(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=40إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=40إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما )
اعلم أن تعلق هذه الآية هو بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=39وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله ) فكأنه قال : فإن
nindex.php?page=treesubj&link=30364_30358الله لا يظلم من هذه حاله مثقال ذرة ، وإن تك حسنة يضاعفها ، فرغب بذلك في الإيمان والطاعة .
واعلم أن هذه الآية مشتملة على الوعد بأمور ثلاثة :
الأول : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=40إن الله لا يظلم مثقال ذرة ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : الذرة : النملة الحمراء الصغيرة في قول أهل اللغة . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه أدخل يده في التراب ثم رفعها ثم نفخ فيها ، ثم قال : كل واحد من هذه الأشياء ذرة ، و " مثقال " مفعال من الثقل ، يقال : هذا على مثقال هذا ، أي وزن هذا ، ومعنى " مثقال ذرة " أي ما يكون وزنه وزن الذرة .
واعلم أن المراد من الآية أنه تعالى لا يظلم قليلا ولا كثيرا ، ولكن الكلام خرج على أصغر ما يتعارفه الناس يدل عليه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=44إن الله لا يظلم الناس شيئا ) [ يونس : 44 ] .
المسألة الثانية : قالت
المعتزلة : دلت هذه الآية على
nindex.php?page=treesubj&link=28785أنه تعالى ليس خالقا لأعمال العباد ؛ لأن من جملة تلك الأعمال ظلم بعضهم بعضا ، فلو كان موجد ذلك الظلم هو الله تعالى لكان الظالم هو الله ، وأيضا لو خلق الظلم في الظالم ولا قدرة لذلك الظالم على تحصيل ذلك الظلم عند عدمه ولا على دفعه بعد وجوده ، ثم إنه تعالى يقول لمن هذا شأنه وصفته : لم ظلمت ؟ ثم يعاقبه عليه ، كان هذا محض الظلم ، والآية دالة على كونه تعالى منزها عن الظلم .
والجواب : المعارضة بالعلم والداعي على ما سبق مرارا لا حد لها ، وقد ذكرنا أن استدلالات هؤلاء
المعتزلة وإن كثرت وعظمت ، إلا أنها ترجع إلى حرف واحد ، وهو التمسك بالمدح والذم والثواب والعقاب ، والسؤال على هذا الحرف معين ، وهو المعارضة بالعلم والداعي ، فكلما أعادوا ذلك الاستدلال أعدنا عليهم هذا السؤال .
[ ص: 83 ]
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=40إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=40إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا )
اعْلَمْ أَنَّ تَعَلُّقَ هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=39وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ ) فَكَأَنَّهُ قَالَ : فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30364_30358اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مَنْ هَذِهِ حَالُهُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ، وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا ، فَرَغِبَ بِذَلِكَ فِي الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْوَعْدِ بِأُمُورٍ ثَلَاثَةٍ :
الْأَوَّلُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=40إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : الذَّرَّةُ : النَّمْلَةُ الْحَمْرَاءُ الصَّغِيرَةُ فِي قَوْلِ أَهْلِ اللُّغَةِ . وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي التُّرَابِ ثُمَّ رَفَعَهَا ثُمَّ نَفَخَ فِيهَا ، ثُمَّ قَالَ : كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ذَرَّةٌ ، وَ " مِثْقَالٌ " مِفْعَالٌ مِنَ الثِّقَلِ ، يُقَالُ : هَذَا عَلَى مِثْقَالِ هَذَا ، أَيْ وَزْنِ هَذَا ، وَمَعْنَى " مِثْقَالَ ذَرَّةٍ " أَيْ مَا يَكُونُ وَزْنُهُ وَزْنَ الذَّرَّةِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْآيَةِ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَظْلِمُ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا ، وَلَكِنَّ الْكَلَامَ خَرَجَ عَلَى أَصْغَرِ مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=44إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا ) [ يُونُسَ : 44 ] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَتِ
الْمُعْتَزِلَةُ : دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28785أَنَّهُ تَعَالَى لَيْسَ خَالِقًا لِأَعْمَالِ الْعِبَادِ ؛ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ تِلْكَ الْأَعْمَالِ ظُلْمَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا ، فَلَوْ كَانَ مُوجِدُ ذَلِكَ الظُّلْمِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى لَكَانَ الظَّالِمُ هُوَ اللَّهُ ، وَأَيْضًا لَوْ خَلَقَ الظُّلْمَ فِي الظَّالِمِ وَلَا قُدْرَةَ لِذَلِكَ الظَّالِمِ عَلَى تَحْصِيلِ ذَلِكَ الظُّلْمِ عِنْدَ عَدَمِهِ وَلَا عَلَى دَفْعِهِ بَعْدَ وُجُودِهِ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ لِمَنْ هَذَا شَأْنُهُ وَصِفَتُهُ : لِمَ ظَلَمْتَ ؟ ثُمَّ يُعَاقِبُهُ عَلَيْهِ ، كَانَ هَذَا مَحْضَ الظُّلْمِ ، وَالْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى كَوْنِهِ تَعَالَى مُنَزَّهًا عَنِ الظُّلْمِ .
وَالْجَوَابُ : الْمُعَارَضَةُ بِالْعِلْمِ وَالدَّاعِي عَلَى مَا سَبَقَ مِرَارًا لَا حَدَّ لَهَا ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ اسْتِدْلَالَاتِ هَؤُلَاءِ
الْمُعْتَزِلَةِ وَإِنْ كَثُرَتْ وَعَظُمَتْ ، إِلَّا أَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ ، وَهُوَ التَّمَسُّكُ بِالْمَدْحِ وَالذَّمِّ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ ، وَالسُّؤَالُ عَلَى هَذَا الْحَرْفِ مُعَيَّنٌ ، وَهُوَ الْمُعَارَضَةُ بِالْعِلْمِ وَالدَّاعِي ، فَكُلَّمَا أَعَادُوا ذَلِكَ الِاسْتِدْلَالَ أَعَدْنَا عَلَيْهِمْ هَذَا السُّؤَالَ .
[ ص: 83 ]