الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ؛ هذه الآية آية عظيمة في تفضيل النبي - عليه السلام -؛ أعني قوله - سبحانه -: "لعمرك"؛ جاء في التفسير أنه قسم بحياة محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ كذلك أكثر التفسير.

                                                                                                                                                                                                                                        وقد جاء في بعض التفسير: "لعمرك"؛ كلمة من كلام العرب؛ ولست أحب هذا التفسير؛ لأن قوله: "كلمة من كلام العرب"؛ لا فائدة فيه؛ لأن القرآن كله عربي مبين؛ وكلمه من كلام العرب ؛ فلا بد من أن يقال: ما معناها؟ وقال سيبويه ؛ والخليل ؛ وجميع أهل اللغة: "العمر"؛ و"العمر"؛ بمعنى واحد؛ فإذا استعمل في القسم فتح أوله لا غير؛ لا تقول العرب إلا: "لعمرك"؛ وإنما آثروا الفتح في القسم؛ لأن الفتح أخف عليهم؛ وهم يكثرون القسم بـ "لعمري"؛ و"لعمرك"؛ فلما كثر استعمالهم إياه لزموا الأخف عليهم.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 184 ] وقال النحويون: ارتفع "لعمرك"؛ بالابتداء؛ والخبر محذوف؛ المعنى: "لعمرك قسمي"؛ و"لعمرك ما أقسم به"؛ وحذف الخبر لأن في الكلام دليلا عليه؛ المعنى: "أقسم إنهم لفي سكرتهم يعمهون"؛ ومعنى "يعمهون": يتحيرون؛ وباب القسم قد يحذف معه الفعل؛ تقول: "والله لأفعلن"؛ و"تالله لأفعلن"؛ والمعنى: أحلف بالله؛ و"أحلف والله"؛ فيحذف "أحلف"؛ لعلم المخاطب بأنك حالف؛ وكذلك يحذف خبر الابتداء؛ كما ذكرنا.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية