الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7298 ) مسألة : قال ( ولا يقطع في محرم ، ولا في آلة لهو ) . يعني لا يقطع في سرقة محرم ; كالخمر ، والخنزير ، والميتة ، ونحوها ، سواء سرقه من مسلم أو ذمي . وبهذا قال [ ص: 115 ] الشافعي ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي . وحكي عن عطاء أن سارق خمر الذمي يقطع ، وإن كان مسلما ; لأنه مال لهم ، أشبه ما لو سرق دراهمهم .

                                                                                                                                            ولنا أنها عين محرمة ، فلا يقطع بسرقتها ، كالخنزير ; ولأن ما لا يقطع بسرقته من مال المسلم ، لا يقطع بسرقته من مال الذمي ، كالميتة والدم . وما ذكروه ينتقض بالخنزير ، ولا اعتبار به ، فإن الاعتبار بحكم الإسلام ، وهو يجري عليهم دون أحكامهم . وهكذا الخلاف معه في الصليب إذا بلغت قيمته مع تأليفه نصابا . وأما آلة اللهو كالطنبور ، والمزمار ، والشبابة ، فلا قطع فيه ، وإن بلغت قيمته مفصلا نصابا . وبهذا قال أبو حنيفة . وقال أصحاب الشافعي : إن كانت قيمته بعد زوال تأليفه نصابا ، ففيه القطع ، وإلا فلا ; لأنه سرق ما قيمته نصاب ، لا شبهة له فيه ، من حرز مثله ، وهو من أهل القطع ، فوجب قطعه ، كما لو كان ذهبا مكسورا .

                                                                                                                                            ولنا أنه آلة للمعصية بالإجماع ، فلم يقطع بسرقته ، كالخمر ; ولأن له حقا في أخذها لكسرها ، فكان ذلك شبهة مانعة من القطع ، كاستحقاقه مال ولده . فإن كانت عليه حلية تبلغ نصابا ، فلا قطع فيه أيضا ، في قياس قول أبي بكر ; لأنه متصل بما لا قطع فيه ، فأشبه الخشب والأوتار . وقال القاضي : فيه القطع . وهو مذهب الشافعي ; لأنه سرق نصابا من حرزه ، فأشبه المنفرد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية