الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الطرف الثالث : في موانع الولاية ، وهي خمسة .

                                                                                                                                                                        ( المانع ) الأول : الرق ، فلا ولاية لرقيق ، ويجوز أن يتوكل لغيره في قبول النكاح بإذن سيده قطعا ، وبغير إذنه على الأصح ، ولا يصح توكيله في الإيجاب على الأصح عند الجمهور . وقد سبق هذا في الوكالة .

                                                                                                                                                                        ( المانع ) الثاني : ما يسلب النظر والبحث عن حال الزوج ، وفيه صور ست . إحداها : الصبا والجنون المطبق يمنعان الولاية وينقلانها إلى الأبعد . وفي الجنون المنقطع وجهان . أصحهما : أنه كالمطبق ، ويزوجها الأبعد يوم جنونه ، لبطلان أهليته . والثاني : لا يزيل ولايته كالإغماء ، فعلى هذا ينتظر حتى يفيق على الصحيح وقيل : يزوجها الحاكم كالغيبة ، والخلاف جار في الثيب المنقطع جنونها . فعلى رأي : تزوج في حال جنونها . وعلى رأي : ينتظر إفاقتها لتأذن . ولو وكل هذا الولي في إفاقته ، اشترط عقد وكيله قبل عود الجنون ، وكذا إذا أذنت الثيب ، يشترط [ ص: 63 ] تقدم العقد على عود الجنون . قال الإمام : وإذا قصرت نوبة الإفاقة جدا ، لم تكن الحال حال تقطع ، لأن السكون اليسير لا بد منه مع إطباق الجنون . ولو أفاق ، وبقيت آثار خبل يحمل مثلها ممن لا يعتريه الجنون على حدة في الخلق ، فهل تعود ولايته ، أم يستدام حكم الجنون إلى أن يصفو من الخبل ؟ فيه وجهان .

                                                                                                                                                                        قلت : لعل الثاني أصح . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        الصورة الثانية : اختلال النظر لهرم أو خبل جبلي أو عارض ، يمنع الولاية وينقلها إلى الأبعد ، والحجر بالفلس لا يمنعها ، وبالسفه يمنعها على المذهب . وقيل : وجهان .

                                                                                                                                                                        قلت : وحكى الشاشي في المفلس وجها . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        [ الصورة ] الثالثة : الإغماء الذي لا يدوم غالبا ، فهو كالنوم ، ينتظر إفاقته ، ولا يزوج غيره . وإن كان مما يدوم يوما أو يومين فأكثر ، فوجهان . أحدهما : نقل الولاية إلى الأبعد كالجنون . وأصحهما : المنع . فعلى هذا ، قال البغوي وغيره : تنتظر إفاقته كالنائم . وقال الإمام : ينبغي أن تعتبر مدته بالسفر . فإن كانت مدة يعتبر فيها إذن الولي الغائب ، وقطع المسافة ذهابا ورجوعا ، انتظرت إفاقته ، وإلا ، فيزوج الحاكم ، ويرجع في معرفة مدته إلى أهل الخبرة .

                                                                                                                                                                        [ الصورة ] الرابعة : السكران الذي سقط تمييزه بالكلية كلامه لغو . فإن بقي له تمييز ونظر ، فالمذهب أنه لا يزوج ، وتنتظر إفاقته .

                                                                                                                                                                        [ الصورة ] الخامسة : الأسقام والآلام الشاغلة عن النظر ومعرفة المصلحة ، تمنع الولاية وتنقلها إلى الأبعد ، نص عليه ، وأخذ به الأصحاب .

                                                                                                                                                                        [ ص: 64 ] [ الصورة ] السادسة : للأعمى أن يتزوج قطعا ، وله أن يزوج على الأصح . ويجري الخلاف في ولاية الأخرس الذي له كتابة أو إشارة مفهمة . وقيل : يزوج قطعا . فإن لم تكن مفهمة ، فلا ولاية له .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية