الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                النظر الثاني : في الصداق الفاسد ، ولفساده سبعة أسباب : السبب الأول : الشغار ، وفي التنبيهات : أصله في اللغة : الرفع ، من قولهم : أشغر الكلب برجله إذا رفعها ليبول ، ثم استعملوه فيما يشبه ، فقالوا : أشغر الرجل المرأة إذا فعل ذلك بها للجماع ، وأشغرت هي إذا فعلته ، ثم استعملوه في الجماع بغير مهر إذا كان وطئا بوطء في قولهم : أنكحني وليتك ، وأنكحك وليتي بغير مهر ، وفسر ذلك في الحديث بذلك ، وقيل : سمي بذلك لخلوه عن الصداق من قولهم : بلد شاغر إذا خلت ، قال : وهو حرام إجماعا ، وفي الموطأ : نهى - عليه السلام - عن الشغار : أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق .

                                                                                                                قال أبو الطاهر : قيل : التفسير منه - عليه السلام - وعليه الأكثرون ، وقيل : من نافع راويه ، وله ثلاث صور : أن يعرى عن الصداق ، ففساده في عقده ، وأن يسمى لكل واحدة منهما ، ففساده في صداقه ، فيجري الخلاف في إمضائه بالعقد ، وأن يسمى لإحداهما فقط ، ويتصور في المجبورة على النكاح ، والجمهور على تصويره في غيرها ، ولمالك : أن الشغار كله يمضي بمجرد العقد ، وفي التنبيهات : اختلف أصحابنا في علة تحريمه : هل هي جعل على بضع كل واحد منهما صداق الأخرى ، فيكون للزوج شريك في امرأته ، ولذلك فسخ على المشهور قبل البناء ، وبعده لكون الفساد في العقد أو عدم الصداق ، وعلى هذا يفسخ قبل فقط ، وقيل : يمضي بالعقد لوقوع الموارثة ، والحرمة فيه إجماعا ، وقاله ( ح ) ، ويستحق مهر المثل ، وقال ( ش ) : فاسد ويفسخ ، قال ابن حنبل : الشغار فاسد ، ويصح منه وجه الشغار ، وهو الصورتان الأخيرتان ، واتفق الجميع على المنع ابتداء .

                                                                                                                [ ص: 385 ] والخلاف بعد ، إما لأن النهي يقتضي الفساد ، أو لا يقتضيه ، أو لأن الفساد في الصداق لا في العقد .

                                                                                                                تفريع : في الكتاب : إذا قال : زوجني ابنتك على أن أزوجك ابنتي ، ولا مهر بينهما يفسخ ، ولو ولدت الأولاد ، وللمدخول بها صداق المثل لا غير ، ولا شيء لغير المدخول ، وإن قال : زوجني ابنتك بمائة على أن أزوجك ابنتي بمائة ، وهو وجه الشغار ، ويفسخ قبل البناء فقط ، ولهما الأكثر من التسمية أو صداق المثل لجمعهم في الصداق جائزا وحراما ، وإن سمي لأحدهما فقط ثبت نكاح المسمى لها بعد الدخول ويفسخ الآخر ، ولهما صداق المثل ، قال ابن يونس : قال ابن القاسم : في صريح الشغار أحب إلي فسخه بطلاق ، وقال في غير الكتاب : إذا سمي لها كما تقدم ، فلها صداق المثل إلا أن يزيد على المسمى ، قال صاحب المنتقى : قال أبو حازم : إذا وضع من صداق موليته ليضع الآخر عنه في وجه الشغار : إنه جائز .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية