[ ص: 3 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=32267سُورَةُ النِّسَاءِ
وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ إِلَّا آيَةً وَاحِدَةً نَزَلَتْ
بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=5546عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ الْحَجَبِيِّ وَهِيَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=58إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ . قَالَ
النَّقَّاشُ : وَقِيلَ : نَزَلَتْ عِنْدَ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ
مَكَّةَ إِلَى
الْمَدِينَةِ . وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ : إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1يَا أَيُّهَا النَّاسُ حَيْثُ وَقَعَ إِنَّمَا هُوَ مَكِّيٌّ ، وَقَالَهُ
عَلْقَمَةُ وَغَيْرُهُ ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ صَدْرُ السُّورَةِ مَكِّيًّا ، وَمَا نَزَلَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَإِنَّمَا هُوَ مَدَنِيٌّ . وَقَالَ
النَّحَّاسُ : هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ .
قُلْتُ : وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ، فَإِنَّ فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ عَنْ
عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : مَا نَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ إِلَّا وَأَنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ تَعْنِي قَدْ بَنَى بِهَا . وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا بَنَى
بِعَائِشَةَ بِالْمَدِينَةِ . وَمَنْ تَبَيَّنَ أَحْكَامَهَا عَلِمَ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ لَا شَكَّ فِيهَا . وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إِنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَكِّيٌّ حَيْثُ وَقَعَ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ ؛ فَإِنَّ الْبَقَرَةَ مَدَنِيَّةٌ وَفِيهَا قَوْلُهُ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1يَا أَيُّهَا النَّاسُ فِي مَوْضِعَيْنِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
فِيهِ سِتُّ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ قَدْ مَضَى فِي
[ ص: 4 ] " الْبَقَرَةِ " اشْتِقَاقُ النَّاسِ وَمَعْنَى التَّقْوَى وَالرَّبِّ وَالْخَلْقِ وَالزَّوْجِ وَالْبَثِّ ، فَلَا مَعْنَى لِلْإِعَادَةِ . وَفِي الْآيَةِ تَنْبِيهٌ عَلَى الصَّانِعِ . وَقَالَ : " وَاحِدَةٍ " عَلَى تَأْنِيثِ لَفْظِ النَّفْسِ . وَلَفْظُ النَّفْسِ يُؤَنَّثُ وَإِنْ عُنِيَ بِهِ مُذَكَّرٌ . وَيَجُوزُ فِي الْكَلَامِ " مِنْ نَفْسٍ وَاحِدٍ " وَهَذَا عَلَى مُرَاعَاةِ الْمَعْنَى ؛ إِذِ الْمُرَادُ بِالنَّفْسِ
آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، قَالَهُ
مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ . وَهِيَ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنِ أَبِي عَبْلَةَ " وَاحِدٍ " بِغَيْرِ هَاءٍ . وَبَثَّ : فَرَّقَ وَنَشَرَ فِي الْأَرْضِ ؛ وَمِنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=16وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي " الْبَقَرَةِ " .
وَمِنْهُمَا يَعْنِي
آدَمَ وَحَوَّاءَ . قَالَ
مُجَاهِدٌ : خُلِقَتْ
حَوَّاءُ مِنْ قُصَيْرَى
آدَمَ . وَفِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=838409خُلِقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ ضِلْعٍ عَوْجَاءَ ، وَقَدْ مَضَى فِي الْبَقَرَةِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً حَصَرَ ذُرِّيَّتَهُمَا فِي نَوْعَيْنِ ؛ فَاقْتَضَى أَنَّ الْخُنْثَى لَيْسَ بِنَوْعٍ ، لَكِنْ لَهُ حَقِيقَةٌ تَرُدُّهُ إِلَى هَذَيْنَ النَّوْعَيْنِ وَهِيَ الْآدَمِيَّةُ فَيَلْحَقُ بِأَحَدِهِمَا ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي " الْبَقَرَةِ " مِنَ اعْتِبَارِ نَقْصِ الْأَعْضَاءِ وَزِيَادَتِهَا .
الثَّانِيةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ كَرَّرَ الِاتِّقَاءَ تَأْكِيدًا وَتَنْبِيهًا لِنُفُوسِ الْمَأْمُورِينَ . وَالَّذِي فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى النَّعْتِ . وَالْأَرْحَامُ مَعْطُوفٌ . أَيِ اتَّقُوا اللَّهَ أَنْ تَعْصُوهُ ، وَاتَّقُوا الْأَرْحَامَ أَنْ تَقْطَعُوهَا . وَقَرَأَ أَهْلُ
الْمَدِينَةِ " تَسَّاءَلُونَ " بِإِدْغَامِ التَّاءِ فِي السِّينِ . وَأَهْلُ
الْكُوفَةِ بِحَذْفِ التَّاءِ ، لِاجْتِمَاعِ تَاءَيْنِ ، وَتَخْفِيفِ السِّينِ ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يُعْرَفُ ؛ وَهُوَ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=2وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَتَنَزَّلُ وَشَبَهِهِ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ " الْأَرْحَامِ " بِالْخَفْضِ .
وَقَدْ تَكَلَّمَ النَّحْوِيُّونَ فِي ذَلِكَ . فَأَمَّا
الْبَصْرِيُّونَ فَقَالَ رُؤَسَاؤُهُمْ : هُوَ لَحْنٌ لَا تَحِلُّ الْقِرَاءَةُ بِهِ . وَأَمَّا
الْكُوفِيُّونَ فَقَالُوا : هُوَ قَبِيحٌ ؛ وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى هَذَا وَلَمْ يَذْكُرُوا عِلَّةَ قُبْحِهِ ؛ قَالَ
النَّحَّاسُ : فِيمَا عَلِمْتُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : لَمْ يُعْطَفْ عَلَى الْمُضْمَرِ الْمَخْفُوضِ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ التَّنْوِينِ ، وَالتَّنْوِينُ لَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ . وَقَالَ جَمَاعَةٌ : هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَكْنِيِّ ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَتَسَاءَلُونَ بِهَا ، يَقُولُ الرَّجُلُ : سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ وَالرَّحِمِ ؛ هَكَذَا فَسَّرَهُ
الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ وَمُجَاهِدٌ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الْمَسْأَلَةِ ، عَلَى مَا يَأْتِي . وَضَعَّفَهُ أَقْوَامٌ مِنْهُمُ
الزَّجَّاجُ ، وَقَالُوا : يَقْبُحُ عَطْفُ الِاسْمِ الظَّاهِرِ عَلَى الْمُضْمَرِ فِي الْخَفْضِ إِلَّا بِإِظْهَارِ الْخَافِضِ ؛ كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=81فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ وَيَقْبُحُ " مَرَرْتُ بِهِ وَزَيْدٍ " . قَالَ
الزَّجَّاجُ : عَنِ
الْمَازِنِيِّ : لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ وَالْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ شَرِيكَانِ
[ ص: 5 ] ، يَحُلُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَحَلَّ صَاحِبِهِ ؛ فَكَمَا لَا يَجُوزُ " مَرَرْتُ بِزَيْدٍ وَكَ " كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ " مَرَرْتُ بِكَ وَزَيْدٍ " . وَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ فَهِيَ عِنْدَهُ قَبِيحَةٌ وَلَا تَجُوزُ إِلَّا فِي الشِّعْرِ ؛ كَمَا قَالَ :
فَالْيَوْمَ قَرَّبْتَ تَهْجُونَا وَتَشْتِمُنَا فَاذْهَبْ فَمَا بِكَ وَالْأَيَّامِ مِنْ عَجَبِ
عَطَفَ " الْأَيَّامَ " عَلَى الْكَافِ فِي " بِكَ " بِغَيْرِ الْبَاءِ لِلضَّرُورَةِ . وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْآخَرِ :
نُعَلِّقُ فِي مِثْلِ السَّوَارِي سُيُوفَنَا وَمَا بَيْنَهَا وَالْكَعْبِ مَهْوَى نَفَانِفُ
عَطَفَ " الْكَعْبَ " عَلَى الضَّمِيرِ فِي " بَيْنَهَا " ضَرُورَةً . وَقَالَ
أَبُو عَلِيٍّ : ذَلِكَ ضَعِيفٌ فِي الْقِيَاسِ . وَفِي كِتَابِ التَّذْكِرَةِ الْمَهْدِيَّةِ عَنِ
الْفَارِسِيِّ أَنَّ
أَبَا الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدَ قَالَ : لَوْ صَلَّيْتُ خَلْفَ إِمَامٍ يَقْرَأُ مَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ لَأَخَذْتُ نَعْلِي وَمَضَيْتُ . قَالَ
الزَّجَّاجُ : قِرَاءَةُ
حَمْزَةَ مَعَ ضَعْفِهَا وَقُبْحِهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ خَطَأٌ عَظِيمٌ فِي أُصُولِ أَمْرِ الدِّينِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832039لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَإِذَا لَمْ يَجُزِ
nindex.php?page=treesubj&link=16359الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ بِالرَّحِمِ . وَرَأَيْتُ
إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِسْحَاقَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْحَلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ أَمْرٌ عَظِيمٌ ، وَأَنَّهُ خَاصٌّ لِلَّهِ تَعَالَى . قَالَ
النَّحَّاسُ : وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ " وَالْأَرْحَامِ " قَسَمٌ خَطَأٌ مِنَ الْمَعْنَى وَالْإِعْرَابِ ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُلُّ عَلَى النَّصْبِ . وَرَوَى
شُعْبَةُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16733عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ ، عَنِ
الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَ قَوْمٌ مِنْ
مُضَرَ حُفَاةً عُرَاةً ، فَرَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَغَيَّرُ لِمَا رَأَى مِنْ فَاقَتِهِمْ ؛ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ وَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ ، إِلَى : وَالْأَرْحَامَ ؛ ثُمَّ قَالَ : تَصَدَّقَ رَجُلٌ بِدِينَارِهِ تَصَدَّقَ رَجُلٌ بِدِرْهَمِهِ تَصَدَّقَ رَجُلٌ بِصَاعِ تَمْرِهِ . . . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ . فَمَعْنَى هَذَا عَلَى النَّصْبِ ؛ لِأَنَّهُ حَضَّهُمْ عَلَى صِلَةِ أَرْحَامِهِمْ . وَأَيْضًا فَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=830711مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ . فَهَذَا يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قَالَ : الْمَعْنَى أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ وَبِالرَّحِمِ . وَقَدْ قَالَ
أَبُو إِسْحَاقَ : مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1تَسَاءَلُونَ بِهِ يَعْنِي تَطْلُبُونَ حُقُوقَكُمْ بِهِ . وَلَا مَعْنَى لِلْخَفْضِ أَيْضًا مَعَ هَذَا .
قُلْتُ : هَذَا مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْقَوْلِ لِعُلَمَاءِ اللِّسَانِ فِي مَنْعِ قِرَاءَةِ " وَالْأَرْحَامِ "
[ ص: 6 ] بِالْخَفْضِ ، وَاخْتَارَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ . وَرَدَّهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12851الْإِمَامُ أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْقُشَيْرِيُّ ، وَاخْتَارَ الْعَطْفَ فَقَالَ : وَمِثْلُ هَذَا الْكَلَامِ مَرْدُودٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ الدِّينِ ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَاتِ الَّتِي قَرَأَ بِهَا أَئِمَّةُ الْقُرَّاءِ ثَبَتَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَاتُرًا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الصَّنْعَةِ ، وَإِذَا ثَبَتَ شَيْءٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ رَدَّ ذَلِكَ فَقَدْ رَدَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاسْتَقْبَحَ مَا قَرَأَ بِهِ ، وَهَذَا مَقَامٌ مَحْذُورٌ ، وَلَا يُقَلَّدُ فِيهِ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ ؛ فَإِنَّ الْعَرَبِيَّةَ تُتَلَقَّى مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا يَشُكُّ أَحَدٌ فِي فَصَاحَتِهِ . وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنَ الْحَدِيثِ فَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ
لِأَبِي الْعُشَرَاءِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=838412وَأَبِيكَ لَوْ طَعَنْتَ فِي خَاصِرَتِهِ . ثُمَّ النَّهْيُ إِنَّمَا جَاءَ فِي الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ ، وَهَذَا تَوَسُّلٌ إِلَى الْغَيْرِ بِحَقِّ الرَّحِمِ فَلَا نَهْيَ فِيهِ . قَالَ
الْقُشَيْرِيُّ : وَقَدْ قِيلَ هَذَا إِقْسَامٌ بِالرَّحِمِ ، أَيِ اتَّقُوا اللَّهَ وَحَقِّ الرَّحِمِ ؛ كَمَا تَقُولُ : افْعَلْ كَذَا وَحَقِّ أَبِيكَ . وَقَدْ جَاءَ فِي التَّنْزِيلِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1وَالنَّجْمِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=1وَالطُّورِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=1وَالتِّينِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=72لَعَمْرُكَ وَهَذَا تَكَلُّفٌ
قُلْتُ : لَا تَكَلُّفَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ " وَالْأَرْحَامِ " مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ ، فَيَكُونُ أَقْسَمَ بِهَا كَمَا أَقْسَمَ بِمَخْلُوقَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ تَأْكِيدًا لَهَا حَتَّى قَرَنَهَا بِنَفْسِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلِلَّهِ أَنْ يُقْسِمَ بِمَا شَاءَ وَيَمْنَعَ مَا شَاءَ وَيُبِيحَ مَا شَاءَ ، فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ قَسَمًا . وَالْعَرَبُ تُقْسِمُ بِالرَّحِمِ . وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ مُرَادَةً فَحَذَفَهَا كَمَا حَذَفَهَا فِي قَوْلِهِ :
مَشَائِيمُ لَيْسُوا مُصْلِحِينَ عَشِيرَةً وَلَا نَاعِبٍ إِلَّا بِبَيْنٍ غُرَابُهَا
فَجَرَّ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ بَاءٌ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12721ابْنُ الدَّهَّانِ أَبُو مُحَمَّدٍ سَعِيدُ بْنُ مُبَارَكٍ :
وَالْكُوفِيُّ يُجِيزُ عَطْفَ الظَّاهِرِ عَلَى الْمَجْرُورِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ . وَمِنْهُ قَوْلُهُ :
آبَكَ أَيِّهْ بِيَ أَوْ مُصَدَّرِ مِنْ حُمُرِ الْجِلَّةِ جَأْبٍ حَشْوَرِ
وَمِنْهُ :
فَاذْهَبْ فَمَا بِكَ وَالْأَيَّامِ مِنْ عَجَبِ
وَقَوْلُ الْآخَرِ :
وَمَا بَيْنَهَا وَالْكَعْبِ غَوْطٌ نَفَانِفُ
وَمِنْهُ :
فَحَسْبُكَ وَالضَّحَّاكِ سَيْفٌ مُهَنَّدُ
وَقَوْلُ الْآخَرِ :
وَقَدْ رَامَ آفَاقَ السَّمَاءِ فَلَمْ يَجِدْ لَهُ مَصْعَدًا فِيهَا وَلَا الْأَرْضِ مَقْعَدَا
[ ص: 7 ] وَقَوْلُ الْآخَرِ :
مَا إِنْ بِهَا وَالْأُمُورِ مِنْ تَلَفٍ مَا حُمَّ مِنْ أَمْرِ غَيْبِهِ وَقَعَا
وَقَوْلُ الْآخَرِ :
أَمُرُّ عَلَى الْكَتِيبَةِ لَسْتُ أَدْرِي أَحَتْفِي كَانَ فِيهَا أَمْ سِوَاهَا
فِ " سِوَاهَا " مَجْرُورُ الْمَوْضِعِ بِفِي . وَعَلَى هَذَا حَمَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=20وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ فَعَطَفَ عَلَى الْكَافِ وَالْمِيمِ .
وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ " وَالْأَرْحَامُ " بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ ، وَالْخَبَرُ مُقَدَّرٌ ، تَقْدِيرُهُ : وَالْأَرْحَامُ أَهْلٌ أَنْ تُوصَلَ . وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِغْرَاءً ؛ لِأَنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَرْفَعُ الْمُغْرَى . وَأَنْشَدَ
الْفَرَّاءُ :
إِنَّ قَوْمًا مِنْهُمُ عُمَيْرٌ وَأَشْبَا هُ عُمَيْرٍ وَمِنْهُمُ السَّفَّاحُ
لَجَدِيرُونَ بِاللِّقَاءِ إِذَا قَا لَ أَخُو النَّجْدَةِ السِّلَاحُ السِّلَاحُ
وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ " وَالْأَرْحَامَ " بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى مَوْضِعِ بِهِ ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَهُ نَصْبٌ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ :
فَلَسْنَا بِالْجِبَالِ وَلَا الْحَدِيدَا
وَكَانُوا يَقُولُونَ : أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ وَالرَّحِمَ . وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ نَصْبٌ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ كَمَا ذَكَرْنَا .
الثَّالِثَةُ : اتَّفَقَتِ الْمِلَّةُ عَلَى أَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ وَاجِبَةٌ وَأَنَّ قَطِيعَتَهَا مُحَرَّمَةٌ . وَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
لِأَسْمَاءَ وَقَدْ سَأَلَتْهُ أَأَصِلُ أُمِّي ؟
nindex.php?page=hadith&LINKID=832442نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ فَأَمَرَهَا بِصِلَتِهَا وَهِيَ كَافِرَةٌ .
فَلِتَأْكِيدِهَا دَخَلَ الْفَضْلُ فِي صِلَةِ الْكَافِرِ ، حَتَّى انْتَهَى الْحَالُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990بِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فَقَالُوا بِتَوَارُثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةٌ وَلَا فَرْضٌ مُسَمًّى ، وَيَعْتِقُونَ عَلَى مَنِ اشْتَرَاهُمْ مِنْ ذَوِي رَحِمِهِمْ لِحُرْمَةِ الرَّحِمِ ؛ وَعَضَّدُوا ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832443مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مُحَرَّمٍ فَهُوَ حُرٌّ . وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ . رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=10وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ . وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=11867وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٍ nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيِّ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ
الثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ . وَلِعُلَمَائِنَا فِي
[ ص: 8 ] ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ - أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ .
الثَّانِي - الْجَنَاحَانِ يَعْنِي الْإِخْوَةَ .
الثَّالِثُ - كَقَوْلِ
أَبِي حَنِيفَةَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ إِلَّا أَوْلَادُهُ وَآبَاؤُهُ وَأُمَّهَاتُهُ ، وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ إِخْوَتُهُ وَلَا أَحَدٌ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ وَلُحْمَتِهِ .
وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِلْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَأَخْرَجَهُ
التِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ . وَأَحْسَنُ طُرُقِهِ رِوَايَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيِّ لَهُ ؛ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ
ضَمْرَةَ ، عَنْ
سُفْيَانَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16430عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832444مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَقَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ . وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ بِنَقْلِ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ وَلَمْ يَقْدَحْ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ بِعِلَّةٍ تُوجِبُ تَرْكَهُ ؛ غَيْرَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيَّ قَالَ فِي آخِرِهِ : هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ . وَقَالَ غَيْرُهُ : تَفَرَّدَ بِهِ
ضَمْرَةُ . وَهَذَا هُوَ مَعْنَى الْمُنْكَرِ وَالشَّاذِّ فِي اصْطِلَاحِ الْمُحَدِّثِينَ .
وَضَمْرَةُ عَدْلٌ ثِقَةٌ ، وَانْفِرَادُ الثِّقَةِ بِالْحَدِيثِ لَا يَضُرُّهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الرَّابِعَةُ : وَاخْتَلَفُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي ذَوِي الْمَحَارِمِ مِنَ الرَّضَاعَةِ . فَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَدْخُلُونَ فِي مُقْتَضَى الْحَدِيثِ . وَقَالَ
شَرِيكٌ الْقَاضِي بِعِتْقِهِمْ . وَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَبَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ إِلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=7586الْأَبَ لَا يَعْتِقُ عَلَى الِابْنِ إِذَا مَلَكَهُ ؛ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832087لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدًا إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ . قَالُوا : فَإِذَا صَحَّ الشِّرَاءُ فَقَدْ ثَبَتَ الْمِلْكُ ، وَلِصَاحِبِ الْمِلْكِ التَّصَرُّفُ . وَهَذَا جَهْلٌ مِنْهُمْ بِمَقَاصِدِ الشَّرْعِ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=83وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا فَقَدْ قَرَنَ بَيْنَ عِبَادَتِهِ وَبَيْنَ الْإِحْسَانِ لِلْوَالِدَيْنِ فِي الْوُجُوبِ ، وَلَيْسَ مِنَ الْإِحْسَانِ أَنْ يَبْقَى وَالِدُهُ فِي مِلْكِهِ وَتَحْتَ سُلْطَانِهِ ؛ فَإِذًا يَجِبُ عَلَيْهِ عِتْقُهُ إِمَّا لِأَجْلِ الْمِلْكِ عَمَلًا بِالْحَدِيثِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=832445فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ ، أَوْ لِأَجْلِ الْإِحْسَانِ عَمَلًا بِالْآيَةِ . وَمَعْنَى الْحَدِيثِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْوَلَدَ لَمَّا تَسَبَّبَ إِلَى عِتْقِ أَبِيهِ بِاشْتِرَائِهِ نَسَبَ الشَّرْعُ الْعِتْقَ إِلَيْهِ نِسْبَةَ الْإِيقَاعِ مِنْهُ . وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِيمَنْ يُعْتَقُ بِالْمِلْكِ ، فَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَعْنَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَوَجْهُ الثَّانِي إِلْحَاقُ الْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ بِالْأَبِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ ، وَلَا أَقْرَبَ لِلرَّجُلِ مِنَ ابْنِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْأَبِ ، وَالْأَخُ يُقَارِبُهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُدْلِي بِالْأُبُوَّةِ ؛ فَإِنَّهُ يَقُولُ : أَنَا ابْنُ أَبِيهِ . وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّالِثُ فَمُتَعَلَّقُهُ حَدِيثُ
ضَمْرَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الْخَامِسَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : وَالْأَرْحَامُ الرَّحِمُ اسْمٌ لِكَافَّةِ الْأَقَارِبِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ
[ ص: 9 ] الْمَحْرَمِ وَغَيْرِهِ .
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ يَعْتَبِرُ الرَّحِمَ الْمَحْرَمَ فِي مَنْعِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ ، وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي حَقِّ بَنِي الْأَعْمَامِ مَعَ أَنَّ الْقَطِيعَةَ مَوْجُودَةٌ وَالْقَرَابَةَ حَاصِلَةٌ ؛ وَلِذَلِكَ تَعَلَّقَ بِهَا الْإِرْثُ وَالْوِلَايَةُ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَحْكَامِ . فَاعْتِبَارُ الْمَحْرَمِ زِيَادَةٌ عَلَى نَصِّ الْكِتَابِ مِنْ غَيْرِ مُسْتَنَدٍ . وَهُمْ يَرَوْنَ ذَلِكَ نَسْخًا ، سِيَّمَا وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى التَّعْلِيلِ بِالْقَطِيعَةِ ، وَقَدْ جَوَّزُوهَا فِي حَقِّ بَنِي الْأَعْمَامِ وَبَنِي الْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
السَّادِسَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا أَيْ حَفِيظًا ؛ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ .
ابْنُ زَيْدٍ : عَلِيمًا . وَقِيلَ : رَقِيبًا حَافِظًا ؛ قِيلَ : بِمَعْنَى فَاعِلٍ . فَالرَّقِيبُ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَالرَّقِيبُ : الْحَافِظُ وَالْمُنْتَظِرُ ؛ تَقُولُ رَقَبْتُ أَرْقُبُ رِقْبَةً وَرِقْبَانًا إِذَا انْتَظَرْتَ . وَالْمَرْقَبُ : الْمَكَانُ الْعَالِي الْمُشْرِفُ ، يَقِفُ عَلَيْهِ الرَّقِيبُ . وَالرَّقِيبُ : السَّهْمُ الثَّالِثُ مِنَ السَّبْعَةِ الَّتِي لَهَا أَنْصِبَاءُ . وَيُقَالُ : إِنَّ الرَّقِيبَ ضَرْبٌ مِنَ الْحَيَّاتِ ، فَهُوَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .