(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=50انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=50انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا )
[ ص: 102 ] اعلم أنه تعالى لما هدد
اليهود بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به ) فعند هذا قالوا : لسنا من المشركين ، بل نحن خواص الله تعالى كما حكى تعالى عنهم أنهم قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18نحن أبناء الله وأحباؤه ) [ المائدة : 18 ] وحكى عنهم أنهم قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=80لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ) [ البقرة : 80 ] ، وحكى أيضا أنهم قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=111لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ) وبعضهم كانوا
nindex.php?page=treesubj&link=29434يقولون : إن آباءنا كانوا أنبياء فيشفعون لنا . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنه -
أن قوما من اليهود أتوا بأطفالهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقالوا : يا محمد هل على هؤلاء ذنب ؟ فقال : لا ، فقالوا : والله ما نحن إلا كهؤلاء ؛ ما عملناه بالليل كفر عنا بالنهار ، وما عملناه بالنهار كفر عنا بالليل . وبالجملة فالقوم كانوا قد بالغوا في تزكية أنفسهم ، فذكر تعالى في هذه الآية أنه
nindex.php?page=treesubj&link=19134لا عبرة بتزكية الإنسان نفسه ، وإنما العبرة بتزكية الله له وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : التزكية في هذا الموضع عبارة عن
nindex.php?page=treesubj&link=19134مدح الإنسان نفسه ، ومنه تزكية المعدل للشاهد ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=32فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ) [ النجم : 32 ] وذلك لأن التزكية متعلقة بالتقوى ، والتقوى صفة في الباطن ، ولا يعلم حقيقتها إلا الله ، فلا جرم لا تصلح التزكية إلا من الله ؛ فلهذا قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49بل الله يزكي من يشاء ) .
فإن قيل : أليس أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012395والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض " .
قلنا : إنما قال ذلك حين قال المنافقون له : اعدل في القسمة ؛ ولأن الله تعالى لما زكاه أولا بدلالة المعجزة جاز له ذلك بخلاف غيره .
المسألة الثانية : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49بل الله يزكي من يشاء ) يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28785الإيمان يحصل بخلق الله تعالى ؛ لأن أجل أنواع الزكاة والطهارة وأشرفها هو الإيمان ، فلما ذكر تعالى أنه هو الذي يزكي من يشاء دل على أن إيمان المؤمنين لم يحصل إلا بخلق الله تعالى .
المسألة الثالثة : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49ولا يظلمون فتيلا ) هو كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=40إن الله لا يظلم مثقال ذرة ) [ النساء : 40 ] والمعنى أن
nindex.php?page=treesubj&link=19134الذين يزكون أنفسهم يعاقبون على تلك التزكية حق جزائهم من غير ظلم ، أو يكون المعنى أن الذين زكاهم الله فإنه يثيبهم على طاعاتهم ولا ينقص من ثوابهم شيئا ، والفتيل ما فتلت بين إصبعيك من الوسخ ، فعيل بمعنى مفعول . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت : الفتيل ما كان في شق النواة ، والنقير النقطة التي في ظهر النواة ، والقطمير القشرة الرقيقة على النواة ، وهذه الأشياء كلها تضرب أمثالا للشيء التافه الحقير ، أي لا يظلمون لا قليلا ولا كثيرا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=50انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=50انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا )
[ ص: 102 ] اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا هَدَّدَ
الْيَهُودَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ) فَعِنْدَ هَذَا قَالُوا : لَسْنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، بَلْ نَحْنُ خَوَاصُّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا حَكَى تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ) [ الْمَائِدَةِ : 18 ] وَحَكَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=80لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً ) [ الْبَقَرَةِ : 80 ] ، وَحَكَى أَيْضًا أَنَّهُمْ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=111لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى ) وَبَعْضُهُمْ كَانُوا
nindex.php?page=treesubj&link=29434يَقُولُونَ : إِنَّ آبَاءَنَا كَانُوا أَنْبِيَاءَ فَيَشْفَعُونَ لَنَا . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْيَهُودِ أَتَوْا بِأَطْفَالِهِمْ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالُوا : يَا مُحَمَّدُ هَلْ عَلَى هَؤُلَاءِ ذَنْبٌ ؟ فَقَالَ : لَا ، فَقَالُوا : وَاللَّهِ مَا نَحْنُ إِلَّا كَهَؤُلَاءِ ؛ مَا عَمِلْنَاهُ بِاللَّيْلِ كُفِّرَ عَنَّا بِالنَّهَارِ ، وَمَا عَمِلْنَاهُ بِالنَّهَارِ كُفِّرَ عَنَّا بِاللَّيْلِ . وَبِالْجُمْلَةِ فَالْقَوْمُ كَانُوا قَدْ بَالَغُوا فِي تَزْكِيَةِ أَنْفُسِهِمْ ، فَذَكَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=19134لَا عِبْرَةَ بِتَزْكِيَةِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ ، وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِتَزْكِيَةِ اللَّهِ لَهُ وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : التَّزْكِيَةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عِبَارَةٌ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=19134مَدْحِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ ، وَمِنْهُ تَزْكِيَةُ الْمُعَدِّلِ لِلشَّاهِدِ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=32فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ) [ النَّجْمِ : 32 ] وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّزْكِيَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالتَّقْوَى ، وَالتَّقْوَى صِفَةٌ فِي الْبَاطِنِ ، وَلَا يَعْلَمُ حَقِيقَتَهَا إِلَّا اللَّهُ ، فَلَا جَرَمَ لَا تَصْلُحُ التَّزْكِيَةُ إِلَّا مِنَ اللَّهِ ؛ فَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ) .
فَإِنْ قِيلَ : أَلَيْسَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012395وَاللَّهِ إِنِّي لَأَمِينٌ فِي السَّمَاءِ أَمِينٌ فِي الْأَرْضِ " .
قُلْنَا : إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ حِينَ قَالَ الْمُنَافِقُونَ لَهُ : اعْدِلْ فِي الْقِسْمَةِ ؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا زَكَّاهُ أَوَّلًا بِدَلَالَةِ الْمُعْجِزَةِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28785الْإِيمَانَ يَحْصُلُ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى ؛ لِأَنَّ أَجَلَّ أَنْوَاعِ الزَّكَاةِ وَالطَّهَارَةِ وَأَشْرَفَهَا هُوَ الْإِيمَانُ ، فَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ دَلَّ عَلَى أَنَّ إِيمَانَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَحْصُلْ إِلَّا بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ) هُوَ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=40إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ) [ النِّسَاءِ : 40 ] وَالْمَعْنَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19134الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ يُعَاقَبُونَ عَلَى تِلْكَ التَّزْكِيَةِ حَقَّ جَزَائِهِمْ مِنْ غَيْرِ ظُلْمٍ ، أَوْ يَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ الَّذِينَ زَكَّاهُمُ اللَّهُ فَإِنَّهُ يُثِيبُهُمْ عَلَى طَاعَاتِهِمْ وَلَا يُنْقِصُ مِنْ ثَوَابِهِمْ شَيْئًا ، وَالْفَتِيلُ مَا فَتَلْتَ بَيْنَ إِصْبَعَيْكَ مِنَ الْوَسَخِ ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابْنِ السِّكِّيتِ : الْفَتِيلُ مَا كَانَ فِي شِقِّ النَّوَاةِ ، وَالنَّقِيرُ النُّقْطَةُ الَّتِي فِي ظَهْرِ النَّوَاةِ ، وَالْقِطْمِيرُ الْقِشْرَةُ الرَّقِيقَةُ عَلَى النَّوَاةِ ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا تُضْرَبُ أَمْثَالًا لِلشَّيْءِ التَّافِهِ الْحَقِيرِ ، أَيْ لَا يُظْلَمُونَ لَا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا .