الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نقر

                                                          نقر : النقر : ضرب الرحى والحجر وغيره بالمنقار . ونقره ينقره نقرا : ضربه . والمنقار : حديدة كالفأس ينقر بها ، وفي غيره : حديدة كالفأس مشككة مستديرة لها خلف يقطع به الحجارة والأرض الصلبة . ونقرت الشيء : ثقبته بالمنقار . والمنقر بكسر الميم : المعول ، قال ذو الرمة :


                                                          كأرحاء رقد زلمتها المناقر



                                                          ونقر الطائر الشيء ينقره نقرا : كذلك ، ومنقار الطائر : منسره ؛ لأنه ينقر به . ونقر الطائر الحبة ينقرها نقرا : التقطها . ومنقار الطائر والنجار ، والجمع المناقير ، ومنقار الخف : مقدمه على التشبيه . وما أغنى عني نقرة يعني نقرة الديك ؛ لأنه إذا نقر أصاب . التهذيب : وما أغنى عني نقرة ولا فتلة ولا زبالا . وفي الحديث : أنه نهى عن نقرة الغراب يريد تخفيف السجود ، وأنه لا يمكث فيه إلا قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد أكله . ومنه حديث أبي ذر : فلما فرغوا جعل ينقر شيئا من طعامهم أي يأخذ منه بأصبعه . والنقر والنقرة والنقير : النكتة في النواة كأن ذلك الموضع نقر منها . وفي التنزيل العزيز : فإذا لا يؤتون الناس نقيرا وقال أبو دهبل أنشده أبو عمرو بن العلاء :


                                                          وإذا أردنا رحلة جزعت     وإذا أقمنا لم تفد نقرا



                                                          ومنه قول لبيد يرثي أخاه أربد :


                                                          وليس الناس بعدك في نقير     ولا هم غير أصداء وهام



                                                          أي ليسوا بعدك في شيء ، قال العجاج :


                                                          دافعت عنهم بنقير موتتي



                                                          قال ابن بري : البيت مغير وصواب إنشاده : دافع عني بنقير . قال : وفي دافع ضمير يعود على ذكر الله سبحانه وتعالى ؛ لأنه أخبر أن الله - عز وجل - أنقذه من مرض أشفى به على الموت ، وبعده :


                                                          بعد اللتيا واللتيا والتي



                                                          وهذا مما يعبر به عن الدواهي . ابن السكيت في قوله : ولا يظلمون نقيرا ، قال : النقير النكتة التي في ظهر النواة . وروي عن أبي الهيثم أنه قال : النقير نقرة في ظهر النواة منها تنبت النخلة . والنقير : ما نقب من الخشب والحجر ونحوهما وقد نقر وانتقر . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : على نقير من خشب ، هو جذع ينقر ويجعل فيه شبه المراقي يصعد عليه إلى الغرف . والنقير أيضا : أصل خشبة ينقر فينتبذ فيه فيشتد نبيذه ، وهو الذي ورد النهي عنه . التهذيب : النقير أصل النخلة ينقر فينبذ فيه ، ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الدباء والحنتم والنقير والمزقت ، قال أبو عبيد : أما النقير فإن أهل اليمامة كانوا ينقرون أصل النخلة ثم يشدخون فيها الرطب والبسر ثم يدعونه حتى يهدر ثم يموت ، قال ابن الأثير : النقير أصل النخلة ينقر وسطه ثم ينبذ فيه التمر ويلقى عليه الماء فيصير نبيذا مسكرا ، والنهي واقع على ما يعمل فيه لا على اتخاذ النقير ، فيكون على حذف المضاف تقديره : عن نبيذ النقير ، وهو فعيل بمعنى مفعول ، وقال في موضع آخر : النقير النخلة تنقر فيجعل فيها الخمر وتكون عروقها ثابتة في الأرض . وفقير نقير : كأنه نقر ، وقيل إتباع لا غير وكذلك حقير نقير وحقر نقر إتباع له . وفي الحديث : أنه عطس عنده رجل فقال : حقرت ونقرت ، يقال : به نقير أي قروح وبثر ، ونقر أي صار نقيرا ، كذا قاله أبو عبيدة : وقيل نقير إتباع حقير . والمنقر من الخشب : الذي ينقر للشراب . وقال أبو حنيفة : المنقر كل ما نقر للشراب ، قال : وجمعه مناقير ، وهذا لا يصح إلا أن يكون جمعا شاذا ، جاء على غير واحده . والنقرة : حفرة في الأرض صغيرة ليست بكبيرة . والنقرة : الوهدة المستديرة في الأرض والجمع نقر ونقار . وفي خبر أبي العارم : ونحن في رملة فيها من الأرطى والنقار الدفئية ما لا يعلمه إلا الله . والنقرة في القفا : منقطع القمحدوة وهي وهدة فيها . وفلان كريم النقير أي الأصل . ونقرة العين : وقبتها وهي من الورك الثقب الذي في وسطها . والنقرة من الذهب والفضة : القطعة المذابة ، وقيل : هو ما سبك مجتمعا منها . والنقرة : السبيكة والجمع نقار . والنقار : النقاش ، التهذيب : الذي ينقش الركب واللجم ونحوها ، وكذلك الذي ينقر الرحى . والنقر : الكتاب في الحجر . ونقر الطائر في الموضع : سهله ليبيض فيه ، قال طرفة :

                                                          [ ص: 336 ]

                                                          يا لك من قبرة بمعمر     خلا لك الجو فبيضي واصفري
                                                          ونقري ما شئت أن تنقري

                                                          وقيل : التنقير مثل الصفير ، وينشد :


                                                          ونقري ما شئت أن تنقري



                                                          والنقرة : مبيضه ، قال المخبل السعدي :


                                                          للقاريات من القطا نقر     في جانبيه ، كأنها الرقم



                                                          ونقر البيضة عن الفرخ : نقبها . والنقر : ضمك الإبهام إلى طرف الوسطى ثم تنقر فيسمع صاحبك صوت ذلك ، وكذلك باللسان . وفي حديث ابن عباس في قوله تعالى : ولا يظلمون نقيرا وضع طرف إبهامه على باطن سبابته ثم نقرها ، وقال : هذا التفسير . وما له نقر أي ماء . والمنقر والمنقر ، بضم الميم والقاف : بئر صغيرة ، وقيل : بئر ضيقة الرأس تحفر في الأرض الصلبة لئلا تهشم ، والجمع المناقر ، وقيل : المنقر والمنقر بئر كثيرة الماء بعيدة القعر ؛ وأنشد الليث في المنقر :


                                                          أصدرها عن منقر السنابر     نقد الدنانير وشرب الحازر
                                                          واللقم في الفاثور بالظهائر



                                                          الأصمعي : المنقر وجمعها مناقر وهي آبار صغار ضيقة الرؤوس تكون في نجفة صلبة لئلا تهشم ، قال الأزهري : القياس منقر كما قال الليث . قال : والأصمعي لا يحكي عن العرب إلا ما سمعه . والمنقر أيضا : الحوض عن كراع . وفي حديث عثمان البتي : ما بهذه النقرة أعلم بالقضاء من ابن سيرين أراد بالبصرة . وأصل النقرة : حفرة يستنقع فيها الماء . ونقر الرجل ينقره نقرا : عابه ووقع فيه ، والاسم النقرى . قالت امرأة من العرب لبعلها : مر بي على بني نظرى ولا تمر بي على بنات نقرى . أي مر بي على الرجال الذين ينظرون إلي ولا تمر بي على النساء اللواتي يعبنني ، ويروى نظرى ونقرى مشددين . وفي التهذيب في هذا المثل : قالت أعرابية لصاحبة لها : مري بي على النظرى ولا تمري بي على النقرى ، أي مري بي على من ينظر إلي ولا ينقر . قال : ويقال : إن الرجال بنو النظرى وإن النساء بنو النقرى . والمناقرة : المنازعة . وقد ناقره أي نازعه . والمناقرة : مراجعة الكلام وبيني وبينه مناقرة ونقار وناقرة ونقرة أي كلام ؛ عن اللحياني قال ابن سيده : ولم يفسره ، قال : وهو عندي من المراجعة . وجاء في الحديث : متى ما يكثر حملة القرآن ينقروا ، ومتى ما ينقروا يختلفوا . التنقير : التفتيش ، ورجل نقار ومنقر . والمناقرة : مراجعة الكلام بين اثنين وبثهما أحاديثهما وأمورهما . والناقرة : الداهية . ورمى الرامي الغرض فنقره أي أصابه ولم ينفذه ، وهي سهام نواقر . ويقال للرجل إذا لم يستقم على الصواب : أخطأت نواقره ، قال ابن مقبل :


                                                          وأهتضم الخال العزيز وأنتحي     عليه إذا ضل الطريق نواقره



                                                          وسهم ناقر : صائب . والناقر : السهم إذا أصاب الهدف . وتقول العرب : نعوذ بالله من العواقر والنواقر ، وقد تقدم ذكر العواقر ، وإذا لم يكن السهم صائبا فليس بناقر . التهذيب : ويقال : نعوذ بالله من العقر والنقر ، فالعقر الزمانة في الجسد ، والنقر ذهاب المال . ورماه بنواقر أي بكلم صوائب ؛ وأنشد ابن الأعرابي في النواقر من السهام :


                                                          خواطئا كأنها نواقر



                                                          أي لم تخطئ إلا قريبا من الصواب . وانتقر الشيء وتنقره ونقره ونقر عنه ، كل ذلك : بحث عنه . والتنقير عن الأمر : البحث عنه . ورجل نقار : منقر عن الأمور والأخبار . وفي حديث ابن المسيب : بلغه قول عكرمة في الحين أنه ستة أشهر فقال : انتقرها عكرمة أي استنبطها من القرآن ، قال ابن الأثير : والتنقير البحث هذا إن أراد تصديقه ، وإن أراد تكذيبه فمعناه أنه قالها من قبل نفسه واختص بها ، من الانتقار الاختصاص ، يقال : نقر باسم فلان وانتقر إذا سماه من بين الجماعة . وانتقر القوم : اختارهم . ودعاهم النقرى إذا دعا بعضا دون بعض ينقر باسم الواحد بعد الواحد . قال : وقال الأصمعي : إذا دعا جماعتهم قال : دعوتهم الجفلى ، قال طرفة بن العبد :


                                                          نحن في المشتاة ندعو الجفلى     لا ترى الأدب فينا ينتقر



                                                          الجوهري : دعوتهم النقرى أي دعوة خاصة ، وهو الانتقار أيضا ، وقد انتقرهم ، وقيل : هو من الانتقار الذي هو الاختيار ، أومن نقر الطائر : إذا لقط من هاهنا وهاهنا . قال ابن الأعرابي : قال العقيلي ما ترك عندي نقارة إلا انتقرها أي ما ترك عندي لفظة منتخبة منتقاة إلا أخذها لذاته . ونقر باسمه : سماه من بينهم . والرجل ينقر باسم رجل من جماعة يخصه فيدعوه ، يقال : نقر باسمه إذا سماه من بينهم وإذا ضرب الرجل رأس رجل قلت : نقر رأسه . والنقر : صوت اللسان وهو إلزاق طرفه بمخرج النون ثم يصوت به فينقر بالدابة لتسير ؛ وأنشد :


                                                          وخانق ذي غصة جرياض     راخيت يوم النقر والإنقاض



                                                          وأنشده ابن الأعرابي :


                                                          وخانقي ذي غصة جراض



                                                          وقيل : أراد بقوله وخانقي همين خنقا هذا الرجل . وراخيت أي فرجت . والنقر : أن يضع لسانه فوق ثناياه مما يلي الحنك ثم ينقر . ابن سيده : والنقر أن تلزق طرف لسانك بحنكك وتفتح ثم تصوت ، وقيل : هو اضطراب اللسان في الفم إلى فوق وإلى أسفل ، وقد نقر بالدابة نقرا وهو صويت يزعجه . وفي الصحاح : نقر بالفرس ، قال عبيد بن ماوية الطائي :


                                                          أنا ابن ماوية إذ جد النقر     وجاءت الخيل أثابي زمر



                                                          أراد النقر بالخيل فلما وقف نقل حركة الراء إلى القاف وهي لغة لبعض العرب ، تقول : هذا بكر ومررت ببكر ، وقد قرأ بعضهم : وتواصوا بالصبر . والأثابي : الجماعات ، الواحد منهم أثبية . وقال ابن سيده : ألقى حركة الراء على القاف إذ كان ساكنا ليعلم السامع أنها حركة الحرف في الوصل ، كما تقول هذا بكر ومررت ببكر ، قال : ولا يكون ذلك في النصب ، قال : وإن شئت لم تنقل ووقفت على السكون وإن كان فيه ساكن ، ويقال : أنقر الرجل بالدابة ينقر بها [ ص: 337 ] إنقارا ونقرا ؛ وأنشد :


                                                          طلح كأن بطنه جشير     إذا مشى لكعبه نقير



                                                          والنقر : صويت يسمع من قرع الإبهام على الوسطى . يقال : وما أثابه نقرة أي شيئا ، لا يستعمل إلا في النفي ؛ قال الشاعر :


                                                          وهن حرى أن لا يثبنك نقرة     وأنت حرى بالنار حين تثيب

                                                          والناقور : الصور الذي ينقر فيه الملك أي ينفخ . وقوله تعالى : فإذا نقر في الناقور قيل : الناقور الصور الذي ينفخ فيه للحشر ، أي نفخ في الصور ، وقيل في التفسير : إنه يعني به النفخة الأولى ، وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الناقور القلب ، وقال الفراء : يقال إنها أول النفختين ، والنقير الصوت ، والنقير الأصل . وأنقر عنه أي كف ، وضربه فما أنقر عنه حتى قتله أي ما أقلع عنه . وفي الحديث عن ابن عباس : ما كان الله لينقر عن قاتل المؤمن أي ما كان الله ليقلع وليكف عنه حتى يهلكه ، ومنه قول ذؤيب بن زنيم الطهوي :


                                                          لعمرك ما ونيت في ود طيء     وما أنا عن أعداء قومي بمنقر



                                                          والنقرة : داء يأخذ الشاة فتموت منه . والنقرة ، مثل الهمزة : داء يأخذ الغنم فترم منه بطون أفخاذها وتظلع ، نقرت تنقر نقرا فهي نقرة . قال ابن السكيت : النقرة داء يأخذ المعزى في حوافرها وفي أفخاذها فيلتمس في موضعه ، فيرى كأنه ورم فيكوى ، فيقال : بها نقرة ، وعنز نقرة . الصحاح : والنقرة مثال الهمزة داء يأخذ الشاء في جنوبها ، وبها نقرة قال المرار العدوي :


                                                          وحشوت الغيظ في أضلاعه     فهو يمشي حظلانا كالنقر



                                                          ويقال : النقر الغضبان . يقال : هو نقر عليك أي غضبان ، وقد نقر نقرا . ابن سيده : والنقرة داء يصيب الغنم والبقر في أرجلها ، وهو التواء العرقوبين . ونقر عليه نقرا ، فهو نقر : غضب . وبنو منقر : بطن من تميم ، وهو منقر بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم . وفي التهذيب : وبنو منقر حي من سعد . ونقرة : منزل بالبادية . والناقرة : موضع بين مكة والبصرة . والنقيرة : موضع بين الأحساء والبصرة . والنقيرة : ركية معروفة كثيرة الماء بين ثاج وكاظمة . ابن الأعرابي : كل أرض متصوبة في هبطة فهي النقرة ، ومنها سميت نقرة بطريق مكة التي يقال لها معدن النقرة . ونقرى : موضع ؛ قال :


                                                          لما رأيتهم كأن جموعهم     بالجزع من نقرى نجاء خريف



                                                          وأما قول الهذلي :


                                                          ولما رأوا نقرى تسيل أكامها     بأرعن جرار وحامية غلب



                                                          فإنه أسكن ضرورة . ونقير : موضع ، قال العجاج :


                                                          دافع عني بنقير موتتي



                                                          وأنقرة : موضع بالشأم أعجمي ، واستعمله امرؤ القيس على عجمته :


                                                          قد غودرت بأنقره



                                                          وقيل : أنقرة موضع فيه قلعة للروم ، وهو أيضا جمع نقير مثل رغيف وأرغفة ، وهو حفرة في الأرض ، قال الأسود بن يعفر :


                                                          نزلوا بأنقرة يسيل عليهم     ماء الفرات يجيء من أطواد



                                                          أبو عمرو : النواقر المقرطسات ، قال الشماخ يصف صائدا :


                                                          وسيره يشفي نفسه بالنواقر



                                                          والنواقر : الحجج المصيبات كالنبل المصيبة . وإنه لمنقر العين أي غائر العين . أبو سعيد : التنقر الدعاء على الأهل والمال : أراحني الله منه ، ذهب الله بماله . وقوله في الحديث : فأمر بنقرة من نحاس فأحميت ، ابن الأثير : النقرة قدر يسخن فيها الماء وغيره ، وقيل : هو بالباء الموحدة ، وقد تقدم . الليث : انتقرت الخيل بحوافرها نقرا أي احتفرت بها . وإذا جرت السيول على الأرض انتقرت نقرا يحتبس فيها شيء من الماء . ويقال : ما لفلان بموضع كذا نقر ونقز ، بالراء وبالزاي المعجمة ، ولا ملك ولا ملك ولا ملك يريد بئرا أو ماء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية