الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الرابعة :

                                                                                                                                                                                                              قوله تعالى : { كما كتب } [ ص: 107 ] وجه التشبيه فيه محتمل لثلاثة أوجه الزمان ، والقدر ، والوصف ، ومحتمل لجميعها ، ومحتمل لاثنين منها ; فإن رجع إلى الزمان فقد روي أن النصارى كانوا يصومون رمضان ، ثم اختلف عليهم الزمان فكان يأتي في الحر يوما طويلا ، وفي البرد يوما قصيرا ; فارتأوا برأيهم أن يردوه في الزمان المعتدل .

                                                                                                                                                                                                              وإن رجع إلى العدد ففيه ثلاثة أقوال : الأول : أنه ثلاثة أيام ، وقد روي أنه كان ذلك في صدر الإسلام .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : أنه يوم عاشوراء ، روي في " الصحيح { أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجد الناس يصومون عاشوراء ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : هذا يوم أنجى الله فيه موسى عليه السلام وأغرق فيه فرعون ; فقال : نحن أحق بموسى منكم ، فصامه وأمر بصيامه } ، فكان هو الفريضة ، حتى نزل رمضان ; فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { هذا يوم عاشوراء ، ولم يكتب الله عليكم صيامه ، من شاء صامه ومن شاء أفطره } .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : أنه ثلاثون يوما ، كما فرض على النصارى في أول الأمر ، ثم غيروه لأسباب مروية .

                                                                                                                                                                                                              وإن رجع إلى الوصف ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه } وقد كان شرع من قبلنا [ ص: 108 ] يصومون عن الكلام كله ، وفي شرعنا الأمر بالصيام عن قول الزور متأكد على الأمر به في غير الصيام .

                                                                                                                                                                                                              والمقطوع به أنه التشبيه في الفرضية خاصة ; وسائره محتمل ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية