الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      " النظر مكتسب " النظر مكتسب بالاتفاق وإذا وجد بشروطه أفاد العلم . وقالت الحكماء : النظر في الإلهيات لا يفيد العلم ، وإنما يفيد في الهندسيات والحسابات ، ويقع العلم عقبه على المشهور . وقيل : مع آخر [ ص: 67 ] جزء من أجزائه . حكاه عبد الجليل في " شرح اللامع " . وعلى الأول فاختلفوا في كيفية حصوله على أربعة أقوال : أحدها : وبه قال الأشعري إنه يستلزمه عادة بإيجاد الله تعالى ، وكحصول الشبع عقب الأكل ، والري عقب الشرب ، ورد بأنه لو كان كذلك لكان خرقه جائزا وعدمه ممكنا . وهاهنا حصول العلم واجب لا محالة فيستحيل أن لا يحصل عقب كمال النظر ، والثاني : وهو مذهب المعتزلة أنه يستلزم العلم بالتولد ، وهو الحاصل عن المقدور بالقدرة الحادثة لا بالمباشرة كحركة السهم عن الرمي ، ويجب وقوعه بعد النظر كوقوع المعلول بعد العلة . والثالث : أنه يستلزم العلم عقلا بإيجاب ذاتي ، أي : ذاته موجبة لذلك ، وصححه الإمام في المحصول " . والرابع : أنه يستلزم العلم بتضمن المقدمات المنتجة بطريق اللزوم الذي لا بد منه ، لا يكون النظر علة ، ولا مولدا ، وهو قول القاضي أبي بكر ، وإمام الحرمين [ ص: 68 ] وقال الآمدي : إنه الحق . وهذه المسألة من فروع خلق الأفعال . واحتج أصحابنا على أن النظر غير مولد للعلم . بقيام الأدلة على أن الإنسان لا يفعل إلا ما هو قادر عليه ، وأن قدرة الإنسان لا توجد قبل مقدورها . وإذا ثبت لنا هذا الأصل بدليل بطل أن يكون العلم الواقع عقب النظر من فعل الإنسان ، وذلك ; لأنه لو كان من فعله ، لوجب كونه قادرا عليه بقدرة تقارنه ، أو تقارن القدرة على سببه الذي هو النظر . وهو محال ; لأنه يوجب تقدم القدرة على مقدورها ، والله أعلم .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية