الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وهي على ثلاثة أضرب : حيوان ، فيتخير بين أكله وعليه قيمته ، وبين بيعه وحفظ ثمنه ، وبين حفظه لمالكه ، والإنفاق عليه من ماله ، وهل يرجع بذلك ؛ على وجهين .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وهي ) أي : الأموال المذكورة ( على ثلاثة أضرب : حيوان فيتخير بين ) ذبحه و ( أكله ) وفاقا لقوله - عليه السلام : " هي لك ، أو لأخيك ، أو للذئب " جعلها له في الحال ، وسوى بينه وبين الذئب ، والذئب لا يؤخر أكلها ، ولأن [ ص: 279 ] في أكلها في الحال إغناء عن الإنفاق عليها ، وحفظا لماليتها على صاحبها ، ولا فرق بين أن يجدها في المصر أو الصحراء ( وعليه قيمته ) قاله أصحابنا ، وعليه أكثر العلماء ; لأنه إذا كان عليه قيمة ما يضطر إليه إذا أكله ؛ فلأن يكون عليه قيمة ما ذكر بطريق الأولى ، وتصير في ذمته ولا يلزمه عزلها ، وقال مالك : له أكل ضالة الغنم ، ولا غرامة عليه لصاحبها ، ولا تعريف لها ، قال ابن عبد البر : لم يوافق مالكا أحد العلماء ، وأفتى أبو الخطاب ، وابن الزاغوني بأكله بمضيعة ، بشرط ضمانه ، وإلا لم يجز تعجيل ذبحه ; لأنه يطلب ، وقال ابن عقيل ، وأبو الحسين : لا يتصرف قبل الحول في شاة ونحوها بأكل ونحوه رواية واحدة ( وبين بيعه وحفظ ثمنه ) لأنه إذا جاز أكلها بغير إذن فبيعها أولى ، وظاهره أنه يتولى ذلك بنفسه ، ويلزمه حفظ صفتها ، ولم يذكر أصحابنا هنا تعريفا ; لأنه - عليه السلام - لم يأمر بتعريفها ، ونصر في " الشرح " لزوم ذلك ; لأنها لقطة لها خطر ، فوجب تعريفها كالمطعوم الكثير ، وإنما لم يذكره هنا ; لأنه ذكره بعد ( وبين حفظه لمالكه ) ولم يتملكها ( والإنفاق عليه من ماله ) لما في ذلك من حفظه على مالكه عينا ومآلا ، فلو تركها بلا نفقة ضمنها ; لأنه فرط فيها .

                                                                                                                          ( وهل يرجع بذلك ) إذا نوى الرجوع به ( على وجهين ) هما روايتان ، الأصح أنه يرجع ، قضى به عمر بن عبد العزيز ، قال في " المغني " ، و " الشرح " نص عليه في رواية المروذي في طيرة أفرخت عند قوم ، فقضى أن الفراخ لصاحب الطيرة ، ويرجع بالعلف ما لم يكن متطوعا ، قال أبو بكر : هذا مع ترك التعدي ، فإن تعدى لم يحتسب له ، ولأنه أنفق عليه لحفظه ، فكان من مال [ ص: 280 ] صاحبه كمئونة التجفيف ، والثاني : لا يرجع ; لأنه أنفق على مال غيره بلا إذنه فلم يرجع ، كما لو بنى داره ، وفارق التجفيف ; لأنه لا تتكرر نفقته بخلاف الحيوان ، فربما استغرقت ثمنه مع أن الشعبي عجب من قضاء عمر ، وقيل : إن أنفق بإذن حاكم رجع ، وإلا فلا .




                                                                                                                          الخدمات العلمية