الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نسس

                                                          نسس : النس : المضاء في كل شيء ، وخص بعضهم به السرعة في الورد ، قال :


                                                          سوقي حدائي وصفيري النس

                                                          الليث : النس لزوم المضاء في كل أمر وهو سرعة الذهاب لورد الماء خاصة :


                                                          وبلد تمسي قطاه نسسا

                                                          قال الأزهري : وهم الليث فيما فسر وفيما احتج به ; أما النس فإن شمرا قال : سمعت ابن الأعرابي يقول : النس السوق الشديد ، والتنساس السير الشديد ، قال الحطيئة :

                                                          وقد نظرتكم إيناء صادرة للخمس ، طال بها حوزي وتنساسي لما بدا لي منكم عيب أنفسكم ، ولم يكن لجراحي عندكم آسي ، أزمعت أمرا مريحا من نوالكم ولن ترى طاردا للمرء كالياس يقول : انتظرتكم كما تنتظر الإبل الصادرة التي ترد الخمس ثم تسقى لتصدر . والإيناء : الانتظار . والصادرة : الراجعة عن الماء ، يقول : انتظرتكم كما تنتظر هذه الإبل الصادرة الإبل الخوامس لتشرب معها . والحوز : السوق قليلا قليلا . والتنساس : السوق الشديد ، وهو أكثر من الحوز . ونسنس الطائر إذا أسرع في طيرانه . ونس الإبل ينسها نسا ونسنسها : ساقها ، والمنسة منه ; وهي العصا التي تنسها بها ، على مفعلة بالكسر ، فإن همزت كان من نسأتها ، فأما المنسأة التي هي العصا فمن نسأت أي سقت . وقال أبو زيد : نس الإبل أطلقها وحلها . الكسائي : نسست الناقة والشاة أنسها نسا إذا زجرتها فقلت لها : إس إس ، وقال غيره : أسست ، وقال ابن شميل : نسست الصبي تنسيسا ، وهو أن تقول له : إس إس ليبول أو يخرأ . الليث : النسيسة في سرعة الطيران . يقال : نسنس ونصنص . والنس : اليبس ، ونس اللحم والخبز ينس وينس نسوسا ونسيسا : يبس ، قال :

                                                          وبلد تمسي قطاه نسسا أي يابسة من العطش . والنس هاهنا ليس من النس الذي هو بمعنى السوق ولكنها القطا التي عطشت فكأنها يبست من شدة العطش . ويقال : جاءنا بخبز ناس وناسة وقد نس الشيء ينس وينس نسا . وأنسست الدابة : أعطشتها . وناسة والناسة ; الأخيرة عن ثعلب : من أسماء مكة لقلة مائها ، وكانت العرب تسمي مكة الناسة لأن من بغى [ ص: 245 ] فيها أو أحدث فيها حدثا أخرج عنها فكأنها ساقته ودفعته عنها ، وقال ابن الأعربي في قول العجاج :

                                                          حصب الغواة العومج المنسوسا قال : المنسوس المطرود والعومج الحية . والنسيس : المسوق ، ومنه حديث عمر - رضي الله عنه - : أنه كان ينس أصحابه أي يمشي خلفهم . وفي النهاية : وفي صفته - صلى الله عليه وسلم - كان ينس أصحابه أي يسوقهم يقدمهم ويمشي خلفهم . والنس : السوق الرفيق . وقال شمر : نسنس ونس مثل نش ونشنش ، وذلك إذا ساق وطرد ، وحديث عمر : كان ينس الناس بعد العشاء بالدرة ويقول : انصرفوا إلى بيوتكم ، ويروى بالشين ; وسيأتي ذكره . ونس الحطب ينس نسوسا : أخرجت النار زبده على رأسه ، ونسيسه : زبده وما نس منه . والنسيس والنسيسة : بقية النفس ثم استعمل في سواه ، وأنشد أبو عبيد لأبي زبيد الطائي يصف أسدا :


                                                          إذا علقت مخالبه بقرن     فقد أودى ، إذا بلغ النسيس
                                                          كأن ، بنحره وبمنكبيه     عبيرا بات تعبؤه عروس

                                                          وقال : أراد بقية النفس بقية الروح الذي به الحياة ; سمي نسيسا لأنه يساق سوقا ، وفلان في السياق وقد ساق يسوق إذا حضر روحه الموت . ويقال : بلغ من الرجل نسيسه إذا كان يموت ، وقد أشرف على ذهاب نكيثته وقد طعن في حوصه مثله . وفي حديث عمر : قال له رجل شنقتها بجبوبة حتى سكن نسيسها أي ماتت . والنسيس : بقية النفس . ونسيس الإنسان وغيره ونسناسه ; جميعا : مجهوده ، وقيل : جهده وصبره ، قال :


                                                          وليلة ذات جهام أطباق     قطعتها بذات نسناس باق

                                                          . النسناس : صبرها وجهدها ، قال أبو تراب : سمعت الغنوي يقول : ناقة ذات نسناس أي ذات سير باق ، وقيل : النسيس الجهد وأقصى كل شيء . الليث : النسيس غاية جهد الإنسان ، وأنشد :

                                                          باقي النسيس مشرف كاللدن ونست الجمة : شعثت . والنسنسة : الضعف . والنسناس والنسناس : خلق في صورة الناس مشتق منه لضعف خلقهم . قال كراع : النسناس والنسناس فيما يقال دابة في عداد الوحش تصاد وتؤكل وهي على شكل الإنسان بعين واحدة ورجل ويد تتكلم مثل الإنسان . الصحاح : النسناس والنسناس جنس من الخلق يثب أحدهم على رجل واحدة . التهذيب : النسناس والنسناس خلق على صورة بني آدم أشبهوهم في شيء وخالفوهم في شيء وليسوا من بني آدم ، وقيل : هم من بني آدم . وجاء في حديث : أن حيا من قوم عاد عصوا رسولهم فمسخهم الله نسناسا ; لكل إنسان منهم يد ورجل من شق واحد ، ينقزون كما ينقز الطائر ويرعون كما ترعى البهائم ، ونونها مكسورة وقد تفتح . وفي الحديث عن أبي هريرة قال : " ذهب الناس وبقي النسناس " ، قيل : من النسناس ؟ قال : الذين يتشبهون بالناس وليسوا من الناس ، وقيل : هم يأجوج ومأجوج . ابن الأعرابي : النسس الأصول الرديئة . وفي النودار : ريح نسناسة وسنسانة باردة ، وقد نسنست وسنسنت إذا هبت هبوبا باردا . ويقال : نسناس من دخان وسنسان يريد دخان نار . والنسيس : الجوع الشديد . والنسناس ، بكسر النون : الجوع الشديد ; عن ابن السكيت ، وأما ابن الأعرابي فجعله وصفا وقال : جوع نسناس ، قال : ونعني بالشديد ، وأنشد :

                                                          أخرجها النسناس من بيت أهلها وأنشد كراع :


                                                          أضر بها النسناس حتى أحلها     بدار عقيل ، وابنها طاعم جلد

                                                          أبو عمرو : جوع ملعلع ومضور ونسناس ومقحز وممشمش بمعنى واحد . والنسيسة : السعي بين الناس . الكلابي : النسيسة الإيكال بين الناس . والنسائس : النمائم . يقال : آكل بين الناس إذا سعى بينهم بالنمائم ، وهي النسائس جمع نسيسة . وفي حديث الحجاج : من أهل الرس والنس ، يقال : نس فلان لفلان إذا تخبر . والنسيسة : السعاية .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية