بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الإكراه باب وقول الله تعالى إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم وقال إلا أن تتقوا منهم تقاة وهي تقية وقال إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض إلى قوله عفوا غفورا وقال والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا فعذر الله المستضعفين الذين لا يمتنعون من ترك ما أمر الله به والمكره لا يكون إلا مستضعفا غير ممتنع من فعل ما أمر به وقال الحسن التقية إلى يوم القيامة وقال فيمن يكرهه اللصوص فيطلق ليس بشيء وبه قال ابن عباس ابن عمر والشعبي والحسن وقال النبي صلى الله عليه وسلم الأعمال بالنية وابن الزبير
6541 حدثنا حدثنا يحيى بن بكير عن الليث خالد بن يزيد عن عن سعيد بن أبي هلال أن هلال بن أسامة أخبره عن أبا سلمة بن عبد الرحمن أبي هريرة عياش بن أبي ربيعة وسلمة بن هشام والوليد بن الوليد اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر وابعث عليهم سنين كسني اللهم أنج يوسف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة
كتاب الإكراه
- باب وقول الله تعالى إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله
- باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر
- باب في بيع المكره ونحوه في الحق وغيره
- لا يجوز نكاح المكره
- باب إذا أكره حتى وهب عبدا أو باعه لم يجز
- باب من الإكراه كرها و كرها واحد
- باب إذا استكرهت المرأة على الزنا فلا حد عليها
- باب يمين الرجل لصاحبه إنه أخوه إذا خاف عليه القتل أو نحوه
التالي
السابق
قوله : ( بسم الله الرحمن الرحيم كتاب ) هو إلزام الغير بما لا يريده . الإكراه : وشروط الإكراه أربعة
الأول : أن يكون فاعله قادرا على إيقاع ما يهدد به والمأمور عاجزا عن الدفع ولو بالفرار .
الثاني : أن يغلب على ظنه أنه إذا امتنع أوقع به ذلك .
الثالث : أن يكون ما هدده به فوريا ، فلو قال إن لم تفعل كذا ضربتك غدا لا يعد مكرها ويستثنى ما إذا ذكر زمنا قريبا جدا أو جرت العادة بأنه لا يخلف
الرابع : أن لا يظهر من المأمور ما يدل على اختياره كمن وكمن قيل له طلق ثلاثا فطلق واحدة وكذا عكسه . أكره على الزنا فأولج وأمكنه أن ينزع ويقول أنزلت فيتمادى حتى ينزل ،
ولا فرق بين الإكراه على القول والفعل عند الجمهور ، ويستثنى من الفعل ما هو محرم على التأبيد كقتل النفس بغير حق ، واختلف في المكره هل يكلف بترك فعل ما أكره عليه أو لا؟
فقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي : انعقد الإجماع على أن وأنه يأثم إن قتل من أكره على قتله ، وذلك يدل أنه مكلف حالة الإكراه ، وكذا وقع في كلام المكره على القتل مأمور باجتناب القتل والدفع عن نفسه وغيره ، ومقتضى كلامهم تخصيص الخلاف بما إذا وافق داعية الإكراه داعية الشرع كالإكراه على قتل الكافر وإكراهه على الإسلام . الغزالي
أما ما خالف فيه داعية الإكراه داعية الشرع كالإكراه على القتل فلا خلاف في جواز التكليف به ، وإنما جرى الخلاف في وهو من [ ص: 327 ] لا يجد مندوحة عن الفعل كمن ألقي من شاهق وعقله ثابت فسقط على شخص فقتل فإنه لا مندوحة له عن السقوط ولا اختيار له في عدمه وإنما هو آلة محضة ، ولا نزاع في أنه غير مكلف إلا ما أشار إليه تكليف الملجإ الآمدي من التفريع على تكليف ما لا يطاق ، وقد جرى الخلاف في وهو أبعد من الملجإ لأنه لا شعور له أصلا وإنما قال الفقهاء بتكليفه على معنى ثبوت الفعل في ذمته أو من جهة ربط الأحكام بالأسباب . تكليف الغافل كالنائم والناسي
وقال القفال : إنما شرع سجود السهو ووجبت الكفارة على المخطئ لكون الفعل في نفسه متهيئا من حيث هو لا أن الغافل نهي عنه حالة الغفلة إذ لا يمكنه التحفظ عنه ، واختلف فيما يهدد به فاتفقوا على القتل وإتلاف العضو والضرب الشديد والحبس الطويل ، واختلفوا في يسير الضرب والحبس كيوم أو يومين .
قوله : ( وقول الله تعالى إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) وساق إلى عظيم . وهو وعيد شديد لمن ارتد مختارا ، وأما من أكره على ذلك فهو معذور بالآية ؛ لأن الاستثناء من الإثبات نفي فيقتضي أن لا يدخل الذي أكره على الكفر تحت الوعيد .
والمشهور أن الآية المذكورة نزلت في كما جاء من طريق عمار بن ياسر أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال عمارا فعذبوه حتى قاربهم في بعض ما أرادوا ، فشكى ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له : كيف تجد قلبك؟ قال : مطمئنا بالإيمان ، قال فإن عادوا فعد " وهو مرسل ورجاله ثقات أخرجه " أخذ المشركون الطبري وقبله عبد الرزاق وعنه عبد بن حميد ، وأخرجه من هذا الوجه فزاد في السند فقال : " عن البيهقي أبي عبيدة بن محمد بن عمار عن أبيه " وهو مرسل أيضا ، وأخرج الطبري أيضا من طريق عطية العوفي عن ابن عباس نحوه مطولا وفي سنده ضعف .
وفيه أن المشركين عذبوا عمارا وأباه وأمه وصهيبا وبلالا وخبابا فمات وسالما مولى أبي حذيفة ، ياسر وامرأته في العذاب وصبر الآخرون . وفي رواية مجاهد عن ابن عباس عند ابن المنذر أن الصحابة لما هاجروا إلى المدينة أخذ المشركون خبابا وبلالا وعمارا ، فأطاعهم عمار وأبى الآخران فعذبوهما ، وأخرجه الفاكهي من مرسل وأن ذلك وقع من زيد بن أسلم عمار عند بيعة الأنصار في العقبة عمارا فسألوه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فجحدهم خبره فأرادوا أن يعذبوه فقال هو يكفر بمحمد وبما جاء به فأعجبهم وأطلقوه ، فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر نحوه ، وفي سنده ضعف أيضا . وأن الكفار أخذوا
وأخرج عبد بن حميد من طريق ابن سيرين وهو يبكي فجعل يمسح الدموع عنه ويقول أخذك المشركون فغطوك في الماء حتى قلت لهم كذا ، إن عادوا فعد عمار بن ياسر " ورجاله ثقات مع إرساله أيضا وهذه المراسيل تقوى بعضها ببعض ، وقد أخرجه " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقي ابن أبي حاتم من طريق مسلم الأعور - وهو ضعيف - عن مجاهد عن ابن عباس قال : " عذب المشركون عمارا حتى قال لهم كلاما تقية فاشتد عليه " الحديث .
وقد أخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان قال : " أخبر الله أن من كفر بعد إيمانه فعليه غضب من الله ، وأما من فلا حرج عليه ، إن شاء الله إنما يأخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم " . أكره بلسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوه
قلت : وعلى هذا فالاستثناء مقدم من قوله فعليهم غضب كأنه قيل فعليهم غضب من الله إلا من أكره ، لأن فاستثنى الأول وهو المكره . الكفر يكون بالقول والفعل من غير اعتقاد وقد يكون باعتقاد
قوله : ( وقال : إلا أن تتقوا منهم تقاة وهي تقية ) أخذه من كلام أبي عبيدة قال : تقاة وتقية واحد .
قلت : وقد تقدم ذلك في تفسير آل عمران ومعنى الآية : لا يتخذ المؤمن الكافر وليا في الباطن ولا في الظاهر إلا للتقية في [ ص: 328 ] الظاهر فيجوز أن يواليه إذا خافه ويعاديه باطنا . قيل : الحكمة في العدول عن الخطاب أن موالاة الكفار لما كانت مستقبحة لم يواجه الله المؤمنين بالخطاب .
قلت : ويظهر لي أن الحكمة فيه أنه لما تقدم الخطاب في قوله : لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم كأنهم أخذوا بعمومه حتى أنكروا على من كان له عذر في ذلك فنزلت هذه الآية رخصة في ذلك ، وهو كالآيات الصريحة في الزجر عن الكفر بعد الإيمان ، ثم رخص فيه لمن أكره على ذلك .
قوله : ( وقال : إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض - إلى قوله - : عفوا غفورا ) - وقال والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا هكذا في رواية أبي ذر ، وهو صواب ، وإنما أوردته بلفظه للتنبيه على ما وقع من الاختلاف عند الشراح ، ووقع في رواية كريمة والأصيلي والقابسي : إن الذين توفاهم فساق إلى قوله : في الأرض وقال بعدها إلى قوله : واجعل لنا من لدنك نصيرا وفيه تغيير .
ووقع في رواية النسفي إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم الآيات قال : وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله - إلى قوله - : نصيرا وهو صواب وإن كانت الآيات الأولى متراخية في السورة عن الآية الأخيرة فليس فيه شيء من التغيير ، وإنما صدر بالآيات المتراخية للإشارة إلى ما روي عن مجاهد أنها نزلت في ناس من أهل مكة آمنوا فكتب إليهم من المدينة فإنا لا نراكم منا إلا أن هاجرتم ، فخرجوا فأدركهم أهلهم بالطريق ففتنوهم حتى كفروا مكرهين ، واقتصر ابن بطال على هذا الأخير وعزاه للمفسرين ، وقال ابن بطال : إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم إلى أن يعفو عنهم وقال إلا المستضعفين إلى الظالم أهلها ، قلت : وليس فيه تغيير من التلاوة إلا أن فيه تصرفا فيما ساقه المصنف .
وقال ابن التين بعد أن تكلم على قصة عمار إلى أن قال ولكن من شرح بالكفر صدرا أي من فتح صدره لقبوله . وقوله : الذين توفاهم الملائكة إلى قوله : واجعل لنا من لدنك نصيرا ليس التلاوة كذلك لأن قوله : واجعل لنا من لدنك نصيرا قبل هذا ، قال : ووقع في بعض النسخ إلى قوله : غفورا رحيما وفي بعضها فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وقال : إلا المستضعفين من الرجال إلى قوله : من لدنك نصيرا وهذا على نسق التنزيل ، كذا قال فأخطأ ، فالآية التي آخرها نصيرا في أولها " والمستضعفين " بالواو لا بلفظ : " إلا " وما نقله عن بعض النسخ إلى قوله : غفورا رحيما محتمل لأن آخر الآية التي أولها إن الذين توفاهم الملائكة قوله : وساءت مصيرا وآخر التي بعدها سبيلا وآخر التي بعدها عفوا غفورا وآخر التي بعدها غفورا رحيما فكأنه أراد سياق أربع آيات .
قوله : ( فعذر الله المستضعفين الذين لا يمتنعون من ترك ما أمر الله به ) يعني إلا إذا غلبوا . قال : والمكره لا يكون إلا مستضعفا غير ممتنع من فعل ما أمره به أي ما يأمره به من له قدرة على إيقاع الشر به ، أي لأنه لا يقدر على الامتناع من الترك كما لا يقدر المكره على الامتناع من الفعل فهو في حكم المكره .
قوله : ( وقال ) أي البصري ( الحسن ) وصله التقية إلى يوم القيامة عبد بن حميد من رواية وابن أبي شيبة عوف الأعرابي " عن قال التقية جائزة للمؤمن إلى يوم القيامة إلا أنه كان لا يجعل في القتل تقية " ، ولفظ الحسن البصري عبد بن حميد إلا في قتل النفس التي حرم الله يعني لا يعذر من لكونه يؤثر نفسه على [ ص: 329 ] نفس غيره . أكره على قتل غيره
قلت : ومعنى الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير ، وأصله وقية بوزن حمزة فعلة من الوقاية ، وأخرج التقية من طريق البيهقي عن ابن جريج عطاء عن ابن عباس قال : " التقية باللسان والقلب مطمئن بالإيمان ولا يبسط يده للقتل " .
قوله : ( وقال ابن عباس فيمن يكرهه اللصوص فيطلق ليس بشيء ، وبه قال ابن عمر وابن الزبير والشعبي والحسن ) أما قول ابن عباس فوصله ابن أبي شيبة من طريق عكرمة أنه سئل عن رجل أكرهه اللصوص حتى طلق امرأته فقال : قال ابن عباس : ليس بشيء ، أي لا يقع عليه الطلاق . وأخرج عبد الرزاق بسند صحيح عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان لا يرى شيئا ، وأما قول طلاق المكره ابن عمر وابن الزبير فأخرجهما في جامعه الحميدي من طريقه قال : " حدثنا والبيهقي سفيان : سمعت عمرا يعني ابن دينار حدثني ثابت الأعرج قال : تزوجت أم ولد عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب فدعاني ابنه ودعا غلامين له فربطوني وضربوني بالسياط وقال : لتطلقها أو لأفعلن وأفعلن فطلقتها ، ثم سألت ابن عمر وابن الزبير فلم يرياه شيئا " .
وأخرجه عبد الرزاق من وجه آخر عن ثابت الأعرج نحوه . وأما قول الشعبي فوصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه قال : إن أكرهه اللصوص فليس بطلاق وإن أكرهه السلطان وقع . ونقل عن ابن عيينة توجيهه وهو أن اللص يقدم على قتله والسلطان لا يقتله . وأما قول الحسن فقال : " حدثنا سعيد بن منصور أبو عوانة عن قتادة عن الحسن أنه كان لا يرى طلاق المكره شيئا وهذا سند صحيح إلى الحسن " .
قال ابن بطال تبعا : أجمعوا على أن لابن المنذر ولا تبين منه زوجته ، إلا من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل فكفر وقلبه مطمئن بالإيمان أنه لا يحكم عليه بالكفر محمد بن الحسن فقال : إذا أظهر الكفر صار مرتدا وبانت منه امرأته ولو كان في الباطن مسلما . قال : وهذا قول تغني حكايته عن الرد عليه لمخالفته النصوص .
وقال قوم : في القول دون الفعل كأن يسجد للصنم أو يقتل مسلما أو يأكل الخنزير أو يزني ، وهو قول محل الرخصة الأوزاعي وأخرج وسحنون ، إسماعيل القاضي بسند صحيح عن الحسن أنه لا يجعل التقية في قتل النفس المحرمة .
وقالت طائفة : الإكراه في القول والفعل سواء . واختلف في فأخرج حد الإكراه عبد بن حميد بسند صحيح عن عمر قال : " ليس الرجل بأمين على نفسه إذا سجن أو أوثق أو عذب " ، ومن طريق شريح نحوه وزيادة ولفظه : " أربع كلهن كره : السجن والضرب والوعيد والقيد " ، وعن ابن مسعود قال : " ما كلام يدرأ عني سوطين إلا كنت متكلما به " وهو قول الجمهور ، وعند الكوفيين فيه تفصيل ، واختلفوا في فذهب الجمهور إلى أنه لا يقع ، ونقل فيه طلاق المكره ابن بطال إجماع الصحابة ، وعن الكوفيين يقع ونقل مثله عن الزهري وقتادة وأبي قلابة ، وفيه قول ثالث تقدم عن الشعبي .
قوله : ( ) هذا طرف من حديث وصله المصنف في كتاب الأيمان بفتح الهمزة ولفظه : " الأعمال بالنية " هكذا وقع فيه بدون " إنما " في أوله ، وإفراد النية ، وقد تقدم شرحه مستوفى في أول حديث في الصحيح ، ويأتي ما يتعلق بالإكراه في أول ترك الحيل قريبا ، وكأن وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - الأعمال بالنية أشار بإيراده هنا إلى البخاري لأن العمل فعل ، وإذا كان لا يعتبر إلا بالنية كما دل عليه الحديث ، فالمكره لا نية له ، بل نيته عدم الفعل الذي أكره عليه . الرد على من فرق في الإكراه بين القول والفعل
واحتج بعض المالكية بأن التفصيل يشبه ما نزل في القرآن لأن الذين أكرهوا إنما هو على الكلام فيما بينهم وبين ربهم ، فلما لم يكونوا معتقدين له [ ص: 330 ] جعل كأنه لم يكن ولم يؤثر لا في بدن ولا مال ، بخلاف الفعل فإنه يؤثر في البدن والمال ، هذا معنى ما حكاه ابن بطال عن إسماعيل القاضي ، وتعقبه ابن المنير بأنهم أكرهوا على النطق بالكفر وعلى مخالطة المشركين ومعاونتهم وترك ما يخالف ذلك .
والتروك أفعال على الصحيح ولم يؤاخذوا بشيء من ذلك ، واستثنى المعظم فلا يسقط القصاص عن القاتل ولو أكره لأنه آثر نفسه على نفس المقتول قتل النفس . ولا يجوز لأحد أن ينجي نفسه من القتل بأن يقتل غيره
ثم ذكر حديث " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في الصلاة " تقدم في تفسير سورة النساء من وجه آخر عن أبي هريرة أبي سلمة بمثل هذا الحديث وزاد أنها صلاة العشاء ، وفي كتاب الصلاة من طريق شعيب عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن وأبي سلمة " أن كان يكبر في كل صلاة " الحديث . أبا هريرة
وفيه " وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يرفع رأسه يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد يدعو لرجال فيسميهم بأسمائهم أبو هريرة " فذكر مثل حديث الباب وزاد : " وأهل المشرق يومئذ من مضر مخالفون له " ، وفي الأدب من طريق قال سفيان بن عيينة عن الزهري عن عن سعيد بن المسيب قال : " لما رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه من الركوع قال " فذكره ، وقد تقدم بيان المستضعفين في سورة النساء والتعريف بالثلاثة المذكورين هنا في تفسير آل عمران وما يتعلق بمشروعية القنوت في النازلة ومحله في كتاب الوتر ولله الحمد . أبي هريرة
وقوله : " والمستضعفين " هو من ذكر العام بعد الخاص وتعلق الحديث بالإكراه لأنهم كانوا مكرهين على الإقامة مع المشركين لأن المستضعف لا يكون إلا مكرها كما تقدم ، ويستفاد منه أن لو كان كفرا لما دعا لهم وسماهم مؤمنين . الإكراه على الكفر
الأول : أن يكون فاعله قادرا على إيقاع ما يهدد به والمأمور عاجزا عن الدفع ولو بالفرار .
الثاني : أن يغلب على ظنه أنه إذا امتنع أوقع به ذلك .
الثالث : أن يكون ما هدده به فوريا ، فلو قال إن لم تفعل كذا ضربتك غدا لا يعد مكرها ويستثنى ما إذا ذكر زمنا قريبا جدا أو جرت العادة بأنه لا يخلف
الرابع : أن لا يظهر من المأمور ما يدل على اختياره كمن وكمن قيل له طلق ثلاثا فطلق واحدة وكذا عكسه . أكره على الزنا فأولج وأمكنه أن ينزع ويقول أنزلت فيتمادى حتى ينزل ،
ولا فرق بين الإكراه على القول والفعل عند الجمهور ، ويستثنى من الفعل ما هو محرم على التأبيد كقتل النفس بغير حق ، واختلف في المكره هل يكلف بترك فعل ما أكره عليه أو لا؟
فقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي : انعقد الإجماع على أن وأنه يأثم إن قتل من أكره على قتله ، وذلك يدل أنه مكلف حالة الإكراه ، وكذا وقع في كلام المكره على القتل مأمور باجتناب القتل والدفع عن نفسه وغيره ، ومقتضى كلامهم تخصيص الخلاف بما إذا وافق داعية الإكراه داعية الشرع كالإكراه على قتل الكافر وإكراهه على الإسلام . الغزالي
أما ما خالف فيه داعية الإكراه داعية الشرع كالإكراه على القتل فلا خلاف في جواز التكليف به ، وإنما جرى الخلاف في وهو من [ ص: 327 ] لا يجد مندوحة عن الفعل كمن ألقي من شاهق وعقله ثابت فسقط على شخص فقتل فإنه لا مندوحة له عن السقوط ولا اختيار له في عدمه وإنما هو آلة محضة ، ولا نزاع في أنه غير مكلف إلا ما أشار إليه تكليف الملجإ الآمدي من التفريع على تكليف ما لا يطاق ، وقد جرى الخلاف في وهو أبعد من الملجإ لأنه لا شعور له أصلا وإنما قال الفقهاء بتكليفه على معنى ثبوت الفعل في ذمته أو من جهة ربط الأحكام بالأسباب . تكليف الغافل كالنائم والناسي
وقال القفال : إنما شرع سجود السهو ووجبت الكفارة على المخطئ لكون الفعل في نفسه متهيئا من حيث هو لا أن الغافل نهي عنه حالة الغفلة إذ لا يمكنه التحفظ عنه ، واختلف فيما يهدد به فاتفقوا على القتل وإتلاف العضو والضرب الشديد والحبس الطويل ، واختلفوا في يسير الضرب والحبس كيوم أو يومين .
قوله : ( وقول الله تعالى إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) وساق إلى عظيم . وهو وعيد شديد لمن ارتد مختارا ، وأما من أكره على ذلك فهو معذور بالآية ؛ لأن الاستثناء من الإثبات نفي فيقتضي أن لا يدخل الذي أكره على الكفر تحت الوعيد .
والمشهور أن الآية المذكورة نزلت في كما جاء من طريق عمار بن ياسر أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال عمارا فعذبوه حتى قاربهم في بعض ما أرادوا ، فشكى ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له : كيف تجد قلبك؟ قال : مطمئنا بالإيمان ، قال فإن عادوا فعد " وهو مرسل ورجاله ثقات أخرجه " أخذ المشركون الطبري وقبله عبد الرزاق وعنه عبد بن حميد ، وأخرجه من هذا الوجه فزاد في السند فقال : " عن البيهقي أبي عبيدة بن محمد بن عمار عن أبيه " وهو مرسل أيضا ، وأخرج الطبري أيضا من طريق عطية العوفي عن ابن عباس نحوه مطولا وفي سنده ضعف .
وفيه أن المشركين عذبوا عمارا وأباه وأمه وصهيبا وبلالا وخبابا فمات وسالما مولى أبي حذيفة ، ياسر وامرأته في العذاب وصبر الآخرون . وفي رواية مجاهد عن ابن عباس عند ابن المنذر أن الصحابة لما هاجروا إلى المدينة أخذ المشركون خبابا وبلالا وعمارا ، فأطاعهم عمار وأبى الآخران فعذبوهما ، وأخرجه الفاكهي من مرسل وأن ذلك وقع من زيد بن أسلم عمار عند بيعة الأنصار في العقبة عمارا فسألوه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فجحدهم خبره فأرادوا أن يعذبوه فقال هو يكفر بمحمد وبما جاء به فأعجبهم وأطلقوه ، فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر نحوه ، وفي سنده ضعف أيضا . وأن الكفار أخذوا
وأخرج عبد بن حميد من طريق ابن سيرين وهو يبكي فجعل يمسح الدموع عنه ويقول أخذك المشركون فغطوك في الماء حتى قلت لهم كذا ، إن عادوا فعد عمار بن ياسر " ورجاله ثقات مع إرساله أيضا وهذه المراسيل تقوى بعضها ببعض ، وقد أخرجه " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقي ابن أبي حاتم من طريق مسلم الأعور - وهو ضعيف - عن مجاهد عن ابن عباس قال : " عذب المشركون عمارا حتى قال لهم كلاما تقية فاشتد عليه " الحديث .
وقد أخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان قال : " أخبر الله أن من كفر بعد إيمانه فعليه غضب من الله ، وأما من فلا حرج عليه ، إن شاء الله إنما يأخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم " . أكره بلسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوه
قلت : وعلى هذا فالاستثناء مقدم من قوله فعليهم غضب كأنه قيل فعليهم غضب من الله إلا من أكره ، لأن فاستثنى الأول وهو المكره . الكفر يكون بالقول والفعل من غير اعتقاد وقد يكون باعتقاد
قوله : ( وقال : إلا أن تتقوا منهم تقاة وهي تقية ) أخذه من كلام أبي عبيدة قال : تقاة وتقية واحد .
قلت : وقد تقدم ذلك في تفسير آل عمران ومعنى الآية : لا يتخذ المؤمن الكافر وليا في الباطن ولا في الظاهر إلا للتقية في [ ص: 328 ] الظاهر فيجوز أن يواليه إذا خافه ويعاديه باطنا . قيل : الحكمة في العدول عن الخطاب أن موالاة الكفار لما كانت مستقبحة لم يواجه الله المؤمنين بالخطاب .
قلت : ويظهر لي أن الحكمة فيه أنه لما تقدم الخطاب في قوله : لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم كأنهم أخذوا بعمومه حتى أنكروا على من كان له عذر في ذلك فنزلت هذه الآية رخصة في ذلك ، وهو كالآيات الصريحة في الزجر عن الكفر بعد الإيمان ، ثم رخص فيه لمن أكره على ذلك .
قوله : ( وقال : إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض - إلى قوله - : عفوا غفورا ) - وقال والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا هكذا في رواية أبي ذر ، وهو صواب ، وإنما أوردته بلفظه للتنبيه على ما وقع من الاختلاف عند الشراح ، ووقع في رواية كريمة والأصيلي والقابسي : إن الذين توفاهم فساق إلى قوله : في الأرض وقال بعدها إلى قوله : واجعل لنا من لدنك نصيرا وفيه تغيير .
ووقع في رواية النسفي إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم الآيات قال : وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله - إلى قوله - : نصيرا وهو صواب وإن كانت الآيات الأولى متراخية في السورة عن الآية الأخيرة فليس فيه شيء من التغيير ، وإنما صدر بالآيات المتراخية للإشارة إلى ما روي عن مجاهد أنها نزلت في ناس من أهل مكة آمنوا فكتب إليهم من المدينة فإنا لا نراكم منا إلا أن هاجرتم ، فخرجوا فأدركهم أهلهم بالطريق ففتنوهم حتى كفروا مكرهين ، واقتصر ابن بطال على هذا الأخير وعزاه للمفسرين ، وقال ابن بطال : إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم إلى أن يعفو عنهم وقال إلا المستضعفين إلى الظالم أهلها ، قلت : وليس فيه تغيير من التلاوة إلا أن فيه تصرفا فيما ساقه المصنف .
وقال ابن التين بعد أن تكلم على قصة عمار إلى أن قال ولكن من شرح بالكفر صدرا أي من فتح صدره لقبوله . وقوله : الذين توفاهم الملائكة إلى قوله : واجعل لنا من لدنك نصيرا ليس التلاوة كذلك لأن قوله : واجعل لنا من لدنك نصيرا قبل هذا ، قال : ووقع في بعض النسخ إلى قوله : غفورا رحيما وفي بعضها فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وقال : إلا المستضعفين من الرجال إلى قوله : من لدنك نصيرا وهذا على نسق التنزيل ، كذا قال فأخطأ ، فالآية التي آخرها نصيرا في أولها " والمستضعفين " بالواو لا بلفظ : " إلا " وما نقله عن بعض النسخ إلى قوله : غفورا رحيما محتمل لأن آخر الآية التي أولها إن الذين توفاهم الملائكة قوله : وساءت مصيرا وآخر التي بعدها سبيلا وآخر التي بعدها عفوا غفورا وآخر التي بعدها غفورا رحيما فكأنه أراد سياق أربع آيات .
قوله : ( فعذر الله المستضعفين الذين لا يمتنعون من ترك ما أمر الله به ) يعني إلا إذا غلبوا . قال : والمكره لا يكون إلا مستضعفا غير ممتنع من فعل ما أمره به أي ما يأمره به من له قدرة على إيقاع الشر به ، أي لأنه لا يقدر على الامتناع من الترك كما لا يقدر المكره على الامتناع من الفعل فهو في حكم المكره .
قوله : ( وقال ) أي البصري ( الحسن ) وصله التقية إلى يوم القيامة عبد بن حميد من رواية وابن أبي شيبة عوف الأعرابي " عن قال التقية جائزة للمؤمن إلى يوم القيامة إلا أنه كان لا يجعل في القتل تقية " ، ولفظ الحسن البصري عبد بن حميد إلا في قتل النفس التي حرم الله يعني لا يعذر من لكونه يؤثر نفسه على [ ص: 329 ] نفس غيره . أكره على قتل غيره
قلت : ومعنى الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير ، وأصله وقية بوزن حمزة فعلة من الوقاية ، وأخرج التقية من طريق البيهقي عن ابن جريج عطاء عن ابن عباس قال : " التقية باللسان والقلب مطمئن بالإيمان ولا يبسط يده للقتل " .
قوله : ( وقال ابن عباس فيمن يكرهه اللصوص فيطلق ليس بشيء ، وبه قال ابن عمر وابن الزبير والشعبي والحسن ) أما قول ابن عباس فوصله ابن أبي شيبة من طريق عكرمة أنه سئل عن رجل أكرهه اللصوص حتى طلق امرأته فقال : قال ابن عباس : ليس بشيء ، أي لا يقع عليه الطلاق . وأخرج عبد الرزاق بسند صحيح عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان لا يرى شيئا ، وأما قول طلاق المكره ابن عمر وابن الزبير فأخرجهما في جامعه الحميدي من طريقه قال : " حدثنا والبيهقي سفيان : سمعت عمرا يعني ابن دينار حدثني ثابت الأعرج قال : تزوجت أم ولد عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب فدعاني ابنه ودعا غلامين له فربطوني وضربوني بالسياط وقال : لتطلقها أو لأفعلن وأفعلن فطلقتها ، ثم سألت ابن عمر وابن الزبير فلم يرياه شيئا " .
وأخرجه عبد الرزاق من وجه آخر عن ثابت الأعرج نحوه . وأما قول الشعبي فوصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه قال : إن أكرهه اللصوص فليس بطلاق وإن أكرهه السلطان وقع . ونقل عن ابن عيينة توجيهه وهو أن اللص يقدم على قتله والسلطان لا يقتله . وأما قول الحسن فقال : " حدثنا سعيد بن منصور أبو عوانة عن قتادة عن الحسن أنه كان لا يرى طلاق المكره شيئا وهذا سند صحيح إلى الحسن " .
قال ابن بطال تبعا : أجمعوا على أن لابن المنذر ولا تبين منه زوجته ، إلا من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل فكفر وقلبه مطمئن بالإيمان أنه لا يحكم عليه بالكفر محمد بن الحسن فقال : إذا أظهر الكفر صار مرتدا وبانت منه امرأته ولو كان في الباطن مسلما . قال : وهذا قول تغني حكايته عن الرد عليه لمخالفته النصوص .
وقال قوم : في القول دون الفعل كأن يسجد للصنم أو يقتل مسلما أو يأكل الخنزير أو يزني ، وهو قول محل الرخصة الأوزاعي وأخرج وسحنون ، إسماعيل القاضي بسند صحيح عن الحسن أنه لا يجعل التقية في قتل النفس المحرمة .
وقالت طائفة : الإكراه في القول والفعل سواء . واختلف في فأخرج حد الإكراه عبد بن حميد بسند صحيح عن عمر قال : " ليس الرجل بأمين على نفسه إذا سجن أو أوثق أو عذب " ، ومن طريق شريح نحوه وزيادة ولفظه : " أربع كلهن كره : السجن والضرب والوعيد والقيد " ، وعن ابن مسعود قال : " ما كلام يدرأ عني سوطين إلا كنت متكلما به " وهو قول الجمهور ، وعند الكوفيين فيه تفصيل ، واختلفوا في فذهب الجمهور إلى أنه لا يقع ، ونقل فيه طلاق المكره ابن بطال إجماع الصحابة ، وعن الكوفيين يقع ونقل مثله عن الزهري وقتادة وأبي قلابة ، وفيه قول ثالث تقدم عن الشعبي .
قوله : ( ) هذا طرف من حديث وصله المصنف في كتاب الأيمان بفتح الهمزة ولفظه : " الأعمال بالنية " هكذا وقع فيه بدون " إنما " في أوله ، وإفراد النية ، وقد تقدم شرحه مستوفى في أول حديث في الصحيح ، ويأتي ما يتعلق بالإكراه في أول ترك الحيل قريبا ، وكأن وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - الأعمال بالنية أشار بإيراده هنا إلى البخاري لأن العمل فعل ، وإذا كان لا يعتبر إلا بالنية كما دل عليه الحديث ، فالمكره لا نية له ، بل نيته عدم الفعل الذي أكره عليه . الرد على من فرق في الإكراه بين القول والفعل
واحتج بعض المالكية بأن التفصيل يشبه ما نزل في القرآن لأن الذين أكرهوا إنما هو على الكلام فيما بينهم وبين ربهم ، فلما لم يكونوا معتقدين له [ ص: 330 ] جعل كأنه لم يكن ولم يؤثر لا في بدن ولا مال ، بخلاف الفعل فإنه يؤثر في البدن والمال ، هذا معنى ما حكاه ابن بطال عن إسماعيل القاضي ، وتعقبه ابن المنير بأنهم أكرهوا على النطق بالكفر وعلى مخالطة المشركين ومعاونتهم وترك ما يخالف ذلك .
والتروك أفعال على الصحيح ولم يؤاخذوا بشيء من ذلك ، واستثنى المعظم فلا يسقط القصاص عن القاتل ولو أكره لأنه آثر نفسه على نفس المقتول قتل النفس . ولا يجوز لأحد أن ينجي نفسه من القتل بأن يقتل غيره
ثم ذكر حديث " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في الصلاة " تقدم في تفسير سورة النساء من وجه آخر عن أبي هريرة أبي سلمة بمثل هذا الحديث وزاد أنها صلاة العشاء ، وفي كتاب الصلاة من طريق شعيب عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن وأبي سلمة " أن كان يكبر في كل صلاة " الحديث . أبا هريرة
وفيه " وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يرفع رأسه يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد يدعو لرجال فيسميهم بأسمائهم أبو هريرة " فذكر مثل حديث الباب وزاد : " وأهل المشرق يومئذ من مضر مخالفون له " ، وفي الأدب من طريق قال سفيان بن عيينة عن الزهري عن عن سعيد بن المسيب قال : " لما رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه من الركوع قال " فذكره ، وقد تقدم بيان المستضعفين في سورة النساء والتعريف بالثلاثة المذكورين هنا في تفسير آل عمران وما يتعلق بمشروعية القنوت في النازلة ومحله في كتاب الوتر ولله الحمد . أبي هريرة
وقوله : " والمستضعفين " هو من ذكر العام بعد الخاص وتعلق الحديث بالإكراه لأنهم كانوا مكرهين على الإقامة مع المشركين لأن المستضعف لا يكون إلا مكرها كما تقدم ، ويستفاد منه أن لو كان كفرا لما دعا لهم وسماهم مؤمنين . الإكراه على الكفر