قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=56فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=57فبأي آلاء ربكما تكذبان
فيه ثلاث مسائل :
الأولى :
nindex.php?page=treesubj&link=29026قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=56فيهن قاصرات الطرف قيل : في الجنتين المذكورتين . قال
الزجاج : وإنما قال : فيهن ولم يقل فيهما ، لأنه عنى الجنتين وما أعد لصاحبهما من
[ ص: 164 ] النعيم . وقيل : فيهن يعود على الفرش التي بطائنها من إستبرق ، أي في هذه الفرش
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=56قاصرات الطرف أي نساء قاصرات الطرف ، قصرن أعينهن على أزواجهن فلا يرين غيرهم . وقد مضى في ( والصافات ) ووحد الطرف مع الإضافة إلى الجمع لأنه في معنى المصدر ، من طرفت عينه تطرف طرفا ، ثم سميت العين بذلك فأدى عن الواحد والجمع ، كقولهم : قوم عدل وصوم .
الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=29026قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=74لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان أي لم يصبهن بالجماع قبل أزواجهن هؤلاء أحد .
الفراء : والطمث الافتضاض وهو النكاح بالتدمية ، طمثها يطمثها ويطمثها طمثا إذا افتضها . ومنه قيل : امرأة طامث أي حائض . وغير
الفراء يخالفه في هذا ويقول : طمثها بمعنى وطئها على أي الوجوه كان . إلا أن قول
الفراء أعرف وأشهر . وقرأ
الكسائي " لم يطمثهن " بضم الميم ، يقال : طمثت المرأة تطمث بالضم : حاضت . وطمثت بالكسر - لغة - فهي طامث ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق :
وقعن إلي لم يطمثن قبلي وهن أصح من بيض النعام
وقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=74لم يطمثهن لم يمسسهن ، قال
أبو عمرو : والطمث المس وذلك في كل شيء يمس ويقال للمرتع : ما طمث ذلك المرتع قبلنا أحد ، وما طمث هذه الناقة حبل ، أي ما مسها عقال . وقال
المبرد : أي لم يذللهن إنس قبلهم ولا جان ، والطمث التذليل . وقرأ
الحسن " جأن " بالهمزة .
الثالثة : في هذه الآية دليل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28797_30394الجن تغشى كالإنس ، وتدخل الجنة ويكون لهم فيها جنيات . قال
ضمرة : للمؤمنين منهم أزواج من الحور العين ، فالإنسيات للإنس ، والجنيات للجن . وقيل : أي لم يطمث ما وهب الله للمؤمنين من الجن في الجنة من الحور العين من الجنيات جن ، ولم يطمث ما وهب الله للمؤمنين من الإنس في الجنة من الحور العين من الإنسيات إنس ، وذلك لأن
nindex.php?page=treesubj&link=28796_24952الجن لا تطأ بنات آدم في الدنيا . ذكره
القشيري .
قلت : قد مضى في ( النمل ) القول في هذا وفي ( الإسراء ) أيضا ، وأنه جائز أن تطأ بنات آدم . وقد قال
مجاهد : إذا جامع الرجل ولم يسم انطوى الجان على إحليله فجامع معه فذلك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=74لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان وذلك بأن الله تبارك وتعالى وصف الحور العين بأنه لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان . يعلمك أن
nindex.php?page=treesubj&link=24952_28796نساء الآدميات قد يطمثهن الجان ، وأن
[ ص: 165 ] الحور العين قد برئن من هذا العيب ونزهن ، والطمث الجماع . ذكره بكماله
nindex.php?page=showalam&ids=14155الترمذي الحكيم ، وذكره
المهدوي أيضا
والثعلبي وغيرهما والله أعلم .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=56فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=57فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى :
nindex.php?page=treesubj&link=29026قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=56فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ قِيلَ : فِي الْجَنَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ . قَالَ
الزَّجَّاجُ : وَإِنَّمَا قَالَ : فِيهِنَّ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِمَا ، لِأَنَّهُ عَنَى الْجَنَّتَيْنِ وَمَا أُعِدَّ لِصَاحِبِهِمَا مِنَ
[ ص: 164 ] النَّعِيمِ . وَقِيلَ : فِيهِنَّ يَعُودُ عَلَى الْفُرُشِ الَّتِي بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ، أَيْ فِي هَذِهِ الْفُرُشِ
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=56قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَيْ نِسَاءٌ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ ، قَصَرْنَ أَعْيُنَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فَلَا يَرَيْنَ غَيْرَهُمْ . وَقَدْ مَضَى فِي ( وَالصَّافَّاتِ ) وَوُحِّدَ الطَّرْفُ مَعَ الْإِضَافَةِ إِلَى الْجَمْعِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَصْدَرِ ، مِنْ طَرَفَتْ عَيْنُهُ تَطْرِفُ طَرْفًا ، ثُمَّ سُمِّيَتِ الْعَيْنُ بِذَلِكَ فَأَدَّى عَنِ الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ ، كَقَوْلِهِمْ : قَوْمٌ عَدْلٌ وَصَوْمٌ .
الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=29026قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=74لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ أَيْ لَمْ يُصِبْهُنَّ بِالْجِمَاعِ قَبْلَ أَزْوَاجِهِنَّ هَؤُلَاءِ أَحَدٌ .
الْفَرَّاءُ : وَالطَّمْثُ الِافْتِضَاضُ وَهُوَ النِّكَاحُ بِالتَّدْمِيَةِ ، طَمَثَهَا يَطْمِثُهَا وَيَطْمُثُهَا طَمْثًا إِذَا افْتَضَّهَا . وَمِنْهُ قِيلَ : امْرَأَةٌ طَامِثٌ أَيْ حَائِضٌ . وَغَيْرُ
الْفَرَّاءِ يُخَالِفُهُ فِي هَذَا وَيَقُولُ : طَمَثَهَا بِمَعْنَى وَطِئَهَا عَلَى أَيِّ الْوُجُوهِ كَانَ . إِلَّا أَنَّ قَوْلَ
الْفَرَّاءِ أَعْرَفُ وَأَشْهَرُ . وَقَرَأَ
الْكِسَائِيُّ " لَمْ يَطْمُثْهُنَّ " بِضَمِّ الْمِيمِ ، يُقَالُ : طَمَثَتِ الْمَرْأَةُ تَطْمُثُ بِالضَّمِّ : حَاضَتْ . وَطَمِثَتْ بِالْكَسْرِ - لُغَةٌ - فَهِيَ طَامِثٌ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14899الْفَرَزْدَقُ :
وَقَعْنَ إِلَيَّ لَمْ يُطْمَثْنَ قَبْلِي وَهُنَّ أَصَحُّ مِنْ بَيْضِ النَّعَامِ
وَقِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=74لَمْ يَطْمِثْهُنَّ لَمْ يَمْسَسْهُنَّ ، قَالَ
أَبُو عَمْرٍو : وَالطَّمْثُ الْمَسُّ وَذَلِكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُمَسُّ وَيُقَالُ لِلْمَرْتَعِ : مَا طَمَثَ ذَلِكَ الْمَرْتَعَ قَبْلَنَا أَحَدٌ ، وَمَا طَمَثَ هَذِهِ النَّاقَةَ حَبْلٌ ، أَيْ مَا مَسَّهَا عِقَالٌ . وَقَالَ
الْمُبَرِّدُ : أَيْ لَمْ يُذَلِّلْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ، وَالطَّمْثُ التَّذْلِيلُ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ " جَأْنٌ " بِالْهَمْزَةِ .
الثَّالِثَةُ : فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28797_30394الْجِنَّ تَغْشَى كَالْإِنْسِ ، وَتَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَيَكُونُ لَهُمْ فِيهَا جِنِّيَّاتٌ . قَالَ
ضَمْرَةُ : لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ أَزْوَاجٌ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ ، فَالْإِنْسِيَّاتُ لِلْإِنْسِ ، وَالْجِنِّيَّاتُ لِلْجِنِّ . وَقِيلَ : أَيْ لَمْ يَطْمِثْ مَا وَهَبَ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْجِنِّ فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ مِنَ الْجِنِّيَّاتِ جِنٌّ ، وَلَمْ يَطْمِثْ مَا وَهَبَ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْإِنْسِ فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ مِنَ الْإِنْسِيَّاتِ إِنْسٌ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28796_24952الْجِنَّ لَا تَطَأُ بَنَاتِ آدَمَ فِي الدُّنْيَا . ذَكَرَهُ
الْقُشَيْرِيُّ .
قُلْتُ : قَدْ مَضَى فِي ( النَّمْلِ ) الْقَوْلُ فِي هَذَا وَفِي ( الْإِسْرَاءِ ) أَيْضًا ، وَأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ تَطَأَ بَنَاتُ آدَمَ . وَقَدْ قَالَ
مُجَاهِدٌ : إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ وَلَمْ يُسَمِّ انْطَوَى الْجَانُّ عَلَى إِحْلِيلِهِ فَجَامَعَ مَعَهُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=74لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ وَذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَصَفَ الْحُورَ الْعِينَ بِأَنَّهُ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ . يُعْلِمُكَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=24952_28796نِسَاءَ الْآدَمِيَّاتِ قَدْ يَطْمِثُهُنَّ الْجَانُّ ، وَأَنَّ
[ ص: 165 ] الْحُورَ الْعِينَ قَدْ بَرِئْنَ مِنْ هَذَا الْعَيْبِ وَنُزِّهْنَ ، وَالطَّمْثُ الْجِمَاعُ . ذَكَرَهُ بِكَمَالِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14155التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ ، وَذَكَرَهُ
الْمَهْدَوِيُّ أَيْضًا
وَالثَّعْلَبِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .