الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : القول في استحباب تأخير الوتر

                                                                                                                                            إذا أراد صلاة الليل ينبغي له أن يؤخر الوتر ليختم به صلاته لقوله صلى الله عليه وسلم : صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بركعة ، فلو أراد أن يقوم إلى صلاة الليل بعد نومه ، وعند استيقاظه فالاختيار ، والأولى أن يؤخر الوتر حتى إذا استيقظ من نومه وصلى أوتر حينئذ ، فإن أوتر ، ثم نام ، وقام بعد ذلك إلى صلاته جاز ، فقد روي أن أبا بكر الصديق ، رضي الله عنه كان يوتر ، وينام ، ثم يقوم ، فيتهجد .

                                                                                                                                            ومثله عن عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، وكان عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، ينام ، ثم يقوم ، فيتهجد ، ويوتر بعده .

                                                                                                                                            ومثله عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، وعبد الله بن مسعود ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لأبي بكر : أما أنت فتأخذ بالحزم ، وقال لعمر ، رضي الله عنه ، : وأما أنت فتعمل [ ص: 296 ] عمل الأجلاد ، فلو أوتر ، ونام ، ثم قام وصلى لم يلزمه إعادة الوتر ، وهو قول مالك ، وأبي حنيفة ، وحكي عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، وابن عمر ، وهو مذهب أحمد بن حنبل أن ركعة وتره قد انتقضت فيشفعها بركعة ، ثم يتهجد ، بما أراد أن يوتر ، ثم يوتر بركعة .

                                                                                                                                            والدلالة على صحة وتره ، وأن الإعادة لا تلزمه ما رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي بكر ، رضي الله عنه ، ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا وتران في ليلة فلو أوتر قبل عشاء الآخرة لم يجزه لتقديمها قبل وقتها ، فلزمه إعادتها بعد صلاة العشاء ، فأما موضع القنوت وصفته فقد تقدم القول فيه فلم نحتج إلى إعادته .

                                                                                                                                            وأما القراءة في الوتر ، فأبو حنيفة ، ومالك يختاران أن يقرأ في الأولى بعد الفاتحة " سبح " ، وفي الثانية : قل ياأيها الكافرون [ الكافرون : 1 ] ، وفي الثالثة : قل هو الله أحد [ الإخلاص : 1 ] ، وقد رواه ابن عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكى ابن المنذر ، عن الشافعي أنه اختار أن يقرأ في الأولى بـ " سبح " وفي الثانية : قل ياأيها الكافرون وفي الثالثة : قل هو الله أحد " والمعوذتين " ، وقد روته عائشة ، رضي الله عنها ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذه الرواية أولى لزيادتها - والله أعلم - .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية