الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن على المسافر خلف المقيم أن يتم فليس يخلو حال المسافر إذا أتم برجل من أحد أربعة أقسام :

                                                                                                                                            [ ص: 383 ] [ الأول ] إما أن يعلم أنه مقيم .

                                                                                                                                            [ والثاني ] أو يغلب على ظنه أنه مقيم .

                                                                                                                                            الثالث : أو يعلم أنه مسافر . الرابع : أو يغلب على ظنه أنه مسافر .

                                                                                                                                            فإن علمه مقيما كان عليه التمام لما ذكرنا .

                                                                                                                                            وإن غلب على ظنه أنه مقيم كأن رآه مسافرا ، أو عليه لباس الحضر فالظاهر من حاله أنه مقيم ، وإن جاز أن يكون مسافرا فعليه أن يتم ، ولا يجوز له القصر سواء كان الإمام مقيما ، أو مسافرا بقصر ، لأنه لما كان ظاهر أمره الإقامة انعقد إحرامه بنية التمام ، والصلاة إذا انعقدت تامة لم يجز قصرها .

                                                                                                                                            وإن علمه مسافرا ، أو غلب على ظنه أنه مسافر بأن رآه حاضرا ، وعليه ثياب السفر ، فالظاهر من حاله أنه مسافر ، وإن جاز أن يكون مقيما ، فيجوز في هاتين الحالتين أن ينوي السفر ، أو القصر قطعا ، أو يقول : إن قصر إمامي قصرت ، فإذا نوى أحد هذين ، ثم وجد إمامه متما فعليه أن يتم ، وإن وجده قد قصر جاز له أن يقصر ، لأنه لما كان ظاهر حال الإمام في هذين الحالين أنه مسافر كان داخلا على جواز القصر بالاستدلال ، والظاهر ، ومن دخل على جواز القصر بالاستدلال والظاهر جاز له القصر كما لو دخل بالعلم ، لأن الوصول إلى معرفة حاله من غير ذلك متعذر ، ومن هذا الوجه وقع الفرق بين هذا وبين أن يغلب على ظنه أنه مقيم فيلزمه التمام ، وإن بان مسافرا لأنه لم يدخل على جواز القصر بالاستدلال والظاهر ، ألا ترى أنه لو أخبره برؤية الهلال في ليلة الشك امرأة ، أو عبد فنوى صيامه ، ثم صح أنه من رمضان أجزأه لدخوله فيه باستدلال ، ولو صامه بغير استدلال لم يجزه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية