( السابقة الثانية ) : الميقات الزماني ، وفي ( الجواهر ) : هو شوال وذو القعدة وذو الحجة ، وفي الاقتصار على العشر الأول منه لكون المناسك تكمل فيه ، أو اعتبار جميعه لظاهر النص ، أو إلى آخر أيام التشريق ، ثلاث روايات ، وفائدة الخلاف : تعلق الدم بتأخير طواف الإفاضة . وأما العمرة : فجميع السنة وقت لها ، لكن تكره في أيام منى لمن حج ، ويكره تكرارها في السنة الواحدة ، وقال مطرف : لا تكره ، ومراعاة هذه الميقات أولى ، وقيل : واجبة ، ومن أحرم قبله انعقد وصح ، وقيل : لا ينعقد ، وقاله ( ش ) ، والأصل فيه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197الحج أشهر معلومات ) . ( البقرة : 197 ) وأقل
[ ص: 204 ] الجمع ثلاثة ، وفي ( الكتاب ) : يستحب إهلال أهل
مكة إذا أهل ذو الحجة ، وقال ( ش ) : يستحب يوم التروية ، وفي ( الموطأ ) أن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج سأل
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهم فقال : يا
أبا عبد الرحمن : رأيتك تصنع أربعا لم أر أحدا من أصحابك يصنعها . . . وساق الحديث إلى أن قال : ورأيتك إذا كنت
بمكة أهل الناس إذا رأوا هلال ذي الحجة ، ولم تهل أنت حتى يأتي يوم التروية . فقال : ( وأما الإهلال : فإني لم أر النبي عليه السلام يهل حتى يبعث راحلته ) ولأنه يعقبه السعي في المناسك . لنا : ما في ( الموطأ ) . ( أن
عمر - رضي الله عنه - قال : ( يا أهل
مكة ما شأن الناس يأتون شعثا وأنتم مدهنون ، أهلوا إذا رأيتم الهلال ) ، ولم ينكر عليه أحد ، فكان إجماعا ولذلك قيل
nindex.php?page=showalam&ids=12لابن عمر : لم أر أحدا من أصحابك يفعل ذلك .
( قواعد )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197الحج أشهر معلومات ) مبتدأ وخبر . فيجب أن يرجعا لعين واحدة ، والأشهر زمان ، والحج ليس بزمان ، فيتعين حذف أحد مضافين تصحيحا للكلام ، تقديره :
nindex.php?page=treesubj&link=3280زمان الحج أشهر معلومات ، أو الحج ذو أشهر معلومات ، فيتحد المبتدأ والخبر في الزمن أو في الأفعال ، ثم المبتدأ يجب أن يكون محصورا في الخبر ، فيجب انحصار الحج في الأشهر ، فيكون الإحرام قبلها كالإحرام بالظهر قبل الزوال غير مشروع ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لا ينعقد به الحج ، بل يكون معصية ، جوابه : أن
nindex.php?page=treesubj&link=3393الإحرام شرط لأنه نية الحج المميز له ، والمميز يجب أن يكون خارجا عن حقيقة المميز فيكون شرطا فيجوز تقديمه ; لأن الشروط يجب تقديمها على أوقات المشروطات ، كالطهارات ، وستر العورات مع الصلوات ، ويكون المحصور في الأشهر إنما هو المشروط ، وليس بين هذا وبين قول
[ ص: 205 ] الأصحاب : إنه ركن ، منافاة لأن معنى قولهم : أنه ركن ، أنه واجب لا يجبر بالدم ، وهذا ما ينافي ما ذكرته ، وليس اصطلاحهم في الركن أنه جزء حتى يلزم التنافي ، بل الرمي عندهم جزء وليس بركن ، أو نقول : هو ركن ، وظاهر النص يقتضي حصر ذات الحج في الأشهر ، ويلزم من حصر كل ذات في زمان أو مكان حصر صفاتها معها ، لاستحالة استقلال الصفة بنفسها ، وصفات الحج : الإجزاء والكمال ، فيكون المحصور في الأشهر ، هو الحج الكامل ، ونحن نقول : إن الإحرام فيها أفضل ، فلم نخالف النص ، ويؤكد ذلك : أن التحديد وقع في الميقات المكاني ، والإجماع على جواز التقديم عليه ، وإنما الخلاف في الكراهة ، ويوضح ذلك أيضا : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=189يسألونك عن الأهلة ، قل هي مواقيت للناس والحج ) . ( البقرة : 189 ) وهو عام من جملة الأهلة فتكون ميقاتا للحج ، وهذا التعليل الثاني أنسب للمذهب من جهة أن
مالكا جوز في ( الكتاب ) : تقديم طواف الحج وسعيه في مسألتين قبل أشهر الحج : القارن يفعلهما قبل أشهر الحج ويجزئانه لحجة قرانه ، ومن فاته الحج وبقي على إحرامه إلى قابل يفعلهما لحج قابل قبل أشهر الحج . سؤال : ما الفرق بين الميقاتين مع أن مراعاة المكان أولى لشرفه بقرب البيت ؟ جوابه : أنه عليه السلام قال في المكاني : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348971هن لهن ولمن أتى عليهن ) يريد الحج أو العمرة ، فبين أن هذه المواقيت محصورة في الناسكين ، ولم يحصر الناسكين فيها فجاز التقديم عليها ، والميقاة الزماني على العكس ، فظهر الفرق .
( السَّابِقَةُ الثَّانِيَةُ ) : الْمِيقَاتُ الزَّمَانِيُّ ، وَفِي ( الْجَوَاهِرِ ) : هُوَ شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ ، وَفِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الْعَشْرِ الْأُوَّلِ مِنْهُ لِكَوْنِ الْمَنَاسِكِ تَكْمُلُ فِيهِ ، أَوِ اعْتِبَارِ جَمِيعِهِ لِظَاهِرِ النَّصِّ ، أَوْ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ، ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ : تَعَلُّقُ الدَّمِ بِتَأْخِيرِ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ . وَأَمَّا الْعُمْرَةُ : فَجَمِيعُ السَّنَةِ وَقْتٌ لَهَا ، لَكِنْ تُكْرَهُ فِي أَيَّامِ مِنًى لِمَنْ حَجَّ ، وَيُكْرَهُ تَكْرَارُهَا فِي السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ ، وَقَالَ مُطَرِّفٌ : لَا تُكْرَهُ ، وَمُرَاعَاةُ هَذِهِ الْمِيقَاتِ أَوْلَى ، وَقِيلَ : وَاجِبَةٌ ، وَمَنْ أَحْرَمَ قَبْلَهُ انْعَقَدَ وَصَحَّ ، وَقِيلَ : لَا يَنْعَقِدُ ، وَقَالَهُ ( ش ) ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197الْحَجُّ أَشْهَرٌ مَعْلُومَاتٌ ) . ( الْبَقَرَةِ : 197 ) وَأَقَلُّ
[ ص: 204 ] الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ ، وَفِي ( الْكِتَابِ ) : يُسْتَحَبُّ إِهْلَالُ أَهْلِ
مَكَّةَ إِذَا أَهَلَّ ذُو الْحِجَّةِ ، وَقَالَ ( ش ) : يُسْتَحَبُّ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ ، وَفِي ( الْمُوَطَّأِ ) أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنَ جُرَيْجٍ سَأَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَقَالَ : يَا
أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ : رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا . . . وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ : وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ
بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ ، وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ . فَقَالَ : ( وَأَمَّا الْإِهْلَالُ : فَإِنِّي لَمْ أَرَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُهِلُّ حَتَّى يَبْعَثَ رَاحِلَتَهُ ) وَلِأَنَّهُ يَعْقُبُهُ السَّعْيُ فِي الْمَنَاسِكِ . لَنَا : مَا فِي ( الْمُوَطَّأِ ) . ( أَنَّ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : ( يَا أَهْلَ
مَكَّةَ مَا شَأْنُ النَّاسِ يَأْتُونَ شُعْثًا وَأَنْتُمْ مُدْهِنُونَ ، أَهِلُّوا إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ ) ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ ، فَكَانَ إِجْمَاعًا وَلِذَلِكَ قِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=12لِابْنِ عُمَرَ : لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَفْعَلُ ذَلِكَ .
( قَوَاعِدٌ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197الْحَجُّ أَشْهَرٌ مَعْلُومَاتٌ ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ . فَيَجِبُ أَنْ يَرْجِعَا لِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ ، وَالْأَشْهُرُ زَمَانٌ ، وَالْحَجُّ لَيْسَ بِزَمَانٍ ، فَيَتَعَيَّنُ حَذْفُ أَحَدِ مُضَافَيْنِ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ ، تَقْدِيرُهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=3280زَمَانُ الْحَجِّ أَشْهَرٌ مَعْلُومَاتٌ ، أَوِ الْحَجُّ ذُو أَشْهُرٍ مَعْلُومَاتٍ ، فَيَتَّحِدُ الْمُبْتَدَأُ وَالْخَبَرُ فِي الزَّمَنِ أَوْ فِي الْأَفْعَالِ ، ثُمَّ الْمُبْتَدَأُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحْصُورًا فِي الْخَبَرِ ، فَيَجِبُ انْحِصَارُ الْحَجِّ فِي الْأَشْهُرِ ، فَيَكُونُ الْإِحْرَامُ قَبْلَهَا كَالْإِحْرَامِ بِالظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْحَجُّ ، بَلْ يَكُونُ مَعْصِيَةً ، جَوَابُهُ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=3393الْإِحْرَامَ شَرْطٌ لِأَنَّهُ نِيَّةُ الْحَجِّ الْمُمَيِّزُ لَهُ ، وَالْمُمَيِّزُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ خَارِجًا عَنْ حَقِيقَةِ الْمُمَيَّزِ فَيَكُونُ شَرْطًا فَيَجُوزُ تَقْدِيمُهُ ; لِأَنَّ الشُّرُوطَ يَجِبُ تَقْدِيمُهَا عَلَى أَوْقَاتِ الْمَشْرُوطَاتِ ، كَالطَّهَارَاتِ ، وَسَتْرِ الْعَوْرَاتِ مَعَ الصَّلَوَاتِ ، وَيَكُونُ الْمَحْصُورُ فِي الْأَشْهُرِ إِنَّمَا هُوَ الْمَشْرُوطُ ، وَلَيْسَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِ
[ ص: 205 ] الْأَصْحَابِ : إِنَّهُ رُكْنٌ ، مُنَافَاةٌ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ : أَنَّهُ رُكْنٌ ، أَنَّهُ وَاجِبٌ لَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ ، وَهَذَا مَا يُنَافِي مَا ذَكَرْتُهُ ، وَلَيْسَ اصْطِلَاحُهُمْ فِي الرُّكْنِ أَنَّهُ جُزْءٌ حَتَّى يَلْزَمَ التَّنَافِي ، بَلِ الرَّمْيُ عِنْدَهُمْ جُزْءٌ وَلَيْسَ بِرُكْنٍ ، أَوْ نَقُولُ : هُوَ رُكْنٌ ، وَظَاهِرُ النَّصِّ يَقْتَضِي حَصْرَ ذَاتِ الْحَجِّ فِي الْأَشْهُرِ ، وَيَلْزَمُ مِنْ حَصْرِ كُلِّ ذَاتٍ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ حَصْرُ صِفَاتِهَا مَعَهَا ، لِاسْتِحَالَةِ اسْتِقْلَالِ الصِّفَةِ بِنَفْسِهَا ، وَصِفَاتُ الْحَجِّ : الْإِجْزَاءُ وَالْكَمَالُ ، فَيَكُونُ الْمَحْصُورُ فِي الْأَشْهُرِ ، هُوَ الْحَجُّ الْكَامِلُ ، وَنَحْنُ نَقُولُ : إِنَّ الْإِحْرَامَ فِيهَا أَفْضَلُ ، فَلَمْ نُخَالِفِ النَّصَّ ، وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ : أَنَّ التَّحْدِيدَ وَقَعَ فِي الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ التَّقْدِيمِ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْكَرَاهَةِ ، وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ أَيْضًا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=189يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ، قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) . ( الْبَقَرَةِ : 189 ) وَهُوَ عَامٌّ مِنْ جُمْلَةِ الْأَهِلَّةِ فَتَكُونُ مِيقَاتًا لِلْحَجِّ ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ الثَّانِي أَنْسَبُ لِلْمَذْهَبِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ
مَالِكًا جَوَّزَ فِي ( الْكِتَابِ ) : تَقْدِيمَ طَوَافِ الْحَجِّ وَسَعْيِهِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ : الْقَارِنُ يَفْعَلُهُمَا قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيُجْزِئَانِهِ لِحَجَّةِ قِرَانِهِ ، وَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَبَقِيَ عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى قَابِلٍ يَفْعَلُهُمَا لِحَجٍّ قَابِلٍ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ . سُؤَالٌ : مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمِيقَاتَيْنِ مَعَ أَنَّ مُرَاعَاةَ الْمَكَانِ أَوْلَى لِشَرَفِهِ بِقُرْبِ الْبَيْتِ ؟ جَوَابُهُ : أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ فِي الْمَكَانِيِّ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348971هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ ) يُرِيدُ الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ ، فَبَيَّنَ أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ مَحْصُورَةٌ فِي النَّاسِكِينَ ، وَلَمْ يَحْصُرِ النَّاسِكِينَ فِيهَا فَجَازِ التَّقْدِيمُ عَلَيْهَا ، وَالْمِيقَاةُ الزَّمَانِيُّ عَلَى الْعَكْسِ ، فَظَهَرَ الْفَرْقُ .