الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نثا

                                                          نثا : نثا الحديث والخبر نثوا : حدث به وأشاعه وأظهره ، وأنشد ابن بري للخنساء :


                                                          قام ينثو رجع أخباري

                                                          وفي حديث أبي ذر : فجاء خالنا فنثا علينا الذي قيل له أي أظهره إلينا وحدثنا به ، وفي حديث مازن :


                                                          وكلكم حين ينثى عيبنا فطن

                                                          وفي حديث الدعاء : يا من تنثى عنده بواطن الأخبار . والنثا : ما أخبرت به عن الرجل من حسن أو سيء ، وتثنيته نثوان ونثيان ، يقال : فلان حسن النثا وقبيح النثا ، ولا يشتق من النثا فعل ، قال أبو منصور : الذي قال إنه لا يشتق من النثا فعل لم نعرفه . وفي حديث ابن أبي هالة في صفة مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ولا تنثى فلتاته ، أي لا تشاع وتذاع ، قال أبو عبيد : معناه لا يتحدث بتلك الفلتات ، يقال منه : نثوت الحديث أنثوه نثوا ، والاسم منه النثا ، وقال أحمد بن جبلة فيما أخبر عنه ابن هاجك : معناه أنه لم يكن لمجلسه فلتات فتنثى قال : والفلتات السقطات والزلات . ونثا عليه قولا : أخبر به عنه . قال سيبويه : نثا ينثو نثاء ونثا كما قالوا بذا يبذو بذاء وبذا ، ونثوت الحديث ونثيته . والنثوة : الوقيعة في الناس . والنثا في الكلام يطلق على القبيح والحسن ، يقال : ما أقبح نثاه وما أحسن نثاه ابن الأعرابي : يقال أنثى إذا قال خيرا أو شرا ، وأنثى إذا اغتاب . والناثي : المغتاب ، وقد نثا ينثو . قال ابن الأنباري : سمعت أبا العباس يقول النثا يكون للخير والشر ، يقال : هو ينثو عليه ذنوبه ، ويكتب بالألف ، وأنشد :


                                                          فاضل كامل جميل نثاه     أريحي مهذب منصور

                                                          شمر : يقال ما أقبح نثاه ، وقال : قال ذلك ابن الأعرابي . ويقال : هم يتناثون الأخبار أي يشيعونها ويذكرونها . ويقال : القوم يتناثون أيامهم الماضية أي يذكرونها . وتناثى القوم قبائحهم أي تذاكروها ، قال الفرزدق :


                                                          بما قد أرى ليلى وليلى مقيمة     به في جميع لا تناثى جرائره

                                                          الجوهري : النثا مقصور مثل الثنا إلا أنه في الخير والشر والثنا في الخير خاصة . وأنثى الرجل إذا أنف من الشيء إنثاء . ونثا الشيء ينثوه ، فهو نثي ومنثي : أعاده . والنثي والنفي : ما نثاه الرشاء من الماء عند الاستقاء ، وليس أحدهما بدلا عن الآخر ، بل هما أصلان لأنا نجد لكل واحد منها أصلا نرده إليه واشتقاقا نحمله عليه ; فأما نثي ففعيل من نثا الشيء ينثوه إذا أذاعه وفرقه لأن الرشاء يفرقه وينشره ، قال : ولام الفعل واو لأنها لام نثوت بمنزلة سري وقصي ، والنفي فعيل من نفيت لأن الرشاء ينفيه ، ولامه ياء بمنزلة رمي وعصي ، قال ابن جني : وقد يجوز أن تكون الفاء بدلا من الثاء ، ويؤنسك لنحو ذلك إجماعهم في بيت امرئ القيس :


                                                          ومر على القنان من نفيانه     فأنزل منه العصم من كل منزل

                                                          فإنهم أجمعوا على الفاء ، قال : ولم نسمعهم قالوا نثيانه . والنثاءة ، ممدود : موضع بعينه ، قال ابن سيده : وإنما قضينا بأنها ياء لأنها لام ولم نجعله من الهمز لعدم ( ن ث ء ) ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية