الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر توجيه القولين ، فإن قلنا : إن اللحم كله جنس واحد ، فلحوم النعم ولحوم الوحش ولحوم الطير كلها جنس واحد ، وهل تكون لحوم الحيتان صنفا منها على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنها واللحم كله صنف واحد : لأن اسم اللحم ينطلق عليه . قال الله تعالى : وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وهذا قول أبي إسحاق المروزي .

                                                                                                                                            [ ص: 155 ] والوجه الثاني : أن لحوم الحيتان صنف آخر ، وإن كانت اللحوم كلها صنفا واحدا : لأنه لما لم يأكل الحيتان إذا حلف لا يأكل اللحم اقتضى أن لا يكون من جنس اللحم ، فعلى هذا الوجه تكون اللحمان كلها صنفين ، فلحوم حيوان البر على اختلافها صنف واحد ، ولحوم حيتان البحر على اختلافها صنف واحد .

                                                                                                                                            وإذا قلنا : إن اللحمان أصناف ، فلحم الغنم صنف ، ولا فرق بين الضأن منه والماعز ، ولا بين المعلوف والراعي ، ولا بين المهزول والسمين ، ثم لحم البقر صنف آخر ، ولا فرق بين الجواميس والعراب ، ولحم الإبل صنف آخر ، ولا فرق بين المهرية والبخات .

                                                                                                                                            ثم لحوم الصيد الوحشي أصناف ، فلحم الطير صنف ، ولحم الثعالب صنف ، ولحم الأرانب صنف ، ولحم بقر الوحش صنف ، ولحم حمر الوحش صنف ، ثم لحوم الطير أصناف ، فلحم الحمام صنف ، ولحم الدجاج صنف ، وكذلك كل جنس من الطير لحوم جنسها صنف .

                                                                                                                                            ثم هل تكون لحوم الحيتان على هذا القول صنفا واحدا أو تكون أصنافا : على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن جميعها صنف واحد ، وهذا قول من يزعم أنه لا يؤكل من حيوان البحر إلا حيتانه .

                                                                                                                                            والثاني : أنها أصناف مختلفة ، وهذا قول من يزعم أن حيوان البحر كله مأكول : حيتانه ودوابه وما فيه من كلب وغيره ، فعلى هذا يكون الشيء صنفا والنتاج صنفا ، وكل ما اختص باسم يخالف غيره صنفا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية