[ ص: 138 ] nindex.php?page=treesubj&link=28889سُورَةُ الرَّحْمَنِ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا فِي قَوْلِ
الْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=16561وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعِكْرِمَةَ
nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٍ وَجَابِرٍ . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : إِلَّا آيَةً مِنْهَا هِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=29يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْآيَةَ . وَهِيَ سِتٌّ وَسَبْعُونَ آيَةً .
وَقَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ وَمُقَاتِلٌ : هِيَ مَدَنِيَّةٌ كُلُّهَا . وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ لِمَا رَوَى
عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ : أَوَّلُ مَنْ جَهَرَ بِالْقُرْآنِ
بِمَكَّةَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ابْنُ مَسْعُودٍ ; وَذَلِكَ أَنَّ الصَّحَابَةَ قَالُوا : مَا سَمِعَتْ
قُرَيْشٌ هَذَا الْقُرْآنَ يُجْهَرُ بِهِ قَطُّ ، فَمَنْ رَجُلٌ يُسْمِعُهُمُوهُ ؟ فَقَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ : أَنَا ، فَقَالُوا : إِنَّا نَخْشَى عَلَيْكَ ، وَإِنَّمَا نُرِيدُ رَجُلًا لَهُ عَشِيرَةٌ يَمْنَعُونَهُ ، فَأَبَى ثُمَّ قَامَ عِنْدَ الْمَقَامِ فَقَالَ : ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=1الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ثُمَّ تَمَادَى رَافِعًا بِهَا صَوْتَهُ
وَقُرَيْشٌ فِي أَنْدِيَتِهَا ، فَتَأَمَّلُوا وَقَالُوا : مَا يَقُولُ
ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ ؟ قَالُوا : هُوَ يَقُولُ الَّذِي يَزْعُمُ
مُحَمَّدٌ أَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ ضَرَبُوهُ حَتَّى أَثَّرُوا فِي وَجْهِهِ . وَصَحَّ
nindex.php?page=hadith&LINKID=866312أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ يُصَلِّي الصُّبْحَ بِنَخْلَةَ ، فَقَرَأَ سُورَةَ ( الرَّحْمَنِ ) وَمَرَّ النَّفَرُ مِنَ الْجِنِّ فَآمَنُوا بِهِ . وَفِي
التِّرْمِذِيِّ عَنْ
جَابِرٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831282خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ [ ص: 139 ] فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ ( الرَّحْمَنِ ) مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا فَسَكَتُوا ، فَقَالَ : لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى الْجِنِّ لَيْلَةَ الْجِنِّ فَكَانُوا أَحْسَنَ مَرْدُودًا مِنْكُمْ كُنْتُ كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلِهِ : nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=13فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ قَالُوا : لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ فَلَكَ الْحَمْدُ قَالَ : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ . وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَرُوِيَ
أَنَّ قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اتْلُ عَلَيَّ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْكَ ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ سُورَةَ ( الرَّحْمَنِ ) فَقَالَ : أَعِدْهَا ، فَأَعَادَهَا ثَلَاثًا ، فَقَالَ : وَاللَّهِ إِنَّ لَهُ لَطَلَاوَةً ، وَإِنَّ عَلَيْهِ لَحَلَاوَةً ، وَأَسْفَلَهُ لَمُغْدِقٌ ، وَأَعْلَاهُ مُثْمِرٌ ، وَمَا يَقُولُ هَذَا بَشَرٌ ، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ . وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
لِكُلِّ شَيْءٍ عَرُوسٌ وَعَرُوسُ الْقُرْآنِ سُورَةُ الرَّحْمَنِ .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=29026nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=1الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=3خَلَقَ الْإِنْسَانَ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=4عَلَّمَهُ الْبَيَانَ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=5الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=6وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=8أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=9وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=10وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=12وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانِ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=13فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=1الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ قَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=14577وَعَامِرٌ الشَّعْبِيُّ : ( الرَّحْمَنُ ) فَاتِحَةُ ثَلَاثِ سُوَرٍ إِذَا جُمِعْنَ كُنَّ اسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى ( الر ) ، وَ ( حم ) وَ ( ن ) فَيَكُونُ
[ ص: 140 ] مَجْمُوعُ هَذِهِ ( الرَّحْمَنُ ) .
عَلَّمَ الْقُرْآنَ أَيْ عَلَّمَهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَدَّاهُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ . وَأُنْزِلَتْ حِينَ قَالُوا : وَمَا الرَّحْمَنُ ؟ وَقِيلَ : نَزَلَتْ جَوَابًا
لِأَهْلِ مَكَّةَ حِينَ قَالُوا : إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ وَهُوَ رَحْمَنُ
الْيَمَامَةِ ، يَعْنُونَ
مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=1الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ . وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : مَعْنَى عَلَّمَ الْقُرْآنَ أَيْ سَهَّلَهُ لِأَنْ يُذْكَرَ وَيُقْرَأَ كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=17وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ . وَقِيلَ : جَعَلَهُ عَلَامَةً لِمَا تَعَبَّدَ النَّاسُ بِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=3خَلَقَ الْإِنْسَانَ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالْحَسَنُ : يَعْنِي
آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=4عَلَّمَهُ الْبَيَانَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ . وَقِيلَ : عَلَّمَهُ اللُّغَاتِ كُلَّهَا . وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا
وَابْنِ كَيْسَانَ : الْإِنْسَانُ هَاهُنَا يُرَادُ بِهِ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْبَيَانُ بَيَانُ الْحَلَالِ مِنَ الْحَرَامِ ، وَالْهُدَى مِنَ الضَّلَالِ . وَقِيلَ : مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ ، لِأَنَّهُ بَيَّنَ عَنِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَيَوْمِ الدِّينِ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : الْبَيَانُ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ . وَقَالَ
الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ : هُوَ مَا يَنْفَعُهُ وَمَا يَضُرُّهُ ، وَقَالَهُ
قَتَادَةُ . وَقِيلَ : الْإِنْسَانُ يُرَادُ بِهِ جَمِيعُ النَّاسِ فَهُوَ اسْمٌ لِلْجِنْسِ وَالْبَيَانُ عَلَى هَذَا الْكَلَامُ وَالْفَهْمُ ، وَهُوَ مِمَّا فُضِّلَ بِهِ الْإِنْسَانُ عَلَى سَائِرِ الْحَيَوَانِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : عَلَّمَ كُلَّ قَوْمٍ لِسَانَهُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُونَ بِهِ . وَقَالَ
يَمَانٌ : الْكِتَابَةُ وَالْخَطُّ بِالْقَلَمِ . نَظِيرُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=4عَلَّمَ بِالْقَلَمِ nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=5عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=5الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ أَيْ يَجْرِيَانِ بِحِسَابٍ مَعْلُومٍ فَأَضْمَرَ الْخَبَرَ . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَأَبُو مَالِكٍ : أَيْ يَجْرِيَانِ بِحِسَابٍ فِي مَنَازِلَ لَا يَعْدُوَانِهَا وَلَا يَحِيدَانِ عَنْهَا . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ وَابْنُ كَيْسَانَ : يَعْنِي أَنَّ بِهِمَا تُحْسَبُ الْأَوْقَاتُ وَالْآجَالُ وَالْأَعْمَارُ ، وَلَوْلَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَمْ يَدْرِ أَحَدٌ كَيْفَ يَحْسُبُ شَيْئًا لَوْ كَانَ الدَّهْرُ كُلُّهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=5بِحُسْبَانٍ تَقْدِيرُ آجَالِهِمَا أَيْ تَجْرِي بِآجَالٍ كَآجَالِ النَّاسِ ، فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمَا هَلَكَا ، نَظِيرُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : بِقَدَرٍ .
مُجَاهِدٌ : بِحُسْبَانٍ كَحُسْبَانِ الرَّحَى ، يَعْنِي : قُطْبَهَا ، يَدُورَانِ فِي مِثْلِ الْقُطْبِ . وَالْحُسْبَانُ قَدْ يَكُونُ مَصْدَرَ حَسَبْتُهُ أَحْسُبُهُ بِالضَّمِّ حَسْبًا وَحُسْبَانًا ، مِثْلُ الْغُفْرَانِ وَالْكُفْرَانِ وَالرُّجْحَانِ ، وَحِسَابَةٌ أَيْضًا أَيْ عَدَدْتُهُ . وَقَالَ
الْأَخْفَشُ : وَيَكُونُ جَمَاعَةَ الْحِسَابِ مِثْلُ شِهَابٍ وَشُهْبَانٍ . وَالْحُسْبَانُ أَيْضًا بِالضَّمِّ الْعَذَابُ وَالسِّهَامُ الْقِصَارُ ، وَقَدْ مَضَى فِي ( الْكَهْفِ ) الْوَاحِدَةُ حُسْبَانَةٌ ، وَالْحُسْبَانَةُ أَيْضًا الْوِسَادَةُ الصَّغِيرَةُ ، تَقُولُ مِنْهُ : حَسَّبْتُهُ إِذَا وَسَّدْتَهُ ، قَالَ
نَهِيكٌ الْفَزَارِيُّ :
لَثَوَيْتَ غَيْرَ مُحَسَّبِ
أَيْ غَيْرَ مُوَسَّدٍ يَعْنِي غَيْرَ مُكَرَّمٍ وَلَا مُكَفَّنٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=6وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ [ ص: 141 ] وَغَيْرُهُ : النَّجْمُ مَا لَا سَاقَ لَهُ وَالشَّجَرُ مَا لَهُ سَاقٌ ، وَأَنْشَدَ
ابْنُ عَبَّاسٍ قَوْلَ
صَفْوَانَ بْنِ أَسَدٍ التَّمِيمِيُّ :
لَقَدْ أَنْجَمَ الْقَاعُ الْكَبِيرُ عِضَاهَهُ وَتَمَّ بِهِ حَيَّا تَمِيمٍ وَوَائِلِ
وَقَالَ
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى :
مُكَلَّلٌ بِأُصُولِ النَّجْمِ تَنْسِجُهُ رِيحُ الْجَنُوبِ لِضَاحِي مَائِهِ حُبُكُ
وَاشْتِقَاقُ النَّجْمِ مِنْ نَجَمَ الشَّيْءُ يَنْجُمُ بِالضَّمِّ نُجُومًا ظَهَرَ وَطَلَعَ ، وَسُجُودُهُمَا بِسُجُودِ ظِلَالِهِمَا ؛ قَالَهُ
الضَّحَّاكُ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : سُجُودُهُمَا أَنَّهُمَا يَسْتَقْبِلَانِ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ ثُمَّ يَمِيلَانِ مَعَهَا حَتَّى يَنْكَسِرَ الْفَيْءُ . وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : سُجُودُهُمَا دَوَرَانُ الظِّلِّ مَعَهُمَا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ . وَقَالَ
الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ : النَّجْمُ نَجْمُ السَّمَاءِ ، وَسُجُودُهُ فِي قَوْلِ
مُجَاهِدٍ دَوَرَانُ ظِلِّهِ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ
الطَّبَرِيِّ ، حَكَاهُ
الْمَهْدَوِيُّ . وَقِيلَ : سُجُودُ النَّجْمِ أُفُولُهُ ، وَسُجُودُ الشَّجَرِ إِمْكَانُ الِاجْتِنَاءِ لِثَمَرِهَا ، حَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ . وَقِيلَ : إِنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ مُسَخَّرٌ لِلَّهِ ، فَلَا تَعْبُدُوا النَّجْمَ كَمَا عَبَدَ قَوْمٌ مِنَ الصَّابِئِينَ النُّجُومَ ، وَعَبَدَ كَثِيرٌ مِنَ
الْعَجَمِ الشَّجَرَ . وَالسُّجُودُ : الْخُضُوعُ ، وَالْمَعْنِيُّ بِهِ آثَارُ الْحُدُوثِ ، حَكَاهُ
الْقُشَيْرِيُّ .
النَّحَّاسُ : أَصْلُ السُّجُودِ فِي اللُّغَةِ : الِاسْتِسْلَامُ وَالِانْقِيَادُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَهُوَ مِنَ الْمَوَاتِ كُلِّهَا اسْتِسْلَامُهَا لِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَانْقِيَادُهَا لَهُ ، وَمِنَ الْحَيَوَانِ كَذَلِكَ وَيَكُونُ مِنْ سُجُودِ الصَّلَاةِ ، وَأَنْشَدَ
مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ فِي النَّجْمِ بِمَعْنَى النُّجُومِ قَالَ :
فَبَاتَتْ تَعُدُّ النَّجْمَ فِي مُسْتَحِيرَةٍ سَرِيعٌ بِأَيْدِي الْآكِلِينَ جُمُودُهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَقَرَأَ
أَبُو السَّمَّالِ " وَالسَّمَاءُ " بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَاخْتَارَ ذَلِكَ لَمَّا عُطِفَ عَلَى الْجُمْلَةِ الَّتِي هِيَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=6وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ فَجَعَلَ الْمَعْطُوفَ مُرَكَّبًا مِنْ مُبْتَدَإٍ وَخَبَرٍ كَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ . الْبَاقُونَ بِالنَّصْبِ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7وَوَضَعَ الْمِيزَانَ أَيِ : الْعَدْلَ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيِّ ، أَيْ وَضَعَ فِي الْأَرْضِ الْعَدْلَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ ، يُقَالُ : وَضَعَ اللَّهُ الشَّرِيعَةَ . وَوَضَعَ فُلَانٌ كَذَا أَيْ أَلْقَاهُ ، وَقِيلَ : عَلَى هَذَا الْمِيزَانُ : الْقُرْآنُ ، لِأَنَّ فِيهِ بَيَانَ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14127الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ - أَيْضًا -
وَالضَّحَّاكُ : هُوَ الْمِيزَانُ ذُو اللِّسَانِ الَّذِي يُوزَنُ بِهِ لِيَنْتَصِفَ بِهِ النَّاسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ، وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ بِالْعَدْلِ ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=9وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَالْقِسْطُ الْعَدْلُ . وَقِيلَ : هُوَ الْحُكْمُ . وَقِيلَ : أَرَادَ وَضْعَ الْمِيزَانِ فِي الْآخِرَةِ لِوَزْنِ الْأَعْمَالِ . وَأَصْلُ مِيزَانٍ مِوْزَانٍ وَقَدْ مَضَى فِي ( الْأَعْرَافِ )
[ ص: 142 ] الْقَوْلُ فِيهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=8أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ مَوْضِعُ " أَنْ " يَجُوزَ أَنْ يَكُونَ نَصْبًا عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ كَأَنَّهُ قَالَ : لِئَلَّا تَطْغَوْا ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا . وَيَجُوزُ أَلَّا يَكُونَ لِ " أَنْ " مَوْضِعٌ مِنَ الْإِعْرَابِ فَتَكُونُ بِمَعْنَى " أَيْ " وَتَطْغَوْا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ مَجْزُومًا ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=6وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا أَيِ : امْشُوا . وَالطُّغْيَانُ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ . فَمَنْ قَالَ : الْمِيزَانُ الْعَدْلُ قَالَ : طُغْيَانُهُ الْجَوْرُ . وَمَنْ قَالَ : إِنَّهُ الْمِيزَانُ الَّذِي يُوزَنُ بِهِ قَالَ : طُغْيَانُهُ : الْبَخْسُ . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : أَيْ لَا تَخُونُوا مَنْ وُزِنْتُمْ لَهُ . وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمَوَالِيَ ! وُلِّيتُمْ أَمْرَيْنِ بِهِمَا هَلَكَ النَّاسُ : الْمِكْيَالُ وَالْمِيزَانُ . وَمَنْ قَالَ إِنَّهُ الْحُكْمُ قَالَ : طُغْيَانُهُ التَّحْرِيفُ . وَقِيلَ : فِيهِ إِضْمَارٌ ، أَيْ وَضَعَ الْمِيزَانَ وَأَمَرَكُمْ أَلَّا تَطْغَوْا فِيهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=9وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ أَيِ : افْعَلُوهُ مُسْتَقِيمًا بِالْعَدْلِ . وَقَالَ
أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَقِيمُوا لِسَانَ الْمِيزَانِ بِالْقِسْطِ وَالْعَدْلِ . وَقَالَ
ابْنُ عُيَيْنَةَ : الْإِقَامَةُ بِالْيَدِ وَالْقِسْطُ بِالْقَلْبِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : الْقِسْطُ الْعَدْلُ بِالرُّومِيَّةِ . وَقِيلَ : هُوَ كَقَوْلِكَ " أَقَامَ الصَّلَاةَ " أَيْ أَتَى بِهَا فِي وَقْتِهَا ، وَأَقَامَ النَّاسُ أَسْوَاقَهُمْ أَيْ أَتَوْهَا لِوَقْتِهَا . أَيْ لَا تَدَعُوا التَّعَامُلَ بِالْوَزْنِ بِالْعَدْلِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=9وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=84وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ . وَقَالَ
قَتَادَةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : اعْدِلْ يَا ابْنَ آدَمَ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُعْدَلَ لَكَ ، وَأَوْفِ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُوفَى لَكَ ، فَإِنَّ الْعَدْلَ صَلَاحُ النَّاسِ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى وَلَا تُخْسِرُوا مِيزَانَ حَسَنَاتِكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَكُونَ ذَلِكَ حَسْرَةً عَلَيْكُمْ . وَكَرَّرَ الْمِيزَانَ لِحَالِ رُءُوسِ الْآيِ . وَقِيلَ : التَّكْرِيرُ لِلْأَمْرِ بِإِيفَاءِ الْوَزْنِ وَرِعَايَةِ الْعَدْلِ فِيهِ . وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ تُخْسِرُوا بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ السِّينِ . وَقَرَأَ
بِلَالُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ وَأَبَانٌ عَنْ
عُثْمَانَ " تَخْسَرُوا " بِفَتْحِ التَّاءِ وَالسِّينِ وَهُمَا لُغَتَانِ ، يُقَالُ : أَخْسَرْتُ الْمِيزَانَ وَخَسَرْتُهُ كَأَجْبَرْتُهُ وَجَبَرْتُهُ . وَقِيلَ : " تَخْسَرُوا " بِفَتْحِ التَّاءِ وَالسِّينِ مَحْمُولٌ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ ، وَالْمَعْنَى : وَلَا تَخْسَرُوا فِي الْمِيزَانِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=10وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ الْأَنَامُ : النَّاسُ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ .
الْحَسَنُ : الْجِنُّ وَالْإِنْسُ .
الضَّحَّاكُ : كُلُّ مَا دَبَّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ، وَهَذَا عَامٌّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11فِيهَا فَاكِهَةٌ أَيْ كُلُّ مَا يَتَفَكَّهُ بِهِ الْإِنْسَانُ مِنْ أَلْوَانِ الثِّمَارِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ الْأَكْمَامُ جَمْعُ كِمٍّ بِالْكَسْرِ . قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ : وَالْكِمَّةُ بِالْكَسْرِ وَالْكِمَامَةُ وِعَاءُ الطَّلْعِ وَغِطَاءُ النَّوْرِ وَالْجَمْعُ كِمَامٌ وَأَكِمَّةٌ وَأَكْمَامٌ وَالْأَكَامِيمٌ أَيْضًا . وَكُمَّ الْفَصِيلُ إِذَا أُشْفِقَ عَلَيْهِ فَسُتِرَ حَتَّى يَقْوَى ، قَالَ
الْعَجَّاجُ بَلْ لَوْ شَهِدْتَ النَّاسَ إِذْ تُكُمُّوا
بِغُمَّةٍ لَوْ لَمْ تُفَرَّجْ غُمُّوا
[ ص: 143 ] وَتُكُمُّوا أَيْ أُغْمِيَ عَلَيْهِمْ وَغُطُّوا . وَأَكَمَّتِ النَّخْلَةُ وَكَمَّمَتْ أَيْ أَخْرَجَتْ أَكْمَامَهَا . وَالْكِمَامُ بِالْكَسْرِ وَالْكِمَامَةُ أَيْضًا مَا يُكَمُّ بِهِ فَمُ الْبَعِيرِ لِئَلَّا يَعَضَّ ، تَقُولُ مِنْهُ : بَعِيرٌ مَكْمُومٌ أَيْ مَحْجُومٌ . وَكَمَّمْتُ الشَّيْءَ غَطَّيْتُهُ . وَالْكَمُّ مَا سَتَرَ شَيْئًا وَغَطَّاهُ ، وَمِنْهُ كُمُّ الْقَمِيصِ بِالضَّمِّ وَالْجَمْعُ أَكْمَامٌ وَكِمَمَةٌ ، مِثْلُ حَبٍّ وَحِبَبَةٌ . وَالْكُمَّةُ الْقَلَنْسُوَةُ الْمُدَوَّرَةُ ، لِأَنَّهَا تُغَطِّي الرَّأْسَ . قَالَ :
فَقُلْتُ لَهُمْ كِيلُو بِكُمَّةِ بَعْضِكُمْ دَرَاهِمَكُمْ إِنِّي كَذَلِكَ أَكْيَلُ
قَالَ
الْحَسَنُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11ذَاتُ الْأَكْمَامِ أَيْ ذَاتُ اللِّيفِ فَإِنَّ النَّخْلَةَ قَدْ تُكَمَّمُ بِاللِّيفِ ، وَكِمَامُهَا لِيفُهَا الَّذِي فِي أَعْنَاقِهَا .
ابْنُ زَيْدٍ : ذَاتُ الطَّلْعِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَتَّقَ . وَقَالَ
عِكْرِمَةُ : ذَاتُ الْأَحْمَالِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=12وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ الْحَبُّ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَنَحْوُهُمَا ، وَالْعَصْفُ التِّبْنُ ، عَنِ
الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ .
مُجَاهِدٌ : وَرَقُ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ .
ابْنُ عَبَّاسٍ : تِبْنُ الزَّرْعِ وَوَرَقُهُ الَّذِي تَعْصِفُهُ الرِّيَاحُ .
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : بَقْلُ الزَّرْعِ أَيْ أَوَّلُ مَا يَنْبُتُ مِنْهُ ، وَقَالَهُ
الْفَرَّاءُ . وَالْعَرَبُ تَقُولُ : خَرَجْنَا نَعْصِفُ الزَّرْعَ إِذَا قَطَعُوا مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ . وَكَذَا فِي الصِّحَاحِ : وَعَصَفْتُ الزَّرْعَ أَيْ جَزَزْتُهُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ . وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا : الْعَصْفُ وَرَقُ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ إِذَا قُطِعَ رُءُوسُهُ وَيَبِسَ ، نَظِيرُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=105&ayano=5فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ .
الْجَوْهَرِيُّ : وَقَدْ أَعْصَفَ الزَّرْعُ ، وَمَكَانٌ مُعْصِفٌ أَيْ كَثِيرُ الزَّرْعِ . قَالَ
أَبُو قَيْسِ بْنُ الْأَسْلَتِ الْأَنْصَارِيُّ :
إِذَا جُمَادَى مَنَعَتْ قَطْرَهَا زَانَ جَنَابِي عَطَنٌ مُعْصِفُ
وَالْعَصْفُ أَيْضًا الْكَسْبُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ :
بِغَيْرِ مَا عَصْفٍ وَلَا اصْطِرَافِ
وَكَذَلِكَ الِاعْتِصَافُ . وَالْعَصِيفَةُ : الْوَرَقُ الْمُجْتَمِعُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ السُّنْبُلُ . وَقَالَ
الْهَرَوِيُّ : وَالْعَصْفُ وَالْعَصِيفَةُ وَرَقُ السُّنْبُلِ . وَحَكَى
الثَّعْلَبِيُّ : وَقَالَ
ابْنُ السِّكِّيتِ تَقُولُ الْعَرَبُ لِوَرَقِ الزَّرْعِ الْعَصْفُ وَالْعَصِيفَةُ وَالْجِلُّ بِكَسْرِ الْجِيمِ . قَالَ
عَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدَةَ :
تَسْقِي مَذَانِبَ قَدْ مَالَتْ عَصِيفَتُهَا حَدُورُهَا مِنْ أَتِيِّ الْمَاءِ مَطْمُومُ
وَفِي الصِّحَاحِ : وَالْجِلُّ بِالْكَسْرِ قَصَبُ الزَّرْعِ إِذَا حُصِدَ . وَالرَّيْحَانُ الرِّزْقُ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ .
الضَّحَّاكُ : هِيَ لُغَةُ
حِمْيَرَ . وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا
وَالضَّحَّاكِ وَقَتَادَةَ : أَنَّهُ الرَّيْحَانُ الَّذِي يُشَمُّ ، وَقَالَهُ
ابْنُ زَيْدٍ . وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا : أَنَّهُ خُضْرَةُ الزَّرْعِ . وَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : هُوَ مَا قَامَ عَلَى سَاقٍ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : الْعَصْفُ الْمَأْكُولُ مِنَ الزَّرْعِ ، وَالرَّيْحَانُ مَا لَا يُؤْكَلُ . .
[ ص: 144 ] وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : إِنَّ الْعَصْفَ الْوَرَقُ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ ، وَالرَّيْحَانُ هُوَ الْحَبُّ الْمَأْكُولُ . وَقِيلَ : الرَّيْحَانُ كُلُّ بَقْلَةٍ طَيِّبَةِ الرِّيحِ سُمِّيَتْ رَيْحَانًا ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَرَاحُ لَهَا رَائِحَةً طَيِّبَةً أَيْ يَشُمُّ فَهُوَ فَعْلَانُ ، رَوْحَانُ مِنَ الرَّائِحَةِ ، وَأَصْلُ الْيَاءِ فِي الْكَلِمَةِ وَاوٌ قُلِبَ يَاءً لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرُّوحَانِيِّ وَهُوَ كُلُّ شَيْءٍ لَهُ رُوحٌ . قَالَ
ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : يُقَالُ شَيْءٌ رُوحَانِيٌّ وَرَيْحَانِيٌّ أَيْ لَهُ رُوحٌ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَزْنِ فَيْعَلَانِ فَأَصْلُهُ " رَيْوَحَانُ " فَأُبْدِلَ مِنَ الْوَاوِ يَاءً وَأُدْغِمَ كَهَيِّنٍ وَلَيِّنٍ ، ثُمَّ أُلْزِمَ التَّخْفِيفُ لِطُولِهِ وَلِحَاقِ الزَّائِدَتَيْنِ الْأَلِفِ وَالنُّونِ ، وَالْأَصْلُ فِيمَا يَتَرَكَّبُ مِنَ الرَّاءِ وَالْوَاوِ وَالْحَاءِ الِاهْتِزَازُ وَالْحَرَكَةُ . وَفِي الصِّحَاحِ : وَالرَّيْحَانُ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ ، وَالرَّيْحَانُ الرِّزْقُ ، تَقُولُ : خَرَجْتُ أَبْتَغِي رَيْحَانَ اللَّهِ ، قَالَ
النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ :
سَلَامُ الْإِلَهِ وَرَيْحَانُهُ وَرَحْمَتُهُ وَسَمَاءٌ دِرَرْ
وَفِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831284الْوَلَدُ مِنْ رَيْحَانِ اللَّهِ . وَقَوْلُهُمْ : سُبْحَانَ اللَّهِ وَرَيْحَانَهُ ، نَصَبُوهُمَا عَلَى الْمَصْدَرِ يُرِيدُونَ تَنْزِيهًا لَهُ وَاسْتِرْزَاقًا . وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29026قَوْلُهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=12وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ فَالْعَصْفُ سَاقُ الزَّرْعِ ، وَالرَّيْحَانُ وَرَقُهُ ، عَنِ
الْفَرَّاءِ . وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=12وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ بِالرَّفْعِ فِيهَا كُلِّهَا عَلَى الْعَطْفِ عَلَى الْفَاكِهَةِ . وَنَصَبَهَا كُلَّهَا
ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو حَيْوَةَ وَالْمُغِيرَةُ عَطْفًا عَلَى الْأَرْضِ . وَقِيلَ : بِإِضْمَارِ فِعْلٍ ، أَيْ : وَخَلَقَ الْحَبَّ ذَا الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانَ ، فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَى ذَاتِ الْأَكْمَامِ . وَجَرَّ
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ( الرَّيْحَانَ ) عَطْفًا عَلَى الْعَصْفِ ، أَيْ فِيهَا الْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانِ ، وَلَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الرَّيْحَانَ الرِّزْقَ ، فَيَكُونُ كَأَنَّهُ قَالَ : وَالْحَبُّ ذُو الرِّزْقِ . وَالرِّزْقُ مِنْ حَيْثُ كَانَ الْعَصْفُ رِزْقًا ، لِأَنَّ الْعَصْفَ رِزْقٌ لِلْبَهَائِمِ ، وَالرَّيْحَانُ رِزْقٌ لِلنَّاسِ ، وَلَا شُبْهَةَ فِيهِ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ الرَّيْحَانُ الْمَشْمُومُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=13فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ خِطَابٌ لِلْإِنْسِ وَالْجِنِّ ، لِأَنَّ الْأَنَامَ وَاقِعٌ عَلَيْهِمَا . وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ ، يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ
جَابِرٍ الْمَذْكُورُ أَوَّلَ السُّورَةِ ، وَخَرَّجَهُ
التِّرْمِذِيُّ [ ص: 145 ] وَفِيهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=866317لَلْجِنُّ أَحْسَنُ مِنْكُمْ رَدًّا . وَقِيلَ : لَمَّا قَالَ : خَلَقَ الْإِنْسَانَ وَخَلَقَ الْجَانَّ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ لَهُمَا . وَأَيْضًا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=31سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ وَهُوَ خِطَابٌ لِلْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَقَدْ قَالَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=33يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ . وَقَالَ
الْجُرْجَانِيُّ : خَاطَبَ الْجِنَّ مَعَ الْإِنْسِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْجِنِّ ذِكْرٌ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ . وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ الْجِنِّ فِيمَا سَبَقَ نُزُولُهُ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَالْقُرْآنُ كَالسُّورَةِ الْوَاحِدَةِ ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ كَالْإِنْسِ خُوطِبَ الْجِنْسَانِ بِهَذِهِ الْآيَاتِ . وَقِيلَ : الْخِطَابُ لِلْإِنْسِ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي الْخِطَابِ لِلْوَاحِدِ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ ، حَسَبَ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْقَوْلِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=24أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ [
امْرُؤُ الْقَيْسِ ] :
قِفَا نَبْكِ [ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلِ بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ ]
خَلِيلَيَّ مُرَّا بِي عَلَى [ أُمِّ جُنْدُبِ نُقَضِّ لُبَانَاتِ الْفُؤَادِ الْمُعَذَّبِ ] فَأَمَّا مَا بَعْدَ خَلْقِ الْإِنْسَانِ وَخَلْقِ الْجَانِّ فَإِنَّهُ خِطَابٌ لِلْإِنْسِ وَالْجِنِّ ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=10وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ وَالْآلَاءُ : النِّعَمُ ، وَهُوَ قَوْلُ جَمِيعِ الْمُفَسِّرِينَ ، وَاحِدُهَا إِلًى وَأَلًى مِثْلُ مِعًى وَعَصًا ، وَإِلْيٌ وَأَلْيٌ ؛ أَرْبَعُ لُغَاتٍ حَكَاهَا
النَّحَّاسُ قَالَ : وَفِي وَاحِدِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=113آنَاءَ اللَّيْلِ ثَلَاثٌ تَسْقُطُ مِنْهَا الْمَفْتُوحَةُ الْأَلِفِ الْمُسَكَّنَةُ اللَّامِ ، وَقَدْ مَضَى فِي ( الْأَعْرَافِ ) وَ ( النَّجْمِ ) . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : إِنَّهَا الْقُدْرَةُ ، وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ : فَبِأَيِّ قُدْرَةِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ، وَقَالَهُ
الْكَلْبِيُّ وَاخْتَارَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14155التِّرْمِذِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ، وَقَالَ : هَذِهِ السُّورَةُ مِنْ بَيْنِ السُّوَرِ عَلَمُ الْقُرْآنِ ، وَالْعَلَمُ إِمَامُ الْجُنْدِ وَالْجُنْدُ تَتْبَعُهُ ، وَإِنَّمَا صَارَتْ عَلَمًا لِأَنَّهَا سُورَةُ صِفَةِ الْمُلْكِ وَالْقُدْرَةِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=1الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ فَافْتَتَحَ السُّورَةَ بِاسْمِ الرَّحْمَنِ مِنْ بَيْنِ الْأَسْمَاءِ لِيَعْلَمَ الْعِبَادُ أَنَّ جَمِيعَ مَا يَصِفُهُ بَعْدَ هَذَا مِنْ أَفْعَالِهِ وَمِنْ مُلْكِهِ وَقُدْرَتِهِ خَرَجَ إِلَيْهِمْ مِنَ الرَّحْمَةِ الْعُظْمَى مِنْ رَحْمَانِيَّتِهِ فَقَالَ : الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ثُمَّ ذَكَرَ الْإِنْسَانَ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=3خَلَقَ الْإِنْسَانَ ثُمَّ ذَكَرَ مَا صَنَعَ بِهِ وَمَا مَنَّ عَلَيْهِ بِهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ حُسْبَانَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَسُجُودَ الْأَشْيَاءِ مِمَّا نَجَمَ وَشَجَرَ ، وَذَكَرَ رَفْعَ السَّمَاءِ وَوَضْعَ الْمِيزَانِ وَهُوَ الْعَدْلُ ، وَوَضْعَ الْأَرْضِ لِلْأَنَامِ ، فَخَاطَبَ هَذَيْنِ الثَّقَلَيْنِ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ حِينَ رَأَوْا مَا خَرَجَ مِنَ الْقُدْرَةِ وَالْمُلْكِ بِرَحْمَانِيَّتِهِ الَّتِي رَحِمَهُمْ بِهَا مِنْ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ وَلَا حَاجَةٍ إِلَى ذَلِكَ ، فَأَشْرَكُوا بِهِ الْأَوْثَانَ وَكُلَّ مَعْبُودٍ اتَّخَذُوهُ مِنْ دُونِهِ ، وَجَحَدُوا الرَّحْمَةَ الَّتِي خَرَجَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ بِهَا إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ سَائِلًا لَهُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=13فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ أَيْ بِأَيِّ قُدْرَةِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ،
[ ص: 146 ] فَإِنَّمَا كَانَ تَكْذِيبُهُمْ أَنَّهُمْ جَعَلُوا لَهُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ مُلْكِهِ وَقُدْرَتِهِ شَرِيكًا يَمْلِكُ مَعَهُ وَيُقَدِّرُ مَعَهُ ، فَذَلِكَ تَكْذِيبُهُمْ . ثُمَّ ذَكَرَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ صَلْصَالٍ ، وَذَكَرَ خَلْقَ الْجَانِّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ ، ثُمَّ سَأَلَهُمْ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=13فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ أَيْ بِأَيِّ قُدْرَةِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ، فَإِنَّ لَهُ فِي كُلِّ خَلْقٍ بَعْدَ خَلْقٍ قُدْرَةً بَعْدَ قُدْرَةٍ ، فَالتَّكْرِيرُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ لِلتَّأْكِيدِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي التَّقْرِيرِ ، وَاتِّخَاذِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ بِمَا وَقَفَهُمْ عَلَى خَلْقٍ خَلْقٍ . وَقَالَ
الْقُتَبِيُّ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَدَّدَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ نَعْمَاءَهُ ، وَذَكَّرَ خَلْقَهُ آلَاءَهُ ، ثُمَّ أَتْبَعَ كُلَّ خَلَّةٍ وَصَفَهَا وَنِعْمَةٍ وَضَعَهَا بِهَذِهِ وَجَعَلَهَا فَاصِلَةً بَيْنَ كُلِّ نِعْمَتَيْنِ لِيُنَبِّهَهُمْ عَلَى النِّعَمِ وَيُقَرِّرَهُمْ بِهَا ، كَمَا تَقُولُ لِمَنْ تَتَابَعَ فِيهِ إِحْسَانُكَ وَهُوَ يَكْفُرُهُ وَيُنْكِرُهُ : أَلَمْ تَكُنْ فَقِيرًا فَأَغْنَيْتُكَ ؛ أَفَتُنْكِرُ هَذَا ؟ ! أَلَمْ تَكُنْ خَامِلًا فَعَزَزْتُكَ ؛ أَفَتُنْكِرُ هَذَا ؟ ! أَلَمْ تَكُنْ صَرُورَةً فَحَجَجْتُ بِكَ ؛ أَفَتُنْكِرُ هَذَا ! ؟ أَلَمْ تَكُنْ رَاجِلًا فَحَمَلْتُكَ ؛ أَفَتُنْكِرُ هَذَا ؟ ! وَالتَّكْرِيرُ حَسَنٌ فِي مِثْلِ هَذَا . قَالَ :
كَمْ نِعْمَةٍ كَانَتْ لَكُمْ كَمْ كَمْ وَكَمْ
وَقَالَ آخَرُ : لَا تَقْتُلِي مُسْلِمًا إِنْ كُنْتِ مُسْلِمَةً إِيَّاكِ مِنْ دَمِهِ إِيَّاكِ إِيَّاكِ وَقَالَ آخَرُ : لَا تَقْطَعَنَّ الصَّدِيقَ مَا طَرَفَتْ عَيْنَاكَ مِنْ قَوْلِ كَاشِحٍ أَشِرِ وَلَا تَمَلَّنَّ مِنْ زِيَارَتِهِ زُرْهُ وَزُرْهُ وَزُرْ وَزُرْ وَزُرِ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14127الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ : التَّكْرِيرُ طَرْدًا لِلْغَفْلَةِ ، وَتَأْكِيدًا لِلْحُجَّةِ .