الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نبا

                                                          نبا : نبا بصره عن الشيء نبوا ونبيا ، قال أبو نخيلة :


                                                          لما نبا بي صاحبي نبيا

                                                          ونبوة مرة واحدة . وفي حديث الأحنف : قدمنا على عمر مع وفد فنبت عيناه عنهم ووقعتا علي ، يقال : نبا عنه بصره ينبو أي تجافى ولم ينظر إليه ، كأنه حقرهم ولم يرفع بهم رأسا . ونبا السيف عن الضريبة نبوا ونبوة ، قال ابن سيده : لا يراد بالنبوة المرة الواحدة : كل ولم يحك فيها . ونبا حد السيف إذا لم يقطع . ونبت صورته : قبحت فلم تقبلها العين . ونبا به منزله : لم يوافقه ، وكذلك فراشه ، قال :


                                                          وإذا نبا بك منزل فتحول

                                                          ونبت بي تلك الأرض أي لم أجد بها قرارا . ونبا فلان عن فلان : لم ينقد له . وفي حديث طلحة : قال لعمر : أنت ولي ما وليت لا ننبو في يديك أي ننقاد لك ولا نمتنع عما تريد منا . ونبا جنبي عن الفراش : لم يطمئن عليه . التهذيب : نبا الشيء عني ينبو أي تجافى وتباعد . وأنبيته أنا أي دفعته عن نفسي . وفي المثل :

                                                          الصدق ينبي عنك لا الوعيد أي أن الصدق يدفع عنك الغائلة في الحرب دون التهديد . قال أبو عبيد : هو ينبي ، بغير همز ، قال ساعدة بن جؤية :


                                                          صب اللهيف لها السبوب بطغية     تنبي العقاب ، كما يلط المجنب

                                                          ويقال : أصله الهمز من الإنباء أي أن الفعل يخبر عن حقيقتك لا القول . ونبا السهم عن الهدف نبوا : قصر . ونبا عن الشيء نبوا ونبوة : زايله ، وإذا لم يستمكن السرج أو الرحل من الظهر قيل نبا ، وأنشد :


                                                          عذافر ينبو بأحنا القتب

                                                          ابن بزرج : أكل الرجل أكلة إن أصبح منها لنابيا ، ولقد نبوت من أكلة أكلتها يقول سمنت منها ، وأكل أكلة ظهر منها ظهرة أي سمن منها . ونبا بي فلان نبوا إذا جفاني . ويقال : فلان لا ينبو في يديك إن سألته أي لا يمنعك . ابن الأعرابي : والنابية القوس التي نبت عن وترها أي تجافت . والنبوة : الجفوة . والنبوة : الإقامة . والنبوة : الارتفاع . ابن سيده : النبو العلو والارتفاع ، وقد نبا . والنبوة والنباوة والنبي : ما ارتفع من الأرض . وفي الحديث : فأتي بثلاثة قرصة فوضعت على نبي أي على شيء مرتفع من الأرض ; من النباوة والنبوة الشرف المرتفع من الأرض ، ومنه الحديث : لا تصلوا على النبي أي على الأرض المرتفعة المحدودبة . والنبي : العلم من أعلام الأرض التي يهتدى بها . قال بعضهم : ومنه اشتقاق النبي لأنه أرفع خلق الله ; وذلك لأنه يهتدى به ، وقد تقدم ذكر النبي في الهمز ، [ ص: 183 ] وهم أهل بيت النبوة . ابن السكيت : النبي هو الذي أنبأ عن الله ، فترك همزه ، قال : وإن أخذت النبي من النبوة والنباوة ، وهي الارتفاع من الأرض ، لارتفاع قدره ولأنه شرف على سائر الخلق ; فأصله غير الهمز ، وهو فعيل بمعنى مفعول ، وتصغيره نبي ، والجمع أنبياء ، وأما قول أوس بن حجر يرثي فضالة بن كلدة الأسدي :


                                                          على السيد الصعب ، لو أنه     يقوم على ذروة الصاقب
                                                          لأصبح رتما دقاق الحصى     مكان النبي من الكاثب

                                                          قال : النبي المكان المرتفع ، الكاثب : الرمل المجتمع ، وقيل : النبي ما نبا من الحجارة إذا نجلتها الحوافر ، ويقال : الكاثب جبل وحوله رواب يقال لها النبي ; الواحد ناب مثل غاز وغزي ، يقول : لو قام فضالة على الصاقب ، وهو جبل ، لذلله وتسهل له حتى يصير كالرمل الذي في الكاثب ، وقال ابن بري : الصحيح في النبي ههنا أنه اسم رمل معروف ، وقيل : الكاثب اسم قنة في الصاقب ، وقيل : يقوم بمعنى يقاوم . وفي حديث أبي سلمة التبوذكي قال : قال أبو هلال ، قال قتادة : ما كان بالبصرة رجل أعلم من حميد بن هلال غير أن النباوة أضرت به أي طلب الشرف والرياسة وحرمة التقدم في العلم أضر به ، ويروى بالتاء والنون . وقال الكسائي : النبي الطريق ، والأنبياء طرق الهدى . قال أبو معاذ النحوي : سمعت أعرابيا يقول من يدلني على النبي أي على الطريق . وقال الزجاج : القراءة المجتمع عليها في النبيين والأنبياء طرح الهمز ، وقد همز جماعة من أهل المدينة جميع ما في القرآن من هذا ، واشتقاقه من نبأ وأنبأ أي أخبر ، قال : والأجود ترك الهمز لأن الاستعمال يوجب أن ما كان مهموزا من فعيل فجمعه فعلاء مثل ظريف وظرفاء ، فإذا كان من ذوات الياء فجمعه أفعلاء نحو : غني وأغنياء ونبي وأنبياء ، بغير همز ، فإذا همزت قلت نبيء ونبآء كما تقول في الصحيح ، قال : وقد جاء أفعلاء في الصحيح ، وهو قليل ، قالوا خميس وأخمساء ونصيب وأنصباء ، فيجوز أن يكون نبي من أنبأت مما ترك همزه لكثرة الاستعمال ، ويجوز أن يكون من نبا ينبو إذا ارتفع ، فيكون فعيلا من الرفعة . وتنبى الكذاب إذا ادعى النبوة وليس بنبي ، كما تنبى مسيلمة الكذاب وغيره من الدجالين المتنبين . والنباوة والنبي : الرمل . ونباة ، مقصور : موضع ; عن الأخفش ، قال ساعدة بن جؤية :


                                                          فالسدر مختلج وغودر طافيا     ما بين عين إلى نباة ، الأثأب

                                                          وروي : نباتى ، وهو مذكور في موضعه . ونبي : مكان بالشام دون السر ، قال القطامي :


                                                          لما وردن نبيا ، واستتب بنا     مسحنفر كخطوط النسج ، منسحل

                                                          والنبي : موضع بعينه . والنبوان : ماء بعينه ، قال :


                                                          شرج رواء لكما وزنقب     والنبوان قصب مثقب

                                                          يعني بالقصب مخارج ماء العيون ، ومثقب : مفتوح بالماء . والنباوة : موضع بالطائف معروف . وفي الحديث : خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما بالنباوة من الطائف ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية