الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو تلطخ سلاحه بالدم ، فينبغي أن يلقيه ، أو يجعله في قرابه تحت ركابه إلى أن يفرغ من صلاته إن احتمل الحال ذلك ، فإن احتاج إلى إمساكه ، فله إمساكه ، ثم هل يقضي ؟ نقل إمام الحرمين عن الأصحاب ، أنه يقضي لندور عذره ثم منعه ، وقال : تلطخ السلاح بالدم من الأعذار العامة في حق المقاتل ، ولا سبيل إلى تكليفه تنحية السلاح ، فتلك النجاسة ضرورية في حقه كنجاسة المستحاضة في حقها ، ثم جعل المسألة على قولين مرتبين على القولين فيمن صلى في موضع تنجس ، وهذه الصورة أولى بعدم القضاء لإلحاق الشرع القتال بسائر مسقطات القضاء في سائر المحتملات ، كاستدبار القبلة ، والإيماء بالركوع والسجود .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        تقام صلاة العيدين ، والكسوفين في شدة الخوف ، لأنه يخاف فوتهما ، ولا تقام صلاة الاستسقاء .

                                                                                                                                                                        [ ص: 62 ] فرع

                                                                                                                                                                        تجوز صلاة شدة الخوف في كل ما ليس بمعصية من أنواع القتال ، ولا تجوز في المعصية ، فتجوز في قتال الكفار ، ولأهل العدل في قتال البغاة ، وللرفقة في قطاع الطريق ، ولا تجوز للبغاة والقطاع ، ولو قصد نفس رجل ، أو حريمه ، أو نفس غيره ، أو حريمه ، وأشغل بالدفع ، صلى هذه الصلاة . ولو قصد ماله ، نظر ، إن كان حيوانا ، فكذلك ، وإلا فقولان . أظهرهما : جوازها . والثاني : لا . أما إذا ولوا ظهورهم الكفار منهزمين ، فننظر ، إن كان يحل لهم ذلك بأن يكون في مقابلة كل مسلم أكثر من كافرين ، أو كان متحرفا لقتال ، أو متحيزا إلى فئة ، جازت هذه الصلاة ، وإلا فلا ، لأنه معصية . ولو انهزم الكفار وتبعهم المسلمون ، بحيث لو ثبتوا وأكملوا الصلاة ، فاتهم العدو ، لم تجز هذه الصلاة ، وإن خافوا كمينا أو كرتهم ، جازت .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        الرخصة في هذا النوع لا تختص بالقتال ، بل يتعلق بالخوف مطلقا . فلو هرب في سبيل ، أو حريق ولم يجد معدلا عنه ، أو هرب من سبع ، فله صلاة شدة الخوف . والمديون المعسر العاجز عن بينة الإعسار ولا يصدقه المستحق ، ولو ظفر به حبسه ، له أن يصليها هاربا ، على المذهب . وحكي عن ( الإملاء ) أن من طلب لا ليقتل ، بل ليحبس أو يؤخذ منه شيء : لا يصليها . ولو كان عليه قصاص يرجو العفو إذا سكن الغضب ، قال الأصحاب : له أن يهرب ويصلي صلاة شدة الخوف في هربه ، واستبعد الإمام جواز هربه بهذا التوقع .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية