا جندا إسلاميا ، ثم جندا مختلطا .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية