الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا ( 44 ) ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا ( 45 ) ) .

يقول تعالى : قل يا محمد لهؤلاء المكذبين بما جئتهم به من الرسالة : سيروا في الأرض ، فانظروا كيف كان عاقبة الذين كذبوا الرسل ؟ كيف دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها ، فخليت منهم منازلهم ، وسلبوا ما كانوا فيه من النعم بعد كمال القوة ، وكثرة العدد والعدد ، وكثرة الأموال والأولاد ، فما أغنى ذلك شيئا ، ولا دفع عنهم من عذاب الله من شيء ، لما جاء أمر ربك لأنه تعالى لا يعجزه شيء ، إذا أراد كونه في السماوات والأرض ؟ ( إنه كان عليما قديرا ) أي : عليم بجميع الكائنات ، قدير على مجموعها .

ثم قال تعالى : ( ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ) أي : لو آخذهم بجميع ذنوبهم ، لأهلك جميع أهل الأرض ، وما يملكونه من دواب وأرزاق .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله قال : كاد الجعل أن يعذب في جحره بذنب ابن آدم ، ثم قرأ : ( ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ) .

وقال سعيد بن جبير ، والسدي في قوله : ( ما ترك على ظهرها من دابة ) أي : لما سقاهم المطر ، فماتت جميع الدواب .

( ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى ) أي : ولكن ينظرهم إلى يوم القيامة ، فيحاسبهم يومئذ ، ويوفي كل عامل بعمله ، فيجازي بالثواب أهل الطاعة ، وبالعقاب أهل المعصية ; ولهذا قال تعالى : ( فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا ) .

آخر تفسير سورة " فاطر " ولله الحمد والمنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية