الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نعق

                                                          نعق : النعيق : دعاء الراعي الشاء ، يقال : انعق بضأنك أي ادعها ; قال الأخطل :


                                                          انعق بضأنك يا جرير فإنما منتك نفسك في الخلاء ضلالا

                                                          ونعق الراعي بالغنم ينعق بالكسر نعقا ونعاقا ونعيقا ونعقانا : صاح بها وزجرها ، يكون ذلك في الضأن والمعز ; وأنشد ابن بري لبشر :


                                                          ولم ينعق بناحية الرقاق



                                                          وفي الحديث : أنه قال لنساء عثمان بن مظعون لما مات : ابكين ، وإياكن ونعيق الشيطان . يعني الصياح والنوح ، وأضافه إلى الشيطان ; لأنه الحامل عليه ، وفي حديث المدينة : آخر من يحشر راعيان من مزينة يريدان المدينة ينعقان بغنمهما أي يصيحان ، وقوله تعالى : [ ص: 301 ] ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء قال الفراء : أضاف المثل إلى الذين كفروا ثم شبههم بالراعي ولم يقل كالغنم ، والمعنى والله أعلم مثل الذين كفروا كالبهائم التي لا تفقه ما يقول الراعي أكثر من الصوت ، فأضاف التشبيه إلى الراعي والمعنى في المرعي ، قال : ومثله في الكلام فلان يخافك كخوف الأسد ، المعنى كخوفه الأسد لأن الأسد معروف أنه المخوف ، وقال أبو إسحاق : ضرب الله لهم هذا المثل وشبههم بالغنم المنعوق بما لا يسمع منه إلا الصوت ، فالمعنى مثلك يا محمد ومثلهم كمثل الناعق والمنعوق بها بما لا يسمع ، لأن سمعهم لم يكن ينفعهم فكانوا في تركهم قبول ما يسمعون بمنزلة من لم يسمع ، ونعق الغراب نعيقا ونعاقا ; الأخيرة عن اللحياني ، والغين في الغراب أحسن ، قال الأزهري : نعق الغراب ونغق بالعين والغين جميعا ، ونعيق الغراب ونعاقه ونغيقه ونغاقه : مثل نهيق الحمار ونهاقه وشحيج البغل وشحاجه ، وصهيل وصهال الخيل وزحير وزخار ، قال : والثقات من الأئمة يقولون كلام العرب نغق الغراب بالغين المعجمة ، ونعق الراعي بالشاء بالعين المهملة ، ولا يقال في الغراب نعق ويجوز نعب ، قال : وهذا هو الصحيح ، وحكى ابن كيسان نعق الغراب بعين مهملة واستعار بعضهم النعيق في الأرانب ; أنشد يعقوب :


                                                          والسعسع الأطلس في حلقه     عكرشة تنئق في اللهزم

                                                          أراد تنعق ، والناعقان : كويكبان من كواكب الجوزاء وهما أضوأ كوكبين فيها ; يقال : أحدهما رجلها اليسرى ، والآخر منكبها الأيمن ، وهو الذي يسمى الهنعة ، والناعقاء : جحر اليربوع يقف عليه يستمع الأصوات ، والمعروف عن كراع العانقاء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية