الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " وإن كانت بكرا فافتضها لم يكن له أن يردها ناقصة كما لم يكن عليه أن يقبلها ناقصة ، ويرجع بما بين قيمتها معيبة وصحيحة من الثمن " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال .

                                                                                                                                            إذا كانت الجارية المعيبة بكرا ، فافتضها المشتري وأذهب بكارتها ، ثم وجدها معيبة فأراد ردها ، لم يكن ذلك له : لأن إذهاب البكارة نقص فيها من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : في البدن .

                                                                                                                                            والثاني : في الثمن ، وإذا لم يكن له الرد كان له الرجوع بالأرش ، ليصير إلى بدل ما ظهر عليه من النقص ، واعتبار الأرش أن تقوم الجارية وهي لا عيب بها في أول حالتها فيه من

                                                                                                                                            [ ص: 248 ] وقت العقد إلى وقت القبض : لأنه إن حدث بها بعد العقد وقبل القبض نقص كان مضمونا على البائع ، وإن حدث زيادة كانت ملكا للمشتري ، ولذلك وجب تقويمها في أول الحالين قيمة . فإذا قيل : قيمتها في تلك الحال بكرا لا عيب بها مائة دينار ، قومت بكرا وبها ذلك العيب ، فإذا قيل : قيمتها تسعون دينارا كان ما بين القيمتين من النقص عشرة دنانير ، وهي عشر القيمة ، فيرجع المشتري على البائع بعشر الثمن ، ولا يرجع بعشر القيمة لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن الثمن وما زاد على القيمة أو نقص فلو كان الأرش معتبرا من القيمة ، لكان ربما استوعب الثمن إن كان ناقصا ، أو لم يؤثر فيه إن كان زائدا .

                                                                                                                                            والثاني : أنه لما كان جميع المبيع في مقابلة جميع الثمن ، وجب أن تكون أجزاؤه الناقصة في مقابلة أجزاء الثمن ، فإذا كان كذلك نظر قدر الثمن ، فإن كان خمسين دينارا رجع المشتري بعشرها ، وذلك خمسة دنانير ، وإن كان مائتي دينار رجع بعشرها وذلك عشرون دينارا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية