الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب النهي أن يؤكل طعام الإنسان بغير إذنه

                                                                                                                                            3653 - ( عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { : لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه ، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فينتثل طعامه وإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم ، فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه } متفق عليه ) .

                                                                                                                                            3654 - ( وعن عمرو بن يثربي قال : { شهدت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ، وكان [ ص: 174 ] فيما خطب ، أن قال : ولا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما طابت به نفسه ، قال : فلما سمعت ذلك قلت : يا رسول الله أرأيت لو لقيت في موضع غنم ابن عمي فأخذت منها شاة فاجتزرتها هل علي في ذلك شيء ؟ قال : إن لقيتها نعجة تحمل شفرة وأزنادا فلا تمسها } ) .

                                                                                                                                            3655 - ( وعن عمير مولى آبي اللحم قال : { أقبلت مع سادتي نريد الهجرة حتى إذا دنونا من المدينة قال : فدخلوا وخلفوني في ظهرهم ، فأصابتني مجاعة شديدة ، قال : فمر بي بعض من يخرج من المدينة ، فقالوا : لو دخلت المدينة فأصبت من تمر حوائطها ، قال : فدخلت حائطا فقطعت منه قنوين ، فأتاني صاحب الحائط وأتى بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره خبري وعلي ثوبان ، فقال لي : أيهما أفضل ؟ فأشرت إلى أحدهما ، فقال : خذه وأعط صاحب الحائط الآخر ، فخلى سبيلي } . رواهما أحمد ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث عمرو بن اليثربي في إسناده حاتم بن إسماعيل وفيه خلاف عن عبد الملك بن حسين الجاري ، فإن يكن هو الكوفي النخعي فضعيف بمرة وإلا فليس من رجال الأمهات .

                                                                                                                                            وحديث عمير مولى آبي اللحم في إسناده عبد الرحمن بن إسحاق عن محمد بن زيد ، وقد قال العجلي : يكتب حديثه وليس بالقوي ، وكذا قال أبو حاتم ونحوه عن البخاري . وقال النسائي وابن خزيمة : ليس به بأس ، وقال في مجمع الزوائد : حديث عمير هذا أخرجه أحمد بإسنادين في أحدهما ابن لهيعة وفي الآخر أبو بكر بن زيد المهاجر ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وبقية رجاله ثقات قوله :

                                                                                                                                            ( مشربته ) قال في القاموس : والمشربة وتضم الراء : أرض لينة دائمة النبات والغرفة والعلية والصفة والمشرعة انتهى . والمراد هنا الغرفة التي يجمع فيها الطعام ، شبه صلى الله عليه وسلم ضروع المواشي في حفظها ما فيها من اللبن بالمشربة في حفظها ما فيها من الطعام ، فكما أن هذه يحفظ فيها الإنسان طعامه فتلك تحفظ له شرابه وهو لبن ماشيته ، وكما أن الإنسان يكره دخول غيره إلى مشربته لأخذ طعامه كذلك يكره حلب غيره ماشيته فلا يحل الجميع إلا بإذن المالك . قوله : ( فينتثل طعامه ) النثل : الاستخراج : أي فيستخرج طعامه . قال في القاموس : نثل الركية ينثلها : استخرج ترابها وهي النثيلة والنثالة والكنانة استخرج نبلها ونثرها ، ودرعه ألقاها عنه ، واللحم في القدر وضعه فيها مقطعا ، وامرأة نثول : تفعل ذلك كثيرا ، وعليه درعه : صبها [ ص: 175 ] انتهى قوله : ( فاجتزرتها ) بزاي ثم راء قوله : ( إن لقيتها نعجة تحمل شفرة وأزنادا ) هذا فيه مبالغة من المنع في أخذ ملك الغير بغير إذنه وإن كان على حال مشعرة بأن تلك الماشية معدة للذبح حاملة لما تصلح به من آلة الذبح وهي الشفرة ، وآلة الطبخ وهو الأزناد وهي جمع زند : وهو العود الذي يقدح به النار . قال في القاموس : والجمع زناد وأزند وأزناد . ونعجة منصوبة على الحال : أي لقيتها حال كونها نعجة حاملة لشفرة وأزناد قوله : ( مولى آبي اللحم ) قد تقدم غير مرة أن آبي اللحم اسم فاعل من أبى يأبى فهو آب قوله : ( في ظهرهم ) أي في دوابهم التي يسافرون بها ويحملون عليها أمتعتهم ( قوله وأعط صاحب الحائط الآخر ) فيه دليل على تغريم السارق قيمة ما أخذه مما لا يجب فيه الحد ، وعلى أن الحاجة لا تبيح الإقدام على مال الغير مع وجود ما يمكن الانتفاع به أو بقيمته ولو كان مما تدعو حاجة الإنسان إليه ، فإنه هنا أخذ أحد ثوبيه ودفعه إلى صاحب النخل .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية