nindex.php?page=treesubj&link=28993قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام .
قوله : ويذكروا منصوب بحذف النون ; لأنه معطوف على المنصوب بـ " أن " المضمرة بعد لام التعليل ، أعني قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28ليشهدوا منافع لهم .
وإيضاح المعنى : وأذن في الناس بالحج يأتوك مشاة وركبانا ; لأجل أن يشهدوا منافع لهم ، ولأجل أن يتقربوا إليه بإراقة دماء ما رزقهم من بهيمة الأنعام ، مع ذكرهم اسم الله عليها عند النحر والذبح ، وظاهر القرآن يدل على أن هذا التقرب بالنحر في هذه الأيام المعلومات ، إنما هو الهدايا لا الضحايا ; لأن الضحايا لا يحتاج فيها إلى الأذان بالحج ، حتى يأتي المضحون مشاة وركبانا ، وإنما ذلك في الهدايا على ما يظهر ، ومن هنا ذهب
مالك ، وأصحابه إلى أن الحاج
بمنى لا تلزمه الأضحية ولا تسن له ، وكل ما يذبح في ذلك المكان والزمان ، فهو يجعله هديا لا أضحية .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم أي على نحر وذبح ما رزقهم
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28من بهيمة الأنعام ; ليتقربوا إليه بدمائها ; لأن ذلك تقوى منهم ، فهو يصل إلى ربهم كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم [ 22 \ 37 ] ، وقد بين في بعض المواضع أنه لا يجوز الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه منها ؛ كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه . وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=119وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه [ 6 \ 119 ] ، وقد بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه جعل
الحرم المكي منسكا تراق فيه الدماء تقربا إلى الله ، ويذكر عليها عند تذكيتها اسم الله ، ولم يبين في هذه الآية ، هل وقع مثل هذا لكل أمة أو لا ، ولكنه بين في موضع آخر : أنه جعل مثل هذا لكل أمة من الأمم ، وذلك في قوله تعالى :
[ ص: 115 ] nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=34ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام [ 22 \ 34 ] .
وإذا علمت أن من حكم الأذان في الناس بالحج ، ليأتوا مشاة ، وركبانا تقربهم إلى ربهم بدماء الأنعام ، ذاكرين عليها اسم الله عند تذكيتها ، وأن الآية أقرب إلى إرادة الهدي من إرادة الأضحية ، فدونك تفصيل أحكام الهدايا التي دعوا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم منها .
اعلم أولا : أن الهدي قسمان : هدي واجب ، وهدي غير واجب ، بل تطوع به صاحبه تقربا بالله تعالى ، والأيام المعلومات التي ذكر الله عز وجل أنه يذبح فيها ، ويذكر عليه اسم الله فيها - للعلماء فيها أقوال كثيرة . والتحقيق إن شاء الله تعالى : أن غير اثنين من تلك الأقوال الكثيرة باطل لا يعول عليه ، وأن المعول عليه منها اثنان ; لأن القرآن دل على أن الأيام المعلومات هي أيام النحر ، بدليل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام وذكرهم الله عليها يعني : التسمية عند تذكيتها . فاتضح أنها أيام النحر ، ويومان بعده ، وعليه فلا يذبح الهدي ، ولا الأضحية في اليوم الأخير من أيام
منى ، الذي هو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة في " المغني " : وهذا القول نص عليه
أحمد ، وقال : وهو عن غير واحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورواه
الأثرم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، وبه قال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، ويروى عن
علي - رضي الله عنه - أنه قال : أيام النحر : يوم الأضحى ، وثلاثة أيام بعده . وبه قال
الحسن ،
وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وابن المنذر . انتهى محل الغرض منه .
وقال
أبو عبد الله القرطبي في تفسير هذه الآية : اختلفوا
nindex.php?page=treesubj&link=23443_4055_4056كم أيام النحر . فقال
مالك : ثلاثة ، يوم النحر ويومان بعده ، وبه قال
أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل . وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك ، من غير اختلاف عنهما .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أربعة أيام ، يوم النحر ، وثلاثة بعده ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، وروي ذلك عن
علي - رضي الله عنه -
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر - رضي الله عنهم - . وروي عنهم أيضا مثل قول
مالك وأحمد . انتهى محل الغرض منه .
وقال أيضا : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر بن عبد البر : أجمع العلماء على أن يوم النحر يوم
[ ص: 116 ] أضحى . وأجمعوا على أن
nindex.php?page=treesubj&link=23443_4056_4055لا أضحى بعد انسلاخ ذي الحجة ، ولا يصح عندي في هذه إلا قولان :
أحدهما : قول
مالك والكوفيين .
والآخر : قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، والشاميين ، وهذان القولان مرويان عن الصحابة ، فلا معنى للاشتغال بما خالفهما ; لأن ما خالفهما لا أصل له في السنة ، ولا في قول الصحابة ، وما خرج عن هذين فمتروك لهما ، ا هـ .
وقال
النووي في " شرح المهذب " : في وقت ذبح الهدي طريقان : أصحهما وبه قطع العراقيون وغيرهم : أنه يختص بيوم النحر وأيام التشريق ، والثاني : فيه وجهان أصحهما : هذا ، والثاني : لا يختص بزمان كدماء الجبران . فعلى الصحيح لو أخر الذبح ، حتى مضت هذه الأيام ، فإن كان الهدي واجبا : لزمه ذبحه ، ويكون قضاء ، وإن كان تطوعا فقد فات الهدي .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : فإن ذبحه كان شاة لحم لا نسكا . انتهى محل الغرض منه .
وذكر
النووي عن
الرافعي : أنه في بعض المواضع من كتابه في باب صفة الحج ، جزم بأنه لا يختص بيوم النحر ، وأيام التشريق ، وأنه ذكر المسألة على الصواب في باب الهدي .
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : القول بعدم الاختصاص بيوم النحر ويومين أو ثلاثة بعده ظاهر البطلان ; لأن عدم الاختصاص يجعل زمن النحر مطلقا ، ليس مقيدا بزمان ، وهذا يرده صريح قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ، فجعل ظرفه أياما معلومات يرد الإطلاق في الزمن ردا لا ينبغي أن يختلف فيه كما ترى .
وقال
النووي أيضا في " شرح المهذب " : اتفق العلماء على أن
nindex.php?page=treesubj&link=23444الأيام المعدودات هي : أيام التشريق ، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر ، ا هـ .
ولا وجه للخلاف في ذلك ، مع أنه يدل عليه قوله تعالى متصلا به :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه الآية ، والمراد بذلك : أيام الرمي التي هي أيام التشريق كما ترى ، ثم قال
النووي : وأما الأيام المعلومات فمذهبنا : أنها العشر الأوائل من ذي الحجة إلى آخر يوم النحر . انتهى محل الغرض منه . وعزا
ابن كثير هذا القول
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس قال : وعلقه عنه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بصيغة الجزم ، ونقله
ابن كثير أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري ،
ومجاهد ،
وقتادة ،
[ ص: 117 ] وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
والحسن ،
والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ، قال : وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، والمشهور عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، ثم شرع يذكر الأحاديث الدالة على فضل الأيام العشرة الأول من ذي الحجة .
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : تفسير الأيام المعلومات في آية الحج هذه : بأنها العشر الأول من ذي الحجة إلى آخر يوم النحر ، لا شك في عدم صحته ، وإن قال به من أجلاء العلماء ، وبعض أجلاء الصحابة من ذكرنا .
والدليل الواضح على بطلانه أن الله بين أنها أيام النحر بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام وهو ذكره بالتسمية عليها عند ذبحها تقربا إليه كما لا يخفى ، والقول بأنها العشرة المذكورة ، يقتضي أن تكون العشرة كلها أيام نحر ، وأنه لا نحر بعدها ، وكلا الأمرين باطل كما ترى ; لأن النحر في التسعة التي قبل يوم النحر لا يجوز والنحر في اليومين بعده جائز . وكذلك الثالث عند من ذكرنا ، فبطلان هذا القول واضح كما ترى . ثم قال
النووي متصلا بكلامه الأول ، وقال
مالك : هي ثلاثة أيام : يوم النحر ، ويومان بعده فالحادي عشر ، والثاني عشر عنده من المعلومات ، والمعدودات .
وقال
أبو حنيفة : المعلومات ثلاثة أيام : يوم
عرفة والنحر والحادي عشر . وقال
علي - رضي الله عنه - : المعلومات أربعة : يوم
عرفة والنحر ويومان بعده .
وفائدة الخلاف : أن عندنا يجوز ذبح الهدايا والضحايا في أيام التشريق كلها ، وعند
مالك لا يجوز في اليوم الثالث . هذا كلام صاحب البيان ، انتهى من
النووي . وقد سكت على كلام صاحب " البيان " : وهو باطل بطلانا واضحا ; لأن القول بأن الأيام المعلومات هي العشرة الأول ، لا يدل على جواز الذبح فيما بعد يوم النحر لأنه آخرها ، وقد يدل على جواز الذبح قبل يوم النحر في جميع التسعة الأول ; لأن القرآن دل على أن الأيام المعلومات ، هي ظرف الذبح ; كما بينا مرارا فإن كانت هي العشرة كانت العشرة هي ظرف الذبح . فلا يجوز فيما قبلها ولا ما بعدها ، ولكنه يجوز في جميعها ، وبطلان هذا واضح كما ترى ، ثم قال
النووي متصلا بكلامه السابق .
وقال
العبدري : فائدة وصفه بأنه معلوم جواز النحر فيه ، وفائدة وصفه بأنه معدود انقطاع الرمي فيه . وقال : وبمذهبنا قال
أحمد ،
وداود ، وقال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=13968أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره : قال أكثر المفسرين : الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة . قال : وإنما قيل
[ ص: 118 ] لها معلومات للحرص على علمها من أجل أن وقت الحج في آخرها .
قال : وقال
مقاتل : المعلومات أيام التشريق . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب : المعلومات والمعدودات واحد .
قلت : وكذا نقل
nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب والعبدري ، وخلائق - إجماع العلماء على أن المعدودات هي أيام التشريق . وأما ما نقله صاحب البيان عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فخلاف المشهور عنه .
فالصحيح المعروف عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أن المعلومات أيام العشر كلها كمذهبنا ، وهو مما احتج به أصحابنا ، كما سأذكره قريبا إن شاء الله . واحتج
لأبي حنيفة ،
ومالك بأن الله تعالى قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ، وأراد بذكر اسم الله في الأيام المعلومات : تسمية الله تعالى على الذبح ، فينبغي أن يكون ذكر اسم الله تعالى في جميع المعلومات ، وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يكون ذلك إلا في يوم واحد منها ، وهو يوم النحر . واحتج أصحابنا بما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : الأيام المعلومات أيام العشر ، والمعدودات أيام التشريق . رواه
البيهقي بإسناد صحيح .
واستدلوا أيضا بما استدل به
المزني في مختصره : وهو أن اختلاف الأسماء يدل على اختلاف المسميات ، فلما خولف بين المعدودات والمعلومات في الاسم دل على اختلافهما ، وعلى ما يقول المخالفون يتداخلان في بعض الأيام ، والجواب عن الآية من وجهين :
أحدهما : جواب
المزني : أنه لا يلزم من سياق الآية : وجود الذبح في الأيام المعلومات ، بل يكفي وجوده في آخرها وهو يوم النحر .
قال
المزني والأصحاب : ونظيره قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=16وجعل القمر فيهن نورا [ 71 \ 16 ] ، وليس هو نورا في جميعها ، بل في بعضها .
الثاني : أن المراد بالذكر في الآية الذكر على الهدايا ، ونحن نستحب لمن رأى هديا أو شيئا من بهيمة الأنعام في العشر أن يكبر ، والله أعلم . انتهى كلام
النووي .
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : الذي يظهر لي والله تعالى أعلم : أن مذهب الشافعية في الأيام المعلومات خلاف الصواب ، وإن قال به من قال من أجلاء العلماء ،
[ ص: 119 ] وأن الأجوبة التي أجابوا بها عن الاعتراضات الواردة عليه ، لا ينهض شيء منها لما قدمنا من أن الله بين في كتابه ، أن الأيام المعلومات هي ظرف الذبح والنحر ، فتفسيرها بأنها العشرة الأول ، يلزمه جواز الذبح في جميعها ، وعدم جوازه بعد غروب شمس اليوم العاشر ، وهذا كله باطل كما ترى .
وزعم
المزني - رحمه الله - : أن الآية كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=16وجعل القمر فيهن نورا - ظاهر السقوط ; لأن كون القمر كوكبا واحدا والسماوات سبعا طباقا - قرينة دالة على أنه في واحدة منها دون الست الأخرى .
وأما قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ، فظاهره المتبادر منه أن جميع الأيام المعلومات ظرف لذكر الله على الذبائح ، وليس هنا قرينة تخصصه ببعضها دون بعض . فلا يجوز التخصيص ببعضها ، إلا بدليل يجب الرجوع إليه ، وليس موجودا هنا . وتفسيرهم ذكر اسم الله عليها ، بأن معناه : أن من رأى هديا أو شيئا من بهيمة الأنعام في العشر استحب له أن يكبر ، وأن ذلك التكبير هو ذكر الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام - ظاهر السقوط كما ترى ; لأنه مخالف لتفسير عامة المفسرين للآية الكريمة ، والتحقيق في تفسيرها ما هو مشهور عند عامة أهل التفسير ، وهو ذكر اسم الله عليها عند التذكية ، كما دل عليه قوله بعده مقترنا به :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير الآية [ 22 \ 28 ] . وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه الآية [ 6 \ 121 ] .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=119وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه الآية [ 6 \ 109 ] ، وتداخل الأيام لا يمنع من مغايرتها ; لأن الأعمين من وجه متغايران إجماعا مع تداخلهما في بعض الصور .
ومما يبطل القول بأن الأيام المعلومات هي العشرة المذكورة : أن كونها العشرة المذكورة يستلزم عدم جواز الذبح بعد غروب شمس اليوم العاشر ، وهو خلاف الواقع لجواز الذبح في الحادي عشر والثاني عشر ، بل والثالث عشر عند الشافعية . والتحقيق إن شاء الله في هذه المسألة : أن الأيام المعدودات هي أيام التشريق التي هي أيام رمي الجمرات . وحكى عليه غير واحد الإجماع ، ويدل عليه قوله تعالى متصلا به :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه الآية [ 2 \ 203 ] ، وأن الأيام المعلومات هي أيام النحر ، فيدخل فيها يوم النحر واليومان بعده ، والخلاف في الثالث عشر ، هل هو منها كما مر تفصيله ، وقد رجح بعض أهل العلم أن الثالث عشر منها . ورجح بعضهم : أنه ليس منها .
[ ص: 120 ] وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة في " المغني " في ترجيح القول بأنه ليس منها ما نصه : ولنا "
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الأكل من النسك ، فوق ثلاث " وغير جائز أن يكون الذبح مشروعا في وقت يحرم فيه الأكل ، ثم نسخ تحريم الأكل ، وبقي وقت الذبح بحاله ، ولأن اليوم الرابع لا يجب فيه الرمي ، فلم يجز فيه الذبح كالذي بعده .
ومما رجح به بعضهم أن اليوم الرابع منها : أنه يؤدي فيه بعض المناسك : وهو الرمي ، إذا لم يتعجل فهو كسابقيه من أيام التشريق ، والعلم عند الله تعالى .
ومما يوضح أن الأيام المعلومات هي أيام النحر ، سواء قلنا إنها ثلاثة ، أو أربعة : أن الله نص على أنها هي التي يذكر فيها اسم الله : أي عند التذكية ، على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ، كما قدمنا إيضاحه .
nindex.php?page=treesubj&link=28993قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ .
قَوْلُهُ : وَيَذْكُرُوا مَنْصُوبٌ بِحَذْفِ النُّونِ ; لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْصُوبِ بِـ " أَنِ " الْمُضْمَرَةِ بَعْدَ لَامِ التَّعْلِيلِ ، أَعْنِي قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ .
وَإِيضَاحُ الْمَعْنَى : وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ مُشَاةً وَرُكْبَانًا ; لِأَجْلِ أَنْ يَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ، وَلِأَجْلِ أَنْ يَتَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِإِرَاقَةِ دِمَاءِ مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ، مَعَ ذِكْرِهِمُ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا عِنْدَ النَّحْرِ وَالذَّبْحِ ، وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا التَّقَرُّبَ بِالنَّحْرِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ ، إِنَّمَا هُوَ الْهَدَايَا لَا الضَّحَايَا ; لِأَنَّ الضَّحَايَا لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إِلَى الْأَذَانِ بِالْحَجِّ ، حَتَّى يَأْتِيَ الْمُضَحُّونَ مُشَاةً وَرُكْبَانًا ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْهَدَايَا عَلَى مَا يَظْهَرُ ، وَمِنْ هُنَا ذَهَبَ
مَالِكٌ ، وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ الْحَاجَّ
بِمِنًى لَا تَلْزَمُهُ الْأُضْحِيَةُ وَلَا تُسَنُّ لَهُ ، وَكُلُّ مَا يَذْبَحُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ ، فَهُوَ يَجْعَلُهُ هَدْيًا لَا أُضْحِيَةً .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ أَيْ عَلَى نَحْرِ وَذَبْحِ مَا رَزَقَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ; لِيَتَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِدِمَائِهَا ; لِأَنَّ ذَلِكَ تَقْوَى مِنْهُمْ ، فَهُوَ يَصِلُ إِلَى رَبِّهِمْ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [ 22 \ 37 ] ، وَقَدْ بَيَّنَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ مِنْهَا ؛ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ . وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=119وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [ 6 \ 119 ] ، وَقَدْ بَيَّنَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ : أَنَّهُ جَعَلَ
الْحَرَمَ الْمَكِّيَّ مَنْسَكًا تُرَاقُ فِيهِ الدِّمَاءُ تَقْرُّبًا إِلَى اللَّهِ ، وَيُذْكَرُ عَلَيْهَا عِنْدَ تَذْكِيَتِهَا اسْمُ اللَّهِ ، وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، هَلْ وَقَعَ مِثْلُ هَذَا لِكُلِّ أُمَّةٍ أَوْ لَا ، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : أَنَّهُ جَعَلَ مِثْلَ هَذَا لِكُلِّ أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
[ ص: 115 ] nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=34وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [ 22 \ 34 ] .
وَإِذَا عَلِمْتَ أَنَّ مِنْ حِكَمِ الْأَذَانِ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ، لِيَأْتُوا مُشَاةً ، وَرُكْبَانًا تَقَرُّبَهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ بِدِمَاءِ الْأَنْعَامِ ، ذَاكِرِينَ عَلَيْهَا اسْمَ اللَّهِ عِنْدَ تَذْكِيَتِهَا ، وَأَنَّ الْآيَةَ أَقْرَبُ إِلَى إِرَادَةِ الْهَدْيِ مِنْ إِرَادَةِ الْأُضْحِيَةِ ، فَدُونَكَ تَفْصِيلَ أَحْكَامِ الْهَدَايَا الَّتِي دَعَوْا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْهَا .
اعْلَمْ أَوَّلًا : أَنَّ الْهَدْيَ قِسْمَانِ : هَدْيٌ وَاجِبٌ ، وَهَدْيٌ غَيْرُ وَاجِبٍ ، بَلْ تَطَوَّعَ بِهِ صَاحِبُهُ تَقَرُّبًا بِاللَّهِ تَعَالَى ، وَالْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ يُذْبَحُ فِيهَا ، وَيُذْكَرُ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ فِيهَا - لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ . وَالتَّحْقِيقُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَّ غَيْرَ اثْنَيْنِ مِنْ تِلْكَ الْأَقْوَالِ الْكَثِيرَةِ بَاطِلٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ ، وَأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مِنْهَا اثْنَانِ ; لِأَنَّ الْقُرْآنَ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَاتِ هِيَ أَيَّامُ النَّحْرِ ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَذِكْرُهُمُ اللَّهَ عَلَيْهَا يَعْنِي : التَّسْمِيَةَ عِنْدَ تَذْكِيَتِهَا . فَاتَّضَحَ أَنَّهَا أَيَّامُ النَّحْرِ ، وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَذْبَحُ الْهَدْيَ ، وَلَا الْأُضْحِيَةَ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ أَيَّامِ
مِنًى ، الَّذِي هُوَ الْيَوْمُ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابْنُ قُدَامَةَ فِي " الْمُغْنِي " : وَهَذَا الْقَوْلُ نَصَّ عَلَيْهِ
أَحْمَدُ ، وَقَالَ : وَهُوَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَوَاهُ
الْأَثْرَمُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَبِهِ قَالَ
مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ ، وَيُرْوَى عَنْ
عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ : أَيَّامُ النَّحْرِ : يَوْمُ الْأَضْحَى ، وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ . وَبِهِ قَالَ
الْحَسَنُ ،
وَعَطَاءٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760وَالْأَوْزَاعِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ . انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ .
وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ : اخْتَلَفُوا
nindex.php?page=treesubj&link=23443_4055_4056كَمْ أَيَّامُ النَّحْرِ . فَقَالَ
مَالِكٌ : ثَلَاثَةٌ ، يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ ، وَبِهِ قَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ . وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافٍ عَنْهُمَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ ، يَوْمُ النَّحْرِ ، وَثَلَاثَةٌ بَعْدَهُ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيُّ ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ
عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - . وَرُوِيَ عَنْهُمْ أَيْضًا مِثْلُ قَوْلِ
مَالِكٍ وَأَحْمَدَ . انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ .
وَقَالَ أَيْضًا : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ يَوْمُ
[ ص: 116 ] أَضْحَى . وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=23443_4056_4055لَا أَضْحَى بَعْدَ انْسِلَاخِ ذِي الْحِجَّةِ ، وَلَا يَصِحُّ عِنْدِي فِي هَذِهِ إِلَّا قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : قَوْلُ
مَالِكٍ وَالْكُوفِيِّينَ .
وَالْآخَرُ : قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، وَالشَّامِيِّينَ ، وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ مَرْوِيَّانِ عَنِ الصَّحَابَةِ ، فَلَا مَعْنَى لِلِاشْتِغَالِ بِمَا خَالَفَهُمَا ; لِأَنَّ مَا خَالَفَهُمَا لَا أَصْلَ لَهُ فِي السُّنَّةِ ، وَلَا فِي قَوْلِ الصَّحَابَةِ ، وَمَا خَرَجَ عَنْ هَذَيْنَ فَمَتْرُوكٌ لَهُمَا ، ا هـ .
وَقَالَ
النَّوَوِيُّ فِي " شَرْحِ الْمُهَذَّبِ " : فِي وَقْتِ ذَبْحِ الْهَدْيِ طَرِيقَانِ : أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ : أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِيَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ ، وَالثَّانِي : فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا : هَذَا ، وَالثَّانِي : لَا يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ كَدِمَاءِ الْجُبْرَانِ . فَعَلَى الصَّحِيحِ لَوْ أَخَّرَ الذَّبْحَ ، حَتَّى مَضَتْ هَذِهِ الْأَيَّامُ ، فَإِنْ كَانَ الْهَدْيُ وَاجِبًا : لَزِمَهُ ذَبْحُهُ ، وَيَكُونُ قَضَاءً ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَقَدْ فَاتَ الْهَدْيُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ : فَإِنْ ذَبَحَهُ كَانَ شَاةَ لَحْمٍ لَا نُسُكًا . انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ .
وَذَكَرَ
النَّوَوِيُّ عَنِ
الرَّافِعِيِّ : أَنَّهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ كِتَابِهِ فِي بَابِ صِفَةِ الْحَجِّ ، جَزَمَ بِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِيَوْمِ النَّحْرِ ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ ، وَأَنَّهُ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الصَّوَابِ فِي بَابِ الْهَدْيِ .
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ : الْقَوْلُ بِعَدَمِ الِاخْتِصَاصِ بِيَوْمِ النَّحْرِ وَيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بَعْدَهُ ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ ; لِأَنَّ عَدَمَ الِاخْتِصَاصِ يَجْعَلُ زَمَنَ النَّحْرِ مُطْلَقًا ، لَيْسَ مُقَيَّدًا بِزَمَانٍ ، وَهَذَا يَرُدُّهُ صَرِيحُ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ، فَجَعْلُ ظَرْفِهِ أَيَّامًا مَعْلُومَاتٍ يَرُدُّ الْإِطْلَاقَ فِي الزَّمَنِ رَدًّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ كَمَا تَرَى .
وَقَالَ
النَّوَوِيُّ أَيْضًا فِي " شَرْحِ الْمُهَذَّبِ " : اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=23444الْأَيَّامَ الْمَعْدُودَاتِ هِيَ : أَيَّامُ التَّشْرِيقِ ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ ، ا هـ .
وَلَا وَجْهَ لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ ، مَعَ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى مُتَّصِلًا بِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ الْآيَةَ ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ : أَيَّامُ الرَّمْيِ الَّتِي هِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ كَمَا تَرَى ، ثُمَّ قَالَ
النَّوَوِيُّ : وَأَمَّا الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ فَمَذْهَبُنَا : أَنَّهَا الْعَشْرُ الْأَوَائِلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى آخَرِ يَوْمِ النَّحْرِ . انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ . وَعَزَا
ابْنُ كَثِيرٍ هَذَا الْقَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=11لِابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : وَعَلَّقَهُ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ ، وَنَقَلَهُ
ابْنُ كَثِيرٍ أَيْضًا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=110أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ،
وَمُجَاهِدٍ ،
وَقَتَادَةَ ،
[ ص: 117 ] وَعَطَاءٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ،
وَالْحَسَنِ ،
وَالضَّحَّاكِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16566وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، قَالَ : وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، ثُمَّ شَرَعَ يَذْكُرُ الْأَحَادِيثَ الدَّالَّةَ عَلَى فَضْلِ الْأَيَّامِ الْعَشَرَةِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ .
قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ - : تَفْسِيرُ الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ فِي آيَةِ الْحَجِّ هَذِهِ : بِأَنَّهَا الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى آخِرِ يَوْمِ النَّحْرِ ، لَا شَكَّ فِي عَدَمِ صِحَّتِهِ ، وَإِنْ قَالَ بِهِ مِنْ أَجِلَّاءِ الْعُلَمَاءِ ، وَبَعْضِ أَجِلَّاءِ الصَّحَابَةِ مَنْ ذَكَرْنَا .
وَالدَّلِيلُ الْوَاضِحُ عَلَى بُطْلَانِهِ أَنَّ اللَّهَ بَيَّنَ أَنَّهَا أَيَّامُ النَّحْرِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَهُوَ ذِكْرُهُ بِالتَّسْمِيَةِ عَلَيْهَا عِنْدَ ذَبْحِهَا تَقَرُّبًا إِلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا الْعَشَرَةُ الْمَذْكُورَةُ ، يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الْعَشَرَةُ كُلُّهَا أَيَّامَ نَحْرٍ ، وَأَنَّهُ لَا نَحْرَ بَعْدَهَا ، وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ بَاطِلٌ كَمَا تَرَى ; لِأَنَّ النَّحْرَ فِي التِّسْعَةِ الَّتِي قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ لَا يَجُوزُ وَالنَّحْرُ فِي الْيَوْمَيْنِ بَعْدَهُ جَائِزٌ . وَكَذَلِكَ الثَّالِثُ عِنْدَ مَنْ ذَكَرْنَا ، فَبُطْلَانُ هَذَا الْقَوْلِ وَاضِحٌ كَمَا تَرَى . ثُمَّ قَالَ
النَّوَوِيُّ مُتَّصِلًا بِكَلَامِهِ الْأَوَّلِ ، وَقَالَ
مَالِكٌ : هِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ : يَوْمُ النَّحْرِ ، وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ فَالْحَادِيَ عَشَرَ ، وَالثَّانِيَ عَشَرَ عِنْدَهُ مِنَ الْمَعْلُومَاتِ ، وَالْمَعْدُودَاتِ .
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : الْمَعْلُومَاتُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ : يَوْمُ
عَرَفَةَ وَالنَّحْرِ وَالْحَادِيَ عَشَرَ . وَقَالَ
عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : الْمَعْلُومَاتُ أَرْبَعَةٌ : يَوْمُ
عَرَفَةَ وَالنَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ .
وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ : أَنَّ عِنْدَنَا يَجُوزُ ذَبْحُ الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كُلِّهَا ، وَعِنْدَ
مَالِكٍ لَا يَجُوزُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ . هَذَا كَلَامُ صَاحِبِ الْبَيَانِ ، انْتَهَى مِنَ
النَّوَوِيِّ . وَقَدْ سَكَتَ عَلَى كَلَامِ صَاحِبِ " الْبَيَانِ " : وَهُوَ بَاطِلٌ بُطْلَانًا وَاضِحًا ; لِأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَاتِ هِيَ الْعَشَرَةُ الْأُوَلُ ، لَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الذَّبْحِ فِيمَا بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ لِأَنَّهُ آخِرُهَا ، وَقَدْ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الذَّبْحِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ فِي جَمِيعِ التِّسْعَةِ الْأُوَلِ ; لِأَنَّ الْقُرْآنَ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَاتِ ، هِيَ ظَرْفُ الذَّبْحِ ; كَمَا بَيَّنَّا مِرَارًا فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْعَشَرَةُ كَانَتِ الْعَشَرَةُ هِيَ ظَرْفُ الذَّبْحِ . فَلَا يَجُوزُ فِيمَا قَبْلَهَا وَلَا مَا بَعْدَهَا ، وَلَكِنَّهُ يَجُوزُ فِي جَمِيعِهَا ، وَبُطْلَانُ هَذَا وَاضِحٌ كَمَا تَرَى ، ثُمَّ قَالَ
النَّوَوِيُّ مُتَّصِلًا بِكَلَامِهِ السَّابِقِ .
وَقَالَ
الْعَبْدَرِيُّ : فَائِدَةُ وَصْفِهِ بِأَنَّهُ مَعْلُومٌ جَوَازُ النَّحْرِ فِيهِ ، وَفَائِدَةُ وَصْفِهِ بِأَنَّهُ مَعْدُودٌ انْقِطَاعُ الرَّمْيِ فِيهِ . وَقَالَ : وَبِمَذْهَبِنَا قَالَ
أَحْمَدُ ،
وَدَاوُدُ ، وَقَالَ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=13968أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ : قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ : الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ هِيَ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ . قَالَ : وَإِنَّمَا قِيلَ
[ ص: 118 ] لَهَا مَعْلُومَاتٌ لِلْحِرْصِ عَلَى عِلْمِهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّ وَقْتَ الْحَجِّ فِي آخِرِهَا .
قَالَ : وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : الْمَعْلُومَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ : الْمَعْلُومَاتُ وَالْمَعْدُودَاتُ وَاحِدٌ .
قُلْتُ : وَكَذَا نَقَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=11872الْقَاضِي أَبُو الطَّيْبِ وَالْعَبْدَرِيُّ ، وَخَلَائِقُ - إِجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْمَعْدُودَاتِ هِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ . وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فَخِلَافُ الْمَشْهُورِ عَنْهُ .
فَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ الْمَعْلُومَاتِ أَيَّامُ الْعَشْرِ كُلِّهَا كَمَذْهَبِنَا ، وَهُوَ مِمَّا احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُنَا ، كَمَا سَأَذْكُرُهُ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ . وَاحْتَجَّ
لِأَبِي حَنِيفَةَ ،
وَمَالِكٍ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ، وَأَرَادَ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ فِي الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ : تَسْمِيَةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الذَّبْحِ ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي جَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ ، وَعَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ : لَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْهَا ، وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ . وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِمَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ أَيَّامُ الْعَشْرِ ، وَالْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ . رَوَاهُ
الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ .
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا اسْتَدَلَّ بِهِ
الْمُزَنِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ : وَهُوَ أَنَّ اخْتِلَافَ الْأَسْمَاءِ يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافِ الْمُسَمَّيَاتِ ، فَلَمَّا خُولِفَ بَيْنَ الْمَعْدُودَاتِ وَالْمَعْلُومَاتِ فِي الِاسْمِ دَلَّ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا ، وَعَلَى مَا يَقُولُ الْمُخَالِفُونَ يَتَدَاخَلَانِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ ، وَالْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : جَوَابُ
الْمُزَنِيِّ : أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ سِيَاقِ الْآيَةِ : وُجُودُ الذَّبْحِ فِي الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ ، بَلْ يَكْفِي وُجُودُهُ فِي آخِرِهَا وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ .
قَالَ
الْمُزَنِيُّ وَالْأَصْحَابُ : وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=16وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا [ 71 \ 16 ] ، وَلَيْسَ هُوَ نُورًا فِي جَمِيعِهَا ، بَلْ فِي بَعْضِهَا .
الثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّكْرِ فِي الْآيَةِ الذِّكْرُ عَلَى الْهَدَايَا ، وَنَحْنُ نَسْتَحِبُّ لِمَنْ رَأَى هَدْيًا أَوْ شَيْئًا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فِي الْعَشْرِ أَنْ يُكَبِّرَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . انْتَهَى كَلَامُ
النَّوَوِيِّ .
قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ - : الَّذِي يَظْهَرُ لِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ : أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ خِلَافُ الصَّوَابِ ، وَإِنْ قَالَ بِهِ مَنْ قَالَ مِنْ أَجِلَّاءِ الْعُلَمَاءِ ،
[ ص: 119 ] وَأَنَّ الْأَجْوِبَةَ الَّتِي أَجَابُوا بِهَا عَنِ الِاعْتِرَاضَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَيْهِ ، لَا يَنْهَضُ شَيْءٌ مِنْهَا لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ اللَّهَ بَيَّنَ فِي كِتَابِهِ ، أَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَاتِ هِيَ ظَرْفُ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ ، فَتَفْسِيرُهَا بِأَنَّهَا الْعَشَرَةُ الْأُوَلُ ، يَلْزَمُهُ جَوَازُ الذَّبْحِ فِي جَمِيعِهَا ، وَعَدَمُ جَوَازِهِ بَعْدَ غُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الْعَاشِرِ ، وَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ كَمَا تَرَى .
وَزَعْمُ
الْمُزَنِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : أَنَّ الْآيَةَ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=16وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا - ظَاهِرُ السُّقُوطِ ; لِأَنَّ كَوْنَ الْقَمَرِ كَوْكَبًا وَاحِدًا وَالسَّمَاوَاتِ سَبْعًا طِبَاقًا - قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا دُونَ السِّتِّ الْأُخْرَى .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ، فَظَاهِرُهُ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّ جَمِيعَ الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ ظَرْفٌ لِذِكْرِ اللَّهِ عَلَى الذَّبَائِحِ ، وَلَيْسَ هُنَا قَرِينَةٌ تُخَصِّصُهُ بِبَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ . فَلَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِبَعْضِهَا ، إِلَّا بِدَلِيلٍ يَجِبُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ ، وَلَيْسَ مَوْجُودًا هُنَا . وَتَفْسِيرُهُمْ ذِكْرَ اسْمِ اللَّهِ عَلَيْهَا ، بِأَنَّ مَعْنَاهُ : أَنَّ مَنْ رَأَى هَدْيًا أَوْ شَيْئًا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فِي الْعَشْرِ اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُكَبِّرَ ، وَأَنَّ ذَلِكَ التَّكْبِيرَ هُوَ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ - ظَاهِرُ السُّقُوطِ كَمَا تَرَى ; لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِتَفْسِيرِ عَامَّةِ الْمُفَسِّرِينَ لِلْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ، وَالتَّحْقِيقُ فِي تَفْسِيرِهَا مَا هُوَ مَشْهُورٌ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ ، وَهُوَ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ عَلَيْهَا عِنْدَ التَّذْكِيَةِ ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَهُ مُقْتَرِنًا بِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ الْآيَةَ [ 22 \ 28 ] . وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ الْآيَةَ [ 6 \ 121 ] .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=119وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ الْآيَةَ [ 6 \ 109 ] ، وَتَدَاخُلُ الْأَيَّامِ لَا يَمْنَعُ مِنْ مُغَايَرَتِهَا ; لِأَنَّ الْأَعَمَّيْنِ مِنْ وَجْهٍ مُتَغَايِرَانِ إِجْمَاعًا مَعَ تَدَاخُلِهِمَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ .
وَمِمَّا يُبْطِلُ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَاتِ هِيَ الْعَشَرَةُ الْمَذْكُورَةُ : أَنَّ كَوْنَهَا الْعَشَرَةَ الْمَذْكُورَةَ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ جَوَازِ الذَّبْحِ بَعْدَ غُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الْعَاشِرِ ، وَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ لِجَوَازِ الذَّبْحِ فِي الْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّانِيَ عَشَرَ ، بَلْ وَالثَّالِثَ عَشَرَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ . وَالتَّحْقِيقُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ : أَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْدُودَاتِ هِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ الَّتِي هِيَ أَيَّامُ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ . وَحَكَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ الْإِجْمَاعَ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى مُتَّصِلًا بِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ الْآيَةَ [ 2 \ 203 ] ، وَأَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَاتِ هِيَ أَيَّامُ النَّحْرِ ، فَيَدْخُلُ فِيهَا يَوْمُ النَّحْرِ وَالْيَوْمَانِ بَعْدَهُ ، وَالْخِلَافُ فِي الثَّالِثَ عَشَرَ ، هَلْ هُوَ مِنْهَا كَمَا مَرَّ تَفْصِيلُهُ ، وَقَدْ رَجَّحَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْهَا . وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ : أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا .
[ ص: 120 ] وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابْنُ قُدَامَةَ فِي " الْمُغْنِي " فِي تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا مَا نَصُّهُ : وَلَنَا "
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنِ الْأَكْلِ مِنَ النُّسُكِ ، فَوْقَ ثَلَاثٍ " وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ الذَّبْحُ مَشْرُوعًا فِي وَقْتٍ يَحْرُمُ فِيهِ الْأَكْلُ ، ثُمَّ نُسِخَ تَحْرِيمُ الْأَكْلِ ، وَبَقِيَ وَقْتُ الذَّبْحِ بِحَالِهِ ، وَلِأَنَّ الْيَوْمَ الرَّابِعَ لَا يَجِبُ فِيهِ الرَّمْيُ ، فَلَمْ يَجُزْ فِيهِ الذَّبْحُ كَالَّذِي بَعْدَهُ .
وَمِمَّا رَجَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْيَوْمَ الرَّابِعَ مِنْهَا : أَنَّهُ يُؤَدِّي فِيهِ بَعْضَ الْمَنَاسِكِ : وَهُوَ الرَّمْيُ ، إِذَا لَمْ يَتَعَجَّلْ فَهُوَ كَسَابِقِيهِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .
وَمِمَّا يُوَضِّحُ أَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَاتِ هِيَ أَيَّامُ النَّحْرِ ، سَوَاءٌ قُلْنَا إِنَّهَا ثَلَاثَةٌ ، أَوْ أَرْبَعَةٌ : أَنَّ اللَّهَ نَصَّ عَلَى أَنَّهَا هِيَ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ : أَيْ عِنْدَ التَّذْكِيَةِ ، عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ، كَمَا قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ .