الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين

.

قوله تعالى : كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ( كم ) للتكثير وقد مضى في معنى هذه الآية في ( الشعراء ) مستوفى . ونعمة كانوا فيها فاكهين النعمة ( بالفتح ) : التنعيم ، يقال : نعمه الله وناعمه فتنعم . وامرأة منعمة ومناعمة ، بمعنى . والنعمة ( بالكسر ) : اليد والصنيعة والمنة وما أنعم به عليك . وكذلك النعمى . فإن فتحت النون مددت وقلت : النعماء . والنعيم مثله . وفلان واسع النعمة ، أي : واسع المال ، جميعه عن الجوهري . وقال ابن عمر : المراد بالنعمة نيل مصر . ابن لهيعة : الفيوم . ابن زياد : أرض مصر لكثرة خيرها . وقيل : ما كانوا فيه من السعة والدعة . وقد يقال : نعمة ونعمة ( بفتح النون وكسرها ) ، حكاه الماوردي . قال : وفي الفرق بينهما وجهان : أحدهما : أنها بكسر النون في الملك ، وبفتحها في البدن والدين ، قاله النضر بن شميل . الثاني : أنها بالكسر من المنة وهو الإفضال والعطية ، وبالفتح من التنعيم وهو سعة العيش والراحة ، قاله ابن زياد .

قلت : هذا الفرق هو الذي وقع في الصحاح وقد ذكرناه . وقرأ أبو رجاء والحسن وأبو الأشهب والأعرج وأبو جعفر وشيبة ( فكهين ) بغير ألف ، ومعناه أشرين بطرين . قال الجوهري : فكه الرجل ( بالكسر ) فهو فكه إذا كان طيب النفس مزاحا . والفكه أيضا الأشر البطر . وقرئ ( ونعمة كانوا فيها فكهين ) أي : أشرين بطرين . وفاكهين أي : ناعمين . [ ص: 129 ] القشيري : فاكهين لاهين مازحين ، يقال : إنه لفاكه أي : مزاح . وفيه فكاهة أي : مزح . الثعلبي : وهما لغتان كالحاذر والحذر ، والفاره والفره . وقيل : إن الفاكه هو المستمتع بأنواع اللذة كما يتمتع الآكل بأنواع الفاكهة . والفاكهة : فضل عن القوت الذي لا بد منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية