الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن التشهد الأول مسنون ، والثاني مفروض فقد اختلف الفقهاء في كيفية جلوسه فيهما على ثلاثة مذاهب ، فمذهب الشافعي : أن يجلس في التشهد الأول مفترشا ، وفي الثاني متوركا

                                                                                                                                            وصورة الافتراش في الأولى : أن ينصب رجله اليمنى ويضجع اليسرى ويجلس عليها مفترشا لها وهكذا يكون في الجلسة بين السجدتين

                                                                                                                                            وصورة التورك في الثاني أن ينصب رجله اليمنى ويضجع اليسرى ويخرجها عن وركه اليمنى ويفضي بمقعده إلى الأرض

                                                                                                                                            وقال مالك : يجلس فيهما جميعا متوركا

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : يجلس فيهما جميعا مفترشا لها ، واستدل مالك على توركه فيهما برواية ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس متوركا ، ولأنه جلوس للتشهد فكان من سنته التورك [ ص: 133 ] كالتشهد الثاني . واستدل أبو حنيفة على افتراشه فيهما برواية وائل بن حجر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس مفترشا ، ولأنه جلوس للتشهد فكان من سنته الافتراش كالتشهد الأول ، والدلالة عليهما حديث أبي حميد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قعد في الركعتين على بطن قدمه اليسرى ونصب اليمنى ، فلما كان في الرابعة أخر رجله اليسرى وقعد متوركا على شقه الأيسر ، ولأن التشهد الأول أقصر من الثاني لما يتضمنه من الدعاء والذكر أطول فافترش في الأول لقصره وتورك في الثاني لطوله ، ولأن كل فعل يتقرر في الصلاة إذا خالف بعضه بعضا في القدر خالفه في الهيئة كالقراءة

                                                                                                                                            فأما أخبارهم فمستعملة على ما ذكرنا من حمل الافتراش على الأول والتورك على الثاني

                                                                                                                                            وأما قياسهم فمتروك بالنص أو معارض بالقياس

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية