الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ أحكام الإمام الخاصة به ]

وأما أحكام الإمام الخاصة به فإن في ذلك أربعة مسائل متعلقة بالسمع : إحداها : هل يؤمن الإمام إذا فرغ من قراءة أم القرآن ؟ أم المأموم هو الذي يؤمن فقط . والثانية : متى يكبر تكبيرة الإحرام ؟ والثالثة : إذا أرتج عليه هل يفتح عليه أم لا ؟ [ ص: 124 ] والرابعة : هل يجوز أن يكون موضعه أرفع من موضع المأمومين .

[ المسألة الأولى ]

[ هل يؤمن الإمام إذا فرغ من الفاتحة ]

فأما هل يؤمن الإمام إذا فرغ من قراءة أم الكتاب ، فإن مالكا ذهب في رواية ابن القاسم عنه ، والمصريين أنه لا يؤمن ، وذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يؤمن كالمأموم سواء ، وهي رواية المدنيين عن مالك .

وسبب اختلافهم : أن في ذلك حديثين متعارضي الظاهر : أحدهما : حديث أبي هريرة المتفق عليه في الصحيح أنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا أمن الإمام فأمنوا " والحديث الثاني : ما خرجه مالك عن أبي هريرة أيضا أنه قال - عليه الصلاة والسلام - : " إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين " فأما الحديث الأول فهو نص في تأمين الإمام .

وأما الحديث الثاني ، فيستدل منه على أن الإمام لا يؤمن ، وذلك أنه لو كان يؤمن لما أمر المأموم بالتأمين عند الفراغ من أم الكتاب قبل أن يؤمن الإمام ، ; لأن الإمام كما قال - عليه الصلاة والسلام - " إنما جعل الإمام ليؤتم به " إلا أن يخص هذا من أقوال الإمام : ( أعني أن يكون للمأموم أن يؤمن معه أو قبله ) فلا يكون فيه دليل على حكم الإمام في التأمين ، ويكون إنما تضمن حكم المأموم فقط ، لكن الذي يظهر أن مالكا ذهب مذهب الترجيح للحديث الذي رواه لكون السامع هو المؤمن لا الداعي ، وذهب الجمهور لترجيح الحديث الأول لكونه نصا ، ولأنه ليس فيه شيء من حكم الإمام ، وإنما الخلاف بينه وبين الحديث الآخر في موضع تأمين المأموم فقط لا في هل يؤمن الإمام أو لا يؤمن فتأمل هذا . ويمكن أيضا أن يتأول الحديث الأول بأن يقال : إن معنى قوله : " فإذا أمن فأمنوا " أي إذا بلغ موضع التأمين ، وقد قيل : إن التأمين هو الدعاء وهذا عدول عن الظاهر لشيء غير مفهوم من الحديث إلا بقياس : ( أعني : أن يفهم من قوله : " فإذا قال غير المغضوب عليهم ولا الضالين فأمنوا " أنه لا يؤمن الإمام ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية