الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 457 ] ( وإن وجد ركازا ) أي كنزا ( وجب فيه الخمس ) عندهم ، لما روينا . واسم الركاز يطلق على الكنز لمعنى الركز ، وهو الإثبات ، ثم إن كان على ضرب أهل الإسلام كالمكتوب عليه كلمة الشهادة فهو بمنزلة اللقطة وقد عرف حكمها في موضعه ، وإن كان على ضرب أهل الجاهلية كالمنقوش عليه الصنم ففيه الخمس على كل حال لما بينا ، ثم إن وجده في أرض مباحة فأربعة أخماسه للواجد ; لأنه تم الإحراز منه ، إذ لا علم به للغانمين فيختص هو به ، وإن وجده في أرض مملوكة فكذا الحكم عند أبي يوسف رحمه الله ، لأن الاستحقاق بتمام الحيازة ، وهي منه ، وعند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله: هو للمختط له ، وهو الذي ملكه الإمام هذه البقعة أول الفتح ; لأنه سبقت يده إليه وهي يد الخصوص فيملك بها ما في الباطن ، وإن كانت على الظاهر كمن اصطاد سمكة في بطنها درة ملك الدرة ، ثم بالبيع لم تخرج عن ملكه ; لأنه مودع فيها ، بخلاف المعدن ; لأنه من أجزائها فينتقل إلى المشتري ، وإن لم يعرف المختط له يصرف إلى أقصى مالك يعرف في الإسلام على ما قالوا ، ولو اشتبه الضرب يجعل جاهليا في ظاهر المذهب ; لأنه الأصل ، وقيل : يجعل إسلاميا في زماننا لتقادم العهد .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        قوله : وإن وجد ركازا أي كنزا وجب فيه الخمس لما روينا ، قلت : يشير إلى [ ص: 458 ] الحديث المذكور : { وفي الركاز الخمس }. وفي الباب أحاديث : فأخرج الحاكم في " المستدرك في آخر البيوع " عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في كنز وجده رجل فقال : إن كنت وجدته في قرية مسكونة ، أو سبيل ميتاء ، فعرفه ، وإن كنت وجدته في خربة جاهلية ، أو في قرية غير مسكونة ، أو غير سبيل ميتاء ، ففيه ، وفي الركاز الخمس }. انتهى .

                                                                                                        وسكت عنه ، إلا أنه قال : ولم أزل أطلب الحجة في سماع شعيب بن محمد من عبد الله بن عمرو فلم أصل إليها إلى هذا الوقت . انتهى .

                                                                                                        ، ورواه الشافعي عن سفيان عن داود بن شابور ، ويعقوب بن عطاء عن عمرو به ، ومن طريق الشافعي رواه البيهقي ، ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام من طريق ابن إسحاق عن عمرو به ، ومن حديث محمد بن عجلان عن عمرو به .

                                                                                                        { حديث آخر } : قال الشيخ في " الإمام " : وروى الإمام أبو بكر بن المنذر ثنا محمد بن علي الصائغ ثنا سعيد بن منصور ثنا خالد بن عبد الله عن الشيباني عن الشعبي { أن رجلا وجد ركازا ، فأتى به عليا رضي الله عنه ، فأخذ منه الخمس ، وأعطى بقيته للذي وجده فأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فأعجبه }انتهى . وهو مرسل .

                                                                                                        الآثار : روى ابن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن مجالد عن الشعبي أن غلاما من العرب وجد ستوقة فيها عشرة آلاف ، فأتى بها عمر رضي الله عنه ، فأخذ منها خمسها ألفين ، وأعطاه ثمانية آلاف . آخر : أخرجه البيهقي عن علي بن حرب ثنا سفيان عن عبد الله بن بشر الخثعمي عن [ ص: 459 ] رجل من قومه أن رجلا سقطت عليه جرة من دير بالكوفة فيها ورق ، فأتى بها عليا رضي الله عنه فقال : اقسمها أخماسا ، ثم قال : خذ منها أربعة ، ودع واحدا ، قال البيهقي : ورواه سعيد بن منصور عن سفيان عن عبد الله عن رجل من قومه يقال له : حممة ، قال : سقطت علي جرة . آخر : روى ابن المنذر حدثنا ابن إدريس عن أبيه عن أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان عن هذيل ، قال : جاء رجل إلى عبد الله ، فقال : إني وجدت كنزا فيه كذا وكذا من المال ، فقال عبد الله : لا أرى المسلمين بلغت أموالهم هذا ، أراه ركاز مال عادي ، فأد خمسه في بيت المال ، ولك ما بقي . انتهى .

                                                                                                        وروي أيضا عن معتمر عن عمر الضبي ، قال : بينا قوم عندي بسابور يثيرون الأرض إذ أصابوا كنزا ، وعلينا محمد بن جابر الراسبي ، فكتب فيه إلى عدي ، فكتب عدي إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، فكتب عمر أن : خذوا منهم الخمس ، ودعوا سائره لهم ، فدفع إليهم المال ، وأخذ منهم الخمس . انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية