الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        المانع الثالث : الفسق فيه سبع طرق . أشهرها : في ولاية الفاسق قولان ، وقيل بالمنع قطعا . وقيل : يلي قطعا . وقيل : يلي المجبر فقط . وقيل : عكسه ، لأنه لا يستقل . وقيل : يلي غير الفاسق بشرب الخمر . وقيل : يلي المستتر بفسقه دون المعلن . وأما الراجح ، فالظاهر من مذهب الشافعي - رضي الله عنه - : منع ولاية الفاسق ، وأفتى أكثر المتأخرين بأنه يلي ، لا سيما الخراسانيون ، واختاره الروياني .

                                                                                                                                                                        قلت : الذي رجحه الرافعي في المحرر : منع ولايته . واستفتي الغزالي فيه فقال : إن كان بحيث لو سلبناه الولاية لانتقلت إلى حاكم يرتكب ما يفسقه ، ولي ، وإلا ، فلا . وهذا الذي قاله حسن ، وينبغي أن يكون العمل به . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        قال القاضي حسين والشيخ أبو علي وغيرهما : ولاية الفاسق لمال ولده على الخلاف في ولاية النكاح بلا فرق . وقطع غيرهم بالمنع ، وهو المذهب .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        سبق أن الإمام الأعظم لا ينعزل بالفسق على الصحيح ، وحينئذ في تزويجه [ ص: 65 ] بناته وبنات غيره بالولاية العامة وجهان ، تفريعا على أن الفاسق لا يلي . أحدهما : المنع كغيره ، ويزوجهن من دونه من الولاة والحكام . وأصحهما : أنه يزوج ، تفخيما لشأنه ، ولهذا لم يحكم بانعزاله .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا تاب الفاسق ، قال البغوي في هذا الباب : له التزويج في الحال ، ولا يشترط مضي مدة الاستبراء . والقياس الظاهر وهو المذكور في الشهادات : اعتبار الاستبراء ، لعود الولاية حيث يعتبر لقبول الشهادة ، وسنفصله إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        للفاسق أن يتزوج لنفسه على المذهب ، وبه قطع الجمهور . وفي تعليق الشيخ ملكداذ القزويني ، عن القاضي أبي سعد وجه : أنه ليس له التزويج إذا قلنا : لا يلي .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا قلنا : الفاسق لا يلي ، فالولاية للأبعد على الصحيح ، وبه قطع الجمهور . وحكى الحناطي وجها : أنها للسلطان . ثم الفسق إنما يتحقق بارتكاب كبيرة ، أو إصرار على صغيرة ، وليس العضل من الكبائر ، وإنما يفسق به إذا عضل مرات ، أقلها فيما حكى بعضهم - ثلاث ، وحينئذ فالولاية للأبعد .

                                                                                                                                                                        [ ص: 66 ] فرع

                                                                                                                                                                        إذا قلنا : الفاسق لا يلي ففي أصحاب الحرف الدنية وجهان .

                                                                                                                                                                        قلت : المذهب القطع بثبوت ولايتهم ، قاله البغوي وغيره . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية