الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نأي

                                                          نأي : النأي : البعد . نأى ينأى : بعد ، بوزن نعى ينعى . ونأوت : بعدت ، لغة في نأيت . والنأي : المفارقة ، وقول الحطيئة :


                                                          وهند أتى من دونها النأي والبعد

                                                          إنما أراد المفارقة ، ولو أراد البعد لما جمع بينهما . نأى عنه ، وناء ونآه ينأى نأيا وانتأى ، وأنأيته أنا فانتأى : أبعدته فبعد . الجوهري : أنأيته ونأيت عنه نأيا بمعنى أي بعدت . وتناءوا : تباعدوا . والمنتأى : الموضع البعيد ، قال النابغة :


                                                          فإنك كالليل الذي هو مدركي     وإن خلت أن المنتأى عنك واسع

                                                          الكسائي : ناءيت عنك الشر على فاعلت أي دافعت ، وأنشد :


                                                          وأطفأت نيران الحروب وقد علت     وناءيت عنهم حربهم فتقربوا

                                                          ويقال لرجل إذا تكبر وأعرض بوجهه : نأى بجانبه ، ومعناه أنه نأى جانبه من وراء أي نحاه . قال الله تعالى : وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه ; أي أنأى جانبه عن خالقه متغانيا معرضا عن عبادته ودعائه ، وقيل : نأى بجانبه أي تباعد عن القبول . قال ابن بري : وقرأ ابن عامر ناء بجانبه على القلب ، وأنشد :


                                                          أقول ، وقد ناءت بها غربة النوى :     نوى خيتعور لا تشط ديارك

                                                          قال المنذري : أنشدني المبرد :


                                                          أعاذل ، إن يصبح صداي بقفرة     بعيدا ، نآني زائري وقريبي

                                                          قال المبرد : قوله نآني فيه وجهان : أحدهما أنه بمعنى أبعدني كقولك زدته فزاد ونقصته فنقص ، والوجه الآخر في نآني أنه بمعنى نأى عني ، قال أبو منصور : وهذا القول هو المعروف الصحيح . وقد قال الليث : نأيت الدمع عن خدي بإصبعي نأيا ، وأنشد :


                                                          إذا ما التقينا سال من عبراتنا     شآبيب ، ينأى سيلها بالأصابع

                                                          قال : والانتياء بوزن الابتغاء افتعال من النأي . والعرب تقول : نأى فلان عني ينأى إذا بعد ، وناء عني بوزن باع ، على القلب ، ومثله رآني فلان بوزن رعاني ، وراءني بوزن راعني ، ومنهم من يميل أوله فيقول نأى ورأى . والنؤي والنئي والنأي والنؤى ، بفتح الهمزة على مثال النفى ; الأخيرة عن ثعلب : الحفير حول الخباء أو الخيمة يدفع عنها السيل يمينا وشمالا ويبعده ، قال :


                                                          وموقد فتية ونؤى رماد     وأشذاب الخيام وقد بلينا

                                                          وقال :


                                                          عليها موقد ونؤى رماد

                                                          والجمع أنآء ، ثم يقدمون الهمزة فيقولون آناء ، على القلب ، مثل أبآر وآبار ، ونؤي على فعول ونئي تتبع الكسرة الكسرة . التهذيب : النؤي الحاجز حول الخيمة ، وفي الصحاح : النؤي حفرة حول الخباء لئلا يدخله ماء المطر . وأنأيت الخباء : عملت له نؤيا . ونأيت النؤي أنآه وأنأيته : عملته . وانتأى نؤيا : اتخذه ، تقول منه : نأيت نؤيا ، وأنشد الخليل :


                                                          شآبيب ينأى سيلها بالأصابع

                                                          قال : وكذلك انتأيت نؤيا ، والمنتأى مثله ، قال ذو الرمة :


                                                          ذكرت فاهتاج السقام المضمر     ميا ، وشاقتك الرسوم الدثر


                                                          آريها والمنتأى المدعثر

                                                          وتقول إذا أمرت منه : ن نؤيك أي أصلحه ، فإذا وقفت عليه قلت نه ، مثل ر زيدا ، فإذا وقفت عليه قلت ره ، قال ابن بري : هذا إنما يصح إذا قدرت فعله نأيته أنآه فيكون المستقبل ينأى ، ثم تخفف الهمزة على حد يرى ، فتقول ن نؤيك ، كما تقول ر زيدا ، ويقال انأ نؤيك ، كقولك انع نعيك إذا أمرته أن يسوي حول خبائه نؤيا مطيفا به كالطوف يصرف عنه ماء المطر . والنهير الذي دون النؤي : هو الأتي ، ومن ترك الهمز فيه قال ن نؤيك ، وللاثنين نيا نؤيكما ، وللجماعة نوا نؤيكم ، ويجمع نؤي الخباء نؤى ، على فعل . وقد تنأيت نؤيا ، والمنتأى : موضعه ، قال الطرماح :


                                                          منتأى كالقرو رهن انثلام

                                                          ومن قال النؤي الأتي الذي هو دون الحاجز فقد غلط ، قال النابغة :


                                                          ونؤي كجذم الحوض أثلم خاشع     فإنما ينثلم الحاجز لا الأتي

                                                          ، وكذلك قوله :


                                                          وسفع على آس ونؤي معثلب

                                                          والمعثلب : المهدوم ، ولا ينهدم إلا ما كان شاخصا . والمنأى : لغة في نؤي الدار ، وكذلك النئي مثل نعي ، ويجمع النؤي نؤيانا بوزن نعيانا وأنآء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية