الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : فيهن خيرات حسان

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن المنذر ، عن مجاهد في قوله : فيهن خيرات حسان قال : النساء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، عن أبي صالح : فيهن خيرات حسان . قال : عذارى الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، عن قتادة في قوله : فيهن خيرات حسان قال : خيرات الأخلاق، حسان الوجوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن أبي الدنيا في «صفة الجنة»، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن مسعود قال : لكل مسلم خيرة، ولكل خيرة [ ص: 159 ] خيمة، ولكل خيمة أربعة أبواب، يدخل عليها كل يوم من الله تحفة وكرامة وهدية لم تكن قبل ذلك، لا مرحات، ولا طماحات، ولا بخرات، ولا ذفرات، حور عين، كأنهن بيض مكنون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، من وجه آخر، عن ابن مسعود مرفوعا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن مردويه ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : «إن الحور العين يتغنين في الجنة، يقلن : نحن الخيرات الحسان، خبئنا لأزواج كرام» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، والطبراني ، وابن مردويه ، عن أم سلمة قالت : قلت : يا رسول الله أخبرني عن قول الله : وحور عين [الواقعة : 22] قال : «حور : بيض، عين : ضخام العيون، شفر الحوراء بمنزلة جناح النسور» وفي لفظ ابن مردويه : «شفر الجفون بمنزلة جناح النسر» .

                                                                                                                                                                                                                                      قلت : يا رسول الله، أخبرني عن قول الله : (كأنهن لؤلؤ مكنون) قال : «صفاؤهن صفاء الدر الذي في [ ص: 160 ] الأصداف، الذي لم تمسه الأيدي» .

                                                                                                                                                                                                                                      قلت : يا رسول الله، أخبرني عن قول الله : كأنهن بيض مكنون [الصافات : 49] قال : «رقتهن كرقة الجلدة التي في داخل البيضة مما يلي القشر» .

                                                                                                                                                                                                                                      قلت : فأخبرني عن قول الله : كأنهن الياقوت والمرجان [الرحمن : 58] قال : «صفاؤهن كصفاء الدر الذي في الأصداف، الذي لا تمسه الأيدي» .

                                                                                                                                                                                                                                      قلت : فأخبرني عن قول الله : فيهن خيرات حسان قال : «خيرات الأخلاق، حسان الوجوه» .

                                                                                                                                                                                                                                      قلت : فأخبرني عن قول الله : عربا أترابا [الواقعة : 37] قال : «هن اللواتي قبضن في دار الدنيا، عجائز رمصا شمطا، خلقهن الله بعد الكبر، فجعلهن عذارى، عربا : متعشقات متحببات أترابا، قال : على ميلاد واحد» .

                                                                                                                                                                                                                                      قلت : يا رسول الله : أنساء الدنيا أفضل أم الحور العين؟ قال : «نساء الدنيا أفضل من الحور العين كفضل الظهارة على البطانة» قلت : يا رسول الله : وبم ذاك؟ قال : «بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن الله، ألبس الله وجوههن النور، وأجسادهن الحرير، بيض الألوان، خضر الثياب، صفر الحلي، مجامرهن الدر، وأمشاطهن الذهب، يقلن : ألا نحن الخالدات فلا نموت أبدا، ألا ونحن الناعمات فلا نبأس أبدا، ألا ونحن المقيمات فلا نظعن أبدا، ألا ونحن الراضيات فلا نسخط أبدا، طوبى لمن كنا [ ص: 161 ] له وكان لنا» .

                                                                                                                                                                                                                                      قلت يا رسول الله : المرأة تتزوج الزوجين والثلاثة والأربعة في الدنيا، ثم تموت، فتدخل الجنة، ويدخلون معها من يكون زوجها منهم؟ قال : «إنها تخير فتختار أحسنهم خلقا، فتقول : يا رب إن هذا كان أحسنهم معي خلقا في دار الدنيا فزوجنيه، يا أم سلمة : ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة» .


                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية