الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          نقض

                                                          نقض : النقض : إفساد ما أبرمت من عقد أو بناء ، وفي الصحاح : النقض نقض البناء والحبل والعهد . غيره : النقض ضد الإبرام نقضه ينقضه نقضا وانتقض وتناقض . والنقض : اسم البناء المنقوض إذا هدم . وفي حديث صوم التطوع : فناقضني وناقضته ، هي مفاعلة من نقض البناء وهو هدمه أي ينقض قولي وأنقض قوله ، وأراد به المراجعة والمرادة . وناقضه في الشيء مناقضة ونقاضا : خالفه ؛ قال :


                                                          وكان أبو العيوف أخا وجارا وذا رحم ، فقلت له نقاضا



                                                          أي ناقضته في قوله وهجوه إياي . والمناقضة في القول : أن يتكلم بما يتناقض معناه . والنقيضة في الشعر : ما ينقض به ، وقال الشاعر :


                                                          إني أرى الدهر ذا نقض وإمرار



                                                          أي ما أمر عاد عليه فنقضه ، وكذلك المناقضة في الشعر ، ينقض الشاعر الآخر ما قاله الأول ، والنقيضة الاسم يجمع على النقائض ، ولذلك قالوا : نقائض جرير والفرزدق . ونقيضك : الذي يخالفك والأنثى بالهاء . والنقض : ما نقضت ، والجمع أنقاض . ويقال : انتقض الجرح بعد البرء ، وانتقض الأمر بعد التئامه ، وانتقض أمر الثغر بعد سده . والنقض والنقضة : هما الجمل والناقة اللذان قد هزلتهما وأدبرتهما ، والجمع الأنقاض ، قال رؤبة :

                                                          [ ص: 340 ]

                                                          إذا مطونا نقضة أو نقضا



                                                          والنقض ، بالكسر : البعير الذي أنضاه السفر ، وكذلك الناقة . والنقض : المهزول من الإبل والخيل ، قال السيرافي : كأن السفر نقض بنيته ، والجمع أنقاض ، قال سيبويه : ولا يكسر على غير ذلك ، والأنثى نقضة ، والجمع أنقاض ، كالمذكر على توهم حذف الزائد . والانتقاض : الانتكاث . والنقض : ما نكث من الأخبية والأكسية فغزل ثانية ، والنقاضة : ما نقض من ذلك . والنقض : المنقوض ، مثل النكث . والنقض : منتقض الأرض من الكمأة ، وهو الموضع الذي ينتقض عن الكمأة إذا أرادت أن تخرج نقضت وجه الأرض نقضا فانتقضت الأرض ؛ وأنشد :


                                                          كأن الفلانيات أنقاض كمأة     لأول جان بالعصا يستثيرها



                                                          والنقاض : الذي ينقض الدمقس ، وحرفته النقاضة ، قال الأزهري : وهو النكاث ، وجمعه أنقاض وأنكاث . ابن سيده : والنقض قشر الأرض المنتقض عن الكمأة ، والجمع أنقاض ونقوض ، وقد أنقضتها وأنقضت عنها ، وتنقضت الأرض عن الكمأة أي تقطرت . وأنقض الكمء ونقض : تقلفعت عنه أنقاضه ؛ قال :


                                                          ونقض الكمء فأبدى بصره



                                                          والنقض : العسل يسوس فيؤخذ فيدق فيلطخ به موضع النحل مع الآس فتأتيه النحل فتعسل فيه ؛ عن الهجري . والنقيض من الأصوات يكون لمفاصل الإنسان والفراريج والعقرب والضفدع والعقاب والنعام والسمانى والبازي والوبر والوزغ ، وقد أنقض ؛ قال :


                                                          فلما تجاذبنا تفرقع ظهره     كما ينقض الوزغان زرقا عيونها



                                                          وأنقضت العقاب أي صوتت ؛ وأنشد الأصمعي :


                                                          تنقض أيديها نقيض العقبان



                                                          وكذلك الدجاجة ؛ قال الراجز :


                                                          تنقض إنقاض الدجاج المخض



                                                          والإنقاض والكتيت : أصوات صغار الإبل والقرقرة والهدير : أصوات مسان الإبل ؛ قال شظاظ ، وهو لص من بني ضبة :


                                                          رب عجوز من نمير شهبره     علمتها الإنقاض بعد القرقره



                                                          أي أسمعتها ، وذلك أنه اجتاز على امرأة من بني نمير تعقل بعيرا لها ، وتتعوذ من شظاظ ، وكان شظاظ على بكر ، فنزل وسرق بعيرها ، وترك هناك بكره . وتنقضت عظامه : إذا صوتت . أبو زيد : أنقضت بالعنز إنقاضا دعوت بها . وأنقض الحمل ظهره : أثقله وجعله ينقض من ثقله أي يصوت . وفي التنزيل العزيز : ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك أي جعله يسمع له نقيض من ثقله . وجاء في التفسير : أثقل ظهرك ، قال ذلك مجاهد وقتادة ، والأصل فيه أن الظهر إذا أثقله الحمل سمع له نقيض أي صوت خفي كما ينقض الرجل لحماره إذا ساقه ، قال : فأخبر الله - عز وجل - أنه غفر لنبيه - صلى الله عليه وسلم - أوزاره التي كانت تراكمت على ظهره حتى أثقلته ، وأنها لو كانت أثقالا حملت على ظهره لسمع لها نقيض أي صوت ، قال محمد بن المكرم ، عفا الله عنه : هذا القول فيه تسمح في اللفظ وإغلاظ في النطق ، ومن أين لسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوزار تتراكم على ظهره الشريف حتى تثقله أو يسمع لها نقيض وهو السيد المعصوم المنزه عن ذلك - صلى الله عليه وسلم - ولو كان - وحاش لله - يأتي بذنوب لم يكن يجد لها ثقلا ؛ فإن الله تعالى قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وإذا كان غفر له ما تأخر قبل وقوعه فأين ثقله كالشر إذا كفاه الله قبل وقوعه فلا صورة له ولا إحساس به ، ومن أين للمفسر لفظ المغفرة هنا ؟ وإنما نص التلاوة ( ووضعنا ) وتفسير الوزر هنا بالحمل الثقيل - وهو الأصل في اللغة - أولى من تفسيره بما يخبر عنه بالمغفرة ولا ذكر لها في السورة ، ويحمل هذا على أنه - عز وجل - وضع عنه وزره الذي أنقض ظهره من حمله هم قريش إذ لم يسلموا ، أو هم المنافقين إذ لم يخلصوا ، أو هم الإيمان إذ لم يعم عشيرته الأقربين ، أو هم العالم إذ لم يكونوا كلهم مؤمنين ، أو هم الفتح إذ لم يعجل للمسلمين ، أو هموم أمته المذنبين ، فهذه أوزاره التي أثقلت ظهره - صلى الله عليه وسلم - رغبة في انتشار دعوته وخشية على أمته ومحافظة على ظهور ملته وحرصا على صفاء شرعته ، ولعل بين قوله - عز وجل - : ووضعنا عنك وزرك وبين قوله : فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا مناسبة من هذا المعنى الذي نحن فيه ، وإلا فمن أين لمن غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ذنوب ؟ وهل ما تقدم وما تأخر من ذنبه المغفور إلا حسنات سواه من الأبرار يراها حسنة ، وهو سيد المقربين يراها سيئة ، فالبر بها يتقرب والمقرب منها يتوب ، وما أولى هذا المكان أن ينشد فيه :


                                                          ومن أين للوجه الجميل ذنوب



                                                          وكل صوت لمفصل وإصبع فهو نقيض . وقد أنقض ظهر فلان : إذا سمع له نقيض ؛ قال :


                                                          وحزن تنقض الأضلاع منه     مقيم في الجوانح لن يزولا



                                                          ونقيض المحجمة : صوتها ، إذا شدها الحجام بمصه ، يقال : أنقضت المحجمة ، قال الأعشى :


                                                          زوى بين عينيه نقيض المحاجم



                                                          وأنقض الرحل : إذا أط ؛ قال ذو الرمة وشبه أطيط الرحال بأصوات الفراريج :


                                                          كأن أصوات ، من إيغالهن بنا     أواخر الميس إنقاض الفراريج



                                                          قال الأزهري : هكذا أقرأنيه المنذري رواية عن أبي الهيثم ، وفيه تقديم أريد التأخير ، أراد كأن أصوات أواخر الميس إنقاض الفراريج إذا أوغلت الركاب بنا أي أسرعت ، ونقيض الرحال والمحامل والأديم والوتر : صوتها ؛ من ذلك قال الراجز :


                                                          شيب أصداغي ، فهن بيض     محامل لقدها نقيض



                                                          وفي الحديث : أنه سمع نقيضا من فوقه ، النقيض الصوت . ونقيض السقف : تحريك خشبه . وفي حديث هرقل : ولقد تنقضت الغرفة ، أي تشققت وجاء صوتها . وفي حديث هوازن : فأنقض به دريد أي نقر بلسانه في فيه كما يزجر الحمار فعله استجهالا ، وقال الخطابي : [ ص: 341 ] أنقض به أي صفق بإحدى يديه على الأخرى حتى سمع لها نقيض أي صوت ، وقيل : الإنقاض في الحيوان والنقض في الموتان ، وقد نقض ينقض وينقض نقضا . والإنقاض : صويت مثل النقر . وإنقاض العلك : تصويته ، وهو مكروه . وأنقض أصابعه : صوت بها . وأنقض بالدابة : ألصق لسانه بالغار الأعلى ثم صوت في حافتيه من غير أن يرفع طرفه عن موضعه ، وكذلك ما أشبهه من أصوات الفراريج والرحال . وقال الكسائي : أنقضت بالعنز إنقاضا : إذا دعوتها . أبو عبيد : أنقض الفرخ إنقاضا : إذا صأى صئيا . وقال الأصمعي : يقال : أنقضت بالعير والفرس . قال : وكل ما نقرت به فقد أنقضت به ، وأنقضت الأرض : بدا نباتها . ونقضا الأذنين : مستدارهما . والنقاض : نبات . والإنقيض : رائحة الطيب ، خزاعية . وفي النوادر : نقض الفرس ورفض : إذا أدلى ولم يستحكم إنعاظه ، ومثله سيا وأساب وشول وسبح وسمل وانساح وماس .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية