الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : لا يختلف مذهب الشافعي أن كل من لزمته الجمعة فهو مأمور بصلاة العيدين ، إما ندبا أو على الكفاية ، فأما من لا تلزمه الجمعة من العبيد والنساء والمسافرين والمعذورين فهل هم مأمورون بصلاة العيدين أم لا ؟ على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : نص عليه في القديم في كتاب الصيد والذبائح ، أنهم غير مأمورين بها ، وكل موضع تصلى فيه الجمعة يصلى فيه العيدان ، وما لا تصلى فيه الجمعة لا يصلى فيه العيدان ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم - ثم الأئمة - رضي الله عنهم - بعده حضروا منى فلم يروا أن أحدا منهم صلى العيد ، فدل على أن حكمها حكم الجمعة في سقوطها عن المسافر والعبد والمرأة والمنفرد ، وأن من أحب منهم أن يتطوع منفردا صلاها كسائر النوافل بلا تكبير زائد .

                                                                                                                                            والقول الثاني : نص عليه في صلاة العيدين من الجديد وهو الصحيح ، أنهم مأمورون بها ، لعموم أمره صلى الله عليه وسلم ولذلك ما ارتاد لها مكانا واسعا ؛ لأنها يحضرها من لا يحضر الجمعة ، فمن صلى منهم منفردا صلى كصلاة الإمام بتكبير زائد ، فأما تركه في ذلك بمنى فلانعكافه على الحج واشتغاله به لا لكونه مسافرا .

                                                                                                                                            قال الشافعي رضي الله عنه : " وأحب الغسل بعد الفجر للغدو إلى المصلى فإن ترك الغسل تارك أجزأه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما غسل العيدين فسنة مختارة ، لقوله صلى الله عليه وسلم في جمعة من الجمع إن هذا يوم جعله الله تعالى عيدا فاغتسلوا فنبه على غسل العيد لتشبيهه به ويختار أن يغتسل بعد الفجر الثاني ، فإن اغتسل قبل الفجر ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي إسحاق لأجزأه كالجمعة .

                                                                                                                                            والثاني : وهو قول ابن أبي هريرة يجزئه بخلاف الجمعة ؛ لأنه مأمور بالبكور بعد الغسل ، ولا يمكن البكور غالبا على هذه الحال إلا بتقدم الغسل قبل الفجر ؛ ولأن وقت العيد يضيق على المتأهب للصلاة بعد الفجر ، فجاز تقدمه قبله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية